يستطيع الرئيس ميشال سليمان ان يفاخر بأنه أعاد تداول السلطة، وأسقط وراثة الذات، التي كرسها النظام الأسدي مع سلفيه الياس الهراوي واميل لحود، وسيسجل له عدم تساهله في تطبيق “الكتاب”، أي الدستور، كما سلفه في الجيش والرئاسة فؤاد شهاب. يصح القول أكثر، عدم تساهله في “الدعوة” الى تطبيقه، في النصف الثاني من ولايته، بعدما قدم تنازلات في بداية عهده، بررها بكونه جاء كرئيس توافقي.
عمليا، ذلك دور أي رئيس يأتي نتيجة تسوية، يظللها التقاسم وتعطيل الديموقراطية. بينما في تسوية، بين اتجاهين، تحت مظلة ديموقراطية فعلية، لا ينتقص من احترامها سلاح يتكنى بالمقاومة، يمكن الرئيس أن يكون، فعليا، حامي الدستور وسيادة القانون.
لكن في لبنان، حيث تتغذى دويلة طفيلية من قضم الديموقراطية، فان رئيسا تنتجه تسوية سياسية سيكون نسخة، وربما سيئة، عن النصف الاول من عهد الرئيس سليمان، أي ان دوره “تسنيد” هيكل الدولة، وعلى حسابها، كي لا تتهاوى، وتندثر.
ذلك هو الأرجح طالما لم تحسم المواجهة بين الخط السيادي والنهج الايراني، ما يجعل التفاؤل بحسم معركة الرئاسة لهذه الجهة أو تلك، سرابا، لا تملك القوى السيادية سوى أن تجهد ليصير حقيقة، علما بأن دول العالم تجعل قبلة مساعيها، اليوم، ألا تتدهور حال لبنان، لا أن يشفى، لتسليمها بأن لا خلاص له سوى بشفاء منطقته العليلة بالديكتاتوريات، جديدها والقديم. لكنها، وهي التي تفاجأت بزخم السياديين في 14 آذار 2005، يمكنها أن تتفاجأ مرة أخرى بحجمهم النيابي عند لحظة الحقيقة، أو عودة الوعي إلى البعض.
سألت يوما الرئيس المرحوم سليمان فرنجية، في حوار صحافي، بعدما انتهت ولايته، كيف تقيّم تجربتك كرئيس؟أجاب: تسلمت الدولة كرسيا تهتز، وسلمتها كرسيا مشلعة.
لم ينجح رئيس، مذاك، في اصلاح الكرسي، لأنه لم يكن يوما القبطان الوحيد لسفينة العودة الى الدولة، هذا إذا كان يحسن القيادة، وإذا كان الكل متحدا على مفهومها. فكيف وفي لبنان اليوم، فريق محلي عنوانا، إقليمي أطماعا، وحتى عالمي الدور، “يحترم” الدولة اللبنانية بما تخدم مصالحه.
في ذلك الزمن، وكان لدى اللبنانيين مستوى من احترام الديموقراطية، انتخب فرنجية بفارق صوت، في وجه المرشح الشهابي الياس سركيس، الذي كاد مؤيده رئيس المجلس صبري حمادة يعيد الاقتراع، بحجة خطأ في تعداد الأوراق، ما أشعل القاعة ورصاص الزغرتاويين، في ساحة النجمة، من أسلحة فردية فعلاً.
ماذا لو فاز اليوم مرشح 14 آذار؟ هل يسقط الحزب المتسلط، للمرة الألف، كذبة توجيه سلاحه ضد اسرائيل وحدها، ويطلق ميليشيا مقاومته في شوارع بيروت وضد الآمنين.
السؤال نفسه، بالجواب ذاته، اذا فاز مرشحه. حينها يتوهج أمل طهران الإقليمي. وهو ما لن يكون.
rached.fayed@annahar.com.lb