البقاع – خاص بـ”الشفاف”
تواصلت موجات نزوح السوريين والفلسطينيين الهاربين من مجازر آل الاسد الى لبنان. وعرفت المراكز الامنية اللبنانية ضغطا استثنائيا غير مسبوق لجهة التدفقات البشرية واستمراريتها على وتيرة واحدة منذ خمسة ايام، بمعدل بلغ نحو ١٢ الف نازح يوميا.
ورغم تحول هذة المآساة الانسانية الى حدث عادي بالنسبة للعاملين في المراكز الامنية اللبنانية الحدودية، فقد حذّر مصدر في الشرطة اللبنانية الحدودية من الارتفاع غير المعهود لاعداد النازحين الذي لم يشهد مثيلا له سوى مرة واحدة منذ اندلاع الثورة السورية، وكان ذلك عندما قُتلت مجموعة “خلية الازمة” التي شكلها النظام السوري في هجوم للثوار. ويوضح المصدر ان مراجعة سجلات “الامن العام” خلال الاسبوع المنصرم تظهر حجم الكارثة المتوقّعة في لبنان انسانيا و اجتماعيا وديمغرافيا.
الخوف من ارتفاع أعداد النازحين كان مثار نقاش بين مسؤولي الجمعيات الاهلية المحلية والدولية في مقر أزهر لبنان – مجدل عنجر، حيث عبّر هؤلاء عن عجزهم عن القيام بمتطلبات الاغاثة بما يتناسب واحتياجات النازحين على المدى الطويل.
ولخص أركان اللقاء العقبات التي تعترضهم بالآتي:
استقالة “حكومة حزب الله” من مسؤولياتها الانسانية والتاريخية على هذا الصعيد، والانكفاء المطلق للهيئة العليا للاغاثة عن مهمتها في محافظة البقاع، واكتظاظ امكنة النزوح في مدن وقرى المحافظة، واقتراب فصل الشتاء ومتطلباته لجهة توفير وسائل التدفئة، وحاجة وزارة التربية لعدد من الابنية المدرسية المشغولة حاليا من النازحين، واستحالة بقاء الالاف من النازحين في خيم زراعية خلال فصل الشتاء والثلوج، وانعدام فرص العمل للعمال الزراعيين السوريين.
باختصار , وجد المجتمعون مهمتهم الانسانية امام سلسلة من العقبات غير التقليدية، الامر الذي يتطلب بحثا عن حل يجنب الاف النازحين، ومعهم اللبنانيين، كوارث متوقعة.
احد الناشطين في جمعية اغاثة السوريين في البقاع حذر من تفاقم الاوضاع الانسانية للسوريين، ونبّه الى ان الموضوع قد لا يقتصر على تزايد اعداد الهاربين من بطش النظام الاسدي، بل ربما عمد نظام آل الاسد الى الدفع بموجات بشرية كبيرة في المقبل من الايام بهدف ارباك عمليات الاغاثة وبث الفوضى في صفوف النازحين واستطرادا في المدن والقرى البقاعية. ووجد ان طلائع هذا المخطط لمسناها في الايام الاخيرة وهي تتقاطع الى حد كبير مع نهج وتوجهات حكومة النأي بالنفس عن موضوع النازحين.
ضريبة الأمن العام: ٣٥٠ ألف ليرة لتجديد الإقامة!
ولفت الى ان اغراق النازحين في بحر من الفوضى لا يقتصر على كماشة الاهمال الرسمي اللبناني والاعيب النظام الاسدي، بل برزت مشكلة اضافية مؤخرا يشارك فيها جهاز الامن العام اللبناني الذي فرض على النازحيين بدلا ماديا لقاء تجديد اقاماتهم في لبنان قيمته 350 الف ليرة لبنانية! الامر الذي اثار تساؤلات كثيرة عن سبب هذا الاجراء الذي يطال الالاف من السوريين الذين فروا من احياء دمشق وريفها او من مدن سورية دون امتعة او اوراق ثبوتية أومدخرات مالية لان همهم الاوحد كان البحث عن مناطق آمنة هربا من عصابات وشبيحة النظام الاسدي وجزاريه.
فمثل هذا الاجراء يضيف اعباء مالية ليس على النازحيين فقط، بل على الجمعيات الاهلية الحاضنة لهم. كما انه يضع عوائق امام عودة البعض، ويسبب مشكلات اقلها التوقيف والاعتقال للذين دخلوا لبنان عبر ممرات جبلية خوفا من وقوعهم اسرى على ايد عاصر الحواجز الامنية السورية.
٣ مخيّمات للسوريين!
ازاء هذا الواقع الاليم على المستويات كافة برزت مؤخرا مطالبات لرؤساء بلديات في البقاع، خاصة الاوسط والغربي وراشيا، تقول بضرورة انشاء مخيمات للنازحين في ثلاثة امكنة: الاول بين بر الياس وتعنايل، والثاني بين قريتي المرج وحوش الحرم، والثالث في ضهور الاحمر.
وراى العديد من هؤلاء ان انشاء مخيمات يعتبر حلا مثاليا لأزمة تتنامى بسرعة كبيرة. فامكانات البلديات والجمعيات الاهلية بلغت سقف العجز الفعلي. “فنحن نتوقع الكثير من الازمات والمشاكل شتاء، خاصة وان كل قرية في الاقضية الثلاثة دخلت مرحلة التوازن من حيث عدد الاهالي واعداد النازحين اليها، الامر الذي يضعنا في قلب مشكلة اجتماعية – انسانية اولا، واقتصادية حياتية ثانيا، وديمغرافية لا نعرف لها قراراً ثالثا. لذلك، وجب عدم الاستهانة بالنتائج المتوقعة، لا بل علينا ايجاد الحلول المناسبة قبيل استفحال المشكلة في ظل التوقعات بازمة طويلة في سوريا ونوايا اسدية بضخ عشرات آلاف النازحين مطلع الشتاء الجاري. من هنا ندعو الى تضافر الجهود لاتخاذ قرار سريع يقضي بالتوجه نحو انشاء مخيمات لاستيعاب النازحين القدامى والجدد، مع العلم ان مثل هذه الخطوة تخفف من حجم الاخطار المتوقعة، وتتيح لفرق الاغاثة على اختلافها الاحاطة باحتياجات النازحين السكنية والغذائية والطبية.