مشعل تمو، معارض سوري كردي بارز هو الرئيس السابق لحزب أسسه عام 2005 وأطلق عليه اسم “تيار المستقبل الكردي”، اغتيل خلال الاحتجاجات السورية عام 2011، ما أجج تظاهرات عدة في انحاء سوريا.
اعتقل مشعل في عام 2008 وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي الوطني، وأفرج عنه في حزيران العام 2011 لتخفيف وطأة حركة الاحتجاجات العنيفة في مناطق الأكراد في سوريا. في 7 تشرين الاول من العام نفسه اغتاله مسلحون في مدينة القامشلي، وأدى ذلك إلى تفجير احتجاجات عارمة في مدن الأكراد السورية نظراً إلى اتهام نظام بشار الأسد بالوقوف وراء عملية الاغتيال بأياد كردية.
في الذكرى الثالثة لاغتيال مشعل تمو ، تحدث نجله مارسيل الذي كان مع والده لحظة اغتياله ونجا بأعجوبة عن التيار وارتباط الأكراد بالثورة السورية وتفرد حزب “الاتحاد الديموقراطي” بإدارة المناطق الكردية ومعركة كوباني ومستقبل سوريا وأكرادها. هنا نص الحوار:
في الذكرى الثالثة لاغتيال مشعل تمو، اين بات تيار المستقبل؟
“تيار المستقبل”، ويا للاسف، عانى ولا يزال من الناحية التنظيمية والسياسية نتيجة غياب مشعل تمو. داخل التيار هناك من يفضل التعامل مع المجلس الوطني الكردي، وأكثرية تُجمع وتصرّ على الحفاظ على مواقف وتحديات تمو عينها. بينما هناك أقلية تفضل المرونة والتعامل مع حزب الاتحاد الديموقراطي او الاحزاب المحسوبة عليه وهذا القسم وصلت الأمور بيننا وبينه إلى شبه القطيعة الكاملة. أجزم بأن الذي اغتال تمو حاول انهاء تياره أيضا بتواصله مع بعض الأشخاص المحسوبين على التيار وزرع فتنة بين الاعضاء، الا ان قسماً كبيراً من شباب التيار وقادته ما زالوا يحاولون لملمة التنظيم، وتوصلنا الى قرار سيتم تنفيذه قريبا في سوريا وهو العودة الى العمل السري وعدم كشف شباب التيار واعضائه باستثناء عدداً محدداً من القيادة السياسية المتواجدة في سوريا والاشخاص الذين يعملون بعلنية منذ زمن وباتوا معروفين بانتمائهم الى التيار. فواجبنا الآن حماية شباب التيار من تشبيح pyd (حزب الاتحاد الديموقراطي)، فالتيار دفع ضريبة كبيرة لذا علينا تحمل مسؤولية حماية هؤلاء الشباب المنتمين إليه للحفاظ عليهم لمستقبل التيار.
ماذا تغيّر في الوضع الكردي قبل اغتيال تمو وبعده؟
نستطيع القول إن التغييرات التي طالت الشارع الكردي بعد اغتيال مشعل تمو جذرية من كل النواحي، إن على المستوى السياسي والشبابي الثائر، فكل الاطر السياسية الكردية عملت في شكل او بآخر على فصل الشارع الكردي عن السوري العام، بعضهم نتيجة الجبن والخوف والبعض الآخر تنفيذاً لاوامر دمشق، اضافة الى عدم وجود محاور كردي متكامل ثقافيا وسياسيا. فالمحاورون او السياسيون الذين كانوا يحاورون باسم الأكراد أسأوا إليهم بتصرفاتهم واسلوبهم وقلة ثقافتهم ، مثلا، أنا، لست ضد الانسحاب من اي مجلس أو هيئة اذا لم يعترف بي الاخر، بل يجب ان أحافظ على توازني وقدرتي على الحوار وترك أبواب التواصل مفتوحة، خصوصاً عندما نكون كلنا معارضين نهدف الى إسقاط النظام. هكذا فعل الشهيد مشعل تمو عندما انسحب من مؤتمر الانقاذ، بينما عندما انسحب ممثل الاكراد من المجلس الوطني الدكتور عبد الحكيم بشار، فهو قام بذلك بعد القاء كلمته من دون ان يناقش او يحاور وكأنه قلق من فكرة الحوار مع من لا يوافقه الرأي. على الاكراد في هذه اللحظة التاريخية التحلي بالصبر والحنكة والقدرة على الحوار واستقطاب المناصرين لقضاياهم الوطنية المحقة وان يتسموا بالقدرة على ان يكونوا اولا سوريين ومن ثم اكراد.
لماذا كوباني وماذا لو سقطت ؟
عندما وجد حزب الاتحاد الديموقراطي أن توجه كل الدول الاوروبية والاميركية هو لدعم منطقة شنكال في كوردستان العراق، حاول ان يعيد السيناريو عينه في كوباني. فمثلما استلم المنطقة من النظام سلم في البداية نحو مئتين وتسعين قرية كردية لداعش تقريبا من غير قتال، لتسهيل وصولها إلى كوباني، ولم ينس حزب الاتحاد حتى ان يحاكي هجرة المدنيين من شنكال وهروبهم الى الجبال وتمركزهم في جبل سنجار، ففعل عملية تجميع المهجرين نفسها في كوباني، فعمل حزب الاتحاد الديمقراطي في الايام الاولى لهجوم داعش على منع خروج المدنيين الى تركيا ومحاصرتهم في منطقة قريبة من الحدود ليوم كامل قبل ان يخترق المدنيون الحصار والتخلص منهم والهروب الى تركيا ، فالغاية الاساسية كانت كسب المجتمع الدولي وازالة اسم الحزب من لائحة الارهاب الدولية والخروج من العزلة الدولية بحجة انه يحارب الارهاب “داعش”، وتوقع بان يحصل على دعم عسكري من الجهات الدولية خصوصا ان مهاجمه او العدو هو “داعش” الخطر الاول بالنسبة إلى الغرب، ناهيك ان كوباني تقع على الحدود التركية فيشكلون ضغطاً على تركيا لكسب تعاطفها واخذ الدعم منها. ولكن ما لم يتوقعه حزب الاتحاد الديموقراطي هو ما طُرح من الحكومة التركية تشكيل منطقة عازلة فانقلب السحر على الساحر وتحول مخططهم من ازعاج تركيا واجبارها على تقديم الدعم الى خطة عكسية لم يكن يتوقعها. فالمنطقة العازلة ستكون بداية النهاية لحزب الاتحاد وبذلك تكون كل مخططاته لتكريس إدارته الذاتية قد انتهت، إضافة الى وضع حقول النفط في كردستان سوريا تحت سيطرة قوات دولية، وبذلك تكون خسارة كبيرة للنظام السوري ولحزب PYD فسيخسر بدوره حراسته البوليسية للحقول لصالح النظام.
اما في خصوص الاحزاب الكردية فـ PYD عمل منذ بداية الثورة او مرحلة ما بعد اغتيال مشعل تمو، على محاربة كل كتيبة ولواءعسكري كردي كان قيد الانشاء وقتل الكثير من خيرة شباب الأكراد ممن كانوا يعملون على التسليح لحماية مناطقهم وشرفهم واعتقل من كان يطرح او يفكر بانشاء جسم عسكري ودمر الكثير من مقرات تلك الكتائب وهو حتى هذه اللحظة رغم جسامة الهجوم عليه يرفض تشكيل اي قوة عسكرية ولا يسمح لأي عمل عسكري كردي موحد في منطقته ويريد المنطقة تحت سيطرة ميليشياته التي تحارب لحماية الاسد.
هل كان الاكراد مع الثورة السورية منذ البداية ام ان مشعل تمو من كان معها بقدرته على الحلم ورؤيته الوطنية، وماذا كان موقف بقية الأحزاب الكردية؟
الأكراد كانوا منذ البداية مع الثورة، خصوصا جيل الشباب، ولكن بامكاننا القول ان مشعل تمو ساهم في ازدياد عدد الثوار الكورد بترسيخه لمفهوم الوطنية بين الشباب وطمأنتهم، واستطاع ان يوصل صوت الشباب ويعبر عن ارائهم وبات الشارع الكردي والشباب الاكراد اصحاب القرار، لانهم كانوا بحاجة الى من ينقذهم من الاحزاب الكردية الكلاسيكية المستغلة لعواطف الشعب الكردي لسنوات ومشعل تمو عمل على انتزاع القرار من الاحزاب الكردية التابعة الى أربيل (الحزب الديموقراطي الكردي) او قنديل (حزب العمال الكردستاني) وهو ما زاد ثقة الشباب بمشعل وهذا السبب الذي جعل كل الاحزاب الكردية تعادي مشعل تمو. اما موقف الاحزاب الكردية في بداية الثورة فكان مخزياً ومهيناً، فمنهم من اتهم الشباب الاكراد ومن يخرج في الساحات بأنهم زعران تابعون لتمو كحميد درويش سكرتير التقدمي، وعبد الحكيم بشار الذي صرح اكثر من مرة في بداية الثورة بأن المعارضة العربية مثلها مثل بشارالاسد لذلك التعامل مع الاخير افضل من التعامل مع المعارضة، ومن يتعامل مع المعارضة هو اسلامي متشدد وكان يشير هنا الى مشعل تمو. وهناك من صرح بانهم أي حزبهم يقفون على مسافة واحدة من النظام ومسافة واحدة من المعارضة كفؤاد عليكو وصالح كدو واتهموا تيارنا بالارهاب و تخريب المنطقة الكردية وتعريضها الى خطر هجوم النظام، كل ذلك كان تنفيذا لاجندات النظام ولمنع الاكراد من المشاركة بالثورة. لو راجعنا تاريخ بداية الثورة للاحظنا ان غالبية الاحزاب الكردية كانت تسوّق لرواية النظام باتهام الثوار انهم ارهابيون واسلاميون سلفيون وغيرها من حجج النظام، وهنا عليّ ان ألفت النظر وذلك بامانة تاريخية انه كان هناك انفصال بين تلك القيادات وقواعدها، فشباب بعض الاحزاب وقواعدها كانت تشارك بالتظاهر من دون علم وقرار من قيادتها، بالاضافة الى الشباب المستقلين الذين لم يثقوا حتى يومنا هذا بالاحزاب الكوردية.
ما طبيعة العلاقات بين الأحزاب الكردية السورية؟
لنكون اكثر دقة هي بحسب طبيعة العلاقة مع الاحزاب الكردستانية في اربيل والسليمانية وقنديل (الحزب الديموقراطي، والاتحاد الوطني، وحزب العمال) لأن الاحزاب الكردية السورية باستثناء “تيار المستقبل” الكردي قرارها مرتهن للقوى الكردستانية، اما نحن في التيار فنضالنا هو في سبيل ابناء شعبنا الكردي السوري وفي خدمة مصلحته في العيش المشترك مع باقي المكونات السورية في ظل الوطن السوري
لماذا تم استبعادكم من المجلس الوطني الكردي السوري؟
لفظ الاستبعاد ليس في مكانه المناسب، ففي مرحلة تأسيس المجلس الوطني الكردي وعندما تم طرح نسبة تمثيل كل حزب، حسبما اتذكر أن كل حزب كانت حصته اربع او خمس مقاعد باستثناء حزب الاتحاد الديموقراطي كان قد طلب 35 مقعدا اي النصف وهذا اول سبب جعلنا نرفض المشاركة في تأسيس المجلس إلا اذا كانت حصة حزب الاتحاد الديموقراطي المتمثلة بالمجلس كبقية الاحزاب، إذ لا يصلح ان يكون هو نصف المجلس وكل الأحزاب الأخرى النصف الاخر.
وطالبنا ان تكون حصة تيار المستقبل 35 مقعدا اسوة بحزب الاتحاد، اضافة الى شرط أساسي وهو توضيح موقف الاحزاب الكردية من النظام والثورة السورية وهو ما تم رفضه من اغلب الاحزاب، وحتى الآن بعض الاحزاب لم تعلن بوضوح موقفها من الثورة والنظام، وتلعب سياسة “رجل بالفلاحة، ورجل بالبور” . بعد استشهاد مشعل تمو بايام اعلن عن المجلس الوطني الكردي بعجالة لذا ترى ان البنية الاساسية لتأسيس المجلس كانت خطأ من ناحية الموقف السياسي ومرجعية المجلس المشتتة بين اربيل وقنديل والسليمانية. نعم رفعنا طلب الانضمام الى المجلس قبل اكثر من عام، لكن بعض الاحزاب الموالية لقرار قنديل والصامتة امام ممارسات حزب الاتحاد الديموقراطي رفضت واجبرت بقية الاحزاب على الرفض وحتى هذه اللحظة. نحن مستعدون للتعامل مع المجلس الوطني الكردي اذا اتخذ موقفاً جريئاً ضد ممارسات حزب الاتحاد وعدم استخدام حجج كالأخوة الكردية تبريراً لصمتهم وتخاذلهم ولإسكات رفاقهم المطالبين بموقف جريء منهم .
ما علاقتكم بالائتلاف؟
نحن اعضاء في الائتلاف نتيجة عضويتنا في المجلس الوطني السوري، اضافة الى ان سفير الائتلاف في المانيا الدكتور بسام عبدالله هو عضو في تيار المستقبل الكردي
هل الثورة السورية بخير؟
بالرغم من الذي يجري والذي جرى للثورة السورية إلا انني ارى أن الثورة ما زالت بخير، ففي تاريخ كل الثورات التي جرت في العالم والتي تهدف الى تحول جذري من واقع سياسي ثقافي اجتماعي خلقه الاستبداد، وانهاء احتكار فئة معينة للسلطة سيكون هناك الكثير من التضحيات والمعاناة للتخلص من البنية الاساسية للعقلية الامنية السلطوية التي زرعها النظام في العقول والتي تربت عليها اجيال . واذكرك هنا بالثورة الفرنسية الكل يعلم انها من انجح الثورات في العالم ولكن الثورة الفرنسية وفرنسا عانت في فترة الثورة من مراحل شبيهة بما نعانيه الان في سوريا والثورة السورية ، كما أن بشار الاسد والمنظومة الدولية الداعمة له كايران وروسيا يملكون الكثير من الاوراق في المنطقة لخلطها وارباك المجتمع الدولي، كذلك الامر بالنسبة الى المعارضة فهي تعاني مورثات الاستبداد، ما جعلها عرضة إلى التخبط وعدم التخطيط بجدية وبطريقة اكاديمية سياسية لادارة هذه المرحلة التاريخية من حياة الشعب السوري، ومن هذا المنطلق أؤكد بأن حلم مشعل وحلم كل السوريين بالحرية مستمر ولن ينتهي مهما طال الزمن وتنوعت مراحل التغيير.
هل الأكرد جزء من الثورة؟
الكورد كانوا وما زالوا شركاء الوطن و الثورة ولايمكن اختزال تضحيات ونضالات شعبنا الكردي في سبيل حرية سوريا بممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي البعيدة كل البعد عن الثورة والقريبة من النظام، فأنا لا أستطيع ان اشمل كل العرب بما يفعله بشار الاسد او داعش لذا على الاخوة العرب التفهم وخصوصا اذا كانوا يعانون من نظام بشار وداعش، فنحن نعاني من بشار وداعش وميليشيات pyd ، ومن ناحية اخرى ممارسات بعض المحسوبين على المعارضة بتصاريحهم التي تزرع التفرقة والممايزة بين الكورد والعرب تساهم في وضع شرخ بيننا إلا انني متأكد من أننا سنتجاوز هذه المرحلة وسنتجاوز معها كل من يحمل عقلية البعث كورديا كان ام عربي .
هل هي سوريا ام كردستان سوريا؟
هي سوريا لكل السورين باختلاف مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية، اما كرستان سوريا فهي جزء لا يتجزأ من سوريا الوطن، وكردستان سوريا هي ارض الأكراد التاريخية التي الحقت بسوريا بموجب اتفاقية سايكس بيكو.
مقالات مشعل التمو على الشفاف
http://www.shaffaf.net/?page=recherche&lang=ar&recherche=%D9%85%D8%B4%D8%B9%D9%84+%D8%AA%D9%85%D9%88&debut_articles=20#pagination_articles