اللافت في مواجهة التحركات الشعبية والسياسية المتضامنة مع الثورة السورية التي يغلب عليها طابع المشاركة السنية، اصرار المؤيدين للنظام السوري من مختلف الاتجاهات اللبنانية على رفع صورة جامعة للرئيس السوري بشار الاسد والامين العام لحزب الله حسن نصرالله دون غيره من المسؤولين اللبنانيين الحلفاء له او من الفلسطينيين، كما جرى خلال مواجهة تجمع دعت اليه الجماعة الاسلامية امام السفارة السورية، وهو ما يستجلب المزيد من الشرخ اللبناني في النظرة الى ما يجري في سورية، هل هو مؤامرة تستهدف سورية كما يقول النظام السوري وحلفاؤه، ام ثورة شعبية كما يقول معارضو النظام ومؤيديهم؟ على ان الاصرار على حمل صورة نصرالله في كل تظاهرة مؤيدة للنظام السوري في لبنان، يقابله حرق متزايد لاعلام حزب الله وايران من قبل معارضي النظام في سورية، بل باتت اعلام حزب الله تحرق في لبنان كما جرى في البقاع وطرابلس قبل ايام.
ووسط تصاعد المواجهة في سورية، تبقى العلاقة متدهورة بين حزب الله وتيار المستقبل، و تزداد حال النفور اخيرا في الاوساط الشعبية السنية من حزب الله بسبب موقفه الداعم للنظام السوري، ويواكب هذا النفور صدور مرتقب لاسماء جديدة متهمة في قرارات صادرة عن المدعي العام دانيال بلمار في جريمة اغتيال الحريري، في جرائم متصلة بها. فبعد اتهام 4 عناصر من حزب الله واقرار حزب الله بحصول خرق امني لجسمه العسكري والتنظيمي، يبدو حزب الله في وضع لا يحسد عليه، وهو ذهب اخيرا وبعد هذه المخاطر ذات البعد الاستراتيجي، نحو عملية داخلية ادت الى اجراء تغييرات في بعض المواقع الامنية، في ظل بروز اصوات داخلية خافتة تتساءل عن حجم التورط الذي قد يكون بعض الامنيين ذهب بعيدا في الاجتهاد بها، وادت الى جعل حزب الله في موقع المتهم في ملفات امنية. وفي هذا السياق ومع تزايد الضغوط الخارجية والمحلية، تفاقمت المخاوف لدى بعض القيادات الامنية وفي مفاصل حساسة من ان تكون كبش فداء في معركة متشابكة لم يعد فيها العدو معروفا بل صار في وجوه متعددة.
انطلاقا من هذه المخاطر التي تواجهه، يبدو حزب الله عاجزا عن ادارة عملية الحد من الخسائر، فالمقاومة ضد سرائيل التي كانت رافعة الحزب عربيا واسلاميا، تفقد اليوم وهجها ودورها مع الموقف الضد من الثورة السورية فحزب الله الذي تلمس حجم الخسائر السياسية والمعنوية من موقفه هذا في الشارع العربي، غير قادر على ادارة هذه المواجهة بما يحفظ له مكانة كان يفخر بها، بسبب انهماكه بازالة المخاطر التي صارت في قلعته. من هنا يمكن فهم انكفائه نحو التهويل من مخاطر السلفية او التهديد المذهبي، وهو ان لم يكن بارزا في بياناته الرسمية، الا انه حاضر بقوة في التعبئة الداخلية ولدى الجمهور الشيعي الذي يتحصن به.
اذا لبنان امام اختبارات سياسية محلية واقليمية، اختبار مواجهة ادارة العلاقة مع الاحداث السورية، الى الملفين الامني والاقتصادي في لبنان، ومحاولة الحد من الانقسام الداخلي عبر اعادة النبض للحوار الوطني، والتعامل مع القرار الظني والاتهامات التي يتوقع ان تصدر تباعا في جرائم اغتيال الحريري وجورج حاوي وغيرهم… هذه العناوين وتشابكها محليا واقليميا، يفتح الباب امام احتمال ان تشهد الساحة الداخلية توجيه رسائل سواء في اتجاه النظام السوري، عبر تزخيم الاحتجاجات في لبنان اعتراضا على القمع الذي يمارس ضد الشعب السوري ويمكن ملاحظة توسع جغرافية التحركات من الشمال الى صيدا ومناطق البقاع الاوسط. في مقابل محاولات حثيثة من قبل الحكومة لاظهار قدرتها على الامساك بمفاصل السلطة وتحكمها بادارة شؤون البلاد رغم التباينات التي تبرز بين الحين والاخر بين فرقائها.
ورغم حرص حزب الله مع الحكومة التي نجح في قيامها وتشكيلها، على المحافظة على الاستقرار، ومنع تدهور الاوضاع امنيا واقتصاديا، الا ان الانقسام السياسي، وحجم الصراع الذي يحيط بسورية، الى التحديات التي يفرضها مسار المحكمة الخاصة بلبنان كل ذلك يجعل من لبنان تحت ضغط شديد يرشحه لمزيد من الضعف على مستوى الدولة ومؤسساتها، ويجعل حزب الله في “بوز المدفع” اللبناني لأنه أولاً مدافع شرس عن النظام السوري ولأنه يمسك بالسلطة، ولأنه متهم باغتيال الحريري- و”بوز المدفع” قد لا يتّسع لأربعين ألف صاروخ…
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد