ردّ الرئيس الإيراني حسن روحاني على موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الاتفاق النووي واتهام بلاده بـ”زعزعة ايران استقرار المنطقة” بالقول “إن على الولايات المتحدة التزام الاتفاق النووي، وأن على الجميع قراءة التاريخ بنحو أفضل، وخصوصاً تصرف أميركا تجاه الشعب الإيراني”.
اما وزير الخارجية محمد جواد ظريف فصرح بأن “الإيرانيين رجالاً ونساء كلّهم حرس ثوري”.
هذا في الشكل، اما في المضمون فلم يكن الشعب، ولن يكون يوما، عاملاً فاعلاً في حسابات التوسع الذي تطمح اليه الجمهورية الإسلامية.
بالتالي، استخدام مصطلح “الشعب” ليس في محله، ولا محل له في الأساس، وهو لم يُستشر يوماً في شأن ما تقوم به دولته، حتى ان احد الإيرانيين الذين يعملون في رتق السجاد العجمي في لبنان، اجابني رداً على سؤالي إياه إن كان يحب “حزب الله” بأنه يحب الله وليس هذا الحزب الذي يستنزف أموال الشعب الإيراني ويدفعنا الى الهجرة للعمل في ظروف صعبة ومن دون أي ضمانات لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا.
ولأن الحزب الإلهي المموَّل من جيوب الشعب الإيراني يعرف واجباته، علينا ان نترقب الردّ على موقف ترامب والسياسات الأميركية الجديدة من هنا وليس من طهران التي سيكتفي مسؤولوها بمواقف لا تخرج عن الخطوط العريضة للديبلوماسية بحيث لا تحرج نفسها أمام المجتمع الدولي. فهي، وعلى رغم التهديدات من بعض اجنحة النظام، تحارب بمن تجنّدهم، وتحافظ على صورتها لكسب عطف هذا المجتمع واحترامه واعترافه بها قوة إقليمية يمكن تسليمها السيطرة على الشرق الأوسط “الواقع في قبضة المتطرفين السنّة”.
من جهتهم، استقبل مسؤولو “حزب الله” التطورات الأميركية حيال إيران وحيالهم بالتهديد والوعيد وبلغةٍ سقفُ العنف فيها مرتفع، مع استخفاف مبالغ فيه من احتمال تضرر الحزب من العقوبات الأميركية المرتقبة فهي “لن يكون لها سوى دور محدود على عمله”، لرمي الكرة في ملعب الشعب اللبناني واقتصاده الذي سيتلقى “آثاراً كبيرة على مجمل الإقتصاد اللبناني لأننا لسنا في جزيرة، بل نحن جزء من المجتمع اللبناني وجزء من الإقتصاد الوطني اللبناني”.
اعتبار الحزب نفسه جزءاً من الشعب اللبناني يقتصر أيضاً على الشكل. ذلك انه لم يتورع ولن يتورع عن أخذ هذا الشعب ومقتدراته ومصيره رهينة، ولا شيء سيلجمه عن ذلك في معركته مع الاجراءات التي تصدر عن واشنطن، على اعتبار ان كل ما يقوم به لا يخرج عن سياق المعركة الكبرى التي تخوضها إيران، فذلك تكليفه الشرعي لإسباغ شرعية الهية على وظيفته الفعلية.
من هنا، كل شيء حاضر لتحبل ازمة المواقف الأميركية في إيران وتلد عبر “حزب الله” في لبنان. حتى انه في كواليس الحزب تذكير واسترجاع لمرحلة التفجيرات التي استهدفت مصالح أميركية في لبنان، ناهيك بعمليات الخطف التي لم تنته الا بالتفاوض ودفع الأموال لتحرير من لم يقتل من الرهائن لمصلحة النظامين الإيراني والاسدي.
اليوم، لدى الحزب مساحة أوسع وورقة أقوى للابتزاز: يكفي ان تنجز العمليات تحت العنوان “الداعشي”. لأن جسم هذا التنظيم الإرهابي لبّيس، كما ان تحريك اجرامه يتم دائماً وبدقة متناهية كلما انحشر محور الممانعة، سواء مع استخدام النظام الاسدي أسلحة كيميائية او رمي براميل متفجرة او امعان في قتل الأطفال او اعتقال المعارضين وتغييبهم، ما يؤلب المجتمع الدولي ضده.
لذا، ومع توصيف ترامب مشاريع ايران مزعزِعةً للاستقرار في المنطقة والحديث عن تبييض الأموال وتجارة المخدرات بأيدي الحزب الإلهي للمصلحة الايرانية، لا بأس ان يبكي الغرب كله من الجرائم “الداعشية” ليبدو محور ايران واتباعها، وتحديداً “حزب الله”، ملائكة لا همّ لهم الا محاربة إسرائيل والقضاء على الإرهاب المتطرف.
لا ذكاء في الاستنباط، لأن الأمور واضحة والساحة مجهزة بالادوات اللازمة مع “العهد القوي” على فئة من الشعب اللبناني، والضعيف حتى الانسحاق لمصلحة فئة أخرى.
بمعزل عن السياسات الأميركية التي لم تجلب الا الدمار على المنطقة، اياً كان من تُحالِفُه، ساهم “العهد القوي” مقابل الكرسي في تجيير المصلحة الوطنية اللبنانية وفق ما تحتاجه المصالح الإيرانية العليا، وبمواقف لم يكن المحور الإيراني واتباعه يحلمون بأفضل منها. كله بحقه، بيع البلد مقابل استثمارات مفتوحة لكل هذا الجشع الى المال والنفوذ والسلطة. “ومن بعد حماري ما ينبت حشيش”.
لا بأس حينذاك، اذا وقع فعل الحَبَل في إيران، ما دامت الازمات ستولد وتتكاثر في لبنان والمنطقة بذراع حزب الهية تمتد بيسر الى دول الطوق، وبغطاء ومباركة قائمة على معادلة أساسها: اتركونا نعبث بالمنطقة او… ستترحمون على مرحلة ما قبل الاتفاق النووي!
sanaa.aljack@gmail.com
النهار