لا أنا ولا نصرالله ولا قادة حماس الرئيسيين كنا على علم مسبق بتفاصيل عملية 7 أكتوبر
في مقابلة تلفزيونية أُجريت بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الأمينين العامين السابقين لحزب الله، السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، قدّم إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، رواية مفصّلة عن كواليس «عملية طوفان الأقصى» (7 أكتوبر) وكيفية اتخاذ القرار والتنسيق بين قادة المقاومة في الأيام الأولى، إضافة إلى مشاهداته خلال لقاءاته مع نصرالله وصفي الدين، ورؤيته لتطورات الحرب وموقع حزب الله فيها. وتكتسب تصريحات قاآني أهمية كونها تأتي مع الشخصية الإيرانية المسؤولة مباشرة عن النشاطات الخارجية لإيران.
بداية العملية ومفاجأة اليوم الأول
قال قاآني إنه وصل إلى لبنان بعد ظهر يوم السابع من أكتوبر، موضحًا أنه التقى السيد حسن نصرالله فور وصوله، وتباحث معه حول العملية وما يجب فعله لاحقًا. وأضاف أنّ نصرالله كان منذ الصباح منشغلاً ببحث «التكليف الديني والمسؤولية الإسلامية والإلهية تجاه تلك الحادثة»، مؤكدًا أن لا هو ولا نصرالله ولا قادة حماس الرئيسيين كانوا على علم مسبق بتفاصيل العملية.
وأوضح أنّ لحظة الإعلان عن بدء العملية كانت أثناء توجه إسماعيل هنية إلى العراق، وأن الأخير «عاد من طريق المطار بعد أن وصله الخبر، ولم يكن على علم مسبق بالعملية»، مشيرًا إلى أن عنصر المفاجأة «شكّل علامة على صلابة وتدبير قادة غزة» وأن «حساسية العملية العالية فرضت أن تكون هيئتها وتوقيتها بهذا الشكل».
وعن توقيت دخول حزب الله في الحرب، كشف قاآني أن نصرالله «شخّص أن تبدأ العملية من ليل الغد» لتجنّب الازدحام في مناطق الجنوب اللبناني نهار الأحد، حيث قالد نصرالله إنه في أيام الأحد يذهب كثيرون في لبنان إلى الجنوب، وتكون المناطق مزدحمة نهاراً، لذا من الأفضل أن يُؤجَّل بدء العملية إلى وقت الليل عندما تكون الحركة والتنقلات أقل، وتكون الظروف مناسبة للتنفيذ.
وأشار قاآني إلى أن نصرالله «كان يعرف العدو جيدًا ويفهم الكيان الصهيوني بدقة»، ووصفه بأنه «صادق في نهجه وخطابه». وأوضح أنّ الكيان الإسرائيلي، بالتوازي مع تحمّله للحرب التقليدية، «كسر من نقطةٍ ما المعادلة التقليدية وبدأ باغتيال القادة».
وأضاف أن «تفجير البيجرات» أسفر عن استشهاد وإصابة نحو أربعة آلاف شخص، مشيرًا أنه ذهب للبنان بعد تلك الحادثة، كما يكشف أنه «رأى كيف وقف نصرالله صلباً في مواجهة حادثة بهذه القسوة». وذكر أنّ الجهات الإيرانية كانت أنذاك «قلقة منذ فترة طويلة على حياة السيد» وأنها ناقشت مع فريق حمايته إجراءات أمنية خاصة، موضحًا أنّ آخر لقاء جمعهما تمّ في مكان لم يسبق زيارته من قبل بسبب متانته الأمنية.
وتحدّث قاآني عن «اعتراف قادة الكيان بأن ثلث قدرته في جنوب لبنان انشغل بحزب الله»، قائلاً إنّ «الكيان كسر معادلة الحرب باغتيال القادة وبالبيجرات»، وإنّ «استشهاد السيد نصرالله تمّ باستخدام بعض من أثقل القنابل في العالم وبمواد كيميائية»، معتبراً ذلك «جريمة حرب».
حزب الله في حرب الـ66 يوماً
وصف قاآني الحرب الأخيرة بأنها «كربلائية»، وقال إنّ حزب الله «أظهر خلالها معنى البطولة والإيثار والتخطيط»، مؤكداً أن «الكيان الصهيوني لو كان قادراً على نزع سلاح حزب الله بعملية عسكرية لفعل ذلك، لكنه طلب وقف إطلاق النار بعد هزيمته».
وأضاف أن حزب الله «التزم برجولة باتفاق وقف النار»، بينما «لم يلتزم الكيان الصهيوني بتعهداته نتيجة دعم الولايات المتحدة وصمت المجتمع الدولي». وأوضح أن القرار 1701 الصادر بعد حرب الـ33 يوماً بقي المرجع الوحيد، وأن الحزب «قبله والتزم به برجولة وصبرٍ ثوري».
وأشار قاآني إلى أنّ رئيس وزراء الكيان أعلن في الأيام الأخيرة من الحرب أنّ «القدرة الصاروخية لحزب الله دُمّرت»، لكن بعد أيام «أُطلق أكثر من 350 صاروخاً في يوم واحد نحو الأراضي المحتلة»، معتبراً أن هذا الحدث «كان صادماً وأفقد الكيان توازنه أمام الرأي العام».
بعد اغتيال نصرالله: لقاء قاآني مع هاشم صفي الدين
قال قاآني إنه «بعد استشهاد السيد، كان من الطبيعي أن تتجه الأنظار نحو السيد هاشم»، مشيراً إلى أن «الاتصال به في الأيام الأولى كان صعباً لأسباب أمنية»، وأنه «عُقد لقاء بعد تحديد مكان آمن هو الأول بعد الاستشهاد».
وأوضح أنه «توقّع أن يرى آثار الحزن والضغط على وجه السيد هاشم، لكنه واجه صلابة ممزوجة بالطمأنينة وكأن لا خلل قد وقع في بنية حزب الله»، مضيفاً أن «رؤيته بعثت الطمأنينة والأمل في نفوس الجميع».
وقال إنّ اللقاء الذي بدأ قبل صلاة المغرب واستمر حتى وقت متأخر من الليل كشف أن «صفي الدين دخل الميدان بإيمانٍ وقدرةٍ عالية على التخطيط واتخاذ القرار، وكان لديه برنامج واضح لكل موضوع وأولويات دقيقة».
وأشار قاآني إلى «التنسيق الكامل بين السيد هاشم والشيخ نعيم قاسم»، قائلاً إنهما «كانا يتبادلان الرأي في كل خطوةٍ كان يجب اتخاذها، بما في ذلك إعداد خطاب الشيخ نعيم بعد الاستشهاد».
وأكد أن «الاقتدار الذي أظهره صفي الدين خلال الأيام الأولى جعَل حزب الله يبقى واقفاً دون أي خلل»، مضيفاً أن «أبناء الحزب استمدّوا من صلابته الأمل والمعنويات رغم القيود الأمنية الصارمة».
