ليس للإخوان اليوم في العالم أجمع موضع قدم راسخ سياسيا، مدر ماليا، متغلغل أمنيا مطمئن تربويا، ومتعاطف حكوميا.. إلا الكويت! وبالتالي سيستميتون في الدفاع عن آخر قلاعهم، حتى لو تطلب الأمر اقتراف أكبر الجرائم بحق من يحاول المس أو التأثير فيهم وتهديد مصالحهم.
سبق أن حذرني أكثر من متنفذ، وأحدهم مسؤول سابق كبير في أمن الدولة، بعد أن اعترف لي أنه نجح تقريبا في اختراق كل أنظمة وهيئات الدولة، بغرض حماية أمن الوطن وسلامة النظام من أي سوء، أثناء عمله، إلا أنه فشل في اختراق قلعة الإخوان، حذرني وطلب مني الاهتمام بسلامتي الشخصية، والابتعاد عن مهاجمة الإخوان وتعريتهم، وإن الدرب الذي أسير به محفوف بالمخاطر!! فمصالحهم ضخمة وأرصدة حساباتهم مهولة، وهم مرتبطون بجهات عليا في أكثر من دولة إقليمية ودولية، وبالتالي لن يتهاونوا في الفتك بمن يقف في طريقهم، فالإرهاب لعبتهم، والرحمة لا تسكن قلوبهم.
***
كثيراً ما يطرح البعض، ومنهم من يمثل الجماعات الدينية، أسئلة على الليبراليين تتعلق بتناقض مواقفهم، فهم من جهة مع الحرية السياسية، ومن جهة أخرى يسعون لفرض حظر على أي تنظيم يمثّل أيديولوجية إسلامية، ويرى هؤلاء في هذا الموقف من الليبراليين تناقضاً مع الفكر الليبرالي الذي يدعون له!
الجواب نجده في تجربة الشعوب الأوروبية «المتقدمة» التي لجأت، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلى فرض نوع من الحظر على أيديولوجيات عدة خطيرة كالفاشية والنازية، التي تطلب التخلص منها التضحية أرواح أكثر من 60 مليون من البشر!
ويقول صديق وناشر معروف إنه اعتقد في لحظة أنه من الممكن الوصول لنوع من التفاهم والتعايش السياسي مع الحركات الإسلامية، والإخوان بالذات، لكن سرعان ما تبين له، بعد تجربة حكم مرسي أن الأمر ليس كذلك، وأن الإخوان يريدون الديموقراطية التي توصلهم للحكم وليس التي يمكن ان توصل غيرهم. فهم لا يؤمنون بصندوق اقتراع، ولا بالنجاح والفشل انتخابيا، فكيف يفشل الفكر الرباني وما يدعو له من تمثيل صحيح للدين؟ للأحزاب السياسية الأخرى أن تنجح أو تفشل، فهذا أمر طبيعي، لكنه لا ينطبق حتما على حزب إسلامي يمثل صحيح الدين.
كما أنه من الأساسيات التي يؤمن بها الحزب الديني رفض فكرة المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، وعدم جواز تقديم أي تنازل بشأن هذه القضية، وعدم الإيمان بأحقية غير المسلم الملتزم بتقلُّد مناصب الدولة العليا، من قيادة الجيش وحاكمية البنك المركزي، وقيادة المخابرات، دع عنك قيادة البرلمان والدولة، بصرف النظر عما يمتلكه هؤلاء من مواهب أو قدرات نادرة.
فإذا كان المواطن الألماني والفرنسي والبلجيكي وغيرهم، وبكل ما تمثله مجتمعاتهم من حضارة وتقدم ومدنية راسخة، ومواطنة حقة قد اعتبرت أن بعض الأيديولوجية تمثّل خطراً شديداً عليها لا سبيل إلى مواجهته إلا بالحظر، فحري بالمجتمعات العربية المتخلفة في كل ميدان أن ترفض الأحزاب الدينية، ولأي مكون انتمت. وبالتالي فإن مشروع الإخوان للوصول للحكم فاشي ينبغي مواجهته وحظره فورا ودائما.
وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين تعد من أقدم حركات الإسلام السياسي في العصر الحديث ومن أوائل الحركات التي استخدمت العنف تجاه المعارضين لها، وأسست لهذا جهازاً خاصاً، كانت أهم اولوياته الرد على المختلفين مع الجماعة والمناهضين لها اغتيالا وإرهابا، فإنها لم تتعلم شيئا من تجاربها وتجارب الآخرين، ولم تستطع أن تتأقلم مع الظروف الدولية، أو تتعلم منها فنون وأساليب الحكم، لأنها تعرف جيداً أنها عندما تبدأ بالتساهل والتنازل عن مبادئها فستكون تلك بداية نهايتها، وإن تمسكت بها أصبح من المستحيل تسلُّمُها الحكم والبقاء فيه طويلاً.
habibi.enta1@gmail.com
www.kalamanas.com
أحأحم