رواية “الحياة” عن إجتماع 14 آذار تعني أن محاولات “الجنرال” لـ”إستفراد” الحريري الدمث ضد وليد جنبلاط غير موفّقة! سعد الحريري تبنّى مواقف “جنبلاطية”، في حين دعا جنبلاط، حسب “الحياة”، إلى “تفويت الفرصة على أي محاولة لإغراق البلاد في الفوضى، ولذلك فإنه مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأي ثمن.”
*
علمت «الحياة» ان اجتماع قيادات ونواب قوى 14 آذار ليل اول من امس، قرر عدم استخدام خيار انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأكثرية النصف +1، تفادياً للفراغ الذي كان واضحاً انه سيحصل لتعذر إمكان انتخاب الرئيس امس، لكن هذه القوى أجمعت على إبقاء هذا الخيار قائماً للفترة اللاحقة لتقرر اذا كان ممكناً استخدامه، في حال طال الفراغ، في الوقت المناسب.
وقالت مصادر في 14 آذار ان الاجتماع شهد مداخلات عدة ونقاشاً موسعاً حول مفاوضات واتصالات الأيام الماضية مع سائر الموفدين ومع الرئيس نبيه بري، وأوضحت ان زعيم تيار «المستقبل» قدم عرضاً مفصلاً ودقيقاً حول هذه المفاوضات، مشيراً الى واقعة توافقه مع رئيس البرلمان نبيه بري على دعم ترشيح النائب روبير غانم من لائحة البطريرك الماروني نصر الله صفير ثم تراجع بري عن ذلك الأسبوع الماضي بعد صدور لائحة صفير، وإصراره على المرشح ميشال اده. واعتبر الحريري ان حصر التوافق بشخص واحد كان مخالفاً للآلية التي تضمنتها المبادرة الفرنسية التي أشارت الى اعتماد صيغة النزول الى البرلمان بأسماء عدة لانتخاب رئيس جديد من بينها في حال تعذر التوافق على شخص واحد.
وقال الحريري ان القيادة السورية أخلّت بالوعود التي اعطتها للجانب الفرنسي بالعمل على تسهيل انتخاب رئيس، وبقي حلفاؤها في لبنان يعرقلون المساعي. وأكد انه سيواصل على رغم ذلك اتصالاته مع الرئيس بري لمحاولة التوافق على رئيس جديد.
وأوضح الحريري في العرض الذي قدمه عن لقائه الأخير مع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ان الأخير كان وعده بأن يرسل إليه اسماً او اسمين توافقيين، لكن تبين انه يريد ان يعيّن هو رئيس الجمهورية. وذكر مصدر في 14 آذار لـ «الحياة» ان عون طلب من الحريري مناقشة أمور عادت فوردت في مبادرته، منها التعيينات الأمنية وقائد الجيش وغيرها. وتحدث الحريري في نهاية مداخلته عن المرونة التي أظهرها في المفاوضات التي أُجريت بهدف التوصل الى التوافق، لكنه قال: «في النهاية لا يمكن ان أقبل بعد ما حصل معي، ان يكون اختيار رئيس الجمهورية بالفرض وعلى حسابنا».
وتحدث النائب وليد جنبلاط خلال الاجتماع عن مخاوفه من ان يؤدي الفراغ الى فتنة بين اللبنانيين وإلى حرب أهلية يريدها أعداء البلاد، ودعا الى مواصلة التركيز على التوافق وتفويت الفرصة على أي محاولة لإغراق البلاد في الفوضى، ولذلك فإنه مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأي ثمن.
وركز جنبلاط على ان ما قيل عن ان الوزير السابق ميشال اده مرشحه غير صحيح وقال: «إنه ليس مرشحي. هو تناول طعام العشاء عندي وتحدثنا. انا مع عدم الوقوع في الفراغ تجنباً لإشعال الفتنة». وأضاف: «الرجل صديق العائلة منذ زمن، لكنني قلت له انه لا يمكنه ان يلتقي جميع الناس ولا يجتمع بالنائب سعد الحريري اذا كان مرشحاً للرئاسة».
وأشار جنبلاط الى متغيرات في المنطقة داعياً الى ترقبها ومعتبراً ان الجانب السوري لن يعطي لبنان رئيساً للجمهورية قبل عقد مؤتمر انابوليس. وأشار الى ان قوى 14 آذار لم تحصل حتى الآن على تأييد خارجي عارم لخيار النصف+1 و «نحن لاحقون عليه»، وشدد على ضرورة حماية مبادرة البطريرك صفير، «وأنا سأبقى أمشي وراء بكركي». واقترح جنبلاط عدم الدخول في سجال مع العماد عون بعد مبادرته.
وفي مداخلة مركزة حدد الرئيس السابق أمين الجميل عدداً من النقاط التي ارتأى اعتمادها وهي النزول الى جلسة البرلمان التي عُقدت أمس ودعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في تسلمها سلطات الرئاسة بعد الفراغ. ورأى في مبادرة عون خطوة متوقعة نتيجة تحالفاته.
وإذ شدد جميع المتكلمين على وحدة قوى 14 آذار وبقاء تناغم أطرافها، دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الى عدم الخوف من حديث قوى المعارضة والرئيس اميل لحود عن إجراءات وخطوات أمنية وعلى الأرض، «فيجب ألا نؤخذ بالتهويل، وتهديداتهم لا ترعبنا». وقال إنه «ثبت اننا كلما قدمنا لهم تنازلات، اعتقدوا انهم يمكنهم الضغط علينا». ودعا جعجع الى الوقوف الى جانب الحكومة وضرورة تفعيل دورها، إضافة الى مبادرة الأكثرية الى توضيح مواقفها للرأي العام اللبناني «لئلا يوضع اللوم أو المسؤولية علينا كقوى 14 آذار في تعطيل انتخاب الرئيس».
وتطرق الحضور الى المبادرة التي أطلقها عون وأجمعوا على تبني الجزء الأول من البند الأول فيها، باعتباره يعلن فيه الامتناع عن خوض معركة الرئاسة، فيما رأوا في البنود الأخرى إصراراً على تجاوز الدستور وتعطيله والقفز فوق اتفاق الطائف.
وقالت مصادر قيادية في 14 آذار لـ «الحياة» ان أهمية الاجتماع الذي شهد حضوراً كثيفاً من وزراء ونواب وقادة أحزاب، تكمن في ان الرهان على إحداث شرخ داخل الأكثرية لم يكن في محله، وأن الاجتماع بحد ذاته ما هو إلا «رسالة للمعارضة بأننا ما زلنا على موقفنا وخياراتنا باقية ولن تسقط، وأن لجوء رئيس الجمهورية اميل لحود الى خطوة غير دستورية وهو يغادر قصر بعبدا الى منزله سيضطرنا الى استخدام خيارنا بانتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً».
ولفتت المصادر نفسها الى تمسك الأكثرية بالسلم الأهلي وضرورة الحفاظ عليه وعدم التفريط فيه «لأن البديل عنه سيكون في إغراق البلد في الفوضى». وقالت ان الأكثرية لن تتخذ أي خيار في شأن انتخابات الرئاسة ما لم يوافق عليه الجميع.
لقاء إده – الحريري
وعلمت «الحياة» أن الحريري التقى ليل أول من أمس وفور انتهاء اجتماع قيادات 14 آذار في فندق «فينيسيا»، المرشح لرئاسة الجمهورية الوزير السابق ميشال اده.
وبحسب المعلومات، فإن الاجتماع استمر حوالى ساعة ونصف الساعة، وان اده أبدى استعداده للتعاون مع النائب الحريري كرئيس للحكومة في حال وصوله الى سدة الرئاسة وان يترك له اختيار وزير العدل لطمأنته الى انه ليس في وارد اتخاذ أي موقف ضد المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الحريري. ولفت اده الى ان لديه صداقات في المعارضة لكن أصدقاءه لا يمكن أن يمنعوه من ممارسة قناعاته، «ولا يستطيع أحد أن يفرض عليّ ما لا أقتنع به».
كما تحدث اده عن علاقته بالرئيس الحريري ومرحلة التعاون معه في التسعينات في الحكومة حين كان وزيراً. وأبدى اده استعداده للتفاهم مع الحريري على القضايا السياسية المهمة في ما يخص المرحلة المقبلة وان لا موانع تحول دون هذا التعاون في أي قضية.
الحياة