حتى في عهد الرئيس بوش الإبن، رغم كل أخطائه وتعثّره وفشله في جرّ “الإدارة” خلف سياساته، لم تصل الأمور إلى حد توجيه نقد علني للرئيس على غرار ما يحصل في عهد أوباما. فالمبعوثان الرئيسيان لأوباما للأزمة السورية، “فريد هوف”، و”روبروت فورد”، كشفا خلافهما العميق مع البيت الأبيض بخصوص الموضوع السوري، ووجّها نقداً لاذعاً لسياسات الرئيس. ولم توفّر وزيرة الخارجية السابقة، السيدة هيلاري كلينتون، الرئيس أوباما في نقدها لسياسات البيت الأبيض في سوريا.
واليوم يعلن وزيرا دفاع سابقان، شغلا أيضاً منصب “مدير السي آي أي” أن حفنة من أصدقاء الرئيس “تستفرد بالحكم”! وهذا عدا أن ديبلوماسيين عاملين في سفارات أميركا في أنحاء العالم باتوا لا يتردّدون كثيراً في إعلان استيائهم من سياسات رئيسهم.
وهذا أمر غير مألوف على الإطلاق في الديبلوماسية الأميركية التي كانت تحيط شخص “الرئيس، القائد العام للقوات المسلحة” بما يشبه هالة القداسة!
أخطاء أوباما في سوريا، و”رهانه على إيران”، رغم كل المؤشرات السلبية من طهران، بدأ يكلّف مؤسسة الرئاسة الأميركية غالياً!
الشفاف
*
وكالة الصحافة الفرنسية:
اتهم ليون بانيتا وروبرت غيتس، اللذان تعاقبا على ادارة وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “سي آي ايه” ثم وزارة الدفاع، السبت الرئاسة الاميركية في عهد باراك أوباما بانها “ادارة مصغرة” تقطن في قصر عاجي وتستفرد بالحكم.
وقال بانيتا خلال منتدى حول الدفاع نظمته مؤسسة الرئيس رونالد ريغان انه “خلال السنوات ال25 الى الثلاثين الفائتة، حصل تركيز للسلطة في البيت الابيض” ادى الى ان تكون هناك “قلة قليلة من الاصوات يتم الاستماع اليها” عند صنع القرار في الرئاسة الاميركية.
ومن دون ان يسمي بالاسم ادارة اوباما التي تولى في ظلها ادارة السي آي ايه (2009-2001) ومن ثم وزارة الدفاع (2011-2013)، اكد بانيتا انه “غالبا عندما تصلون لحضور” اجتماعات في البيت الابيض “تكون القرارات قد اتخذت مسبقا” من قبل الدائرة المحيطة بالرئيس “بشأن ما يجب على الرئيس فعله او عدم فعله”.
واذا كان بانيتا قد اتهم ادارة اوباما مواربة، فقد اتى خلَفه روبرت غيتس ليتهمها مباشرة.
وقال مدير السي آي ايه في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الأب ووزير الدفاع بين العامين 2006 و2011 (نهاية عهد جورج بوش الابن ومطلع عهد اوباما) ردا على سؤال عن الصراعات بين الرئيس ومستشاريه ان الولايات المتحدة لديها “تاريخ طويل” من الخلافات بين الرؤساء ومستشاريهم ترجع الى عهد ابراهام لينكولن (1861-1865)، مضيفا ان هذه الخلافات كانت تنتهي “في الغالب بان يكون الحق مع الرئيس”.
واضاف “ما يقلقني كثيرا هو الادارة المصغرة للشؤون العسكرية” التي تميزت بها ادارتان فقط في التاريخ الاميركي “هما ادارة ليندون جونسون وادارة باراك اوباما”، على حد قوله.
واعطى غيتس مثالا على ما يقول بأن الرئيس جونسون (1963-1969) كان يختار “شخصيا اهدافا عسكرية” في حرب فيتنام.
واكد غيتس انه خلافا لذلك فانه “في عهد الرئيسين بوش الاب والابن فما ان يتخذ قرار حتى لا تعود هناك ادارة مصغرة”.