عودة جميل السيّد اليوم إلى لبنان توفّر “مؤشّراً” للموقف الحقيقي للنظام السوري من الأجواء “الإنقلابية” السائدة الآن في لبنان. وكنا قد شكّكنا في عودته لأنه كان غادر لبنان على وجه السرعة.. مع عائلته.
السؤال الثاني يتعلّق بمغزى عدم عودة رئيس الحكومة، السيد سعد الحريري، إلى بيروت حتى الآن، خصوصاً أنه كان متوقّعاً أن يقابل المبعوث الأميركي جورج ميتشل مساء أمس الجمعة. ولكن اللقاء لم يحصل لأن رئيس الحكومة ظلّ في السعودية.
والأهم، ربما، هو أن حزب الله وصل، حسب ما يقول نوّابه، إلى درجة أنه “لم يعد يتحمّل” إستمرار الوضع القائم، وأنه يريد إسقاط المحكمة الدولية، وقرارها الدولي الذي سيتّهمه حتماً، بأي شكل من الأشكال. الحزب “متوتّر” وميّال للعنف، خصوصاً أنه يتخوّف من “مؤامرة” سعودية- سورية لتبرئة نظام الأسد وتحميل الحزب وإيران مسؤولية الجريمة الكبرى. “توتّر” الحزب يمكن أن ينفجر في عملية “إنقلابية” داخلية، أو في تصعيد عسكري على الحدود. وفي الحالين، اللبنانيون يدفعون الثمن!
“الشفاف”
*
على الرغم من اعلان اللواء المتقاعد جميل السيد عزمه على القدوم الى لبنان اليوم السبت وعقد مؤتمر صحفي غداً الاحد، إلا أن مصادر لبنانية ما زالت تشكك في إمكان عودة اللواء المتقاعد خصوصا بعد دخول حزب الله على خط القضية القانونية التي افتعلها وردّ المحكمة الدولية عليه بأنها صاحبة الاختصاص بالنظر في قضيته.
كلام السيد الاخير اعتبرته المصادر اللبنانية ذو شقين: الاول سياسي، والثاني قضائي بإمتياز، وهو انجز ترتيب وإعداد ملفاته القضائية بطريقة تستجيب لمعايير القانون الدولي فحقق مراده من دون ان يسجل اي انتصار قضائي او قانوني. فالمحكمة التي كيلت لهاإاتهامات “عدم المهنية” و”المسيسة” و”الكيدية”، وما الى هنالك من نعوت اسبغتها عليه قوى 8 آذار والسيد نفسه، وصولا الى شتم قضاتها من قبل محاميه علنا وفي جلسة علنية، اثبتت انها لا تتعاطى سوى القوانين. ومن هنا اصدرت حكمها الذي يجيز للسيد الاطلاع على الاوراق والثبوتيات التي أدت الى توقيفه و “إطلاق سراحه” حسب ما جاء في القرار.
ومع صدور قرار القاضي فرانسين، الذي جاء مخالفا لتوقعات السيد، وأربابه في قوى 8 آذار، نزعت المحكمة المزيد من الاوراق الوهمية والمزورة من ايدي المتطاولين عليها وأحرجت الجميع من دون ان تدخل معهم في لعبة في استدراجها الى سجالات تحرف التحقيق عن مساره الاصلي، ليصبح تحقيقا في شهود الزور (!) بدلا من التحقيق في كشف هوية مرتكبي جرائم الاغتيال في لبنان.
ومع صدور هذه القرار ايضا اعتبرت مصادر لبنانية ان حزب الله وأمينه العام اصبح في موقع حرج إضافي حيث تتهاوى أوراقه في هذا الملف الواحدة تلو الاخرى. فما الذي سيقوله نصرالله في المحكمة الآن؟ هل هي اسرائيلية واميركية وصهيونية وُجدت لضرب المقاومة وهي تسلم ربيبه جميل السيد الاوراق التي بنى عليها نصرالله وحزبه والسيّد حلقات من مسلسلات اضطلع الامين العام لحزب الله حسن نصرالله شخصيا بإذاعتها؟!!
مهلة “الحزب للإنتهاء من المحكمة الدولية
ويرى المراقبون في لبنان ان حزب الله وصل الى الخط الاحمر في موضوع المحكمة الدولية. وهذا ما كشفه النائب عن الحزب حسن فضل الله في اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية حين اعلن عن “مهلة تنتهي نهاية الشهر الجاري”، للخلاص من المحكمة وإلا فـ “إن الحزب سيتصرف بطريقة مختلفة”!
الطريقة المختلفة التي سيتصرف من خلالها الحزب لا تتوقف عند حدود الانقلاب على الدولة والدستور. ويرى المراقبون ان تهديدات الحزب وجدت ضالتها في القرار القضائي بجلب اللواء جميل السيد الى القضاء لسماع افادته في تهديداته ضد الاجهزة الامنية ورئيس الحكومة، حيث أعاد الحزب الى الأذهان فوراً موقفه من القرارين السابقين لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعزل قائد جهاز امن المطار وفيق شقير وشبكة اتصالات حزب الله الامر الذي ادى الى غزوة بيروت من قبل الميليشيات الشيعية في حزب الله وحركة امل في السابع من ايرا من العام 2008. واليوم، دخل الحزب على خط القرارات القضائية. فـ”أمر” بالعودة عن قرار جلب السيد لسماع افادته واعلن عن حشود حزب الهية لملاقاته في تحدٍّ سافر للقضاء اللبناني ولمؤسسات الدولة. في حين اعلن القضاء اللبناني عدم استعداده للتراجع عن قراره. وهذا ما يضع البلاد امام مأزق مواجهة جديدة مع حزب الله وميليشياته تنذر بما يشبه أحداث 7 أيار لتنتقل الى “سبعين 7 ايار” حسب ما كان هدد الحزب سابقا.
سعد الحريري في خطر!
وفي هذا السياق يرى المراقبون ان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استشعر الخطر الداهم فقرر مغادرة البلاد وعدم العودة طالما ان الظروف الحالية لم تجد حلولا لها تثني حزب الله عن الدخول في مغامرة جديدة رأى المراقبون انها تهدف الى فرض إقامة جبرية على الرئيس الحريري وإملاء المواقف عليه تحت طائلة تهديد حياته الشخصية والبلاد والعباد.
وإنطلاقا مما سبق يبحث المراقبون عن الدور السوري في إفتعال هذه الازمة وموقف دمشق منها التي اعلنت عن دعمها للرئيس الحريري ولمعارضيه، ودخلت في اتفاق ثلاثي مع المملكة العربية السعودية كسبت منه التراجع عن اتهامها السياسي بالضلوع في اغتيال الحريري من دون ان تساهم في ردع ازلامها في لبنان عن التعرض للسلم الاهلي وزعزعة الاستقرار. خصوصا ان رؤوس الحملة على الرئيس الحريري والحكومة، اللواء المتقاعد جميل السيد، والعماد عون، سعـّرا حملاتهما بعد لقاءات مباشرة بين السيد والرئيس السوري بشار الاسد، وبين الوزير جبران باسيل والاسد ايضا!
شكوك حول عودة “السيّد” وأسباب أمنية لبقاء الحريري في السعودية
الحبيب — soukra.soukra@laposte.net
مقال صهيوني سخيف لا يستحقّ التعليق والدّليل أنّ لم يعلّق أحد قبلي