في تحليل لجريدة “لوموند” الفرنسية اليوم أن نيودلهي تشعر بالحيرة والقلق إزاء السياسات التي سيتّبعها أوباما في ملفّ الإتفاقية الأميركية-الهندية حول التعاون النووي السلمي، وفي ملفّ كشمير. ويشعر الهنود بالقلق لأن أوباما، أثناء حملته الإنتخابية، كان قد أبرز الصلة بين مكافحة الإرهاب وتسوية النزاع الكشميري الذي يعود إلى حقبة تصفية الإمبراطورية البريطانية في الهند. وهذا القلق هو ما دفع الهند إلى إصدار ردّ شديد اللهجة على تصريحات تضمّنت أفكاراً مماثلة أدلى بها سكرتير الدولة البريطاني، دافيد ميليباند، أثناء زيارته لنيودلهي في الشهر الماضي. فقد صرّح الناطق بلسان الخارجية الهندية “أننا لسنا بحاجة إلى نصائح في موضوع كشمير الذي يشكل موضوعاً داخلياً”.
باكستان أيضاً (بحكومتها المدنية وأجهزتها الامنية) تشعر بالحيرة والقلق إزاء سياسات الرئيس الأميركي الجديد، ولكن لأسباب مختلفة كما تفيد رسالة “أمير مير” من “لاهور”.
*
أمير مير- “لاهور” الشفاف
جاء مقتل 18 باكستانياً يوم الجمعة الفائت في منطقة “وزيرستان” نتيجة لضربة صاروخية قامت بها طائرة “بريدايتر” أميركية بدون طيّار كانت تحلّق في أجواء أفغانستان- الأولى منذ تولّي باراك أوباما السلطة- كمؤشّر واضح إلى أن الخيار العسكري يظل العنصر الأساسي في الإستراتيجية التي سيعتمدها الرئيس الجديد للتعامل مع أعمال التمرّد في كل من باكستان وأفغانستان.
وأحبطت هذه الضربة آمال حكومة باكستان بأن الإدارة الجديدة يمكن أن تعطي الأولوية لخفض الهجمات الأميركية عبر الحدود التي أسفرت عن مقتل 355 شخصاً وجرح 248 آخرين في 32 هجوم- تشمل ضربات صواريخ، وهجمات بطائرات “بريدايتر” وهجمات أرضية- نفّذتها القوات الأميركية داخل باكستان خلال 12 شهراً الماضية، أي بمعدل 35 قتيلاً كل شهر. وكان الرئيس أوباما قد حذّر مراراً، أثناء حملته الإنتخابية، من أن إدارته ستتولى التعامل مع “الأهداف الإرهابية ذات القيمة المرتفعة” إذا لم تتولّ باكستان ذلك. ومع أن أوباما لم يعلن ذلك صراحةً، فالأرجح أنه كان يقصد “المناطق القَبَلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية” (“فاتا”) في باكستان. غير أن أوباما كان واضحاً في أن الضربات العسكرية ستكون ضد شخصيات مهمة أو رئيسية في تنظيمي “القاعدة” و”طالبان”. وبعد 3 أيام من بدء رئاسته، شهدت باكستان أول ترجمة عملية لهذه الأقوال.
كيف سينسجم هذا الجانب العسكري من سياسات أوباما مع الجانب الدبلوماسي، الذي عهد أوباما به إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومبعوثه الشخصي إلى باكستان وأفغانستان، ريتشارد هولبروك؟ تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة في “إسلام آباد” أن أوباما، مباشرةً بعد تولّيه زمام الأمور، ترأس إجتماعاً لـ”مجلس الأمن القومي” تم تخصيصه للتداول بموضوع أفغانستان وباكستان وأسفر عن إتخاذ قرار بمواصلة الضربات بواسطة طائرات دون طيّار داخل أراضي باكستان. ويعني القرار أن أوباما سيواصل سياسات سلفه بوش ضد “الطالبان” في أفغانستان وباكستان.
وحسب المصادر الديبلوماسية، فإن التقييم الأولي يفيد بما يلي: 1- ستستمر العمليات العسكرية الأميركية في مناطق القبائل بباكستان بانتظار أن تقتنع الولايات المتحدة بأن باكستان تبذل جهوداً حقيقية أكبر من السابق؛
2- سترتهن المساعدة العسكرية الأميركية لجيش باكستان ، بصورة متزايدة، بالنتائج الحقيقية لعمليات الجيش الباكستاني ضد المجاهدين؛
3- ستقوم إدارة أوباما بتعزيز معونات التنمية وغيرها من الإسهامات المالية في المرحلة الأولى، على أن يتم التلويح بزيادتها لاحقاً كـ”مكافأة” في حال تحقيق نجاحات حقيقية ضد المتمرّدين؛
4- ستقوم الولايات المتحدة بمساعٍ غير معلنة لتحريك ملفّ تحسين العلاقات الهندية- الباكستانية.
إن ما ليس واضحاً هو: ماذا سيكون ردّ فعل “المؤسسة الأمنية” الباكستانية إزاء كلّ هذه التطوّرات؟
amir.mir1969@gmail.com