اكد الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس ان الدولة العبرية ليست معنية بحرب مع لبنان”، لافتاً الى “ان كل الخلافات بين الجانبين يمكن حلها عن طريق التفاوض”، وكاشفا ان إسرائيل “تعلم بوجود 80 الف صاروخ في حوزة حزب الله”، ومتسائلا عن الغاية من حشدها، ومشككا في اهداف الحزب ومبررات وجوده.
وقال بيريس في حديث الى صحيفة “الراي” الكويتية يُنشر غداً ان “حزب الله يعمل لمصالحه الخاصة” وسيجد دائماً مبرراً لمواصلة سياسته في مواجهة اسرائيل حتى لو انسحبت من مزارع شبعا وقرية الغجر اللبنانية.
وهل ستفضي التهديدات المتبادلة بين مسؤولين إسرائيليين و”حزب الله” الى حرب؟ أجاب: “مَن يحتاج “حزب الله”؟ وما الهدف من وجوده؟ لقد تسلم بلدا رائعا مثل لبنان وكسر عظامه، وشكل قوة موازية لجيش لبنان ودولة داخل الدولة. ونحن متأكدون من انه يأخذ الأموال والدولارات من ايران، وما هي الغاية انا لا افهم. هل هي سياسية ام دينية؟”، مضيفاً: “كان لدى لبنان طموح بان يكون سويسرا الشرق ولم لا؟ لكن بدل ان يصبح سويسرا الشرق اصبح ايران المنطقة. هذا الحشد الضخم من الصواريخ (80 الف صاروخ) غير متناسب وغير حكيم. لكن بقدر ما اعلم، فليس عند اسرائيل ادنى طموحات في اي بوصة من ارض لبنان او قطرة من مياهه، وليس لدينا طموحات في لعب اي دور سياسي في لبنان، وكانت علاقاتنا جيدة في الاصل مع اللبنانيين الشيعة والسنة والدروز، وكان لنا اصدقاء جيدون هناك، وكل مشكلاتنا حُلت من دون حروب، وقبلت اسرائيل قرارات الامم المتحدة، وقال الامين العام للامم المتحدة ان اسرائيل نفذت كل قرارات المنظمة الدولية. واذا كانت هناك مشكلة اخرى فيمكن لنا ان نجلس حول الطاولة ونحلها، ومن اجل حلها لسنا بحاجة الى 80 الف صاروخ، وهذه الصواريخ قد تجلب كارثة على رؤوس اللبنانيين، لان الحرب الاخيرة جلبت كوارث على لبنان غير ضرورية بالمرة. ونحو 1000 من اللبنانيين فقدوا ارواحهم، والكثيرون اصبحوا لاجئين، ودمرت المنازل، لكن من اجل ماذا؟ ومَن ربح نتيجة لذلك؟ الامين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله يلقي خطابا كل شهر واصبح هذا الخطاب مصدرا للتسلية، ويستمع اليه حشد كبير وهو يقول: سنقصف تل ابيب او لن نقصفها، ويضيف: ان اسرائيل اذا قررت دخول الحرب، فهذا دليل على انها لن تحارب. هذا ليس تسلية للجماهير”.
وهل أخرت الشبكات الكثيرة التي اكتشفت في لبنان بتهمة العمالة لإسرائيل، الحرب التي تنوي شنها كما يشاع كون “حزب الله” غيّر الأهداف؟ اجاب: “لا أعلم عن التجسس، لكن اذا لم يكن هناك “حزب الله”، فلن تكون هناك حاجة للتجسس، وليست هناك حاجة لاننا نعرف الحقائق الاساسية وهي حقائق مكشوفة، فنحن نعرف ان الاسلحة يتم تهريبها من سوريا الى لبنان وان الايرانيين يقومون بالتمويل، وهناك خبراء ايرانيون، لذلك ليست لنا مصلحة في هذا الشأن”.
وقيل له: إذا انتقم “حزب الله” لمقتل المسؤول العسكري في الحزب عماد مغنية في أي مكان من العالم، هل ستردّ إسرائيل بضرب أهداف معينة في لبنان؟ فأجاب: “لا اعرف ما الانتقام الذي تتحدث عنه، فمغنية نفسه قاتِل كبير ومَن يقتل يكون هدفاً للقتل، وكان مسؤولا عن العمليات الخاصة، ولا احد يعرف من الذي قتله، ولا توجد ادلة على ان جهة معينة هي التي قتلته، ومن الواضح انه اذا هوجمت اسرائيل فستدافع عن نفسها”.
وسئل: ألا يسحب الانسحاب الإسرائيلي من قرية الغجر ومزارع شبعا ذريعة المقاومة التي يتبناها “حزب الله” في الجنوب ؟ قال: “لا يوجد لدى “حزب الله” اي مبدأ، فهم يدافعون عن وجودهم. وهم بحاجة الى مبرر، وسيجدون ذريعة اخرى لانه ليست لديهم غاية يسعون اليها. الجيش اللبناني قادر على الدفاع عن نفسه، والاميركيون يحاولون تقوية الجيش اللبناني، لذلك فمن الذي يحتاجهم؟ اعني ان عليهم ان يبحثوا عن سبب لوجودهم، انهم يخدمون انفسهم، ولا يخدمون اي هدف اسلامي او عربي او لبناني يمكنكم التفكير فيه. أودّ لو ان احدا يوضح لي الغاية التي يسعون الى تحقيقها. انهم ينفقون اموالا طائلة ويهددون استقلال لبنان، لكن من اجل ماذا؟”.
وما جدية تهديدات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للبنان في حال شارك “حزب الله” في الحكومة المزمع تشكيلها؟ أجاب: “لا اعتقد انهم سيهاجمون (نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك ) اي جهة الا اذا تعرضت اسرائيل للهجوم”.
ورداً على سؤال عن المحادثات غير المباشرة مع سوريا، وهل هناك وساطة لعقد قمة بينه وبين الرئيس بشار الاسد، قال: “انا متأكد ان سوريا تريد فوائد السلام، لكنني غير متأكد من انها مستعدة لدفع ثمن السلام. تريد ان تدفع اسرائيل ثمن السلام وتأخذ هي فوائده، وتريد ان تنسحب اسرائيل من الجولان لكنها لا تريد ان تتخلى عن “حزب الله” ولا تريد التخلي عن ايران، هذا امر غريب”.اضاف: “على السوريين ان يوجّهوا الى انفسهم سؤالين: هل هناك شروط مسبقة قبل المفاوضات؟ اذا كانت لديهم شروط مسبقة، فنحن لدينا شروط مسبقة، وهي ان يوقفوا دعمهم لـ “حزب الله” المدعوم بقوة من سوريا، ووقف تهريب الاسلحة الى لبنان، وان يتوقفوا عن منح مقر لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل، فمشعل يجب ان يكون في غزة وليس في دمشق، ولماذا يستضيفونه في دمشق؟ هل من اجل سلامته؟ ولو انه اقام في غزة فربما يصبح اكثر اعتدالا، كسائر الغزاويين”.
تابع: “(…) لقد وضع السوريون 3 شروط مسبقة، ونحن عندنا 3 شروط مقابِلة. يمكن ان تجري مفاوضات مباشرة اذ ما الحاجة الى وسطاء؟ نحن نعرف المشكلات وهم يعرفون المشكلات والقرارات يتخذها قادة البلدين، فما الحاجة الى مفاوضات غير مباشرة؟”.
وهل توقفت المفاوضات السورية – الإسرائيلية عبر القناة التركية، بعدما أرادها نتنياهو أن تكون مفاوضات مباشرة، أم هناك مفاوضات سرية مع سوريا عبر وسطاء آخرين؟ أجاب: “اعتقد ان السبب يعود الى الاحداث التي وقعت في غزة، وعلى اي حال فان الطريق الافضل هو اجراء مفاوضات مباشرة . وقد اقترح الرئيس المصري الراحل انور السادات على الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد ان يذهب معه الى كامب ديفيد وكان سيحصل على نفس ما حصل عليه السادات. لم يستخدم السادات وسطاء، واستغرقت رحلته من القاهرة الى القدس ساعة واحدة. وهذه الساعة وهذه المبادرة غيرت وجه الشرق الاوسط. والسؤال هو لماذا يخجل الاسد او خائف من التحدث الينا او الالتقاء بنا؟ يمكن ان نذهب الى دمشق او يأتي الى القدس. لا توجد حاجة لوسطاء بيننا”.
وهل هو مستعد للذهاب الى دمشق او الرياض او الكويت من اجل عملية السلام؟ أجاب: “لم لا ؟ انا مستعد للتوجه جوا او بحرا او برا او للسباحة”.
وهل هناك اسرار في المحادثات غير المباشرة مع سوريا وهل هناك وسطاء اخرون؟ قال: “قد يكون هناك الاميركيون الذين طلبوا من السوريين تحديد مواقفهم من “حزب الله” وايران و”حماس” ومقر مشعل. قد يتغير الوسطاء لكن القضايا الاساسية تبقى كما هي. لذلك علينا ان نعالجها معا”.
وهل يعتقد ان اغتيال مغنية انتهك السيادة السورية؟ قال: “لا أعرف، لكنني أعتقد ان وجوده في سوريا هو انتهاك لاستقلال سوريا لانه اقام مركز ارهاب في سوريا، ولا اعتقد ان ذلك كان بموافقة السوريين”.
وقيل له في ملف ايران: من حين إلى آخر يلوح في الأفق ضربة خاطفة لإيران، هل هذا يتم في ضوء أخضر أميركي؟ فأجاب: “نعتبر ان خطر ايران يتهدد العالم كله. ونحن لا ننوي ان نحتكر مواجهة هذا الخطر. هناك بالفعل بوادر خطر ومصدره القيادة الايرانية وليس الشعب الايراني الذي هو ليس عدوا لنا، والعدو الذي نصب نفسه لنا هو احمدي نجاد الذي قام بعملين لم يقم بهما اي زعيم ايراني حتى الان، فهو قال انه سيمحو اسرائيل من الخريطة كما انه انكر المحرقة، لماذا فعل ذلك؟ كما انه ايضا يطور قنبلة نووية”. اضاف: “هم يقولون انهم لا يريدون الحصول على قنبلة نووية لكنهم يستثمرون اموالا كثيرة في صنع صواريخ بعيدة المدى، واذا لم يكن لديك قنبلة، فما حاجتك الى الصواريخ؟ كما ان في ايران نسبة تضخم مرتفعة وبطالة عالية وكثير من الشبان ليس لديهم عمل، فلماذا تستثمر في هذه الامور؟ علماً ان اسرائيل لم تهدد ايران مطلقا، ايران ليست عدوتنا”.
ورداً على سؤال اكد ان “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” اخفت تقريرا سريا كتبه (محمد) البرادعي عن الملف النووي الايراني”.
ولماذا إصرار نتنياهو على “يهودية” الدولة العبرية في إطار “حل الدولتين”، وفي هذا الإطار أين يذهب عرب 1948؟ قال: “ليس دولة يهودية محضة، بل دولة يهودية. فلا توجد دولة في العالم لشعب من دون غيره، لان هناك دولاً عربية عدة وليس مسموح لنا بدولة يهودية. والمقصود بالدولة اليهودية هي دولة يشكل فيها اليهود غالبية، لكن مع وجود اقليات من اديان اخرى. وكما قلت يوجد لدينا مليون و200 الف من المسلمين ونحو 100 الف درزي وهم مواطنون كغيرهم”.
وعن الدعوات اليهودية الى طرد العرب، اجاب: “سيظلون هنا ولن يمسهم احد. لديهم 10 نواب في الكنيست. وهم مواطنون متساوون في الحقوق”.
وسئل: هل انتم مع حق عودة اللاجئين أم ما هو برأيكم حل قضية اللاجئين… هل أنتم مع تعويضهم وبقاءهم حيث هم أو عودتهم إلى الدولة الفلسطينية العتيدة؟ قال: “سيكون هناك دولتان، دولة عربية تدعى فلسطين ودولة يهودية تدعى اسرائيل، وسيكون لليهود حق العودة الى اسرائيل وللفلسطينيين حق العودة الى الدولة الفلسطينية… ليست هناك مشكلة على الاطلاق. ثم نوافق على ان الذين لا يريدون العودة سيتم تعويضهم”.
وقيل له: بالنسبة للاجئين الموجودين في الدول العربية، هل تعتقد ان هذا سيناريو واقعي؟ أجاب: “هل هذا ممكن؟ نعم. اسرائيل بلد صغير واستوعبنا مليون لاجىء يهودي عند قيام اسرائيل. وكان ذلك صعبا الا انهم الآن مواطنون. وهناك 22 دولة عربية مساحتها تزيد 50 ضعفا على مساحة اسرائيل، لكننا لن نتدخل في كيفية توطين او اعادة توطين اللاجئين في هذه الدول، لكن لو اخذت غزة كمثال فان مساحة غزة تعادل تقريبا مساحة سنغافورة (360 كيلومترا مربعا) وعدد سكان سنغافورة 5 ملايين نسمة وهي الان مركز مهم للعلم والتكنولوجيا، وانا مسرور الان لان العلم والتكنولوجيا ياخذان مكانهما لدى جيراننا العرب، واسرائيل تشجع ذلك وفي الضفة الغربية تقام شركات كثيرة وتقدم في هذا المجال، وهكذا فاني اعتقد ان القضية يمكن ان تحل بطرق اخرى”.