شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي حليف للولايات المتحدة وجار لإيران، بتشديد المراقبة على موظفي الدولة والمقيمين الأجانب بسبب مخاوف من تسلّل عملاء إيرانيين.
وقد حدثت مناقلات في الوظائف الحكومية التي يُشغلها بعض المواطنين الإماراتيين وبعض المقيمين، كما تم تجريد سواهم من مسؤولياتهم، وفقاً لمصادر مطّلعة على الموضوع. وتضيف المصادر أن بعض العاملين في القطاع الخاص الذين يُشتبه بأن لديهم صلات بجماعات مؤيدة لإيران قد أقيلوا من وظائفهم.
وأثار هذا التوجّه مخاوف من أن حكومة الإمارات ربما كانت تستهدف الشيعة كخطر محتمل لمجرّّد أنهم يعتنقون نفس المذهب مثل الإيرانيين، وليس على أساس أدلّة صلبة تثبت علاقاتهم بحكومة إيران.
وقام رئيس مجلس النوّاب اللبناني، السيد نبيه برّي، بزيارة “أبو ظبي” يوم الثلاثاء لبحث موضوع ترحيل 44 لبناني، جميعهم من الشيعة، مع عائلاتهم، خلال الصيف.
وقد نفى رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد، أن يكون هنالك أي تمييز ضد الشيعة، وأكد حق بلاده السيادي في الدفاع عن نفسها. وقال للسيد برّّي أن “الإمارات لا تستهدف أية جنسية، أو دين، أو طائفة، أو فئة”.
وقد شعرت دولة الإمارات ودول الخليج الصغيرة الأخرى الحليفة للغرب بالقلق في السنوات الأخيرة من أنها يمكن أن تصبح أهدافاً ثأرية لطهران في حال القيام بعمل عسكري أميركي أو إيراني ضد برنامج إيران النووي. وهذا ما دفعها لشراء صواريخ دفاعية ونُظُم مراقبة لحماية حدودها.
وتركّز دولة الإمارات على أوضاع الداخل الآن بسبب ما يصفه مسؤولون حكوميون بأنه تهديد أمني “كبير”: وهو إمكانية أن تقوم “خلايا نائمة” مرتبطة بإيران بأعمال تخريب في قطاعات حسّاسة مثل الطاقة، والمصارف، والنقل.
وابتداءً من شهر مايو، أعطي جهاز الأمن الإماراتي الداخلي صلاحية الموافقة أو عدم الموافقة على جميع التعيينات الجديدة والترقيات والمناقلات الجديدة في كل الوزارات والأجهزة الحكومية، وليس فقط في ما يتعلق بالمناصب الحسّاسة التي كانت تتطلب موافقة أمنية منذ سنوات. وهذا ما يرد في نص تعليمات حكومية اطّلعت عليها “وول ستريت جورنال”.
جدير بالذكر أن عشرات الألوف من الإماراتيين والمقيمين يعملون في وظائف حكومية. إن أكثر من 80 بالمئة من العاملين في الإمارات هم من الأجانب، وغالباً ما يشغل أجانب وظائف إستشارية ووزارية رفيعة المستوى. وليس واضحاً كم يبلغ عدد الأشخاص الذين تأثّروا بالسياسة الجديدة.
وقال مصدر حكومي أن تعليمات شهر مايو، التي أصدرتها وزارة الشؤون الرئاسية، كانت جزءاً من مجهود متواصل لتحسين الأمن الوطني، وليست ردّاً عل تهديد إيراني محدّد.
ولكن مسؤولاً حكومياً، ومصدراً آخر مطلع على الوضع، قالا أن التخوّف من إيران هو حافز البرنامج الجديد. وقال المسؤول الحكومي: “المحور هو طهران”.
وكانت العائلات الحاكمة “السنّية” قد اتبعت، على العموم، سياسة تعاون مع طهران، رغم نظرتها الحذرة إزاء حكومتها “الشيعية”. إن إيران والإمارات شريكان تجاريان كبيران. ومع ذلك، فقد تعاونت الإمارات مع الجهود الدولية من أجل تطبيق العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
وتعود التوتّرات السياسية بين الجارين إلى عدة سنوات. فقد أثار دعم إيران لقضايا الشيعة في الشرق الأوسط، بما في ذلك تمويل جماعات جهادية مثل “حزب الله” في لبنان، مخاوف أمنية وتوترات طائفية على مستوى المنطقة كلها. ويطرح مسؤولون من الدول العربية السنّية تسغاؤلات حول مدى ولاء الشيعة العرب، زاعمين أن معتقداتهم الدينية يمكن أن تجعلهم يتأثرون بالنفوذ الإيراني، وذلك رغم الفورق العميقة، الثقافية واللغوية، بين العرب والفرس.
وحسب ناطق حكومي إماراتي ، قامت دولة الإمارات، إبان الصيف الفائت، بترحيل 44 رجلاً لبنانياً مع عائلاتهم بسبب الإشتباه بعلاقاتهم مع حزب الله.
وأضاف الناطق أن المطرودين، الذين كانوا يعملون في القطاعين الخاص والعام، قاموا بإرسال مبالغ نقدية صغيرة لجماعات مرتبطة بحزب الله في لبنان.
من جهتهم، يقول المواطنون اللبنانيون الذين تحدّثت معهم مراسلة الجريدة أنه لم يتم تجديد إقاماتهم في الإمارات لأنهم رفضوا طلبات من جهاز الأمن الإماراتي بالتجسّس على حزب الله. وقال “حسين عليان”، وهو لبناني شيعي فَقَدَ إقامته في شهر يوليو بعد أن عمل في الإمارات لمدة 22 سنة: “أبلغونا أننا لم يعد مرغوباً بنا”. وقال أنه لم يتبرّع بمال لحزب الله.
ويرد الناطق بلسان دولة الإمارات بأن تلك الإتهامات لا أساس لها من الصحة. وقال مسؤول آخر أنه يجري إبعاد الأشخاص المرتبطين بجماعات إسلامية عن الوظائف الحكومية، بما فيهم أفراد كانوا يقيمون علاقات مع جماعات سنّية متشددة مثل “الإخوان المسلمين”.
ويعلّق إماراتيون من الطائفة الشيعية بأن المناخ المتسامح الذي كانوا يتمتعون به في السابق بدأ يتغيّر. وقال أحد الإماراتيين الشيعة البارزين: “لدينا إنطباع بأن الحكومة باتت تشكّك بولاء مواطنيها الشيعة”.
كتب الموضوع “مارغريت كوكير” و”ندى رعد” (من بيروت)