بدأت تتضح معالم المرحلة المقبلة التي تخطط لها قوى 14 آذار من اجل استعادة زمام المبادرة والإنتقال من موقع رد الفعل السياسي الى المبادرة السياسية، وذلك بعد الوهن الذي ضرب أمانتها العامة، نتيجة المساعي التوافقية التي أخذت مسميات مختلفة من “مسامحة ومصالحة” الى سياسة “اليد الممدودة”، الى مبادرة “سين – سين” وسواها.
ففي العودة إلى ظروف نشوء الامانة العامة لقوى 14 آذار، يقول قيادي أن الحماس الذي ترافق مع خروج الجيش السوري من لبنان كان قد بدأ يخفت. إذ اعتبرت المكونات الرئيسية لما بات يعرف لاحقا بقوى 14 آذار، على اختلافها، أنها وصلت الى مبتغاها! فـ”الحكيم” خرج من سجنه، والعماد عون عاد من منفاه، و”تيار المستقبل” حقق أول مدماك في مسيرة العدالة للرئيس الشهيد رفيق الحريري، بإخراج الجيش السوري من لبنان وإنشاء لجنة التحقيق الدولية للنظر في جريمة الإغتيال. وتسللت الإستكانة لما اعتبرته هذه المكونات نشوة الانتصار، وساد الاعتقاد لدى الجميع بأن المعركة شارفت على الانتهاء، وأصبح بامكان كل طرف ان يعود الى قواعده لترتيب وضعه الداخلي.
في هذه الاجواء، ارتأى عدد من المستقلين في صفوف “ثوار الارز” عدم تفويت فرصة اللحظة التي اجتمع فيها اللبنانيون من مختلف مشاربهم- حينما توحدوا للمرة الاولى منذ إندلاع الحرب عام 1975، ونزلوا الى الشارع مسلمين ومسيحيين- والسعي لتحويل هذه المناسبة الجامعة الى مؤسسة تحمل اسم 14 آذار. وهكذا تأسست الامانة العامة لقوى 14 آذار التي ضمت ممثلين عن سائر مكوناتها من احزاب “القوات اللبنانية” و “الكتائب”، و”الكتلة الوطنية” و “تيار المستقبل” والمستقلين مثل ميشال معوض والنائب بطرس حرب، الى حركة التجدد الديمقراطي وحركة اليسار الديمقراطي، إضافة الى ممثلين عن الارمن وسواهم.
لاحقاً، بدأ عقد الامانة بالانفراط! فانسحبت “حركة التجدد الديمقراطي”، و”حزب الكتلة الوطنية”. إلا أن الإنسحاب المدوي كان لـ”حزب الكتائب”. ففي حين كانت المواقف السياسية سببا لانسحاب “التجدد الديمقراطي” و”الكتلة الوطنية”، فقد راجت شائعات قيلَ أن “حزب الكتائب” يقف وراءها بأن “الامانة العامة” تستهلك مبالغ مالية قدرتها بأكثر من مليون دولار شهريا! وتم التراجع لاحقا عن هذا الاتهام، ليتضح أن سبب الانسحاب الكتائبي هو المطالبة باستبدال الدكتور فارس سعيد- الذي تم تكليفه القيام بأعمال منسق الامانة العامة بتوافق جميع مكونات قوى 14 آذار- بكتائبي ليحل محله. فيصبح للكتائب مقرين رئيسيين، الصيفي والاشرفية!
وجاء اعتراض “اليسار الديمقراطي” قبل 3 أسابيع، على عدم دعوة الحركة للمشاركة في لقاءات قوى 14 آذار، ليعيد البحث بضرورة تفعيل الامانة العامة، بعد أن أصابها الترهل. وهذا الترهّل كان بين أسبابه إنقطاع التمويل عنها، ما حمل بمنسقها النائب السابق فارس سعيد على تدبر امره من خلال قوى المجتمع المدني لتأمين إستمرار عمل الأمانة وإبقاء ابوابها مفتوحة للمبادرات المدنية التي أطلقتها منذ تأسيسها وحتى اليوم، فضلا عن الاجتماعات الدورية التي تعقد كل يوم أربعاء “بمن حضر”.
“سعيد”، وخلافا للإعتقاد السائد، لم يكن مستفيداً، ولم يعرب يوما عن رضاه على ما آل اليه وضع الامانة العامة، حينما أصبح مستوى الحضور يتدنى تباعا من نواب ووزراء وقياديين الى مسؤولي قطاعات الشباب. فرفع صوته عاليا غير مرة محتجا على إيصال الأمانة العامة الى ما وصلت اليه، إلا أنه، وحرصا منه على الأمانة التي تسلمها بإجماع مكونات 14 آذار، كابر وجاهد للإبقاء على هذا المنبر الضامن لقوى المجتمع المدني في حدود الممكن، وسعى في أكثر من إتجاه لرأب الصدع مع الكتائب وسائر القوى المعترضة من دون ان تلقى مبادراته التجاوب المطلوب.
ومع بروز حركة “اليسار الديمقراطي” الإعتراضية، انطلقت أيضا أصوات المجتمع المدني التي لم تغب يوما عن الامانة العامة، مسجلة إعتراضها على تنظيم “مؤتمر البيال” بمناسبة إحياء ذكرى 14 آذار، والكيفية التي تم من خلالها “اقتسام” المجتمع المدني و”تنصيب متحدثين باسمه” في غفلة عن المجتمع المدني وربما عن الامانة العامة، نفسها!
ورشة إعادة تأهيل صورة قوى 14 آذار بدأت، بعد أن أبدت “القوات اللبنانية” من جهة، و “تيار المستقبل”، من جهة ثانية، تمسكهما بالأمانة العامة بوصفها “حاملة ختم 14 آذار”، وبما هي مشروع سياسي وإطار أوسع يضم الاحزاب المنضوية في هذا التيار السياسي المدني اللبناني العابر للطوائف والحساسيات الحزبية الضيقة.
الورشة بدأت مع تكليف لجنة ثلاثية تضم كل من الوزير السابق النائب مروان حماده، النائب دوري شمعون، والنائب السابق الياس عطالله. باشرت اللجنة اجتماعاتها من اجل وضع تصور شامل لما سيكون عليه النشاط السياسي لقوى 14 آذار في المرحلة المقبلة، أخذين في الإعتبار مجريات الثورات العربية، وخصوصا الثورة السورية، لما لها من تداعيات مباشرة على الوضع الداخلي اللبناني. إضافة الى وضع “المستقلين” عموما داخل صفوف قوى 14 آذار، وخصوصا قوى المجتمع المدني التي بدأت تتظهر أكثر فأكثر من خلال مبادرات جماعية وفردية، لتأخذ حيزا في الحياة السياسية اللبنانية.
ملامح مشروع اللجنة الثلاثية التي بدأت بالظهور حيث يتم العمل على خلق إطار جامع قد يكون تحت مسمى “مجلس وطني” او “هيئة عامة” إذا استمر تحفظ “القوات اللبنانية” على تسمية “المجلس الوطني”، على ان يضم في صفوفه ما بين 300 الى 400 ناشط في صفوف قوى 14 آذار من نواب ووزراء 14 آذار الحاليين والسابقين وحلفائهم، وممثلين عن أحزاب 14 آذار، وعدد من الشخصيات المستقلة التي واكبت وتواكب حركة 14 آذار وممثلين عن قوى المجتمع المدني من نقابات وجمعيات ومنظمات طلابية إضافة الى ممثلين عن الانتشار اللبناني، على ان يكون عضوا في المجلس الوطني حكماً كل من شارك في مؤتمر البريستول سنة 2011، فضلا عن ناشطين وقادة رأي وممثلين عن جمعيات أهلية وصحافيين.
يلتئم هذا “المجلس” او “الهيئة العامة”، مرة كل شهرين كحد أقصى ويعمل على رسم السياسات العامة والمبادرات التي ستحملها أمانتها العامة. يترأس “المجلس الوطني” رئيس لمدة سنتين بعد كان الحديث دار عن سنة واحدة، كما سيكون للمجلس مقره ومكاتبه الإدارية والتنفيذية.
اما الامانة العامة لقوى 14 آذار، فلن تبقى كما هي عليه. فسيتم إضافة مكونات المجتمع المدني الى الهيكلية التي تلتئم حاليا أسبوعيا، في حين لم تتضح الى اليوم ما إذا كانت تغييرات بنيوية بالاسماء سوف تطال هيكلية الامانة الحالية.
مصدر في قوى 14 آذار قال إن ما يجري حاليا من إعادة نظر في هيكلة وبنى هذه القوى تأخر كثيرا، مشيرا الى أن الآوان لم يفت بعد على إنتهاج طريق الهيكلة والإصلاح في معزل عن ملاحظات وتحفظات اي مكون من قوى 14 آذار.
ويضيف المصدر ان الوقت لم يعد يسمح بمراضاة وتحاشي تظهير خلافات من اي نوع كان، فمن لا يرغب في البقاء ضمن صفوف قوى 14 ضمن هذا السقف له ملء الحرية بالخروج عليها.
ويختصر “القافلة ستسير، وعلى من يشاء ان يلحق بركبها”.
14 آذار في اللحظة السورية: إصلاح الهيكلية بات ملحّاً بمن حضر!
مادام النازحين السوريين فارين من بطش العصابات المسلحة كما يدع لانظام الاسد لماذا لا يرسل لهم اعانات ويعيد اعمار قراهم وتخديمها (بدل الانفاق على مشتروات الست اسماء) ولماذا يحرم على حلفائه اللبنانيين الوقوف الى جانب هؤلاء? وعتبي كل العتب على البقية التي توسمنا فيها الخير فلا نرى احدا يزورهم ويؤازرهم ولو معنويا٠ شو جربانين وخايفين تنعدوا منهم٠ حسبي الله ونعم الوكيل