قرار بعض المقاطعين لانتخابات مجلس ﺍﻷﻣﺔ في الكريت، بالمشاركة في الانتخابات القادمة، يعكس توجها لا يتلاءم ومفهوم احترام الإرادة الشعبية. فالأمل انصب – ولا زال وإنْ كان رمزيا – على مواجهة مرسوم الصوت الواحد، كموقف معارض لتهميش الإرادة الشعبية، فيما المشاركة ليست إلا مساهمة سياسية في تثبيت المرسوم وفي تأكيد مفهوم التهميش.
وكان قد تم ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻦ تهميش الإرادة الشعبية ﺑﺎﻟﻠﺠﻮﺀ آنذاك ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ، ﻣﺎ ﺩﻋﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮين لتوجيه ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ: ﻫﻞ المشاركة في الانتخابات ﻳﺨﺪﻡ ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪيمقرﺍطي ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺒﻨﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻹﺻﻼﺡ والتغيير ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ؟
يبدو أن المشاركين الذين قاطعوا الانتخابات السابقة، أو المشاركين الجدد، لم يعيروا اهتماما ولا زالوا لمسألة تهميش ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ. فهم لا ﻳﺮبطون ﺑﻴﻦ ﻋﺰﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪيمقراطية ﻭﻫﻮ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺣﻖ الأكثرية، ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻀﻴﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ.
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﺳﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺪيمقراطية ﻫﻲ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ، ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺳﺒﻖ ﻭﺍﻷﺟﺪﺭ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﺣﺪﻯ ﺳﻤﺎﺗﻬﺎ هي ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ. فالمشاركون الجدد يعلمون ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻟﻸﺧﺬ ﺑﺮﺃﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ “ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ” ﻣﺮﺳﻮﻡ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺛﻢ ﺗﺤﺼﻴﻨﻪ، ﺟﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ: “ﻣﺎ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻞ”. أي أن اللجوء ﺑﺪﺃ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻋﺰﻝ ﻭﺗﻬﻤﻴﺶ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ، ﺛﻢ ﺗﻤﺖ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ، ﺃﻱ أن السيناريو برمته جاء ﻟـ”ﺩﺳﺘﺮﺓ” ﺗﻬﻤﻴﺶ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ.
إن من شأن أﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ أن ﺗﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ، ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪيمقراطية. ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺧﺪﻣﺖ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﺎﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺳﻴﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺷﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻠﻐﻂ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺯﺍﺩﺕ ﻣﻦ ﺗﻬﻤﻴﺶ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ.
ﺇﻥ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ المقاطعين باﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻋﻤﻼ ﻭﻃﻨﻴﺎ وحقوقيا رصينا ﻳﻨﺘﺸﻞ ﺍﻟﺒﺩ ﻣﻦ ﺃﺯمته ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ والمتمثلة بتصاعد الفساد وتراجع الحقوق والحريات، من أجل إعادة ﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴﻜﺔ. لكن، ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ المشاركون الجدد وغير الجدد ﺃﻥ ﻳﺆﺷّﺮوا ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻜﻮﻳﺖ ﻛﺎﻥ ﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺪيمقراطية ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﺄتوا ﺍﻵﻥ ويعلنوا ﺑﺄنهم ﺑﺼﺪﺩ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﺴﻜﺔ والمساهمة في تحرير البلد من الفساد والمفسدين وتعزيز موقع الحقوق والحريات فيه ليستطيع ﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺪيمقرﺍطية ﻣﺠﺪﺩﺍ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ؟
ﻟﻘﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ وأنصارها ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮﺩ ستة، ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻞ السياسية والقانونية ﺑﻐﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺮﺟﺎﺗﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﺰﻭﻳﺮ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ بل وإلى إلغاء ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ. ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﻠﺘﺒﺴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺑﻴﻦ ما يسمى باﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪيمقرﺍﻃﻴﺔ، ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻮﺛﻮﻕ ﺑﻤﺴﺎﻋﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺪيمقراطية ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺤﺎﻭلات ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻹﺻﻼﺡ والتغيير ومواجهة الفساد؟
في ﻇﻞ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺤﺎﺙ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻉ ﺧﺎﺹ ﻭﻣﻤﻴﺰ ﻣﻦ النشاط الديمقراطي، ﺗﻮﺟﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺠﻊ ﺍلنشاط ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﻓﻴﻪ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻤﻮﻝ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺪيمقراﻃﻴﺎت ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻟﻜﻦ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ، ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻮﺍﺩ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍلقرارات ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺭﺿﻮﺥ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ للسلطة رغما عنها، ﻭﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﻣﺤﺮَﺟﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻓﺘﻤّﺖ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ.
ﺇﺫﺍً، ﺗﺨﺘﻠﻂ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺳﻠﻄﺘﺎﻥ، ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ، فيما تستمر ﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻭﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ والدستور ﻭﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮﺩ ستة. ﻓﻬﻞ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻛُﺘﺐ ﻗﺒﻞ ﻋﻘﻮﺩ ﻭﻓﻲ ﻇﺮﻭﻑ ﻓﺮﺿﺖ ﻏﻠﺒﺔ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪيمقراطية ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﺮﺍﻉ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﻟﻐﻂ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ، ﻫﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﺨﺪﻡ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺪيمقراﻃﻴﺔ؟ ﻫﻞ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍلمشاركون الجدد ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻮﺩ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺤﻘﻖ لهم إﺛﺒﺎﺕ صعوبة ﺣﺪﻭﺙ ﺇﺻﻼﺡ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪيمقراطية ﺍﻟﻌﺮﺟﺎﺀ؟ ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪيمقراطية ﻓﻲ ﻇﻞ ﺻﺮﺍﻉ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﺗﺼﺐ ﻣﺨﺮﺟﺎﺗﻪ ﺧﺎﺭﺝ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ؟ وﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑـ”ﺍﻟﺪيمقرﺍﻃﻴﺔ” ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﺨﺮﺟﺎﺗﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻤّﺎ ﺗﺮﻳﺪﻩ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ؟
ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪيمقراطية ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ دائما ﺇﻟﻰ ﺳﻴﻄﺮﺓ قرارات السلطة ﻭﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ على الحياة السياسية. ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍلسلطوية ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﺻﻮﺭﺓ الواقع ﺍﻟﺴﻴﺎسي، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﺘﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﺪيمقرﺍطي ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻭُﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ. ﻭﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺇﺫﻥ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺇﺻﻼﺡ ﻳﻨﺎﻫﺾ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻩ ﻫﻲ؟
ﻟﺬﻟﻚ، ﻟﻦ تقبل ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ بأي ﺧﻄﻮﺓ إصلاح ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﺍﻓﻊ ﻟﺬﻟﻚ، ﻭﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺗﺤﻘﻴﻖ التغيير ﻓﻲ ﻇﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻞ السياسية وﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ. ﻓﻴﺒﻘﻰ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﺸﺎﺭﻉ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺻﻼﺡ. ﻓﻤﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭﻗﺎﻟﺘﻪ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ، ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ، ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻘﻖ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ والهيمنة، ﻭفي تحكّمها ﺑﻤﻔﺎﺻﻞ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ.
ﻓﺎﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺗﻨﺘﻔﻲ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺪيمقرﺍطية، ﻭﻋﻮﺩﺓ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻛﻔﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺮﺟﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺍﻹﺻﻼﺡ والتغيير ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ الستين ﺳﻨﺔ، ﻫﻲ ﻧﺠﺎﺡ ﻳﺤﺴﺐ ﻟﻤﻌﺎﺭﺿﻲ ﺍﻹﺻﻼﺡ.