هل تجاوزت إمارة قطر حدود “الشطارة” المقبولة في علاقتها مع حليفها الرئيسي في أوروبا، وهو فرنسا؟ وهل تقوم أجهزة الإستخبارات الفرنسية بـ”تسريب” معلومات، أو حتى
“تساؤلات”، حول الدور القطري المشبوه في منطقة “الساحل” الإفريقية؟
وبين التساؤلات، مثلاً، فإن أوساطاً فرنسية شبه رسمية تطرّقت إلى محاولة إغتيال الرئيس الموريتاني التي وقعت قبل أسابيع، أي عشية استعدادات الحملة العسكرية الإفريقية-الغربية المقررة لإخراج “الجهاديين” من شمال مالي. وقد عاد رئيس موريتانيا إلى بلاده بعد فترة علاج في باريس استغرقت أكثر من شهر، وقيل في حينه أن جندياً من حرسه أصابه بطريق “الخطأ”! والتساؤل هو: هل كانت إصابة الرئيس بطريق الخطأ “محاولة إغتيال”، وهل كان لأصدقاء قطر دور فيها؟
وبين التساؤلات أيضاً أن قطر خصّصت مبالغ لترميم جامع “تومبوكتو” الكبير الذي “صادف” أن أحد قادة الجماعات الجهادية يقيم فيه! مما يعني أنه هو الذي “سيتلقّى” الدعم القطري السخي! أو أنها تبرّعت، في عهد ساركوزي، لدفع “فدية” رهينة فرنسي كان مخطوفاً في منطقة “الساحل” للجماعة الجهادية الخاطفة!!
وتأتي هذه التساؤلات وسط إنزعاج واضح من دور قطر، ومطامحها “الخلافية”، عبّرت عنه أوساط شعبية في ليبيا، وفي تونس، وفي سوريا، وفي مصر، وحتى في.. الكويت! وتترافق مع معلومات من مصادر سعودية مفادها أن ديبلوماسيين أميركيين (عشية تأسيس “الإئتلاف الوطني السوري”) وجّهوا تحذيراً قاسياً جداً لدولة قطر، وبلغة “بعيدة جداً عن الديبلوماسية” حول تحالفها مع “الإخوان المسلمين” في سوريا.
بل إن معلومات من قطر تتحدّث عن “إنزعاج” ولي العهد القطري نفسه من محطة “الجزيرة” التي تقود الديبلوماسية القطرية، وعن رغبته في الإستغناء عن خدماتها حينما يخلف والده!
“الكنار انشينيه”: سفير قطر ساخط علينا!
حسب جريدة “الكنار أنشينه” الفرنسية،
أعرب سفير قطر في باريس، “محمد جهام الكواري”، عن سخطه على “الكنار أنشينيه” (أسبوعية ساخرة) في عدد من اللقاءات الديبلوماسية. بل ووصل به الأمر إلى حد نقل استيائه إلى قصر الإليزيه.
وتقول جريدة “الكنار أنشينه”، التي خصّص رئيس تحريرها “كلود أغنيلي” عاموده الأسبوعي اليوم لهذا الموضوع، أن سبب الغضب القطري هو ما تأكيد الجريدة الفرنسية الساخرة بأن هذه الإمارة الغنية، الصديقة لفرنسا “توفّر عوناً مالياً للجهاديين في شمال مالي”.
وتشير “الكنار أنشينيه” إلى أنه في آخر مؤتمره الصحفي الذي عقده مع “بان كي مون” في يوم 9 أكتوبر، فقد حرص الرئيس أولاند على التطرّق إلى الموضوع القطري. وقد استخدم لغة مهذّبة جداً للإشارة إلى “تمويلات إنسانية (!) يمكن أن تقع في أيدي جماعات إرهابية”!
وفي 11 أكتوبر، وأثناء لقاء مع عدد من وسائل الإعلام الفرنسية، عاد الرئيس الفرنسي إلى الموضوع القطري قائلاً أنه أعرب عن قلقه لـ”قطر”، أي لسفير قطر في باريس.
يضيف المقال الرئيسي لـ”الكنار أنشينيه” في عددها الصادر اليوم، 28 نوفمبر، أن انزعاج سفير قطر تزايد حينما قرأ في “الكنار”، بتاريخ 17 أكتوبر 2012، أن جهاز الإستخبارات الخارجية (“دي جي إس أو”) و”الإدارة المركزية للإستخبارات الداخلية” (“دي سي إر إي”) لا تكفّ عن “تحذير الإليزيه” من “سخاء قطر” مع دعاة تطبيق “الشريعة” في منطقة “الساحل” الإفريقي (التي تشمل أجزاء من السنغال ومالي وموريتانيا والتشاد والنيجر والجزائر).
تكذيب وجود
عملاء قطريين في منطقة “الساحل”: نفي “تهمة” لم يوجّهها احد!
وتستغرب “الكنار أنشينيه” أن الصحفي في “الفيغارو”، جورج مالبرونو، أشار في
مدوّنته، بتاريخ ٢٥ أكتوبر، إلى غضب السفير القطري. ثم نشرت جريدة “الفيغارو” مقالاً قصيراً في يوم ٢٦ أكتوبر ذكرت فيه أن “جهاز الإستخبارات الخارجية الفرنسي كذّب (المعلومات) حول وجود عملاء قطريين في شمال مالي.. تمّ إلحاقهم بالجماعات الجهادية تحت غطاء أعذار إنسانية”. وتقول “الكنار أنشينيه” أن هذا “التكذيب” يدعو للإستغراب لأنها هي نفسها، أو أي صحيفة فرنسية أخرى، لم تتحدّث ولو لمرة واحدة عن وجود عملاء قطريين في شمال مالي!
وتختم “الكنار أنشينيه”:
“بالمقابل، حرص جهاز الإستخبارات الخارجية الفرنسي على عدم تكذيب المعلومات المتداولة بأنه حذّر قصر الإليزيه من عمليات توزيع الأموال على الجماعات الجهادية الناشطة في شمال مالي. ولو أراد هذا الجهاز أن يكذّب تلك المعلومات لكان حتماً قد وجَدَ طرقاً “خفية” لتكذيبها”!
إقرأ أيضاً:
أمير قطر: راية “الإخوان” بيمينه وراية “الوهابية” بيساره!
لعبة النفوذ القطرية تثير تحفّظاً واسعاً في العالم العربي
جورج مالبرونو