ماهر شرف الدين – كلنا شركاء
كي يصنع لنفسه هالةً حديديةً تمنع أياً كان من انتقاده، اخترع السيد حسن نصرالله وفريقه السياسي اللعبة الآتية:
حين يتكلّم نصرالله في السياسة وعن السياسيين، فهو زعيم سياسي يحق له الاستفادة من كل الإمكانات التي تتيحها له السياسة من مناورة وتلفيق الاتهامات ومهاجمة الخصوم. لكن حين يتكلم الآخرون عن نصر الله، فهو زعيم ديني لا يمكن المساس به!
بهذه الخفّة المدعومة بقوة السلاح بدَّل نصرالله أزياءه، فحين يكون في موضع استهداف يضع عمامته على رأسه، وحين يكون هو من يريد استهداف أحد يخلع تلك العمامة.
بعد إعلان “حزب الله” نصره “الإلهي” في حرب تمّوز كنا في حقيقة الأمر أمام مجموعة من المشاهد تتعلَّق بتضخُّم الذات الذي أصاب السيد نصرالله، لو جمعناها سوية لفهمنا كيف أنه يمكن لنرجسية شخص واحد أن تكون جزءاً مهماً من أزمة سياسية كبرى تعصف ببلد مثل لبنان، ومن تلك المشاهد سأختار ثلاثة:
1- ظهر السيد نصرالله بعد النصر “الإلهي” في حوار تلفزيوني لابساً عباءة ذهبية هي عباءة النصر. ولم يمضِ على تلك الإطلالة بعض الوقت حتى بثَّ تلفزيون “المنار” مقابلة مع إحدى السيدات تقول فيها إن حلمها هو الحصول على تلك العباءة. والمفاجأة أن السيد نصرالله أرسل إليها فعلاً تلك العباءة، ولكن ليس في السرّ، بل مع طاقم تلفزيوني لتصوير القصة في إطار درامي فاجأ كثيرين ممن تهدَّمت بيوتهم في الحرب وجعلهم يتساءلون عن معنى مثل تلك الانشغالات الشخصية للسيد نصرالله في خضمّ الكارثة الإنسانية التي خلَّفتها الحرب!
2- تكرَّر بشكل مُمنهج على تلفزيون “المنار” المشهد الآتي: يُسأل المواطن الجنوبي عن بيته المدمَّر جراء القصف فيقول العبارة الآتية: “فدا صرماية السيد”!! (أي أن بيتي المدمّر هو فداء لحذاء نصرالله). لم يقل هذا المواطن: فداء للوطن أو فداء للكرامة أو حتى فداء للإسلام. بل قال: فداء لحذاء فلان!! كثرة تكرار هذه الجملة جعلت مؤيّدي المقاومة يفهمونها على أنها أشبه بالشيفرا الحزبية التي يجب استخدامها في الإعلام.
3- رفع “حزب الله” صورة عملاقة تكاد تكون غير مسبوقة في ضخامتها بتاريخ لبنان للسيد نصرالله على طريق المطار. وقد علَّق عليها آنذاك وليد جنبلاط – المعروف بقدرته الكبيرة على الاستفزاز – بجملة “خبيثة” أزعم أنها آذتْ نصرالله كثيراً، حيث قال له: “صورتك عملاقة يا سيّد إلى درجة أن الشعب يبدو أمامها صغيراً”.
لقد وضع جنبلاط يده على “مخزن سرّي للصواريخ” في أعماق السيد حسن نصرالله، لذلك شعر نصرالله بالغضب والإهانة، فشنَّ إعلامُه هجوماً كاسحاً ضدّ جنبلاط.
المعادلة البسيطة: أعدائي يؤمنون بي
قبل أيام ظهر السيد نصرالله في خطاب منقول عبر شاشة عملاقة قال فيه إنه من “كرم الأخلاق” قبوله بالجلوس إلى طاولة الحوار مع من سمَّاهم بـ”العملاء”.
هذا الصَّلَف الذي يبدو أشبه بالموسيقى التصويرية المرافقة بشكل دائم لكل خطابات السيد نصرالله، ليس وليد حرب تموز، بل سابق عليه بكثير، فالجميع يذكر خطاباته عن قطع الأيدي وقطع الأرجل وقطع الأعناق التي كان يُهدِّد بها خصومه من اللبنانيين، والجميع يذكر عبارته الشهيرة “أشرف الناس” التي يُقسِّم فيها اللبنانيين إلى شرفاء وعملاء. لكن هذا الصَّلَف بات بعد حرب تموز يدور أكثر فأكثر حول شخصه هو وصورته هو والتي لا يمكن لأحد المساس بها. لذلك نجده يتباهى دائماً باستطلاع إسرائيلي يقول إن الإسرائيليين يصدِّقونه أكثر مما يصدِّقون قادته. النبي الذي في داخل نصرالله داخَ بالرائحة السحرية لهذه النتيجة غير المتوقَّعة التي تقول بأن الإسرائيليين أيضاً يؤمنون بنبوّته وهالته القدسية.
المعادلة صارت بسيطة جداً في ذهن السيد نصرالله: أعدائي يُؤمنون بي، فكيف لا تؤمنون بي أيها اللبنانيون؟!
لقد تجرأ برنامج انتقادي ساخر ذات يوم من أيام سنة 2007 (برنامج “بس مات الوطن” على قناة “إل. بي. سي”) على صنع اسكتش ضاحك عن نصرالله يظهر فيه أحد الممثلين وهو يُقلِّده. ولم يكد ينتهي عرض الاسكتش حتى اشتعل لبنان وقُطعت فيه الطرقات وأُحرقت الدواليب. في ذلك اليوم أدرك اللبنانيون بأن نصرالله بات يضع نفسه في منزلة الأنبياء الذين يُحرَّم تمثيل شخصياتهم أو توجيه النقد إليهم.
من هذا المنظار فقط سنفهم معنى التهديدات التي يُطلقها شبيحة الإعلام “المقاوم” ضدّ كل من ينتقد السيد نصرالله أو يمسّ صورته. لقد سكت الإعلامي سالم زهران على إهانة نظيره له في برنامج “الاتجاه المعاكس”، لكنه لم يستطع السكوت حين تم المسّ بالسيد نصرالله!! وبعده قام الإعلامي غسان جواد وعلى الهواء مباشرةً بتهديد المعارض السوري عمار القربي بالقتل لأنه سخر من نصرالله. وقبل ذلك أرسل إليَّ جواد رسالة تهديد مماثلة لأني مسستُ بصورة السيد نصرالله التي سمَّاها بـ”المقدّسة”!
هؤلاء الإعلاميون الشبّيحة لا يجتهدون من تلقاء أنفسهم، بل هم يتكئون على تلك النرجسية المندلعة في نفس السيد نصرالله. هم يداعبونها أملاً بمكاسب شخصية أكبر، من مالٍ وظهور إعلامي، وربما دور سياسي.
إن فكرة “كرم الأخلاق” التي تحدَّث عنها نصرالله في خطابه الأخير هي في حقيقة الأمر عبارة “مسروقة” من الأحاديث الإعلامية التي يُجريها ناصر قنديل ورفيق نصرالله ووئام وهاب وبقية الشلَّة من الطبّالين، فهؤلاء دأبوا على القول إن قبول السيد نصرالله الجلوس مع هؤلاء “العملاء” هو نوع من التنازل.
كثيراً ما استعار نصرالله عبارات معيّنة من مادحيه لاستعمالها على طريقته. وعلينا الاعتراف هنا بأن هذا الرجل يملك قدرة هائلة على تسويق شخصيته. حتى نرجسيته الواضحة نجح في تسويقها لدى جمهوره على أنها نوع من التواضع. وهو في ذلك تلميذ نجيب للدكتاتور الراحل حافظ الأسد الذي كان يُسوِّق لنفسه بأنه شخص متواضع لمجرّد أنه لا يضع رجْلاً على رجْل!! بينما الثلاثة آلاف تمثال له ولأبنائه والتي ملأت ساحات وشوارع سوريا فلا يوجد فيها أي دليل على مرض تورُّم الذات الذي أصابه!
وئام وهاب (الطبّال المفضّل عند نصرالله) اعتاد على مداعبة تلك النرجسية عبر القول إن “السيد قلبه رقيق” وإنه “عاطفي”، لذلك هو “يعفو” عن خصومه بينما هو في وسعه القضاء عليهم خلال ساعات!
النقطة الوحيدة التي يتمّ فيها “انتقاد” نصرالله من قبل طبّاليه وزمّاريه هي نقطة “رقة قلبه” و”تسامحه” و”تواضعه” مع خصومه، وفي ذلك إذكاء لا يخفى لتلك النرجسية.
بات الإعلامي الذي يودّ صعود نجمه بسرعة وزيادة عدد ساعات استضافته على قنوات “المقاومة” يعرف بشكل غريزي بأن مديح شخص نصرالله هو أقصر الطرق للوصول إلى هدفه، وهو المفتاح السحري لكل أبواب الشهرة والمال.
مع مرور الوقت تحوَّلت نرجسية السيد حسن نصرالله إلى جزء من الأزمة السياسية العامة في لبنان، فهذا الرجل الذي بات يعتبر قبوله الجلوس إلى طاولة الحوار مع خصومه السياسيين هو نوع من “المكرمة”، في إهانة صريحة لهم، سدَّ الباب في وجه أي تسوية ممكنة في لبنان. وصارت نرجسيته مشكلة سياسية، تماماً كمشكلة السلاح ومشكلة ترسيم الحدود ومشكلة قانون الانتخابات.
نرجسية نصرالله “الدولية”!
بعد اندلاع الثورة السورية الشعبية في 15 آذار 2011، فاضت هذه النرجسية متجاوزةً حدود لبنان إلى سوريا.
لم يكتفِ السيد نصرالله بتحدّي مشاعر السوريين الثائرين عبر إعلانه الوقوف في صفّ قاتلهم، بل أرسل رجاله لاعتقال ناشطين سوريين فرّوا إلى لبنان وتسليمهم للنظام السوري.
آنذاك قامت الممثلة السورية المعارضة مي سكاف بحركة جريئة (نظراً إلى أن شعبية نصرالله في سوريا كانت ما تزال قوية في ذلك الوقت وكان السوريون يأملون منه أن يُغيِّر موقفه، هو والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي).
كتبت مي سكاف على صفحتها الشخصية مطالبةً نصرالله بإعادة التبرّعات التي كانت أرسلتها إلى جمهوره في حرب تموز 2006، وما زاد الطلب استفزازاً أن من ضمن تلك التبرّعات “بواط” (أحذية).
وبعد انتشار مضمون الرسالة على مستوى إعلامي واسع، سرَّبت مواقع مقرَّبة جداً من “حزب الله” أن السيد حسن نصرالله طلب بنفسه من معاونيه الاتصال بـ”أوساط الفنانة مي سكاف” لإعادة أموال التبرّعات إليها.
كان في وسع “حزب الله” أن يقول إنه هو من تدخَّل في المسألة من دون أن يقحم اسم السيد نصرالله في مسألة كهذه، ولكن هيهات ما دامت مي سكاف قد وضعت يدها مرّة ثانية في “مخزن الصواريخ السرّي” في أعماق السيد نصرالله والذي سبق لجنبلاط – كما أسلفنا – أن وضع يده فيه.
بتاريخ 22 أيار الفائت اختطفت مجموعة سورية أطلقتْ على نفسها اسم “ثوار سوريا – ريف حلب” 11 لبنانياً على الحدود السورية التركية. وكان الشرط الأول الذي وضعه الخاطفون لإطلاق سراح اللبنانيين المختطفين هو اعتذار من السيد حسن نصرالله (بسبب وقوفه ضدّ الثورة السورية)!
للمرة الثالثة، يتمّ امتحان نرجسية حسن نصرالله.
فقد افترض الخاطفون الذين لا يريدون إعتاق اللبنانيين بسهولة بأنهم يطلبون المستحيل: اعتذار حسن نصرالله!! وقد صدق حدسهم فعلاً.
نصرالله لا يمكنه أن يعتذر. إن إزهاق أرواح أحد عشر لبنانياً أسهل عليه ألف مرة من إحداث خدش صغير في مرآة ذاته النرجسية. عصمة الأئمة الإثني عشر في الفقه الشيعي مستمرّة في شخص السيد المعصوم الذي لا يمكن أن يخطئ، وبالتالي لا يمكن أن يعتذر.
اليوم يُرسل نصرالله رجاله للموت في سوريا ثم يُسبغ على مقتلهم صفة “الشهادة”! وهو في التصرُّف يُذكِّر اللبنانيين بـ”الشهيد” اللبناني أحمد المقداد. فهذا “الشهيد” قُتل أثناء محاولته السطو على أحد محلات الذهب في شارع الحمراء ببيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، لكن أهله بدل أن يخجلوا بهذه الميتة، قاموا بطبع أوراق نعوة يُسمُّون فيها ابنهم اللصّ بـ”الشهيد”!!
“شهداء” حسن نصرالله في سوريا (وأُحدِّد في سوريا فقط) ليسوا أفضل حالاً من ذاك “الشهيد” اللص، والسيد نصرالله تقريباً استلهمَ فعلة أهل “الشهيد” اللص، فراحَ يزوّر أيضاً صفة قتلاه القَتَلة في سوريا فيجعلهم “شهداء”.
على مدى الأشهر الماضية من عمر الثورة السورية دأب نصرالله على استفزاز مشاعر السوريين، حتى أنه لم يكفّ عن استخدام التعبير الأشدّ استفزازاً: “سوريا الأسد”. بل إنه – وضمن الخطبة الواحدة – لم يحاول تلافي التناقض الفاقع في موقفه بخصوص ما يجري في سوريا والبحرين، فما إن ينتهي من وصف الثورة السورية بـ”المؤامرة” حتى ينتقل مباشرةً للحديث عن الثورة البحرينية والإشادة بها!
طائفية نصرالله هي نوع من الوطنية، ونرجسية نصرالله هي نوع من التواضع، وألوهية نصرالله هي نوع من التعبّد لله.
لم يعد في وسع نصرالله قراءة مقالة نقدية كهذه المقالة، بعدما سمع ناصر قنديل وهو يقول على “المنار” بأن السيد نصرالله هو الوحيد الذي يُغيِّر المعادلة الدولية بخطاباته!!
سماحة السيد حسن نصرالله… أنت إله، والآلهة مكانها السماء لا الأرض. فلتتركْ لنا هذه الأرض الضيّقة ما دامت لم تعد تتسع لك. السماء بانتظارك… لا تتأخر عليها.
نرجسية حسن نصرالله جزء من المحنة السورية يا اخى لية بتسميها نرجسية انا مش ممكن انسى انة هو ال حرر الجنوب انت نسيت وانة الوحيد ال واقف امام اسرائيل قلى مين واقف امامها بس كلمة حق كمان علشان هو فاهم ان ال بيحصل فى سورية تنظيم اسرائيلى امريكى الهدف منة اولا تدمير الجيش السورى زى ما دمرت الجيوش العربية مثل العراق ثانيا تدمير سورية علشان هى البلد الوحيدة ال تساند ايران العدو الاول والاخير لهما وبتدمير سورية تكون ايران لوحدها ومن السهل تدميرها وتدمير البلاد العربية والاسلامية ال عايزة تحرر فلسطين وبكدة تأمن اسرائيل على نفسها يبقى هو نرجسى على… قراءة المزيد ..
نرجسية حسن نصرالله جزء من المحنة السورية
مهما جرحتم وافتريتم على سيد المقاومة فهو كبيرنا وقدوتنا ولن تنالوا منه انشاء الله و موتوا بغظكم
نرجسية حسن نصرالله جزء من المحنة السورية
اذا كان حسن نصرالله لم يقبل الاعتذار لاطلاق سراح المخطوفين فلان المخطوفين انفسهم لا يقبلون ذلك وبدلا من التهجم على حسن نصرالله لماذا لا تتحدث عن الخاطفين الذين يدعون انهم ثوار والذين اختطفوا اناس ليس لهم ذنب لمعاقبة شخص اخر فلو انهم اختطفوا مسلحين من حزب الله لاختلف الامر ولكنهم اختطفوا مدنيين