لم أتعجب حينما كتب الشيخ الخطيب مفتى الإخوان مقالا عن حسن البنا منذ أسابيع قال فيه: (حسن البنا رضى الله عنه)! لم يكن قوله هنا من باب الدعاء بأن يرضى عنه الله، ولكن من باب الإخبار، وكأنه تأله على الله فعرف مكانة البنا عند الخالق صاحب الأمر (ألا له الخلق والأمر)!!.
نعرف كلنا أن شخصية حسن البنا كانت مؤثرة فى أتباعه الذين عاصروه، فمعظمهم كان قليل الثقافة والفكر، كانوا صغارا وكان أعلى منهم همة وقدرة وجاذبية ففتنوا به واعتبروه هادى الأمة أو أعلى درجة، أما الأجيال التى لم تره فقد قرأت عنه من كتب المريدين بعيون المريدين، وعين الرضا عن كل عيب كليلة، تألمت أجيالنا من نهايته المأساوية فتعاطفنا معه، وحين تشب العواطف عن الطوق يخفت العقل ويخبو أثره، ولأن البنا فى ضمير الإخوان هو صاحب الدعوة، لذلك يجب أن يكون فهمه للإسلام هو الفهم المعتمد الذى لا يجوز مناقشته أو الاختلاف فيه.
وهذا هو ما أَكد عليه البنا لأعضاء الجماعة، إذ أوضح لهم أن الإسلام لا يُفهم إلا فى حدود الأصول العشرين التى وضعها لهم، لايجوز لهم أن يضيفوا لها أو أن يحذفوا منها، فإذا ما أرداوا فهم الإسلام فيجب أن يطرقوا باب البنا الذى معه مفاتح الفهم وحده، ولتأكيد هذا قال فى تفسير ركن «الفهم» الذى هو أحد أركان البيعة: إنما أريد بالفهم أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صحيحة، وأن تفهم الإسلام كما نفهمه!.
وحينما وجد أن الجماعة ضمت بعض الشباب الذى يفكر ويناقش ويجادل أراد أن يخضعهم لطريقته وأسلوبه وفهمه هو وحده، لذلك قال فى أحد الأيام لتلميذه الدكتور عبد العزيز كامل عندما وجده يفكر ( أنا أعلم نوع تفكيرك وتمسكك بالسنة، وستأتى أيام وظروف قد نختلف فيها، وأود فى هذه الظروف أن تترك رأيك لرأيى) « مذكرات الدكتور عبد العزيز كامل ـ قدم لها الدكتور محمد سليم العوا صـ 53».
لم يقل البنا لكامل إننا إذا اختلفنا فيجب أن نرد الأمر إلى الله ورسوله مصداقا لقوله تعالى (فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول) ولكنه رد الأمر لنفسه وعقله وفهمه، وبذلك أغلق على إخوانه أبواب الفهم، واحتكرها لنفسه، وهكذا من بعده كل مرشد فى الجماعة.
وحين قـُتل البنا كانت وفاته نكبة على رؤوس الإخوان، فبكوه وأسرفوا فى البكاء، ورثوه وأسرفوا فى الرثاء، ولمَّا جمع الإخوان ما قيل عن البنا ـ من الإخوان الذين صاحبوه ـ وضعوا ما قالوه فى كتاب يؤرخ لتقديسهم لشيخهم، فإذا قرأت هذا الكتاب سينال منك العجب لأنك لن تجدهم يتحدثون عن واحد من بنى البشر، ولكنهم كلهم يتحدثون عن نصف إله.
وعلى سبيل المثال فهذا مصطفى السباعى الذى كان مراقب الإخوان فى سوريا يقول: فما هو إلا النور المرسل من السماء؛ ليكشف عن أهل الخلود ظلماتهم، ثم يظل فى السماء دائماً وأبداً، ولن يختلط بتراب الأرض؛ إلا كما تقع أشعة الشمس على أعلى القصور وأدناها «حسن البنا بأقلام تلاميذه ومعاصريه لجابر رزق صفحة 104».
الصورة التى رسمها مصطفى السباعى هنا لمرشده البنا هى الصورة الماثلة فى أذهان عموم الإخوان، البنا عنده وعندهم ليس بشرا عاديا يمشى مثلنا فى الأسواق وتأكل أمه القديد فى المحمودية، ويرد عليه ما يرد على باقى البشر من نقص وذلل وهوى وخطأ، ولكنه نور من السماء، نور خالص لا يختلط به زيغ، أنزله الله من السماء ليكشف الظلمات التى كانت تخيم على الأرض فيحيلها نورا سرمديا.
ومع ذلك فإن هذا النور لن يتنازل ـ كما تنازلت الأنبياء من قبل!! ـ فيهبط على الأرض ليختلط بالناس هاديا لهم ومنيرا لهم حياتهم، ولكنه سيظل فى السماء لا يتدنس بطين الأرض، يظل فى السماء مثل الشمس، بعيدا عن بنى البشر، فقط أشعته الذهبية هى التى ستصل إلينا أما هو ففى السماء دائما وأبدا!! هل نملك إلا أن نتعجب من هذه العبارات الشركية ونقول سبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
حسن البنا.. هل رضي الله عنه؟ علمي علمك
المبالغة في استخدام عبارات التبجيل لمن يسمون بالعلماء في الدين الاسلامي تعطيك نوع من العلم بان العامة حولوا علمائهم الى رهبان واحبار كما في الاديان الاخرى وهذا مما يجاهد بعض الكتبة في نفيه.
الحق ان المشتغلين برعاية الدين لهم مميزات كثيرة سواء لدى السلطان او الرعية وبالتالي امامنا شوط طويل للوصول الى الآدمية حسب الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.