بواسطة فرانسيس ميكدونا
لدى سؤالهم عن آرائهم حيال الصين وروسيا والولايات المتحدة، وصف عدد كبير منهم، أو الأغلبية في حالة الصين، هذه القوى بأنها إما شريكة اقتصادية أو أمنية، بينما اعتبروا أن إيران هي دولة منافسة أو عدوة. ومع ذلك، لم يُظهر المستطلعون تأييدهم لاتخاذ أي إجراء ضد إيران. أما في ما يخص العلاقات مع إسرائيل، فبقيت وجهات النظر سلبية إزاء “اتفاقات إبراهيم” والروابط الاقتصادية مع الإسرائيليين، على الرغم من أن الكويتيين رفضوا عمومًا فكرة إطلاق “حركة حماس” صواريخ باتجاه إسرائيل.
بعد سنوات من التقلبات السياسية، الكويتيون يرفضون الاحتجاجات
في نيسان/أبريل، تمّ تعيين حكومة أخرى في الكويت بموجب مرسوم ملكي جديد، لتصبح الحكومة السابعة في غضون ثلاث سنوات. فقبل شهر، قضت المحكمة الدستورية بحل البرلمان المنتخب في أيلول/سبتمبر 2022 واستبداله بالبرلمان السابق الذي انتُخب عام 2020 وأمر ولي العهد بحله في آب/أغسطس الماضي. والآن، يمكن للكويتيين أن يتوقعوا المزيد من التغييرات في مجلس النواب. فولي العهد حل مجددًا برلمان عام 2020 وقرر إجراء انتخابات جديدة في مطلع حزيران/يونيو، واعدًا مرة أخرى الشعب “بتصحيح مسار” البرلمان، كما فعل خلال انتخابات أيلول/سبتمبر 2022.
وعلى الرغم من أن عدد المرشحين المسجلين لانتخابات حزيران/يونيو أقل بكثير من الأعوام السابقة، ومردّ ذلك على الأرجح إلى مشاعر الخيبة السياسية السائدة، لم يُظهر المستطلعون الكويتيون حماسًا للنزول إلى الشوارع. في الواقع، وافقت في أحدث استطلاع نسبة 79 في المئة إلى حدّ ما على الأقل على المقولة التالية: “من الجيد أننا لا نشهد احتجاجات شعبية ضد الفساد كما يجري في بعض الدول العربية الأخرى”، وتوازي هذه النسبة إحصائيًا لتلك المسجلة في الاستطلاع الأخير الذي أجري في آذار/مارس 2022. وشملت هذه النسبة الأقلية الشيعية الكبيرة في الكويت، إذ وافق نحو ثلثي المستطلعين الشيعة إلى حدّ ما أو بشدة على ذلك.
في المقابل، يختلف شيعة الكويت بشكل ملحوظ مع نظرائهم السنّة في ما يتعلق بفكرة الإصغاء إلى تفسيرات الإسلام “المعتدلة والمتسامحة والحديثة”. وتماشيًا مع النتائج الماضية، وافقت نسبة 51 في المئة من المستطلعين الشيعة في أحدث استطلاع إلى حدّ ما على الأقل على أنه يجب اتباع هذه التفسيرات، في حين عارضتها نسبة 46 في المئة. من جهة أخرى، أيّد 34 في المئة من السنّة فقط هذه المقولة في حين عارضها 64 في المئة منهم.
الصين هي حتمًا شريك اقتصادي، أما دور روسيا والولايات المتحدة فهو أقل وضوحًا
عند تقديم خمسة خيارات مختلفة إلى المستطلعين، صديق بلادنا، أو شريكها الأمني، أو شريكها الاقتصادي أو منافسها أو عدوها، أجمعت أغلبية الكويتيين (62 في المئة) على أن الصين هي شريك اقتصادي، تلتها بفارق شاسع نسبة 19 في المئة اعتبرت الصين دولة صديقة. ويتناقض هذا الموقف الواضح إزاء مكانة الصين الاقتصادية البارزة مع وجهات النظر إزاء روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من أن الأغلبية لا تزال تعتبر هذين البلدين شريكَين للكويت بطريقة ما. في ما يخص روسيا، ذكر 43 في المئة من المستطلعين أنها شريكً اقتصادي، في حين رأت نسبة 31 في المئة أن الكرملين هو شريك أمني للبلاد. ووصفت نسبة 22 في المئة روسيا بأنها دولة صديقة. وينسحب هذا الثناء على العلاقات الروسية على آراء الكويتيين بشأن الحرب في أوكرانيا.
في الواقع، وافق إلى حدّ ما على الأقل نحو ثلاثة أرباع المستطلعين على المقولة التالية: “في الحرب الجارية حاليًا بين روسيا وأوكرانيا، ستتمثل أفضل نتيجة في انتصار روسيا، وما يتضمنه هذا النصر من ضمّ لأراضٍ أوكرانية شاسعة إلى روسيا“. ويبدو أن هذه الإجابة تشير إلى تغير في المواقف بالمقارنة مع الشهر الأول من الحرب. ففي استطلاع آذار/مارس 2022، اعتقد 76% من الكويتيين أن الأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا ستخلّف آثارًا سلبية إلى حد ما أو سلبية جدًا على المنطقة، واعتبرت نسبة 56% منهم أنها سبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وكانت مواقف الكويتيين تجاه الولايات المتحدة أكثر انقسامًا حتى، إذ تعتبرها نسبة 34 في المئة شريكًا أمنيًا و31 في المئة شريكًا اقتصاديًا. ومع ذلك، اعتبر 11 في المئة من المستطلعين الولايات المتحدة دولة عدوة، مقابل 2 إلى 3 في المئة ممن لديهم الرأي نفسه إزاء روسيا أو الصين. وعند السؤال عمّا يجب أن تكون أبرز أولويات الولايات المتحدة في المنطقة، أجاب ثلث المستطلعين أنه عليها “بذل المزيد من الجهود للمساعدة على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، في حين اعتقدت نسبة 25 في المئة أنه على الولايات المتحدة “القيام بالمزيد من أجل التصدي للتهديدات الصادرة عن إيران ووكلائها”.
على الرغم من عدم تأييد الكويتيين لإيران، هم يعارضون أي تحرك ضدها
اعتبر أربعون في المئة من المستطلعين الكويتيين إيران “دولة منافسة” و38 في المئة “دولة عدوة”. وحتى في أوساط الأقلية الشيعية في الكويت، كانت الآراء إزاء إيران سلبية عمومًا، إذ اعتبرها ثلثا المستطلعين الشيعة تقريبًا دولة منافسة أو عدوة.
مع ذلك، يوافق أكثر من ثلاثة أرباع (77 في المئة) المستطلعين إلى حد ما على الأقل على أن “أي ضربة عسكرية كبيرة سواء أمريكية أو إسرائيلية ضد إيران ستكون خطيرة للغاية وفكرة سيئة بالنسبة إلى بلدنا”. وعلى نحو مماثل، لا تؤيد نسبة 66 في المئة فكرة امتلاك دولة عربية قنبلة نووية ردًا على التقدّم الذي تحرزه إيران في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بإعادة إحياء العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، انقسمت آراء المستطلعين بعض الشيء، على الرغم من أن أغلبية ضئيلة (58 في المئة) اعتبرت التقارب سلبيًا إلى حدّ ما على الأقل.
الرأي العام حول إسرائيل لا يزال سلبيًا مع بروز بعض المفاجآت
لم تتغير آراء الكويتيين بشأن “اتفاقات ابراهيم” منذ استطلاعات عام 2022، وتزداد سلبيةً حتى مقارنة بالآراء في دول خليجية أخرى شملتها الاستطلاعات، إذ اعتبر 14 في المئة فقط من المستطلعين أن إقامة علاقات رسمية بين عدة دول عربية وإسرائيل هو تطوّر إيجابي إلى حد ما أو إيجابي للغاية بالنسبة إلى المنطقة.
على نحو مماثل، عارضت نسبة 95 في المئة، 89 في المئة منها بشدة، فكرة إبرام صفقات تجارية مع شركات إسرائيلية، حتى لو عادت بالفائدة على الاقتصاد الكويتي. ومجددًا، عارض معظم المستطلعين (92 في المئة) إلى حدّ ما على الأقل فكرة “التعاون مع إسرائيل” للتصدي لتهديدات إيران، بينما وافق 87 في المئة إلى حدّ ما على الأقل مع هذه المقولة المستفزة عمدًا: “في حال حدوث زلزال أو كارثة طبيعية أخرى، كما حصل في سوريا وتركيا، على الدول العربية رفض أي مساعدة إنسانية من إسرائيل”.
وعلى الرغم من الرفض الواسع النطاق للتطبيع، يبدو أن الكويتيين أكثر تقبلًا لأحد أوجه التعاون الملموس مع إسرائيل ويعارضون عمومًا هجمات “حماس” عليها. عند طلب تقييم أثر “الاتفاق المبرم في الآونة الأخيرة لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل” على المنطقة، شعر 45 في المئة منهم أنه إيجابي إلى حد ما أو إيجابي للغاية، في حين اعتبرته أغلبية ضئيلة (53 في المئة) سلبيًا. ورأى أكثر من ثلثي المستطلعين أن الهجمات الصاروخية التي تشنها حركة “حماس” على دولة إسرائيل ستنعكس سلبًا إلى حد ما أو إلى حدّ كبير على المنطقة.
فضلًا عن ذلك، اعتبرت نسبة 65 في المئة من الكويتيين أن “الاحتجاجات الحاشدة التي نظمها بعض الإسرائيليين ضدّ حكومة نتنياهو” كان لها أثر إيجابي إلى حدّ ما أو إيجابي للغاية على المنطقة. وصحيح أن أسباب تأييد الأغلبية غير واضحة، إلا أنها تحاكي عمومًا نتائج الاستطلاعات من باقي دول المنطقة.
ملاحظة منهجية
يعتمد هذا التحليل على نتائج استطلاع قائم على مقابلات شخصية مع عينة وطنية تمثيلية عشوائية قوامها 1000 مواطن كويتي. اتبع اختيار العينة إجراءات الاحتمالية الجغرافية القياسية، ما أسفر عن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3 في المئة. تم إجراء الاستطلاع من قبل شركة تجارية إقليمية تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة وذات خبرة وطابع غير سياسي على الإطلاق. تم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية في كافة مراحل العمل الميداني. يمكن الاطلاع على تفاصيل منهجية إضافية، بما في ذلك نتائج الاستطلاع الكاملة، والتصنيفات الديمغرافية، وغيرها من المعلومات ذات الصلة على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية لمعهد واشنطن.