ما من شيء يعطيه صفة “البارد” سوى عبور نهر البارد جنوبه، فالمخيم الواقع شمال مدينة طرابلس، بين بلدات المنية وبحنين والعبدة والمحمرة، يعيش منذ الحرب بين الجيش اللبناني و”فتح الاسلام” والى الأن، على صفيح ساخن.
كل شيء في المخيم المحاط بنقاط تفتيش معززة للجيش اللبناني عدة وعتادا وصلاحيات، يبدو ساخنا، بل قابلا للانفجار… وكل شيء داخل المخيم المحدد حاليا بحدود ما يسمى بالمخيم الجديد، يبدو ايضا ساخنا لكن ليس قابلا للانفجار، بل هي حرارة ارادة البقاء المتقدة والمتجهة نحو حياة تتحدى الموت وحركة اعمار ذاتية خرجت من الدمار وبمشاريع تربوية وتثقيفية وترفيهية ذات بعد اجتماعي تتحدى محاولات بث الاحباط في نفوس الناس، وحركة تجارية خجولة تحاول اعادة المخيم سوقا للبلدات المحيطة ومنطقة عكار لحظة ان يفك الحصار عن “البارد”.
والمخيم الجديد هو عبارة عن الاراضي المحاذية للموقع الذي انشئ عليه المخيم القديم في مطلع خمسينيات القرن الماضي بواسطة وكالة غوث وتشغيل اللجئين الفلسطينيين “الاونروا”، وقد اشترى الفلسطينيون اراض خارج الموقع الذي استأجرته “الاونروا” بعدما ضاق بهم المخيم، وبنوها على نفقاتهم الخاصة.
لحظة ولوج المخيم، يخيل للداخل ان ما فيه ليس سوى بضع عائلات لم تستطع ان تجد مأوى في مكان اخر، فالمكان منطقة عسكرية تدخلها بواسطة اذن مسبق صادر عن مخابرات الجيش اللبناني، ومحاط بالحواجز التي توقف الداخل وتسأل عن الاذن والهوية وتجري تفتيشا دقيقا، وبالعساكر المتواجدين اين اتجهت حتى داخل المخيم.
أما البقعة الحاضنة للمخيم الاساسي فمسيجة بشريط شائك ومحرمة على اي كان ما عدا الجيش والبلدوزرات التي يمكن رؤية واحدة او اثنتين فقط تعملان لازالة ركام المنازل المدمرة، بعد ان اوقفت شكوى تقدم بها وزير الاتصالات وعضو التيار الوطني الحر (العوني) جبران باسيل العمل في موقع يزعم ان تحته تقع مدينة فينيقية، وهو ادعاء ينفيه خبراء اثارات وخرائط فلسطينيون.
الموقع يبدو وكأن زلزالا مر به، والدروب التي باتت اشبه بلعبة “بازل”، تعرف اين تبدأ ولا تعرف اين تنتهي، غير معبدة وفيها من الحفر اكثر مما عليها من سيارات.
وعلى الرغم من ملاحظة منازل على اطراف المخيم مبنية، الا ان منازل متضررة بشدة لم ترمم بعد، وثمة مئات المساكن المؤقتة من الصفيح منتشرة في اكثر من بقعة، تعيد الذاكرة الى اللجوء الأول لكن بـ”حضارة” القرن الواحد والعشرين.
فكرة واحدة، سلبية، تعشعش في الدماغ بعد تحليل مشاهد الدخول الى المخيم، لكن يفاجأ الزائر بكل شيء عند التوغل اكثر في العمق.. الناس في عطلة نهاية الاسبوع في منازلها ويمكن اشتمام رائحة المشاوي من بعضها، وامام كل منزل هناك من يجلس على كرسي او يتبادل اطراف الحديث وقوفا مع اخرين، وفي داخلها نشاط عادي: اعداد طعام وزوار وقهوة وشاي، وفي واحد منها رسام وروائي وقيادي حزبي يمارس العطلة رسما وكتابة، وفي مركز اطفال يدرسون او يلهون وشبان وفتيات يقدمن يد المساعدة ومستوصف طبي يستقبل المرضى. وفي الاحياء تنتشر بقاليات ومقاه ومقاهي انترنت… كأنها بقعة حياة في واحة رطبة بقلب صحراء قاحلة.
لنزرع الأمل
ميلاد شاب عصري دائم الابتسام والحركة، الكل يريد منه شيئا داخل “مركز الشباب الفلسطيني التفاعلي”، الكبير يسأله كيف يتصرف والصغير يطلب منه شيء ما، وهو يلبي فيما يوزع ابتسامته على الجميع.
ولدت فكرة المركز عقب البدء بالعودة الى المخيم.. يقول مروان عبد العال: كان سؤال الشباب، ماذا يمكن ان نفعل؟.. أما الجواب فكان: لنزرع الأمل في هذه الارض المحروقة.
من فكرة اعطاء الأمل ولد المركز.. وانقسم دوامه على فترتين: صباحية للتلاميذ تساعدهم مدرسات ومدرسين متطوعين ومختصين، على فهم المواد الدراسية والتقوية للصفوف العالية وفهم مشاكل الاطفال والمراهقات والمراهقين. وفترة مسائية خاصة بالشباب، وهي مساحة حرة تمتد من مشاهدة التلفزيون الى ممارسة الرياضة واجراء نقاشات عامة، ضمن حدود الاداب العامة وبحيث على الفرد ان يقبل الاخر، بغض النظر عن الخلاف في وجهات النظر. الان المركز يفتح 24 ساعة.. وهو، كما يقول محمد، احد العاملين في المركز والناشطين في المخيم: منزل ميلاد حيث ينام ويعيش.
يؤكد نضال ويوافقه محمد ان ميلاد حالة مميزة لارادة البقاء، والمركز نموذجا لثقافة مقاومة تتحدى ارادة الاحباط وثقافة التجهيل.
وفي المخيم عدد من العيادات بعضها يستقبل المرضى نهارا، فيما عيادة الهلال تستقبل المرضى 24 ساعة وكذلك مستشفى الأمل التابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ولأن العلم والتعلم من خاصيات اللاجئين الفلسطينيين الذين لا زالوا يمتلكون نسبة من الاعلى في العالم للمتعلمين، فإن من أول المؤسسات التي اعيد احياؤها مدرسة الاونروا التي تكتظ بالطلاب.
تجارة مع وقف التنفيذ
المعروف ان مخيم نهر البارد كان مركزا تجاريا مهما للبلدات المحيطة ولمنطقة عكار بكاملها، وقد امتلك سوقا كبيرة ومتنوعة يكاد ان يجد المرأ فيها كل ما يمكن استهلاكه من مطعم وملبس وادوات ووسائل راحة ولهو وتعليم … الخ.
كانت السوق ضحية الحرب، اسوة بالمخيم كله. دمر الشارع العريض الذي يقسم المخيم الى قسمين، واحرقت معظم المباني المحاذية للطريق وتلك المتعمقة داخل الاحياء السكنية، لكن رغم ان الحرب وضعت اوزارها قبل سنة.. يمكن رؤية اثر الحرائق الى الان على ارضيات وجدران واسقف المنازل، واللافت هنا ان الحرق كان مفتعلا ولا علاقة له بالحرب من قريب او بعيد كون الجيش دخلها من دون اي مقاومة.
ومثل طائر الفينيق الخارج من الرماد، اعيد بناء المحال التجارية وفتحت ابوابها، لكن من دون زبائن. يقول احد التجار: الامل بالعودة الى سابق عهدنا في ان نكون مركزا تجاريا للمنطقة يجعلنا نبدأ حتى من دون زبائن.. ولا بد ان تخفف الاجراءات من حولنا، ويمكن للجميع التحرك من الداخل الى الخارج ومن الخارج الى الداخل، وتعود الحركة الى طبيعتها.
الشارع العريض الان تقل حركة المرور فيه وهو شبه خال على الرغم من ان المحلات مفتوحة، وهو قبل الحرب كان بالكاد يستطيع المرء ان يمر بسيارته فيه.
لكن التأثير السلبي لم يطاول المخيم وشارعه التجاري فحسب، فما يعرف بشارع المنية الذي كان مشهورا بالازدحام بات يمكن للاولاد ان يلعبوا فيه من دون الخشية من مرور سيارة واحدة. والقرى المحيطة لم تتمكن من ان تكون بديلا، فلا اسواق فيها، اما اهالي المنطقة ومنطقة عكار فأصبحوا يضطرون الى الذهاب الى طرابلس للتسوق.
يقول نضال: ما من وسيلة ليكون اي موقع اخر خارج المخيم سوقا كما كانت سوق المخيم، فالتجار هنا متساهلون جدا، كان بإمكان سكان المحيط ان يستدينوا من متاجر المخيم ويسددوا دينهم اخر الشهر، لكن لا احد في مكان اخر يمكنه ان يعاملهم بالمثل.. الفقراء اللبنانيون والموظفون الذين كانوا يستفيدون من سوق المخيم لم يعد لديهم ما يعوضهم عنه.
الضغط يولد الانفجار
حرارة ارادة الحياة تلك والحيوية الملفتة تتحول الى عيش على صفيح ساخن قابل للانفجار ما لم يسرع المعنيون بتنفيذ ما اعلن عند فتح المعركة وانتهائها من ان العودة ستكون سريعة وكريمة، فالعودة لم تكن كريمة والاعمار تقاس سرعته “سلحفائيا”.
مروان عبد العال، رئيس لجنة البارد مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان وعضو مكتبها السياسي يقضي نهاية الاسبوع في منزله، يمارس شغفه الخاص بالرسم التشكيلي والكتابة الروائية، يقول ان منزله كان من اوائل المنازل التي استولى عليها الجيش في اول ايام المعارك، وكان يظهر كثيرا في الصور التي تلتقط من بلدة المحمرة المحاذية للمخيم وهو بحالة جيدة وبجانبه دبابة للجيش، اذ كان المنزل مقرا لاحدى وحداته المقاتلة، لكن بعدما انسحب الجيش وسمح للناس بالدخول وجده مثل كل المنازل الاخرى في المخيم الجديد التي لم تدمر وقد احرق تماما، بفعل فاعل وليس بسبب الحرب.
يكرر سكان الحي القصة ذاتها، بل ان احياء اخرى.. بل كل احياء المخيم الجديد، تتكرر فيها حكاية الحرق المتعمد. والكلام يدعمه ما تراه العين من بقع سوداء صعب ازالتها بالمنظفات العادية، ولا يمكن ازالتها الا بإزالة البلاط ووضع ارضيات جديدة بالكامل.
كل تلك المعاناة كان يمكن نسيانها، فخاصية الفلسطيني نسيان ما فعله به “اخوه” العربي على امتداد مساحة الأمة من المحيط الى الخليج: الاخوة يخطئون لكن يبقون اخوة، هكذا يفهم الفلسطيني العلاقة مع العربي الاخر.
لكن رغم كل ما حصل خلال وعقب المعركة من تدمير غالبيته بلا مبرر، فإن ما يجري الان من انتهاك للحريات وللكرامات على الحواجز قد يطيح نهائيا بالخاصية الفلسطينية المسامحة والتسامحية.
كي يتمكن القاطن او الزائر من دخول المخيم، يتوجب استخراج تصريح من مركز مخابرات الجيش في العبدة، وهو امر يمكن انجازه بين اسبوع وشهر.. او قد لا ينجز في بعض الحالات.
واحدة من القصص الطريفة ان رامي قرر الزواج، وهو من فئة اللاجئين فاقدي الاوراق الثبوتية، واعمامه وابناء وبنات عمومته في الاردن. اراد ان يبرهن لعروسه ان لديه ايضا عائلة، فدعا 30 من الاعمام وابنائهم وبناتهم، وشرع في تأمين كل الاوراق اللازمة لاستخراج التصاريح اللازمة.
تفاجأ في مركز المخابرات بطلب غريب، اذ على المدعويين الثلاثين ان “يتفضلوا” شخصيا الى المركز ويقدم كل منهم اوراقه ويجري التحقيق معه، ثم بعد اسبوع.. او ربما اكثر.. يبلغوا ما اذا كان لديهم موافقة على دخول المخيم.
الوضع مستحيل، فما كان من رامي الا ان ابتدع حلا، استأجر بموجبه منزلا خارج المخيم لاسبوع للضيوف، وطيلة الفترة الفاصلة عن العرس كان يضطر الى الخروج اليهم كي يزوروه ويتعرفوا على خطيبته، ثم استأجر صالة في الخارج، وكان العرس الذي اراده اقل تكلفة، قد حمله اعباء مالية على حساب فرش منزل الزوجية.
نموذج اخر هو الشاب خليل الذي فقد تصريحه الخاص، فهب الى مركز المخابرات على طرف المخيم ليبلغ عن فقدانه خوفا من ان يستخدمه اي احد اخر، لكنه طيلة 3 اسابيع استمر في التوجه يوميا الى المركز حيث يحقق معه ليكرر القصة ذاتها ويطلب منه العودة غدا او بعد غد.
مل خليل اخيرا وقرر انه ليس بحاجة الى الخروج من المخيم، لانه اذا خرج فسيحتاج اذا اراد العودة تصريحا فقده وفقد الأمل في استخراج بديل له.
من “الارهاب” الى الترهيب
عندما يُسأل اهل المخيم عن كيفية وجود ارهابيي “فتح الاسلام” في المخيم، وسبب تأففهم الان من حواجز الجيش والاجراءات، لا يحتاج اي منهم كثيرا ليجيب: الحواجز نفسها كانت موجودة قبل ان ينتقل تنظيم “فتح الاسلام” الى المخيم، فلماذا لم يمنع الجيش عناصر التنظيم الارهابي من الدخول؟
لا يحتج سكان البارد على الحواجز نفسها التي الفوها منذ سنوات، ولا على عمليات التفتيش، لكن على الطريقة التي يعاملون بها على تلك الحواجز. ففي كثير من الاحيان تفقد قيم الاحترام والتعامل الانساني مع العابر لمجرد كونه فلسطيني ولأن مزاج العسكري المكلف نوبة الحراسة “معكر” او لأن انتماءه السياسي خارج مؤسسته يغلب على واجبه الوطني.
هكذا يبرر بعض اهل المخيم بعض الصلافة التي يلاقونها خلال دخولهم الى مكان اقامتهم، لكن ما من أحد يجد اي مبرر لحوادث يسردونها بمرارة تجعل المستمع يخشى ما يمكن ان ينتج اذا ما تراكمت تلك المرارة، وهنا بعض تلك الحوادث كما يرويها اناس عاشوها، خصوصا ثلاثة انعكاسها المستقبلي غاية في الخطورة:
1 ـ حافلة الاطفال: في ايلول الماضي، دعي اطفال من مؤسسة “نبع” في مخيم نهر البارد الى نشاط مشترك مع اطفال لبنانيين نظمته بلدية عكار بهدف تصفية تركة الحرب والعمل على محوها من ذاكرة الاطفال الفلسطينيين واللبنانيين والتأسيس لمستقبل مماثل لماضي التعايش بين المخيم والجوار والمنطقة برمتها، وعند عودة الاطفال بواسطة حافلة خاصة استأجروها من دون ان يعرفوا ان سائقها مطلوب، تم ايقافهم وانزلوا من الحافلة وشهر السلاح بوجههم وبوجه الاهالي الذين اتوا الى الحاجز بعد ساعتين من انتطار قدوم ابنائهم، وسمع الاطفال والاهل صنوف الكلام المسيء، واختبروا بدل العيش المشترك ترهيبا غير مبرر.
2 ـ حافلة سبلين: بعد اقل من شهر، وعند وصول حافلة مستأجرة وفيها 20 تلميذة من معهد سبلين في اقليم الخروب قرب صيدا ومعهن 5 تلاميذ اعمارهم تتراوح بين 15 سنة و19 سنة الى حاجز للجيش عند مخل المخيم، فحصت الحافلة بواسطة الة الكترونية اصدرت صوتا فجرى انزال كل التلاميذ وشرع احد الجنود بتفتيش حقيبة احدى الفتيات، اللواتي ينمن في القسم الداخلي للمعهد، فاحتج واحد من التلاميذ، لأن في اخلاقيات سكان المخيمات ان تفتيش رجل ثياب فتاة، خصوصا اذا كانت ثيابا داخلية، عيب وغير اخلاقي، وكان الجواب اولا شتائم ثم اعتداء من الجندي تحول الى اعتداء جماعي من افراد الحاجز على الفتى الذي حاول رد اعتداء الجندي، واستخدمت في الاعتداء اعقاب البنادق، وسط صراخ الفتيات وتدافع بعد ان وجه السلاح نحوهم، ففقدت احداهن الوعي جراء الخوف، فاتصلت الفتيات بوالدها الذي جاء على عجل ليجد ابنته مطروحة ارضا.
فقد الوالد، كما روى قصته بنفسه، اعصابه وبدأ بشتم الفصائل الفلسطينية “التي اوصلتنا الى هذه الحال” بصوت عال، والمفاجأة كانت ان الجنود وجهوا اسلحتهم اليه وكذلك شتائمهم المشينة، فأحاطت الفتيات بالوالد ليقينه من اي اعتداء، فيما كان يسحب ابنته بعيدا عن الموقع.
الفتى الذي تعرض للضرب استدعي الى مركز لمخابرات الجيش وبقي يومين هناك حيث تعرض لضرب عى وجهه ورقبته، قبل ان يطلق سراحه.
3 ـ العصا الالكترونية: احد سكان المخيم كان عائدا ووالدته الى المنزل، وعند الحاجز اصر جندي على تفتيش الوالدة بواسطة العصاة الالكترونية، ما يعني تمريرها على جسد المرأة، وهذا امر معيب برأي الشرقيين ايضا، فما كان منهما الا ان غادرا وباتا ليلتهما عند اقارب في مكان اخر.
تلك نماذج عن بعض ما يحصل.. لكن لماذا لا يتحرك الناس ويحتجون؟
يقول والد الفتاة وبعض اهالي الاطفال انهم يخافون ان تحركوا ان يعاقبوا من خلال تلفيق تهم اليهم او منعهم من العودة الى المخيم، او ان يتعرضوا لزيارات عناصر المخابرات في منازلهم حيث تستحيل “عيشتنا جهنما”.
يروي نضال ان التجاوزات المسيئة بلغت حدا دفع اهل المخيم الى مهاجمة بعض مراكز الجيش بالحجارة، اكثر من مرة، وقد وعدوا اخيرا بتخفيف الاجراءات، لكن عند كل وعد كانت الاجراءات تتفاقم.
يقول احد سكان المخيم، انهم باتوا يخشون في كل مرة يزور مسؤول لبناني المخيم او يعد مسؤول اخر بتخفيف الاجراءات ان تتعقد الاجراءات اكثر، ويقولون انه قبل حادثة حافلة سبلين كان نائب رئيس جهاز مخابرات الجيش عباس ابراهيم زار المخيم واجتمع بمسؤولي الفصائل واللجنة الشعبية ووجهاء ووعد بتسليم امن المخيمات في غضون اسبوعين او ثلاثة الى قوى الامن الداخلي وبتخفيف الاجراءات كثيرا الى حينه.
تعقب فتاة على ذلك قائلة: “ارجوكم ابلغوهم (المسؤولين اللبنانيين) ان لا يقدموا اي وعد وان لا يزوروننا لاننا نخشى ما يمكن ان يجرى بعد ذلك”.
يجري كل ذلك وسط تعتيم اعلامي كبير، فكثير من الحوادث سربت الى الصحافة، ولم يجرؤ اي صحافي على نشرها، او ان وسيلة الاعلام التي يعملون بها رفضت النشر، ثم ان احد المواطنين قام بتصوير تظاهرة ضد ممارسات الحواجز وتأخر الاعمار، فتلقى زيارة استخباراتية نصحته بمحو كل ما صوره.. والا.
خطير جدا شعور فلسطينيي البارد بأنهم متروكون، وخطير صب غضبهم على الفصائل، فمن الممكن ان تستغل الوضع جماعة ارهابية وقد تجد هذه المرة تأييدا شعبيا.
الناس باتوا يجاهرون بطرح فكرة ان “فتح الاسلام” لم تكن سوى ذريعة لتدمير المخيم “والا فلماذا احرقت منازل المخيم الجديد، الذي سقط مباشرة عند بدء المعارك بعد ان انتهت الحرب؟”.
ثمة سؤال على جانب كبير من الاهمية والخطورة طرحه نضال، قال: لماذا زج بجنود من البلدات المحيطة ومن عكار في المعارك ليقتلوا هناك ويتحول الجوار الحسن والعيش المشترك اللبناني ـ الفلسطيني الى كراهية من جانب ذلك المحيط للمخيم الذي ابتلي بالارهاب ولم يرده.. من هو الذي اعطى امرا بأن يكون الجنود من المنطقة، ولماذا؟.
يسأل كثير من ناس المخيم، الم يكن المخيم اساسا محاطا بالجيش قبل الحرب وبالتالي كيف سمح للارهابيين بالدخول والان هل الاجراءات هي لمنع دخول الارهابيين ام لاهانة كرامة قاطني المخيم وتحويلهم كلهم الى مشاريع ارهابيين او حاضنات ارهابية؟