منذ عهد الرئيس الاسبق اميل لحود درج عُرف بين رؤساء الجمهورية المتعاقبين، وهو الاستثمار في املاك الاوقاف المارونية، التي تقدر بـ30 % من املاك الموارنة!
وهي بتصرف الاديار والرهبنات والبطريريركية المارونية، ولجان الاوقاف في القرى والبلدات والمدن، ويشرف عليها تراتبيا، كاهن رعية البلدة، الذي هو حكماً رئيس لجنة الوقف، يعاونه عدد من الاشخاص من الذين يتم تعيينهم من قبل المطران راعي الابرشية. وتعود الكلمة الفصل للمطران ولدوائر البطريركية من بعد موافقة المطران، في حين أن الرهبنات “المريمية” والبلدية” و”اللبنانية” و”عبرين” وسواها، لها حق التصرف بأملاك الاوقاف من خلال الرؤساء العامين لهذه الرهبنات.
افتتح الرئيس اميل لحود عهد الاستثمار في املاك الرهبنة اللبنانية، فاستأجر في قضاء المتن من اوقاف الرهبنة املاكا لاستثمارات يفيد منها ابناؤه!
وفي عهده، طلب الرئيس السابق ميشال سليمان من الرهبنة عينها، أسوة بسلفه لحود، استثمار اراضٍ في مدينة جبيل، عن طريق الايجار، لصهره “نبيل الحواط”، حيث يشيد مجمع تجاري ضخم، تم ضم الاملاك الخاصة فيه التي تعود مليكتها للحواط، الى املاك الرهبنة. ويجري الآن العمل على بناء المجمع التجاري، الذي تم بيع استثماره لاحقا، لـ“شركة رمال” للمجمعات التجارية.
وحين كان الوزير مروان شربل وزيرا للداخلية، استأجر قطعة ارض من الرهبنة في منطقة “كاليري سمعان”، في العاصمة بيروت، وأنجز ترخيص محطة محروقات باسم نجله، في منطقة تعتبر من الاكثر غلاءً في العاصمة.
في عهد الرئيس الجنرال الدكتور عون، اراد وصهره، الاستمرار في تكريس العرف السابق. فطلب من الرهبنة عينها، استئجار قطعة ارض، لبناء مركز للتيار العوني، مع ان احد انصار الجنرال كان تبرع بقطعة ارض في كسروان، مساحتها تقارب 3000 مترا مربعا، لبناء مركز للتيار العوني. إلا أن الوزير باسيل، المهووس باكتساب شرعية مسيحية ووطنية، طلب من الاباتي نعمة الله الهاشم، استئجار الارض التي فوق صخور “نهر الكلب” الاثرية، والمرشحة لان تكون على لائحة الاونيسكو الدولية للاماكن الاثرية.
المعلومات تشير الى ان الارض التي طلب باسيل استئجارها، كانت مؤجرة لاحد الاشخاص، وطلب الأباتي هاشم الرئيس العام للرهبنة اللبنانية المارونية، من باسيل الاتفاق مع المستأجر على إخلاء العقار، على ان ينظم عقد اجار جديد بديل للتيار العوني.
وهذا ما حصل حيث طلب باسيل من المستأجر شاغل العقار المطلوب التنازل عن العقد، وهكذا اصبح العقار مقرا لبناء مركز للتيار العوني.
اما قمة الاستخفاف باملاك الاوقاف، فهي الاجازة الممنوحة للمسؤول الاعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض لتشييد بناء في المحمية الطبيعية لاملاك الصرح، أي “المحمية” التي جهد الراحل المثلث الرحمات مار نصرالله صفير، لتحويلها الى محمية طبيعية يُمنع فيها البناء، ليحافظ على ما تبقى من بيئة وخضار، في عمق كسروان، في وجه زحف الباطون.
أهالي ميفوق ووطى حوب ليسوا.. رؤساء!
تزامنا يشكو عامة الموارنة، من عَسف “الرهبنة اللبنانية المارونية” تحديدا، في “ميفوق” و”وطى حوب” على وجه الدقة. ففي زمن مضى، “أوقف” اهالي المحلتين املاكهما للرهبنة، لتهريبها من مصادرة السلطات العثمانية، وللتهرب من دفع الجزية والضريبة عليها، على ان تعيد الرهبنة الاملاك لاصحابها، عند الحاجة! إلا أن واقع الحال خالف نيات الاهالي، حيث وضعت الرهبنة يدها على الاملاك، وترفض اعادتها لاصحابها. وحتى المنازل المبنية هي قانونا بتصرف الرهبنة، ما دفع الاهالي الى الاشتباك مرارا مع السلطات الكنسية.
وحتى الان لم يتم ايجاد حل للعوام الموارنة في “ميفوق” و”وطى حوب”، في حين تتكرّس لـ”رؤساء الموارنة” اعراف استثمار في اراضي الاوقاف لغايات تجارية وسياسية.