“السيد” محمد علي الحسيني (في أقصى يسار صورة المقال، بين مشايخ “الحزب”..)، المعتقل ظلماً في سجون دولة لبنان، بأمر من “حزب الله”، هو من نوع “عدو نفسه”!
حينما سألنا أحد المطّلعين على قضيّته جاء الجواب صارخاً: “هو من فصيلة الطواويس! (في إشارة ربما إلى صوره التي وزّعها قبل سنوات برفقه “قواته” المسلحة التي تعدّ بالآلاف والتي لا تنتظر سوى إشارة الإنطلاق لدحر إسرائيل..). وهذه “الطاووسية” أدّت إلى تضييق دائرة المدافعين عنه. ومع ذلك، فـ”مظلوميته” (وفق تعبير شيعي شائع) لا شك فيها! كان مقرباً جدا من “السيد حسن” ومدرّساً في “حوزات حزب الله”، ثم انشق عنهم، وله علاقات وطيدة بمنظمة مجاهدي خلق و مريم رجوي بالذات وكذلك علاقات أكثر من طيبة مع المعارضة الأهوازية. لذلك استهدفه حزب الله وبأوامر إيرانية، لأنه أزعج الإيرانيين كثيرا. لا يصدّق أحد عمالته، ولا يشك أحد أيضا بتلفيق التهمة ضده من قبل الحزب تأديبا له بسبب إزعاجه للجمهورية الإسلامية. وقد عمّم الحزب صوره مع “مريم رجوي” و كتب تحتها عبارات مهينة بحقه”!
“مختصر مفيد”!
من جهته، يؤکد رجل الدين الشيعي السيد محمد علي الحسيني، رئيس “المجلس الاسلامي العربي في لبنان”، المتهم بمحاولة التخابر مع العدو، براءته من التهمة الموجهة إليه ويطالب المنظمات الانسانية والحقوقية بزيارته للوقوف على مظلوميته. ويعتبر ان سبب اعتقاله وتلفيق تهمة العمالة بحقه لا صلة له بإسرائيل، بل يعود لمجاهرته برفض مشروع حزب الله، واتصاله بمنظمة مجاهدي خلق و المعارضة العربية في الأهواز. وكان الحسيني الذي ربطته سابقا علاقة مميزة بأمين عام حزب الله حسن نصر الله، كونه أحد كوادره المتقدمين، قد انشق عن حزب الله، و أسس قبل ثلاث سنوات من اعتقاله ما يعرف بـ”المجلس الإسلامي العربي”، وهو هيئة إسلامية عربية مهمتها التصدي لنفوذ حزب الله داخل الطائفة الشيعية في لبنان، ومواجهة تيار ولاية الفقيه في العالم الإسلامي. وبهذه الصفة، فقد استقبله مسؤولو السعودية والبحرين، الأمر الذي قد يكون “ضخّم” خطره في نظر السلطات الإيرانية.
قاضي التحقيق أمر بإخلاء سبيله لعدم توافر أدلّة ضده
وبعد اعتقال دام أكثر من ثمانية اشهر، وصدور أحكام متضاربة في قضية السيد الحسيني، خلص قاضي التحقيق الأول في المحكمة العسكرية القاضي رياض أبو غيدا إلى أنه “لم يرقَ إلينا أي دليل يدين السيد محمد علي الحسيني بالمادة 278 و عليه قررنا منع المحاكمة عنه وإخلاء سبيله”!
لكن ما لبث حزب الله أن تدخل عبر محاميه و قام بفسخ الحكم و إعادة جلسة الإستجواب التي استتبعت بسلسلة من الجلسات صدر عنها حكم بإدانة السيد الحسيني بتهمة حيازة أسلحة دون الحصول على تراخيص أو بتراخيض منتهية الصلاحية، وحكم عليه بالسجن ستة أشهر إضافية! كما أن التهمة الأخيرة التي وجهت إليه قبل إحالة الحكم على التمييز كانت “محاولة التخابر مع العدو” (“محاولة” وليس “فعل” تخابر مع العدو!) والتي قضت بسجنه لمدة خمس سنوات.
والمعروف أن السيد محمد علي الحسيني يقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت في محلة بئر العبد في مبنى يقطن فيه مسؤولون في الحزب، أي ضمن الدائرة الأمنية لحزب الله. وبالتالي فإن كل تحركاته و اتصالاته، وحتى علبة بريده الخاصة، معروفة ومكشوفة لجهاز أمن الحزب. ومع ذلك لم يتمكن حزب الله من الحصول على أدلة قاطعة تدين السيد الحسيني بالإتصال بالعدو، كما حصل مع غيره!
لكنه على ما يبدو قد أزعج نظام الجمهورية الإسلامية فاستعانت بحزب الله لتأديبه. فمنذ انشقاقه عن حزب الله انضوى السيد الحسيني تحت لواء الحركات الدينية الشيعية الرافضة للإستبداد الديني، وخاصة ولاية الفقيه في لبنان وإيران و العراق، وقام بالاتصال بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة لنظام الملالي في طهران، والتقى زعيمتها مريم رجوي في باريس عام 2006. وكانت نتيجة اللقاء ابرام ميثاق عمل سياسي يضم منظمة مجاهدي خلق والمعارضة العربية الأهوازية و كل من يعارض نظام ولاية الفقيه في إيران ولبنان والعالم الإسلامي.
حزب الله، الذي تقلص تدريجيا من حركة مقاومة إلى منظمة إرهابية، باتت أولى أولوياته القضاء على مناوئيه،عن طريق التصفية الجسدية أو المعنوية. لذلك كلما برز معارض لمشروعه يسارع إلى تلفيق تهمة “العمالة بحقه”.
وهذا ما حصل علنا مع السيد محمد علي الحسيني، ومع الشيخ حسن مشيمش. وهذا ما يحصل ضمنا مع غيرهما.. وبشكل يومي!