تأكيداً لمقوّمات فوز 14 آذار وتشديداً على الأهمية السياسية ـ الوطنية للنجاح في 7 حزيران
نصير الأسعد
عشيّة الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط، كانّ ثمة قلقٌ كبير في أوساط 14 آذارية عدة من ألا يتكرر هذا العام الإحتشاد الشعبي السنوي في المناسبة. ومصدر القلق الكبير كان الخشية من أن تكون أحداث السابع من أيار الماضي قد فعلت فعلها في النفوس، في بيروت خصوصاً، أي أن يكونَ الخوف من التعبير قد استبدّ بالناس جرّاء إستخدام فريق 8 آذار ـ و”حزب الله” في المقدمة ـ السلاح في وجه اللبنانيين.
سعد الحريري و”مثال” 14 شباط
“الأمانة” تقتضي القول إن زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري ـ ربما وحده من بين القياديين في 14 آذار ـ كان واثقاً أن الإحتشاد سيوازي في حجمه كل احتشاد سابق بل سيفوق كل الإحتشادات، وكان جازماً بأن اللبنانيين كسروا ـ إلى الأبد ـ حاجز الخوف، وأنهم مصمّمون على إستكمال إنجاز الإستقلال.
زعيم “المستقبل” جازمٌ بالوحدة والفوز
ما “العِبرة” من السطور السابقة أو ما “الشاهد” منها؟
“الشاهد”، بإزاء المخاوف التي يبديها عديدون بشأن الوحدَتين “السياسية” و”الإنتخابية” لـ14 آذار على مشارف الإنتخابات النيابية في 7 حزيران المقبل تارةً، وحيال “جرس الإنذار” الذي يقرعه كثيرون في السياق نفسه تارةً أخرى، أن سعد الحريري يتصرّف ـ وربما وحده هنا أيضاً من بين قادة 14 آذار ـ بثقة “كاملة” بأن 14 آذار موحّدة سياسياً وستكون موحّدة إنتخابياً.. وستفوز بالغالبية النيابية مجدداً.
يملك الحريري “المعطيات” التي تجعله “يحتّم” نجاح 14 آذار في 7 حزيران. ويدرك أن “شيئاً” واحداً فقط يمكنه أن يجهض النجاح، وهذا “الشيء” هو التفكك الـ14 آذاري وتشتّت القوى تالياً. ولذلك هو واثقٌ من أن هذا “الواقع” لن يقوم ومن أن النجاح “محتوم”.
الحريري “المجمِّع” و”الموحِّد”
لا “يبوح” سعد الحريري لا بـ”معطياته” ولا بـ”خطّته”. غير أن أوساطاً 14 آذارية، مِن خارج “تيار المستقبل”، تعتبر أن الحريري يستند ـ في الثقة التي يبديها بنتائج 7 حزيران ـ الى مجموعة من العوامل الرئيسية.
عاملٌ أول، سياسي، هو قناعته بأن حركة 14 آذار الإستقلالية لم تُنجز بشكل “نهائي” البرنامج الوطني الذي عيّنت فيه أهدافها، والذي “تصارع” لتحقيقه منذ أربع سنوات.
وعاملٌ ثانٍ، سياسي أيضاً، هو قناعتُه بأن مجمل التطوّرات، محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، ليست ضدّ مصلحة لبنان وفريق الإستقلال من جهة حتى لو “فرضت” نوعاً من “التكيّفات” من جهة ثانية إلا أنها لا تؤدي الى خلط أوراق أو “تموضعات” مختلفة من جهة ثالثة.
وعاملٌ ثالث، هو بحسب الأوساط الـ14 آذارية، أن سعد الحريري يؤدي داخل 14 آذار منذ أن “نشأت” دور “المجمِّع” فيها و”الموحِّد” لطاقاتها.
.. وموقع “المركز”
وعاملٌ رابع، هو أنه أثبت بالتجربة خلال السنوات الماضية نفََسَه “الجبهويّ”. أي أن الحريري “يقيس” التيار الإستقلالي على رقعة البلد كله ولا يبحث عن “حصّة خاصة” ضمن التيار الإستقلالي. وبناءً عليه أثبت أنه “يضحّي” في سبيل “العام”، أي في سبيل 14 آذار ووحدتها ومعركتها.
وعاملٌ خامس أخير لعلّه ـ بحسب الأوساط نفسها ـ “خلاصة” كل العوامل الآنفة: إن الحريري هو بمثابة “المركز” داخل 14 آذار.
بكلام آخر، ترى الأوساط الـ14 آذارية أن لثقة سعد الحريري بوحدة 14 آذار بفوزها في 7 حزيران المقبل، علاقةً بمجمل العوامل المشار إليها آنفاً. ومع أنها تدعو الى عدم تحميله فوق ما يحتمل، فهي تعتبر أنه “المرشّح” لأداء الدور “التوحيدي”.. و”التوفيقي” داخل 14 آذار. وتبني على الثقة التي يبديها تفاؤلاً كبيراً بنتائج 7 حزيران.
على أن النقاش لا يتوقف عند هذا الحد. أي أنه لا بد من تحديد كيفية “مساعدة” زعيم “المستقبل” للوصول الى ما يصبو إليه التيار الإستقلالي “العريض”.
“الأمانة العامة”: الوصل مع الرأي العام
في هذا المجال، يرى 14 آذاريون كُثر أن لـ”الأمانة العامة” لـ14 آذار دوراً مهماً.
ثمّة إقتناعٌ “عميق” لدى هؤلاء الـ14 آذاريين بأن “الأمانة العامة” أدت دوراً بارزاً في مجالَين رئيسيَين. الأول داخلي، أي داخل التحالف السياسي نفسه، وكان “آخر” مظاهر هذا الدور الداخلي، الوثيقة السياسية للمؤتمر العام الثاني الذي إنعقد في “البيال” السبت الماضي قبل أسبوع. والنجاح هنا ليس في صياغة وثيقة سياسية بل في “إعادة صياغتها” بناء على ملاحظات قوى 14 آذار، بحيث أتى النص الأخير بمثابة “تسوية”.. لكن من ضمن البرنامج الوطني لحركة 14 آذار. أما المجال الثاني، فهو الدور الذي لعبته “الأمانة العامة” على مستوى تأمين “الوصل” بين التحالف السياسي الـ14 آذاري من جهة و”الرأي العام” الـ14 آذاري من جهة ثانية.
“خارطة الطريق”
وأخذاً في الإعتبار هذه التجربة الناجحة، في وسع “الأمانة العامة” المستندة الى “الوصل” بينها وبين “الرأي العام”، أن تضع أمام التحالف السياسي وقادته ما يشبه “خارطة الطريق” الى تكريس الوحدة “السياسية” وتحقيق الوحدة “الإنتخابية”. “خارطة طريق” تتضمن ـ فيما تتضمنه ـ مجموعة “المعايير” والمبادئ التي تكفل معركة إنتخابية 14 آذارية ناجحة.
بإختصار، وفي مقابل المخاوف والهواجس التي يعرب عنها بعض الرأي العام الـ14 آذاري، ثمة مجالٌ لـ”التفاؤل”. بموقع سعد الحريري، بموقع “المركز” الذي له وبالدور الذي إنتدب نفسه له. بتجربة “الأمانة العامة” وبالدور “المكمّل” الذي تستطيع أداءه في الفترة الفاصلة عن الانتخابات. وبـ”الرأي العام” الـ14 آذاري “المستنفِر”.. و”الحاسم” بأهمية الفوز.
في هذا الإطار، أي في إطار “التكامل” في الأدوار، ليس من شك في أن ما يُعتبر “خلافات انتخابية” سيكون قابلاً للحلّ. ولا شك أيضاً أن كل قادة 14 آذار سوف “يعيدون الإعتبار” والأولوية لـ”السياسة” في بعدها الوطني، أي للأهمية السياسية ـ الوطنية للفوز الذي يفتح آفاق التسويات الوطنية ولا يغلقها.
المستقبل