الرأي – عبدالعليم الحجار
كشف المعارض الإيراني أحمد منتظري عن تفاصيل الخلافات بين والده رجل الدين حسين علي منتظري ومؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني، التي أدت إلى عزل والده من منصبه كنائب للمرشد الأعلى وفرض الإقامة الجبرية عليه في العام 1989.
جاء ذلك في مقابلة أجراها موقع «إيران واير» مع منتظري ونقلها موقع «شفاف الشرق الأوسط»، بعدما أخلى القضاء الإيراني سبيله مطلع مارس الماضي بعفو مشروط، إثر صدور حكم بسجنه 6 سنوات، على خلفية نشره مقطعاً صوتياً لاجتماع حضره والده، حسين علي منتظري، مع أعضاء ما سمي بـ«لجنة الموت» في إيران العام 1988، واعترض خلاله بشدة على إعدام الآلاف من السجناء المتهمين بالانتماء إلى منظمة «مجاهدين خلق» والأحزاب اليسارية، في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران العام 1979.
وأكدت مصادر إيرانية أن أحمد منتظري وهو أيضاً من رجال الدين، استفاد من «عفو» مشروط بتدخل من المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي قبل وساطة مرجع ديني كبير، بعد أن «تعهد» منتظري خطياً بعدم «القيام بأي عمل ضد النظام» الايراني، أو أي «ممارسات تهدد الأمن القومي للبلاد».
وسبق لمحكمة الثورة الإسلامية في مدينة قم أن قضت في الـ22 من فبراير الماضي بحبس منتظري 21 عاماً مع النفاذ وخلع رداء رجال الدين عنه، ثم عادت لاحقاً لتخفف الحكم الصادر بحقه إلى 6 سنوات قبل حصوله على العفو المشروط.
وعن تفاصيل وقف تنفيذ عقوبته، أوضح منتظري، في مقابلته، أن رجل الدين آية الله الشبيري الزنجاني كلف آية الله أستادي، وهو أحد أعضاء هيئة محلفي مجلس صيانة الدستور، أن يكتب رسالة إلى المرشد الأعلى وأن يقول إنه يرى أن تنفيذ العقوبة ضد أحمد منتظري «ليس أمراً حصيفاً»، مشيراً إلى أن «خامنئي رد كتابياً بأنه ينبغي العمل بناء على رأي آية الله الزنجاني. وعلى أساس هذه الرسالة، قررت المحكمة الخاصة برجال الدين وقف تنفيذ العقوبة».
وأضاف أنه «عندما تلقى آية الله الشبيري رسالة خامنئي، استدعاني وقال لي: (عقوبة سجنك لن يتم تنفيذها لكن يجب عليك ألا تنشر أي مقاطع أو ملفات جديدة)، فشكرته في المقابل وقلت: (طالما قلت هذا، فلن أنشر)».
ورداً على سؤال بشأن ثقة مسؤولي القضاء في وعده، قال منتظري «كان عليهم إما أن يثقوا في وعدي وإما أن يستخدموا القوة»، مشيراً إلى أنه «في بدايات الثورة كانت السلطات تتصرف على نحو مختلف، وإذا كان أحد لديه ملف ما فإنهم كانوا يستخدمون القوة لإرغامه على تسليمه».
وأعرب عن اعتقاده بأن «انتشار وسائل التواصل والفضاء السيبراني (حيث لا يستطيع المرء إخفاء أي شيء) لعب دوراً في إصلاح الطرق التي يستخدمها» المسؤولون في النظام.
وتحدث منتظري في المقابلة عن بداية الخلافات بين والده والخميني، قائلاً إنه في 11 فبراير 1989، «سئل آية الله (حسين) منتظري خلال مقابلة: (إذا كانت لديك انتقادات حول الماضي، فأخبرنا بها. وأخبرنا ما ينبغي أن نفعله). ومن دون أن يخفف من وقع الكلمات، رد قائلاً (في حربنا ضد العراق، وخارج تلك الحرب، اقترفنا أخطاء ويجب أن نندم ونتوب)».
وأضاف منتظري أن «تلك الإجابة لم ترق لكبار الملالي. ومنذ ذلك الوقت، بدأت الصحف في انتقاده وإهانته، وسؤاله عما يقصد بعبارة (نندم ونتوب). والواقع أن ما قصده بتلك العبارة كان الرجوع إلى المسار الصحيح وإلى الإصلاحات».
وعن أبرز الخلافات بين الخميني ومنتظري الذي كان نائباً له، قال أحمد منتظري إن والده كان مصمماً على أنه «يتعين اتباع قوانين وأحكام الشريعة»، لكن تركيز الخميني «كان على مصالح النظام الحاكم».
وأشار إلى أن والده أبلغ الخميني بمعارضته الإعدامات لكبار مسؤولي نظام الشاه، معتبراً أن بعضهم قد يكونون معتدلين ويمكن الاستعانة بهم.
وكشف عن أن النظام كان يعدم المعتقلين من دون إدانتهم بارتكاب جرائم خطيرة، وهو ما كان يعارضه والده.
وأضاف ان «كثيرين ممن جرى إعدامهم في العام 1988 كانوا موثوقين جداً إلى درجة أنه كان يُسمح لهم بالذهاب إلى منازلهم بالليل والعودة إلى السجن في الصباح، وهو ما يعني أن مسؤولي السجن كانوا مقتنعين بأنهم لم يكونوا خطرين».
وشدد منتظري على أن التسجيلات التي نشرها عن الإعدامات من قبل «لجنة الموت» العام 1988، تحتاج إلى تفسيرات مقنعة، وإلا «فإن الناس سيصدقون في المستقبل أي شيء تقوله جماعة (مجاهدين خلق) أو أي جماعة أخرى. يجب عليهم (المسؤولون الإيرانيون وخاصة أعضاء لجنة الموت) أن يتقدموا وأن يقولوا ماذا حدث وكم عدد من تم إعدامهم».
واضاف انه خلال استجوابه، في أعقاب نشر المقطع الصوتي، قال للمحققين إن «هذا الفراغ في المعلومات يفيد الأعداء. فإذا لم نقل الحقيقة، فإنهم سيقولون أي شيء يريدونه. لقد زعمت حركة (مجاهدين خلق) أنه تم قتل 12 ألف شخص، ثم قالوا 30 ألفاً، ومن المحتمل أن يقولوا لاحقا 50 ألفاً. إذا لم نقل الحقيقة، فإن الناس سيصدقون ما تقوله الحركة»، التي تعتبر كبرى الحركات المعارضة للنظام الإيراني في المنفى.