جرى العرف على تقسيم التاريخ الإسلامي إلى ست مراحل:
1.. فهو يبدأ بعهد النبي (صلعم) من 610 إلى 632م.
2.. ويلي ذلك عصر الخلافة الراشدة من 634 إلى 660م، (10 – 41 هـ).
3.. ويتبع ذلك عصر الخلافة الأموية من 661 إلى 745م، (41 – 127 هـ).
4.. ويتبع ذلك عصر الخلافة العباسية من 750 إلى 1516م، (132 – 922 هـ).
5.. وخلال هذه الخلافة قامت الخلافة الفاطمية، التي حكمت مصر والشام أساسا من 909 – 1160م (793 – 555 هـ).
6.. وانتهى الأمر إلى السلطنة العثمانية التي كانت قد بدأت 1281م واستمرت حتى 1517م (680 – 918 هـ)، وهى سلطنة عادية، ثم شرعت تدعى أنها السلطنة الإسلامية، التي ورثت الخلافة من 1517 – 1924م (927 – 1343 هـ).
غير أن هذا التقسيم فيه كثير من العمومية والإبهام والإضغام، مما أدى إلى التعميم والتخليط والتفريط في فهم التاريخ الإسلامي، سواء لدى الفرد العادي أم لدى الكُتاب والدارسين.
وفى سبيل تقديم إيضاح أوفى فقد كنا قد نشرنا في إحدى المجلات المصرية مقالة عنوانها (الأمة والدولة في المفهوم الإسلامي)، ثم نُشرت هذه المقالة مع مقالات أخرى في الكتاب الذي صدر عن سلسلة (اقرأ) وعنوانه (من وحى القلم).
وفى هذه المقالة قدمنا تفصيلا أكثر لعدد الإمارات أو السلطنات أو الدول (تجاوزا) التي حكمت مدى التاريخ الإسلامي، لكنا في هذه الدراسة نعيد ترتيب عصور الخلافة الإسلامية، فيما بعد عهد النبي وعصر الخلفاء الراشدين، على نحو آخر، لعله أجدى وأفيد وأنفع في بيان خفايا التاريخ وعناصر حركته وعوامل مده وجزره، أو ارتفاعه وانهياره.
(1) العصر الأموي: ويتضمن حكم معاوية ابن أبى سفيان ثم يزيد ابن معاوية ثم معاوية ابن يزيد (166_683 م)، 41 _ 64 هـ.
(2) العصر المروانى، ويبدأ بمروان ابن الحكم وينتهي بمروان ابن محمد (683_ 745 م)، 64 _127 هـ
(3) العصر العباسي الأول، ويبدأ من قيام الخلافة العباسية إلى سيطرة الترك على الحكم (750_ 842 م)، (132 _ 232 هـ)، ويمكن أن يسمى بالعصر الفارسي الأول.
(4) العصر العباسي الثاني، ويبدأ بخلافة المتوكل على الله العباسي وينتهي بظهور الدولة البويهية (847 _ 944 م)، (232 _ 334 هـ)، ويمكن أن يسمى بالعصر التركي الأول.
(5) العصر العباسي الثالث، ويبدأ باستقرار الدولة البويهية وينتهي بدخول السلاجقة إلى بغداد 946 _ 1055 م، (334 _ 447 هـ)، ويمكن أن يسمى بالعصر الفارسي الثاني.
(6) العصر العباسي الرابع، ويبدأ بدخول السلاجقة إلى بغداد وينتهي بدخول المغول إليها (1055 _ 1256 م)، (447 _ 656 هـ) ويمكن أن يسمى بالعصر التركي الثاني.
هذا بالإضافة إلى الخلافة الفاطمية، وهى من البربر والصقليين، والسلطنة العثمانية وهى من الترك.
كان أهم فرعين في قبيلة قريش، هم الأمويون بزعامة أبى سفيان ابن حرب والهاشميون بزعامة العباس عم النبي (صلعم)، وكان الفرع الأموي أكثر ثراء وأشد دهاء. وقد سكت هذا الفرع، وهو يتربص للحكم والسلطان، مدى وجود النبي (خاصة وأن أبا سفيان لم يسلم إلا عند فتح مكة سنة 8 هـ)، وخلال خلافة أبى أبكر وعمر ابن الخطاب، فلما وُلى عثمان ابن عفان الخلافة، طابت لهم الحال واستوى فيهم الأمر، فبدءوا يظهرون على الجميع ويسيئون استغلال السلطة والاستيلاء على أموال المسلمين، وقد استسلم عثمان لمروان ابن الحكم فكان أكبر مستشاريه، خاصة وقد زوجه عثمان ابنته وجعل له خمس غنائم أفريقية.
وبسبب جنوح عثمان ابن عفان إلى عشيرته من الأمويين (ولأسباب أخرى) فقد ثار عليه الثوار وقتلوه، وبويع لعلى ابن أبى طالب بالخلافة، ووقعت أحداث الفتنة الكبرى، إلى أن قُتل على ابن أبى طالب، فبدأت الكفة تميل تمام لصالح الأمويين، حتى بويع معاوية بالخلافة (41 هـ).
وفى عصر ما قبل الإسلام، المسمى بالعصر الجاهلي، كانت العصبية تضرب بين القبائل بسبب الأنساب، التي تعود إلى القبيلة والعشيرة والبطن فيها والفرع منها، وهكذا، وعمل الإسلام على إنشاء أمة (جماعة) من المؤمنين تربطهم ببعضهم البعض وشيجة الإيمان التي أذابت بحرارتها عرى القبليّة وقطعت حبالها، فلما بدأ العصر الأموي حدث انقلاب جذري في الإسلام، مفهوما ومضمونا، نظاما وتطبيقا، فقد كانت الخلافة من قبله مدنية تصدر عن المسلمين، ثم صارت من بعده مُلكا عضودا وقيصرية في الواقع والحقيقة، وكان الحكم شورى فأصبح غلبة وإرثا، وكان المال مال المسلمين فغدا مال الخليفة، يأخُذ منه ما يشاء ويعطى ما فضل عنه، فضلا منه على الناس.
ومع هذا الاستبداد مع المسلمين، فقد تعصب الأمويون للعرب واختصوا أنفسهم بالخير وظلت خشونة البادية ظاهرة على حكمهم غالبة في سياستهم، مما أثار عوامل الحسد في نفوس القبائل المسلمة التي كانت ذات شأن في الجاهلية وصدمها أن ذهب شأنها وضاع فضلها في هذا الجو القبلي البغيض، فانقسم المسلمون إلى جانب يضم المهاجرين من قريش، وقبائل كنانة وثقيف وهذيل، وأهل مكة والمدينة، وجانب يضم قبائل بكر ابن وائل وعبد القيس من ربيعة، وكندة والأزد من اليمن، وتميم وقيس من مصر. فكان القرشيون، وبالأحرى، الأمويون يترفعون ويتسيدون على غيرهم، ومعهم من ظاهرهم، بينما يبغض الجانب الآخر من القرشيين ومظاهريهم. ومع الوقت تحول الصراع إلى نزاع وحروب بين اليمنية القحطانية (العرب العاربة)، وبين العدنانيين النزاريين (العرب المستعربة)، وظل هذا الصراع يحكم التاريخ الإسلامي، مدى طويلا، في الشام والعراق ومصر وخراسان وأفريقيا والأندلس.
وإذ كان معاوية، مؤسس الخلافة الأموية خبيثا داهية، فقد عمد لتثبيت ملكه، وتحويله إلى الإرث، إلى أن يصانع الكثيرين ويتألفهم بالمال، حتى آل الملك إلى المروانية، مروان ابن محمد ثم عبد الملك ابن مروان ثم الوليد فسليمان، فإذا النزعة القبلية والنعرة العصبية تعلو بشدة وتحكم بقوة وتعمل بسفور، مما دعا الجاحظ _ فيما بعد أن يصف هذه الخلافة بأنها عربية أعرابية،والأعراب _ كما جاء في القرآن ((أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله))، سورة التوبة 9 : 97 ذلك أن الأعراب أجلاف، يعرفون الإسلام على حرف، ويطبقون تعاليمه بسطحية وتأويل يناسب أغراضهم ولا يلتزم القصد الحقيقي أو الجوهر الصحيح. في هذا المناخ القبلي الوخيم رأت العرب أن الإسلام دين خاص بها هي، تستند في ذلك إلى آيات من القرآن ((إنا أنزلناه قرآنا عربيا)) سورة يوسف 12: 2، ((وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)) سورة إبراهيم 14: 4، ((نزله الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين)).. ((ولو أنزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به بمؤمنين)) سورة الشعراء 26: 196 _ 198. ونتيجة لذلك فإنهم كانوا يفرضون الجزية على أي بلد (مدينة أو قرية) يغزونها دون أن يعرضوا الإسلام على أهله، ما داموا من غير العرب، ويكفى للتدليل على ذلك تقديم مثلين، يغنيان عن كثير: _
(أ) فيما يسمى بوقعة الولجة ببلاد فارس فقد قام خالد ابن الوليد – في الناس الذين جاءوا معه – خطيبا يرغبهم في بلاد العجم ويزهدهم في بلاد العرب، وقال : ألا ترون إلى الطعام..وباالله لو لم يلزمنا الجهاد في الله والدعاء إلى الله عز وجل ولم يكن إلا المعاش، لكان الرأي أن نقارع على هذا الريف حتى نكون أولى به، ونولى الجوع والإقلال.. وسار خالد في الفلاحين بسيرته فلم يقتلهم (حتى يظلوا في فلاحة الأرض) وسبى ذرارى (أولاد) المقاتلين ومن أعانهم، ودعا أهل الأرض إلى الجزية وأن يصيروا من أهل الذمة (رغم أنهم ليسوا من أهل الكتاب)، (تاريخ الطبري) _ الجزء الثالث _ طبعة دار المعارف _ ص 354).
(ب) كتب معاوية إلى عمر ابن الخطاب يرغّبه في ركوب المسلمين البحر لغزو قبرص، وهو يقول في ذلك (إن بالشام قرية يسمع أهلها نباح كلاب الروم وصياح ديوكهم) يقصد بذلك قبرص (مع انها تبعد عن الشام كثيرا فلا يمكن أن يسمع من بالشام نباح كلابها وصياح ديوكها). ورفض عمر أن يركب المسلمون البحر، غير أن معاوية غزا قبرص في عهد عثمان، ثم صالح أهلها على جزية قدرها سبعة آلاف دينار يؤدونها إلى المسلمين كل سنة، دون أن يعرض عليهم الإسلام (المرجع السابق _ الجزء الرابع _ ص 262).
ومع ذلك فإن أعدادا غفيرة من غير العرب شرعت تدخل في الإسلام لأسباب مختلفة، وأنفت العرب أن يتساوى هؤلاء بهم فسموهم الموالي، واشترطوا على كل منهم أن يتخذ له من العرب وليا له، يكون من حقه التصرف في كل شئونه، وكانت الجزية ترفع عمن يسلم من هؤلاء الموالى، حتى هال بعض الحكام دخول الناس في الإسلام فرارا من الجزية (التي كانت مع قلة مبلغها تفيد معنى الذل والمهانة عند من يُجبرَون على دفعها)، وكتب عمال الحجاج ابن يوسف الثقفي أشهر ولاة عبد الملك ابن مروان، والمروانية عموما يقولون له (إن الخراج قد انكسر، وأن أهل الذمة قد أسلموا، ولحقوا بالأمصار) فأمر الحجاج بأن تؤخذ منهم الجزية مع إسلامهم (ابن الأثير، جزء 4، ص 179).
وعندما وُلى عمر ابن عبد العزيز أمر الخلافة (717 _ 719 م، 99 _ 101 هـ) أسقط الجزية عن المسلمين من غير العرب، وقال في ذلك (إن محمدا قد أرسل هاديا ولم يرسل جابيا)، غير أن العرب لم تقبل صلح عمر ابن عبد العزيز (وهو حفيد عمر ابن الخطاب) ولم ترتض فهمه للإسلام على أنه عقيدة وشريعة وليس جزية واستعبادا، ومن ثم فقد دسوا السم للخليفة عمر ابن عبد العزيز، فمات ولم يحكم إلا عاما واحدا وتسعة أشهر، وبعد وفاة عمر أُعيد فرض الجزية على المسلمين من غير العرب.
مفاد ذلك أنه وإن كانت الفترة الأموية _ بالنهج الذي اتبعناه _ فيها تعصب للعرب عامة، وللعدنانيين خاصة، ولقريش بصفة أخص، وللأمويين بما هو أخص الأخص، فإن الفترة المروانية أضافت إلى عصبية المروانيين ونعرتهم الاستعلائية اضطهادا لغير العرب، حتى وإن أسلموا، ففرضت عليهم الجزية، بما في ذلك من معاني التبعية والعبودية والإذلال، حتى من مسلم لمسلم.
أدت العصبية العربية إلى عصبية الموالى، والفرس خاصة، وغلبت القوميات (وهى العنصرية بالمفهوم المعاصر) روح الدين السمحة الإنسانية، واستغل الهاشميون، من عباسيين وعلويين، غضب الفرس من العرب ورغبتهم في خلع نيرهم، فاستثاروهم حتى استطاعوا بقيادة أبى مسلم الخراساني (الفارسي)، القضاء على الحكم المروانى وإحلال الحكم العباسي بدلا منه، وكان هذا الحكم مختلفا عن الحكم الأموي والحكم المروانى، اختلافا بينا.
فينما كانت الخلافة الأموية، بعصريها،، عربية، أعرابية (بدوية) فقد صارت الخلافة العباسية فارسية أممية، وفى حين كانت عاصمة الخلافة الأموية المروانية في دمشق على حدود بادية العرب، وكان الخلفاء عرب الآباء والأمهات، وكان القادة والولاة والجنود والقضاة والكتاب ورجال الحكم عربا، فإن العباسيين اتخذوا الوزراء والقواد والولاة من الفرس غالبا واتخذوا بغداد عاصمة لهم، وهى على حدود بلاد فارس، وفتحت البلاد أبوابها للناس جميعا فتقاطر إليها، وأقام فيها، جمع كثير من مختلف الجنسيات والشرائع، فصارت بغداد بهذه الروح، وذلك العمران بؤرة العلم ومجمع العلماء ومركز التسامح، وانتقلت هذه الحال إلى كثير من الحواضر الإسلامية كالفسطاط ودمشق وقرطبة، والقيروان وغيرها، فأدت إلى ظهور واستقرار الحضارة الإسلامية.
كان من نتائج هذا الانقلاب أن الموالى، أي المسلمين غير العرب صاروا محور الحكم وأساس النهضة، فبعد أن كان الأمويون يزرون عليهم، قربهم العباسيون، وفيهم الخراسانيون الذين نصروهم في تقويض الحكم المروانى وتأسيس خلافتهم، وقدموا سائر الموالى واستخدموهم في أمور الحكم، وكان من أشهر الحكام الفرس آل برمك وآل الفضل، وبادل الموالى هذا التسامح معهم بتسامح آخر من جانبهم، ذلك أنه مع بقاء الفرس عامة على لسانهم الفارسي حتى اليوم، فإن من عاش منهم في بغداد وفى كنف العباسيين، وفى ظلال الحكم غير لسانه وبدل إسمه، فصارت لغتهم هي العربية وصارت أسماؤهم عربية كذلك، حتى إنه ليصعب على غير الدارس أن يميز الفارسي من العربي، حين يسمع عنه أو يقرأ له، وخاصة في وقتنا الحالي.
وكان من دواعي ابتداء النهضة، وإنشاء الحضارة، نقل العلوم والفنون والآداب اليونانية والفارسية والهندية، والكلدانية والنبطية والبابلية والمصرية وغيرها إلى العربية، وساهم الجميع في وضع أسس الحضارة ورفع ألوية التمدن.
فمن الموالى (الفرس) في الشعر، بشار ابن برد والحسن ابن هاني (أبو نُوَاس)، وإسماعيل ابن القاسم ابن سويد (أبو العتاهية) والحسين ابن الضحاك. ومنهم في علم النحو سيبويه (أبو بشر عمرو ابن عثمان) والكسائى (على ابن حمزة) والفرَاء (أبو زكريا يحيى ابن زياد الديلمى) وابن السكيت (أبو يوسف يعقوب ابن إسحاق).
وفى الآداب عبدالله ابن المقفع (مترجم كتاب كليلة ودمنة) وسهل ابن هارون (الذي كان الجاحظ يأتم به).
وفى الفقه أبو حنيفة (النعمان ابن ثابت).
وفى الحديث ابن جريح وسفيان ابن عيينه، والواقدى وابن نافع الصنعانى، وفى التاريخ الواقدى (أبو عبدالله محمد ابن عمر ابن واقد) ومحمد ابن إسحاق.
أدت غلبة الفرس في العصر العباسي الأول، وخاصة في شئون الحكم والسياسة، إلى أن يُطبقوا على كل شيء ويحكموا قبضتهم على الناس والمال، حتى قيل إن هارون الرشيد كان يطلب المال (أو الشىء) فلا يحصل عليه بسهولة نتيجة شدة قبضة البرامكة (وزرائه) على أزمّة الأمور وخزائن المال، مما كان أحد الأسباب التي أدت به إلى نكبتهم، وتطرقت هذه النكبة إلى تحوط الخلفاء من الفرس وتخوف الفرس من الخلفاء. وفى عهد المعتصم الابن الثالث لهارون الرشيد والذي ولى الخلافة بعد الأمين والمأمون بدأ الاستغناء عن الفرس والاستكثار من الترك، الذين سرعان ما استبدوا بالحكم في عهد المتوكل، وانتهى الأمر بأن قتلوه.
بهذا بدأ العنصر التركي يظهر على مسرح السياسة في العالم الإسلامي، وظل عاملا فعالا شديد الفعالية، منذ هذا الوقت، وحتى مارس سنة 1924، الأمر الذي يقتضى بيانا علميا واضحا وافيا عن هؤلاء الترك.
الترك اصطلاح يطلق في معناه الواسع على الشعوب التي تتكلم اللغة التركية في تركيا وفى الجمهوريات التركستانية التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي، وفى تركستان الصينية، وشرق إيران.
وثم أكثر من نظرية عن المكان الذي بدأت فيه هذه الشعوب، فنظرية ترى أنهم بدؤوا من شمال كوريا وشمال الصين ثم اندفعوا إلى الغرب مع بقاء عناصر منهم حول المنطقة التي بدؤوا فيها، ونظرية أخرى ترى أنهم عاشوا أصلا في جنوب سيبريا وفى تركستان (منطقة وسط آسيا) ثم توسعوا في الانتشار جنوبا وغربا.
وهذه الشعوب (أو القبائل) هي التتار : وهى من أرومة (أصول مغولية)، ونظرا لأن لفظ التتار اكتسب في التراث البشرى معنى سيئا، يفيد القضاء على الزرع والضرع، مثلما يفعل الجراد، فقد حرص التتار على أن يُسموا أنفسهم الترك، نسبة إلى اللغة التي يتكلمونها، وحتى يخفوا حقيقة أمرهم كتتار، ومن ثم فقد قيل عنهم إنهم ترك، ومن هؤلاء التتار قبائل غزت آسيا الصغرى، وسموا أنفسهم العثمانيين، نسبة إلى قائدهم آنذاك عثمان ابن أرطغرل ابن سليمان شاه (1281 _ 1325 م).
وفيما عدا تركيا، فإن التتار يتركزون في العصر الحالي، فيما يسمى تركستان الغربية، وتركستان الشرقية.
وتركستان الغربية تضم الجمهوريات التى استقلت حديثا عن الاتحاد السوفيتى، وصارت تكون ما يعرف بجمهوريات آسيا الوسطى وهى : تركمانستان، وأوزبكستان، وتادجكستان، وقرغيرستان، وقازاقستان.
أما تركستان الشرقية أو الصينية فهى مقاطعة سكيانج بالصين.
ومنطقة تركستان الغربية كانت على مر العصور، ومازلت معبرا يربط الشرق بالغرب، وطريقا سلكه كثير من الغزاة والشعوب والقبائل المهاجرة، وقد ظهر فيها البترول، مما يؤذن بأنها سوف تكون منطقة مهمة للغاية، وقد تلعب دورا ملحوظا في المستقبل العالمى.
التتار من ثم اسم عام يطلق على شعوب اكتسحت أجزاء من آسيا وأوربا بزعامة المغول (وهم أصول التتار) في القرن الثالث عشر، وقد استولت قبائل منهم على الروسيا، وظلت منطقة سيبيريا تعرف ببلاد التتار (ترتارى)، كما زحفوا على منطقة القرم، وهى شبة جزيرة على الساحل الشمالى للبحر الأسود وظلت هذه المنطقة تعرف ببلاد التتار الصغرى.
والمغول شعب أسيوى منتشر حالا (حاليا) في منغوليا وشرق منشوريا وغربها، وفى جنوب ووسط سيبيريا.
وقد ظهر المغول، على المسرح العالمى، وهم يقودون جحافل يشكل التتار القوة الأساسية منها، ويتزعمهم جنكيزخان (1167_ 1227) وخلفاؤه ومنهم باطوخان وقبلاى خان، ففتح منغوليا وأسس بها عاصمة له في قرقورم، ثم هاجم سنة 1213 إمبراطورية الشان شمال الصين، وفى سنة 1215 استولى على أغلب أراضى الصين بما فى ذلك العاصمة يتشنج (بكين الحالية)، وفتح خلال سنى 1218 _ 1224 تركستان الشرقية وبلاد ما وراء النهر وأفغانستان، وأغار على فارس ومنطقة تركستان الغربية، ثم ظهر منهم تيمورلنك (حوالى 1336 _ 1405) وادعى أنه من سلالة جنيكيزخان، فاستولى على منطقة تركستان الغربية وسيطر عليها تماما سنة 1369، واتخذ من سمرقند عاصمة له، ومنها غزا فارس وجنوب الروسيا وجنوب الهند واستولى على مدينة دلهى، وفى سنة 1400 اكتسح بلاد الكرج ثم اكتسح شمال سوريا، وإستولى على مدينة حلب، فانتهبها وخربها هو وجحافله، ثم سقطت في يده دمشق، فنقل عنوة طائفة من أفضل علمائها، وأمهر صناعها وفنانيها إلى سمرقند (كما فعل خلفه وصنوه سليم الأول، فيما بعد، حين استولى على مصر سنة 1517،وزحف بعد ذلك على بغداد، فدخلها للمرة الثانية (وكان التتار من أسلافه قد دخلوها ودمروها من قبل سنة 1242..ثم والى الزحف إلى آسيا الصغرى، وهزم العثمانيين أولاد عمومته فى موقعة أنقرة سنة 1402 وأسر سلطانهم بايزيد.
هؤلاء هم الترك الذين هم فى الحقيقة تتار من أرومة (أصول) مغولية، قادهم المغول في حروب ضارية وحملات قاضية على الشعوب وعلى الحضارة،فأصبح لإسمهم، تتار أو مغول، وقع بشع في آذان الناس وأسماع التاريخ، مما دفعهم، ودفع المؤرخين الموالين لهم، إلى أن يسبغوا عليهم وصف الترك، وهو اسم اللغة التي يتكلمون بها، وليس إسما لشعوبهم وقبائلهم، حتى يتخفوا وراء هذا الاسم فلا يعرف الناس حقيقتهم ولا يذكر التاريخ أصولهم. كيف إذن اتصل هؤلاء التتار بالإسلام،فصار أغلبهم مسلمين (كما أن قبائل منهم اعتنقت اليهودية، هم قبائل الخزر، وصاروا هم اليهود الأشكيناز الذي أقام غالبهم في شرق أوربا)؟.
فى عهد عمر ابن الخطاب، وبعد فتح مدن من فارس، اتجه الغزو إلى طبرستان فكتب قائد جيوش المسلمين إلى حاكمها كتابا جاء فيه، (إنك آمن.. وتتقى من ولى فرج أرضك بخمسمائة ألف درهم من دراهم أرضك)، أي إن دفعت من غلة أرضك هذا المبلغ ؛ وبعد طبرستان سارت جيوش الغزو إلى أذربيجان ففتحوها وفرضوا عليها الجزية، ثم تلى ذلك غزو أرمينيا.
بذلك شرع المسلمون يدخلون مناطق التتار ويدخلونهم إلى عالم الإسلام.
saidalashmawy@hotmail.com
• القاهرة
التقسيم الاسلامي للعصور
انا ملاك هدا مو حلو انا بدي شيىء جديد
إعادة ترتيب التاريخ الإسلامي (1)
اشكرك على جهدك وفقك الله
إعادة ترتيب التاريخ الإسلامي (1)
KARM — karmhi22@yahoo.com
انا من طلابك بكلية الادااب واشكرك على مجهودك الذاتي والشخصي في ابراز القومية الاسلامية والتاريخ العظيم للأسلام
إعادة ترتيب التاريخ الإسلامي (1)
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
قد سمعت عن بعض الخلافات الأخرى مثل الخلافه الأيوبيه و الخلافه العامريه و الخلافه الإخشيديه إلخ و أعلم أنها دول صغيره و لكني لا أعرف عنها إلى القليل من المعلومات و أرجو التحدث عنها
إعادة ترتيب التاريخ الإسلامي (1)
ابحث عن ماذا نتج عن اعتناق بعض القبائل الماغول للاسلام
sai.dane@hotmail.com
إعادة ترتيب التاريخ الإسلامي (1)
شكرا يا أستاذ على هذا التصنيف الجيد و سوف أزورك قريبا ان شاء الله.
إعادة ترتيب التاريخ الإسلامي (1)
موضوع لطيف به التفاتات جيدة