القاهرة (رويترز) – جابت مقاتلات سماء القاهرة في حين واجه المصريون حالة من الفوضى في شوارعهم يوم الاحد مع محاولة قوات الامن والمواطنين العاديين ايقاف اللصوص بعد ايام من احتجاج شعبي يطالب بانهاء الحكم الشمولي للرئيس حسني مبارك الممتد منذ 30 عاما.
وقبيل دقائق من بدء سريان حظر ليلي للتجوال رأى شهود عيان مقاتلات تجوب سماء القاهرة ومرقت فوق ميدان التحرير بوسط المدينة.
وخلال الليل شكل سكان القاهرة الذين تسلحوا بالهراوات والسلاسل والسكاكين مجموعات لحراسة مناطقهم من اللصوص بعد انسحاب قوة الشرطة التي لا تحظى بالشعبية بعدما خلفت اشتباكات مع محتجين اكثر من 100 قتيل.
وبحلول الصباح كانت شوارع العاصمة خالية الى حد بعيد بينما تولى الجيش حراسة وزارة الداخلية ووضع المصريون ثقتهم في الجيش املا في أن تعيد قواته النظام وألا تفتح النار على المتظاهرين لابقاء مبارك (82 عاما) الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في السلطة.
وتجمع أكثر من ثلاثة الاف متظاهر يوم الاحد في ميدان التحرير الذي اصبح نقطة تجمع للتعبير عن الغضب من الفقر والقمع والفساد في مصر. وردد المتظاهرون “الشعب يريد اسقاط مبارك”.
كما ردد محتجون “حسني مبارك عمر سليمان كله عميل للامريكان” مشيرين لقرار تعيين سليمان رئيس المخابرات نائبا للرئيس في أول قرار من نوعه منذ تولى مبارك الرئاسة قبل 30 عاما.
وكان ذلك هو المنصب الذي يشغله مبارك قبل ان يصبح رئيسا وقد يعد بذلك الساحة لانتقال السلطة. واعتبر كثيرون ذلك انهاء لطموحات ابنه جمال التي طال توقعها بشأن خلافة والده.
وهتف محتجون “يامبارك يامبارك الطيارة في انتظارك.”
ويوم الاحد هو يوم عمل عادي في مصر لكن البنك المركزي امر باغلاق البنوك. كما اعلنت البورصة المصرية انها ستظل مغلقة يوم الاثنين.
واحدثت هذه الاضطرابات التي لم يسبق لها مثيل صدى في انحاء الشرق الاوسط حيث ربما يواجه حكام شموليون اخرون تحديات مماثلة وهزت اسواق المال في انحاء العالم.
وقالت شهود عيان ان الشرطة السودانية قامت بضرب واعتقال طلاب في وسط الخرطوم بينما خرج متظاهرون الهمتهم الاحداث في مصر الى شوارع المدينة مطالبين باستقالة الحكومة.
وحملت الاحتجاجات بصمات الاضطرابات التي اطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل اسبوعين رغم ان وصول قوات الجيش لتحل محل الشرطة اظهر ان مبارك لا يزال يحظى بدعم الجيش اقوى قوة في مصر.
ووقفت دبابات ومجنزرات الجيش في جنبات الشوارع في القاهرة لحراسة البنوك والمباني الحكومية ومقر وزارة الداخلية. واشتبكت قوات الامن مع المحتجين الذين حاولوا مهاجمة المبنى ليلة السبت.
وقال ضابط بالجيش لم يرد نشر اسمه لرويترز “امنا وزارة الداخلية هذا الصباح واجلينا افراد الامن. الوزارة خالية. نحن هنا مهما استغرق ذلك من وقت.”
ويؤثر هذا الاضطراب والشغب على صناعة السياحة في مصر وقالت السفارة الامريكية يوم الاحد انها تعرض توفير رحلات الى اوروبا لاجلاء المواطنين الامريكيين الراغبين في مغادرة البلاد.
وفي اسرائيل قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الاحد انه يتعين على اسرائيل ان تمارس المسؤولية وضبط النفس في مواجهة الاضطرابات في مصر واعرب عن امله في استمرار الاستقرار والعلاقات السلمية مع مصر اول دولة عربية تصنع معها سلام.
وفي تطور منفصل قالت مصر انها اوقفت البث عبر القمر الصناعي نايل سات لارسال قناة الجزيرة الفضائية التي تعرض في انحاء العالم العربي صورا للمظاهرات التي تنظم في القاهرة والسويس والاسكندرية وكذلك اساليب الشرطة القاسية في التعامل مع المتظاهرين.
وعطلت الحكومة خدمات الانترنت والهاتف المحمول لمحاولة عرقلة خطط المتظاهرين. وحثت رسائل عبر موقع تويتر يوم الاحد المصريين على التجمع في ميدان التحرير لمواصلة رسالتهم المناهضة لمبارك.
في غضون ذلك تعكف الولايات المتحدة والقوى الاوروبية على مراجعة سياساتها في الشرق الاوسط وهي التي ايدت مبارك طوال 30 سنة تغاضت خلالها عن وحشية الشرطة والفساد مقابل توفير حصن منيع ضد الشيوعية اولا ثم التشدد الاسلامي الان.
وفي القاهرة كان اكبر خوف مباشر من النهب في الوقت الذي انهار فيه النظام العام كله. واقتحم غوغاء المتاجر والبنوك ومتاجر الذهب والمباني الحكومية.
والحق لصوص اضرارا باثنتين من المومياوات في المتحف المصري.
وفي شارع رئيسي بحي المعادي قضت مجموعات من الرجال الليل عند حواجز اقاموها من اعمدة الانارة القديمة وقطع الاخشاب. وتجاهل المواطنون حظر التجول الليلي الى حد بعيد.
وفي مفارقة ملحوظة وقف جنود من جيش مبارك بجانب دبابات كتب عليها عبارات “يسقط مبارك. يسقط المستبد. يسقط الخائن. الفرعون يخرج من مصر. كفاية.”
وسئل احد الجنود كيف تسمح قوات الجيش للمحتجين بكتابة شعارات مناهضة لمبارك على مركباتهم فقال “هذه عبارات كتبها الشعب … انها اراء الشعب.”
وعبر السكان عن املهم في ان تستعيد قوات الجيش النظام.
وقال صلاح خليفة وهو موظف بشركة للسكر “الناس خائفة من هؤلاء الخارجين على القانون في الشوارع الذين ينهبون ويهاجمون ويدمرون.”
ورضخ مبارك للمحتجين وعين نائبا للرئيس لاول مرة وهو عمر سليمان الذي كان مديرا للمخابرات. ويرى كثيرون ذلك بانه نهاية لطموحات نجله جمال لتولي السلطة.
ويقول مصريون ان التغييرات ستظل بلا معنى الى ان يرحل مبارك.
وقال خليفة “جميع هذه التغييرات التي اجراها ما هي الا مسكنات. الناس لا يريدون مبارك بعد الان. الناس تريد التغيير… هو لا يريد ان يرحل. هو سفاح.”
وفي واشنطن قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بي.جيه. كراولي انه لا يمكن للحكومة المصرية الاكتفاء “باعادة ترتيب الاوراق.”
ومثل تونس يطالب الشبان المصريون ومعظمهم عاطلون ومحبطون بسبب الظلم على يد نخبة فاسدة وجشعة باستبعاد كامل للحرس القديم وليس مجرد تعديل حكومي.
وقال فواز جرجس من كلية لندن للاقتصاد “العالم العربي يعيش لحظات مماثلة لما شهدته برلين.”
واضاف “الجدار الاستبدادي انهار وهذا بغض النظر عما اذا كان مبارك سيبقى.”
وكان يوم السبت اكثر ايام الانتفاضة الخمسة دموية. فقد قتلت الشرطة 17 شخصا في محافظة بني سويف جنوبي القاهرة. وتشير تقديرات عديدة الى ان عدد القتلى بلغ 100.
*
الموضوع السابق:
المصريون يحرقون مراكز الأمن والضرائب “التي طالما ظُلموا فيها”!
القاهرة (رويترز) – قال شهود عيان ان أعمال الحرق والنهب والقتل تفشت في محافظات مصر في اليوم الخامس لاحتجاجات الغضب التي طالبت بانهاء حكم الرئيس حسني مبارك وأجبرته على تعيين نائب له ورئيس جديد لمجلس الوزراء السبت.
ولاحظ مراقبون أن أعمال الحرق والنهب استهدفت مؤسسات اشتكى مصريون لسنوات من أنهم ظلموا فيها ومن بينها أقسام ومراكز الشرطة ومقار مباحث أمن الدولة ومقار الحزب الحاكم والمجالس الشعبية المحلية ( برلمانات القرى والمدن والمحافظات) والمحاكم ومقار تحصيل الضرائب ومكاتب تحرير فواتير المياه.
وقال شهود ان محتجين أحرقوا يوم السبت مركز الشرطة ومقر مباحث أمن الدولة ومجلس المدينة واستراحة رئيس مجلس المدينة بمدينة رشيد احدى مدن محافظة البحيرة في دلتا النيل.
وقالوا ان المحتجين استولوا على أسلحة وذخائر قسم الشرطة ومقر مباحث أمن الدولة.
وقال شاهد ان خارجين على القانون اختلطوا بالمحتجين.
وتشهد مصر منذ يوم الثلاثاء احتجاجات حيث نزل عشرات الالوف الى الشوارع مطالبين بانهاء حكم الرئيس حسني مبارك.
وفي محافظة بني سويف أشعل محتجون النار في مجلس مدينة ناصر. مقتل 17 خلال محاولتين لاقتحام قسمي شرطة مصريين
وقال شهود عيان ان 17 محتجا قتلوا وأصيب عشرات اخرون برصاص الشرطة خلال محاولتين لاقتحام قسمي شرطة في مدينتي ببا وناصر بالمحافظة.
وتبدو عمليات الحرق والنهب والقتل منظمة.
وقال شهود ان محتجين أشعلوا النار في قسم شرطة أول أسيوط بمدبنة أسيوط في جنوب مصر. وقال شاهد ان المحتجين ألقوا زجاجات حارقة على قسم الشرطة وان الشرطة ردت بضربهم بقنابل الغاز المسيل للدموع.
وقال شاهد اخر ان محتجين قاموا بتخريب ونهب مقر حي شرق أسيوط.
وتحدث أعمال الحرق والنهب والقتل في غياب تام تقريبا لقوات الامن التي صار باديا أنها تبخرت بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات العنيفة مع المحتجين في القاهرة ومحافظات شمال البلاد.
وأشعل محتجون النار يوم السبت في مقر الحزب الوطني والمجلس المحلي ومجلس المدينة في مدينة سفاجا في محافظة البحر الاحمر بحسب شهود.
وفي محافظة القليوبية شمالي القاهرة أشعل محتجون النار في مركز الشرطة بمدينة طوخ واعتدوا على رجال الشرطة في المركز بحسب الشهود.
وقال شاهد ان المحتجين أشعلوا النار في مقر اقامة المحافظ بمدينة بنها عاصمة المحافظة ونهبوه.
وفي مدينة الاقصر السياحية اقتحم محتجون استراحة الضباط بالمدينة وحطموا أثاثها بعد هروب قاطنيها.
وفي محافظ الدقهلية بدلتا النيل أحرق محتجون مقر الحزب الوطني في مدينة شربين بالكامل. وقال شاهد “المقر تفحم.”
وفي محافظة الغربية أحرق محتجون مركز شرطة المحلة الكبرى ومقر مباحث أمن الدولة في مدينة المحلة الكبرى.
وقال شاهد ان بعض الجنود هربوا بأسلحتهم من معسكر الامن المركزي في مدينة المحلة الكبرى التي قتل شخصان فيها خلال مصادمات مع الشرطة.
وعين مبارك يوم السبت مدير المخابرات العامة عمر سليمان نائبا له فيما أوحى بأنه اختاره خليفة له. كما اختار قائدا سابقا للقوات الجوية لتشكيل حكومة جديدة.
وأشعل محتجون النار في المحكمة الابتدائية في مدينة كفر الشيخ بدلتا النيل.
ومنذ يومين تشتعل النار في مجمع محاكم الجلاء بوسط القاهرة.