،(الصورة: دير الخُضر الأثري، نقلاً عن موقع « نون »)
في بداية تواجدنا في غزة علمنا بأن هناك شركة تبيع تليفونات للسيارة ماركة « موتورلا » الامريكية. وشركة موتورولا هي اول من انتج التليفون الموبايل في العالم، وقبل التليفون الموبايل كان هناك تليفون السيارة وكان تليفون ضخما يحتل مكانه بين مقعد السائق ومقعد الراكب بجوار السائق.
وذهبت الى مقر الشركة في غزة ووجدت المسؤولة هناك فتاة لطيفة غير محجبة وكانت اول وآخر فتاة غير محجبة شاهدتها في غزة! وعرفت من اسمها انها مسيحية، وتعجبت من وجود مسيحيين في غزة! لذلك قررت القراءة عن تاريخ المسيحية في غزة، وتعجبت كثيرا لجهلنا تاريخ المسيحية في عالمنا العربي، ويبدو ان السبب هو سيطرة الإسلاميين على وضع المناهج المدرسية في معظم مدارس العالم العربي الذين قرروا إغفال تاريخ الحقبة المسيحية في الشرق الوسط وهي حقبة استمرت ستة قرون تم المرور عليها مرور الكرام!
حتى اذكر ان صديقا مسلما مرة سأله ابنه الصغير اثناء مرورهم بكنيسة في القاهرة: “يا بابا همة المسيحيين جم لنا منين”!
فلم ندرس شيئا يذكر عن تاريخ المسيحية سوى ما عرفناه من قصة سيدنا عيسى والسيدة مريم كما جاءت بالقرآن الكريم، حتى أن تاريخ الفراعنة نفسه لم ندرس عنه الشيء الكثير، ومن من أهمها ما درسناه أيضا في القرآن الكريم بأن سيدنا موسى هزم فرعون وسحرته وأغرقه الله وجنوده في البحر. وأيضا درسنا ان الملك « مينا » كان موحد القطرين والملك « أحمس » هزم « الهكسوس »، ولكننا لم ندرس شئيا عن لغة قدماء المصريين او فنونهم او عبقريتهم الهندسية في البناء، ولا عن فلسفتهم في الخلود والبعث بعد الموت! وكأن هذا التاريخ كان لأمة أخرى، وكأن تاريخ مصر لم يبدأ الا بعد دخول العرب مصر.
…
ما علينا! تعرفت الى الفتاة المسيحية مديرة المبيعات في توكيل موتورولا وعرفت منها انها توكيل فرعي من توكيل موتورولا الأصلي في إسرائيل، وشرحت لي طريقة تركيب وعمل
سينما النصر والوحيدة في غزة بعد حرقها وإغلاقها بواسطة المتطرفين الإسلاميين
تليفون السيارة، ومبلغ الاشتراك الشهري، وبالفعل قمت بشراء تليفون السيارة منها الذي سهل عملنا بشكل كبير.
وفي احدى زياراتي لبنك القاهرة في غزة، صادفت فتاة موتورولا في البنك، وفوجئت بها وقد ارتدت الحجاب! ولم استطع ان أتحكم بفضولي وسألتها وأنا أشير الى رأسها: “ايه اللي حصل؟، ايه موضوع الحجاب ده”؟ فقالت لي بصوت منخفض وهي تقترب مني اكثر: « لو مشيت في الشارع بدون حجاب، جماعة « حماس » يبهدلوني، ولا يهمهم ان كنت مسلمة ام مسيحية »!
وكنا نقف خارج البنك ووجدت مبني ابيض من دورين امام البنك، وتبدو عليه آثار حريق قديمة. فسألتها عن هذا المبنى، فقالت لي المبنى ده كانت السينما الوحيدة في غزة وقامت منظمة « حماس » باشعال النار في دار السينما، ومن يومها لم يعد هناك سينما في غزة.
…
وكما ذكرت مقابلة فتاة موتورولا المسيحية اثارت فضولي وقررت اثناء كتابة مذكراتي هذه ان ابحث عن موضوع المسيحية في غزة، وقد بحثت في الانترنت عن تاريخ المسيحية في غزة ووجدت معلومات قيمة جدا في موقع « نون بوست »، وهذه بعض المعلومات التي عرفتها عن طريق هذا الموقع:
المتتبع لأقدم الأبنية القائمة في غزة وأولها، يجد أنها كنائس وأديرة، بعضها بقيت على حالها كأديرة حتى اليوم تحتفظ بتاريخها القديم الذي يروي تاريخ نشأة المسيحية في غزة، وبعضها تحول لمساجد اعتبرت من أقدم مساجد غزة، سواء كان ذلك قد أُخذ بالقوة بواسطة الحكم الإسلامي أو أعطيت لهم كهبة تدل على تآخي مسيحيي فلسطين مع أبناء جلدتهم.
بدأت المسيحية بالانتشار تدريجيًا في قطاع غزة عام 250 ميلاديًا، وتعرض المسيحيون للاضطهاد والتعذيب والإعدامات من عبدة الأوثان بغزة، كونهم كانوا الأغلبية العظمى، الأمر الذي جعل المسيحيين يمارسون طقوسهم الدينية بسرية تامة، وقد انتشرت ديانتهم بين الفلسطينيين بالطرق السرية في عدة أنحاء بقطاع غزة، بما في ذلك منطقة ميناء غزة ومدينة دير البلح وسط قطاع غزة، حيث مقام دير الخضر الأثري. ولم يكن في فلسطين أي راهب حينها نظرًا لحظر أنشطة الديانة المسيحية من الاحتلال الروماني.
وقد أسس القديس “هيلاريون” معبده المسيحي الأول (دير الخضر) بمنزل رفيقه الخضر عام 278 ميلاديا. وكان في الشرفة العلوية من منزله لا يعلم به أحد حتى وفاته، وهو أول مكان للعبادة للمسيحيين في القطاع، كما استطاعت غزة تحت قساوة هذه الظروف تأسيس أول جمعية للرهبان المسيحيين في الشرق الأوسط، بل وأول كنيسة في فلسطين، وهي كنيسة تعود للقديس هيلاريون عام 329 ميلاديًا، الذي يعد أول راهب فلسطيني أيضًا، عقب اعتراف الرومان بالمسيحية دينًا رسميًا لهم.
وكانت الكنيسة قد احتضنت مسيحيي سيناء ولبنان ممن مروا من غزة. وكان يُعرف عن أهالي قطاع غزة الكرم، فكان التجار والرحالة المسيحيون يأخذون راحتهم بهذه الكنيسة كونها كانت حلقة وصل بين مصر وبلاد الشام وبعض البلدان الإفريقية ايضا.
وعلى الرغم من أن كنيسة هيلاريون أُسست في بيته الخاص وفي زمن اعتراف الرومان بالمسيحية عاصمة لدولتهم الموحدة، فإنها كانت تؤوي التلاميذ بشكل سري أيضًا خوفًا من عبدة الأوثان الذين لم يستطع الاحتلال الروماني القضاء عليهم لكثرتهم! وقد تعرضت الكنيسة للهدم وإبادة جميع القساوسة التي بها، وذلك بعدما سيطر الإمبراطور جوليان الذي ارتد عن دينه المسيحي على حكم الدولة الرومانية عام 362. واستطاع القديس هيلاريون حينها الهرب لجزيرة قبرص حتى وفاته 371 ميلاديًا، لينقل رفاقه جثمانه إلى بيته الأول الذي ترعرع فيه وانطلق من خلاله ينشر المسيحية في المناطق الجنوبية من فلسطين.
يضيف الباحث في التاريخ الفلسطيني الدكتور ناصر اليافاوي: “قام جوليان حينها بدفن هذا المقام بشكل كامل تحت التراب عام 372 ميلاديًا. وفي السنوات الأخيرة، تم التنقيب عن معالم هيلاريون، الذي وُجد فيه تابوته، وأول حوض للتعميد في غزة، وكذلك برك لزراعة الأسماك، عرفت حينها بالأولى على العالم. وقد دفع حصارهم ومحاربتهم من الوثنيين لابتكار مثل هذه الأفكار، وكذلك مجلس ضيوفه من مسيحيي مصر والشام”.
وأشار مؤرخ تاريخ مسيحيي غزة وعضو الهيئة الإسلامية المسيحية لحماية المقدسات الأب مانويل مسلم “في ظل الحاكم الروماني ثيودوديوس الأول الذي أعلن أن المسيحية هي ديانة موحدة لإمبراطوريته مرة أخرى، ظهر القديس الفلسطيني برفريوس 395 ميلاديًا، وواجه مخاطر الديانة المسيحية التي حملها على عاتقه، ويعتبر من أبرز تلاميذ هيلاريون”.
ولم يكتف برفريوس بممارسة طقوسه الدينية بمفرده فقط، بل سعى بشجاعة لدعوة الوثنيين للدخول في الدين المسيحي بغزة. وقد واجه مطاردتهم وملاحقتهم هو وأعوانه، بسبب سوء إدارة الحاكم إيلاريوس الوالي على مدينة غزة حينها، الذي كان يقبل الرشاوى من الوثنيين للسماح لهم ببناء المعابد الوثنية والتمدد.
توجه القديس برفريوس لعاصمة الدولة الرومانية القسطنطينية (إسطنبول حاليًّا) عام 396 ميلاديًا، أي بعد وفاة ثيودوديوس الأول بستة شهور، وتولى آردوكياس نيابة عنه الإمبراطورية الشرقية، وتحدث مع زوجته الملكة أفظوكسيا (إيليا بودوكيا) عن أحوال المسيحيين بغزة، وما يتعرضون له من اضطهاد وتعذيب، فضلاً عن قيام الوثنيين ببناء سور قديم حول مدينة غزة القديمة لمنع دخول المسيحيين.
ويتابع الدكتور اليافاوي: “قام برفريوس بالصلاة على أسوار المدينة لتعم بركات الإله عليهم، فاستجاب الله لدعوته، فما كان من الوثنيين إلا أن اتهموه بالتخطيط مع الإله للتشكيك في عبادة الأصنام التي لم تستجب لهم طيلة فترة الجفاف”.
لم تصدق الملكة أفظوكسيا ما سمعته من القديس الفلسطيني برفريوس، وكانت عقيمًا ولا تلد، فوعدته إن استجاب الله لدعوته بأن يرزقها بمولود ستضع حدًا للوثنيين بغزة وللحاكم الفاسد الذي يعمل تحت إمارة الرومانيين إيلاريوس. وبالفعل رُزقت بمولودها ثيودوديوس الثاني الذي أصبح إمبراطورًا للدولة البيزنطية فيما بعد. فأمرت بهدم معبد marnas وهو أكبر معبد للوثنيين في الشرق الأوسط حينها، وبناء كنيسة تحمل اسم القديس برفريوس مكانه، وهي أكبر كنائس قطاع غزة حتى اليوم واستغرق بناؤها سبع سنوات.
فضلاً عن ذلك أمرت بأن يتم دفن تمثال الإله “زيوس” الذي قام على عبادته الشرق والغرب، وظل مدفونًا تحت الأرض حتى اكتشفه العثمانيون بأعمال حفر في القرن التاسع عشر، ونقلوه لمتحف بمدينة إسطنبول، وما زال موجودًا هناك حتى اليوم، كما أمرت بهدم السبعة معابد الرئيسية المتبقية للوثنيين كما أشار اليافاوي.
حينها عاد برفريوس لموطنه فلسطين رفقة تلاميذ القديس هيلاريون الذين كانوا مبعدين وبحماية جيش الاحتلال البيزنطي الذي نفذ محرقة بحق الوثنيين حينها، استقبله أهالي غزة بالاحتفالات. وكان أول ما فعله بناء كنيسته التي تحمل اسمه، بالإضافة لبناء الكنيسة البيزنطية في 404 ميلاديًا، في بلدة جباليا شمال القطاع، التي تم اكتشافها من خلال أعمال حفريات قامت بها بلدية غزة لتنفيذ بعض المشاريع الخاصة بها، واحتوت على رسومات فسيفسائية تحاكي تعايش المسيحيين في جنوب فلسطين قديمًا.
ازدهرت المدينة بعهد المسيحيين، وأصبحت مركزًا تجاريًا مهمًا كحلقة وصل بين آسيا وإفريقيا، وكذلك أوروبا عبر المنفذ البحري. وبقيت اللغة اليونانية القديمة هي اللغة السائدة. وعلى الرغم من أن غزة كانت آخر مدن المنطقة دخولاً بالمسيحية بسبب معاناتهم مع الوثنيين الذين لم ينتهوا إلا على أيدي الجيش البيزنطي، فإنها أولى المناطق الفلسطينية التي دخلها الإسلاميون عام 635 ميلاديًا بقيادة القائد المسلم عمرو بن العاص.
حوّل المسلمون كنيسة القديس مار يوحنا التي بُنيت في عهد الإمبراطور ثيودوديوس الأول لأكبر مسجد من مساجد قطاع غزة حتى اليوم (المسجد العمري)، كون هذه الكنيسة لم يشرف على إنشائها مسيحيو فلسطين، بل من خلال الاحتلال البيزنطي لفلسطين بشكل مباشر. وما زال يحتفظ بأنقاضه بسرداب للقديسة “هيلانا”، أنشأته عام 329 ميلاديًا، يصل من الشرق حتى موقع ميناء البلايخة الذي يطل على البحر غرب غزة، وكان ميناء البلايخة حلقة وصل بين قبرص وأثينا بفلسطين.
وهيلانة هي قديسة وملكة رومانية، وأول من عثرت على الصليب الذي أُعدم عليه النبي عيسى، واستقرت آخر عهدها بفلسطين قبل أن يتم نقل جثمانها للفاتيكان.
ولعل ما يسّر على الإسلام دخوله لفلسطين، اعتناق أهالي الجنوب الفلسطيني للإسلام بشكل سريع وكانوا في تزايد مستمر منذ دخول عمرو بن العاص لغزة بقيادة خليفة المسلمين عمر بن الخطاب، مرورًا بعهد الأمويين ثم العباسيين.
وعلى الرغم من الحروب التي جرت في فلسطين عقب دخولها الإسلام من بوابة غزة، مرورًا بالحملة الصليبية، إلى زمن الناصر صلاح الدين الأيوبي، إلى عصر المماليك، إلا أن الوضع المسيحي- الإسلامي ظل يشكل ترابطًا أخويًا منذ عصر المماليك، مرورًا بالعثمانيين ثم الإنجليز حتى الاحتلال الإسرائيلي، بغض النظر عن ديانات الأمم التي تعاقبت على احتلال الأرض الفلسطينية عبر التاريخ، التي لم تستطع تدمير النسيج الفلسطيني كما أوضح مدير العلاقات العامة في كنيسة دير اللاتين كامل عياد.
وبيّن مدير العلاقات العامة في كنيسة دير اللاتين كامل عياد أن الدولة الإسلامية بقيادة المماليك عرفت أعظم فترات التآخي الإسلامي المسيحي! فقام مسيحيو غزة بمقاسمة مسلمي غزة النصف الآخر من كنيسة القديس “برفريوس” بمسجد آخر، سُمي بمسجد كاتب ولاية، الذي تلاصق مئذنته الصليب تمامًا.
بعد احتلال الأرض الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وضعت غزة تحت الحكم المصري للدفاع عما تبقى من فلسطين، وسرعان ما قام المسيحيون الفلسطينيون بتأسيس « جمعية الشبان المسيحيين » و« الكنيسة المعمدانية » بغزة 1950 للحفاظ على حقوقهم.
وقد أثرت عملية اغتيال رامي عياد وأدّت إلى مغادرة أعداد كبيرة من مسيحيي غزة للضفة الغربية. ففي عام 2007، على إثر الاقتتال الداخلي الفلسطيني، اقتحمت مجموعة من حركة « حماس » الكنيسة المعمدانية في غزة التي تضم مشفى لخدمة أطياف الشعب الفلسطيني كافة وقاعات مكتبية، واغتالت رئيس مكتبة الكنيسة المعمدانية رامي عياد، بعدما تم اختطافه وتعذيبه.
أدت عملية اغتيال رامي عياد إلى مغادرة أعداد كبيرة من مسيحيي غزة للضفة الغربية ومصر، بالإضافة إلى سبعة من قيادات المسيحية بغزة بمن فيهم « حنا مسعد » الذي أسس الكنيسة المعمدانية، وبسبب صعوبة التواصل مع رعايا الكنائس بغزة في الشق الآخر من الوطن في ظل الحصار الخانق على قطاع غزة، تضاءلت أعداد المسيحيين، حيث لا يتجاوز أعدادهم حاليًّا 1200 شخص، كما أوضح كامل عياد.
تعرضت الكنيسة المعمدانية لأضرار بالغة جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام 2008، كما استشهد عدد من أبنائها، بالإضافة إلى أنها فتحت أبوابها هي وكنيسة القديس برفريوس وكنيسة دير اللاتين، (الكنائس الوحيدة بغزة حاليًّا)، لإيواء الهاربين من مجازر الاحتلال الإسرائيلي صيف عام 2014، حيث احتضنت مئات الفلسطينيين طيلة أيام العدوان الإسرائيلي.
اتهامك ان المسيحيين مضهدين ..الخ كذب في كذب و يبدو ان الغرض من كتابة موضوعك هذا هو التلفيق للافساد..
المسيحيون في غزة شأنهم شان المسلمين و لا تفرقة بينهم .
والمسيحيون محترمون من قبل كل الناس بمختلف تنظيماتهم السياسية . ويحظون بكل تقدير. و لهم دورهم الوطني مثل كل الناس. و المسيحيون في فلسطين هم اهل رجولة وكرم وتسامح..
العب غيرها.. او شوف لك غير هالملعب.