إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
سيرة “إزميرالدا”، بطلة كتاب فيكتور هوغو، “البؤساء”، كانت ربما الموضوع الأطرف في زيارة رئيس حكومة لبنان، سعد الحريري، إلى إيران. لكّنها، وفقاً لمصادر إيرانية ولبنانية مطّلعة، لا تلخّص الزيارة التي كشفت، عبر طلبات المسؤولين الإيرانيين، بعض من تعانيه إيران من جرّاء العقوبات الدولية.
وكان آية الله علي خامنئي، أثناء لقائه بسعد الحريري، قد شبّه لبنان بالجميلة “إزميرالدا” التي يشتهيها الجميع مما اضطرّها لحمل “شفرة” للدفاع عن نفسها. و”إزميرالدا” في الحالة الراهنة، وحسب الملا الإيراني، هي لبنان، الذي تطمع فيه إسرائيل ولا يحميها منه “حزب الله” الذي، حسب خامنئي، سيظلّ موجوداً حتى تدمير إٍسرائيل!
الحريري: لبنان قاوم قبل حزب الله!
وبغضّ النظر عن وقاحة الحاكم الإيراني، الذي “قرّر” نيابةً عن حكومة لبنان بأن حزب الله “باقٍ حتى تدمير إسرائيل”، فقد أجاب السيد سعد الحريري بأن لبنان “بلد مقاوم” وأن المقاومة فيه بدأت في الماضي مع الشيوعيين والقوميين العرب (رفيق الحريري كان واحداً منهم..) والبعثيين، ولاحقا.. حزب الله”! وأضاف الحريري في ختام المقابلة أنه، على هذا الحال، يخشى “أن تقدم إزميرالدا على الإنتحار”!
<img1683|center>
تضيف المصادر أن الجانب الإيراني فضّل الإبتعاد عن موضوع المحكمة الدولية إثر نشر تقارير صحفية عن إحتمال توجيه إتهام دولي لقائد “قوة القدس”، الجنرال قاسم سليماني! بالمقابل، لم يكتم الإيرانيون عدم إرتياحهم لخروج الصحفي “مصطفى ناصر” من الحلقة المقرّبة من سعد الحريري! وقد فسّروا إبعاده كإشارة إلى قطع الصلة بين الحريري وحسن نصرالله!
البنزين و”طيران الشرق الأوسط”
وقد ركّزت المصادر الإيرانية واللبنانية على الجانب الإقتصادي في الزيارة، باعتباره كان الموضوع الذي كان يهمّ الإيرانيين بالدرجة الأولى. ولاحظت المصادر أن صُهرَ الرئيس أحمدي نجاد، “إسفندياري مشائي” طلب مساعدة الحريري في جملة امور للنهوض بالاقتصاد الإيراني الذي يترنح تحت ضربات العقوبات الدولية المتنامية. ويُعتبر مشائي “محافظاً براغماتياً” ويركّز على “إيرانية” إيران على حساب “إسلامها”!
وطلب “مشائي”، المثير للجدل في إيران نفسها، من الحريري مساعدة إيران لحل أزمة “البنزين” المستورد بعد أن تضاعفت أسعاره في السوق الداخلي. ومن المعروف أن إيران لا تملك المصافي الكافية لتأمين حاجاتها من النفط الخام الذي تصدّره.
كما طلب “مشائي” أن تقوم شركة “طيران الشرق الأوسط” بسدّ العجز الذي تعاني منه شركة الطيران الحكومية الإيرانية التي تعاني نقصا فادحا في الصيانة وقطع الغيار ما تسبب في تقليص حجم الرحلات الجوية التي تقوم بها من والى طهران. مما يعني أن تسيّر الشركة اللبنانية رحلات إلى “يريفان” بأرمينيا، وأذربيجان، ودول أخرى.
<img1684|center>
طهران عينها على مصارف بيروت!
ولم تقتصر الطلبات الايرانية من الحريري على ما سبق. فقد طلبت طهران تسهيلات مالية خصوصا في ميدان التحويلات المالية لتمويل الاقتصاد الايراني، مشيرة الى ان كلفة التحويلات الحالية عبر دبي تكلف قرابة أربعين في المئة في حين انها عبر لبنان تبلغ 3،5 في المئة.
وعرضت السلطات الايرانية على الحريري ان ترفع بنوك بيروت هذه النسبة الى 7 في المئة على ان تعمل السلطات الايرانية في المقابل الى إعتماد المصارف اللبنانية لجميع التحويلات المالية من والى ايران.
وأضافت المصادر ان السلطات الايرانية أقرت لرئيس الوزراء اللبناني بالصعوبات التي تواجه الاقتصاد الايراني، خصوصا التعاملات التجارية مع الخارج التي كانت تتم عبر “يريفان” و”دبي” و”ماليزيا”، مشيرة الى ان العقوبات بدأت تحاصر طهران عبر هذه المنافذ، وأن هناك حاجة ماسة لايجاد مخارج بديلة. وأضافت ان لبنان يمثل الملاذ الآمن للإقتصاد الايراني من خلال نظامه المصرفي القوي والمتين والخبير في التعاملات المالية مع الاقتصادات العالمية، وقدرته على مواجهة الازمة الاقتصادية العالمية.
وفي السياق نفسه، طلبت السلطات الايرانية من الرئيس الحريري ان تتخذ الحكومة اللبنانية قراراً بإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين على غرار ما هو جارٍ بين لبنان وتركيا، من اجل تسهيل حركة تنقل الافراد ول”التعمية” على عمليات تبييض الاموال المقترحة!
ماذا كان جواب الحريري؟
المصادر الإيرانية واللبنانية تقول أن الرئيس الحريري رد على طلبات السلطات الايرانية بأن لبنان يلتزم القرارات الدولية وهو لا يستطيع ان يقدم أي تسهيلات مالية أو تجارية أو سواها تنتهك قانون العقوبات مهما كانت المغريات!
وأضافت المصادر ان الحريري رد على طلب إلغاء التأشيرات بالقول أن التبادلات التجارية بين لبنان وتركيا مرتفعة للغاية وميزان التبادل التجاري بين البلدين متوازن ويمر عبر المؤسسات الرسمية وغرفة الصناعة والتجارة، في حين ان المعاملات التجارية بين لبنان وطهران لا تمر عبر اي مؤسسة رسمية وهي في اتجاه واحد. وأضاف الحريري: “وانتم تعرفون تحديدا اين تذهب اموالكم في لبنان”!!
وعلّقت مصادر لبنانية بأن الحريري (الذي يعرف أن مآل زيارته سيكون موضع “تدقيق” من أكثر من دولة غربية!) أعطى الجواب المناسب لأن تورّط لبنان في تلبية طلبات إيران في قضية التحويلات المالية يمكن أن يعرّض بيروت لما تعرّضت له إمارة “دبي”! وحسب هذه المصادر، فإن ما حلّ بـ”دبي” من “ويلات” لم يكن بعيداً عن تجاهلها للضغوط الأميركية السابقة لتخفيف علاقاتها المالية والإقتصادية مع طهران!
روابط ذات صلة
غضنفر ركن ابادي ديبلوماسي شاطر يحاول إنقاذ إقتصاد بلاده عبر بوابة لبنان