لا يحق للنائب نديم الجميّل أن يقوم بمبادرة غير مسلّحة لحماية أهالي الأشرفية! ولكن، من حق الإيراني حسن نصرالله أن يخزّن 150 ألف صاروخ لتدمير إسرائيل خلال 40 أو 50 سنين القادمة!
بالنسبة لنا، مبادرة النائب الجميّل “تأخّرت”! ينبغي تعميمها على كل المناطق المعرّضة لغزوات “اللصوص”، بما فيهم “مرتزقة الخامنئي”!
الشفاف
*
بيروت (رويترز) – في ظلام شوارع بيروت الدامس، يقوم أفراد يحملون هراوات ومشاعل بتولي مهمة الأمن بأنفسهم في مبادرة يأملون أن تحافظ على أحيائهم آمنة إلا أن معارضيها يرون أنها تعيد بشكل مقلق للأذهان صورا من ماضي لبنان المضطرب.
وتمثل دوريات الحراسة الليلية التي بدأت في الظهور هذا الشهر في بعض أفضل شوارع بيروت أحدث مظاهر الأزمة التي يعيشها لبنان منذ انهيار اقتصاده عام 2019 والتي تسببت في إصابة معظم قطاعاته بحالة من الشلل وقادت لارتفاع هائل في معدلات الفقر فيما شكل أسوأ صدمة منذ الحرب الأهلية التي دارت في الفترة من 1975 إلى 1990.بالنسبة لمؤيدي الفكرة التي أطلقها السياسي المسيحي نديم الجميّل، وتنظمها جمعية (الأشرفية 2020) الاجتماعية التي سبق أن أسسها، يوفر انتشار هؤلاء الأفراد في حي الأشرفية بالمدينة الطمأنينة للسكان الذين يخشون وقوع جرائم.
أما معارضيها فيرون أن ظهورهم يستدعي مقارنات مع الحرب الأهلية، عندما انهارت الدولة وسيطرت ميليشيات على الشوارع وانقسمت بيروت إلى مناطق منعزلة (كانتونات). وعبر رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت عن قلقه من أن يدفع هذا آخرين لأن يحذوا حذوههم.
وقوبلت الانتقادات برفض من الجميّل النائب عن حزب الكتائب، الذي قاد والده بشير الميليشيا المسيحية الرئيسية في الحرب الأهلية حتى اغتياله عام 1982 بعد انتخابه رئيسا.وقال “مانا ميليشيا، نحن اليوم مانا مسلحين ولا عندنا صواريخ ولا عندنا مسيرات ولا عندنا كل العتاد اللي بيحكوا عنه“، في إشارة إلى جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران وامتلاكها الكثير من الأسلحة.
وتابع بعد أن وصف الدولة بأنها “غائبة” قائلا “المشكلة الكبيرة اللي اليوم عم بنعاني منها ببيروت وبكل لبنان إن ما في كهربا ما في أمن ما في إحساس بالاطمئنان وشوارع كلها مطفية“.
وأضاف “لو هما قاموا بالواجب تبعهن وضووا الشوارع ما كنا مضطرين نحنا نضوي الشوارع، لو هما كانوا موجودين وما خلوا البلد ينهار ما كنا نحن مضطرين نيجي نقف في الشوارع ونطمن أهالينا“.وأشار إلى أن المبادرة، التي تضم حاليا 98 فردا، انطلقت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وتهدف إلى مساندة عملها، مضيفا أن قوات الأمن تعاني من نقص في عدد أفرادها بسبب الأزمة.
وتعرضت الأجهزة الأمنية اللبنانية، شأنها شأن باقي مناحي الدولة، لضربة شديدة بسبب انهيار قيمة العملة بنسبة 95 بالمئة الأمر الذي قلص قيمة الأجور التي يتقاضاها الجنود وأفراد الشرطة.
وتقدم الولايات المتحدة مساعدات للأجهزة الأمنية تتضمن دعما للرواتب.
* انهيار
وقال رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت جمال عيتاني إنه علم بالمبادرة من الأخبار وعبر عن قلقه من أن تؤدي إلى توتر.
وقال لرويترز “نحنا تفاجئنا.. سمعنا بالإعلام… خوفي إنه ها المبادرة.. تتطور ويصير لا سمح الله أحداث بين حزب وحزب… يكبشوا (يقبضوا على) حرامي من حزب أو يتدخلوا الناس بسلاح، ساعتها بتفلت الأمور من إيدون وبتفلت الأمور بمنطقة بيروت”.
وتابع قائلا “وتخوفي التاني إن مناطق تانية تيجي تطالب بنفس الشي، وساعتها كل منطقة بدوا يصير عندها مجموعة لإلها عم بتدير الأمن بالمنطقة”.
وجرى نزع سلاح الطوائف اللبنانية في نهاية الحرب، باستثناء حزب الله، الذي احتفظ بترسانته لمحاربة إسرائيل. ونفوذ الجماعة المتغلغل لا يغيب عن المشهد ولا يزال التوتر أمرا شائعا في البلد المليء بالسلاح.
ودارت اشتباكات دامية بين فرقاء في بيروت العام الماضي.
وقال مهند الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط إن المبادرة نموذج واضح لتنظيم الأمن محليا تحت مظلة سياسية، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه سبق أن ظهر في وقت سابق من الأزمة ويتكشف مستترا في مجالات أخرى.
وتابع أن الأمن، مثله مثل الكهرباء، سيتحول بشكل متزايد لأمر يتمتع به فقط من يستطيعون تحمل تكلفته.
ويقول الجميّل إن التمويل يأتي من مانحين محليين، فيما تقوم شركة أمنية بتولي التنظيم اللوجستي. ويحصل الأفراد المشاركون على 200 دولار شهريا مقابل وردية عمل من ست ساعات، وهو دخل يحتاج إليه كثيرون. وتوقع أن تتوسع الفكرة.
ورحب صاحب متجر يدعى جورج سماحة (51 عاما) بالفكرة وقال “أكيد وقت ما سمعنا بالخبر صار فيه اطمئنان زيادة، لأنه ما فيه شي مضمون بقى بالأوضاع السيئة اللي عم بنعيشها لذلك مع ها الفكرة… وإن شالله ما يصير في شي”.
إلا أن النائبة بولا يعقوبيان وصفت الأمر بأنه قصر نظر وتساءلت إن كانت البلاد قد عادت لزمن الميليشيات. وأضافت أن البلد يتفكك ويتداعى وأن هذا من الأمور التي ستسهم في انهياره.