عزت «العقوبات الأشد» على إيران إلى «زعزعتها الاستقرار» في العراق وأفغانستان
رفعت واشنطن أمس عصا العقوبات الاقتصادية بوجه النظام الايراني وطموحاته النووية، وفرضت حصاراً مالياً على أعمدته المصرفية والعسكرية وشخصيات في النظام. ووصفت تلك العقوبات بأنها الأشد منذ الثورة الإسلامية في 1979 «لمواجهة السلوك غير المسؤول لإيران»، فيما اعتبرتها أوساط أميركية بمثابة «إعلان حرب». وردت أوساط إيرانية على هذه الخطوة، محذرة من انها «ترفع جدار عدم الثقة بين إيران وأميركا وتؤدي الى وقف الحوار» في الملف العراقي.
وبعد تصعيد كلامي من البيت الأبيض، أعلنت الإدارة الأميركية في بيان مشترك لوزارتي الخارجية والخزانة أمس، إدراج الحرس الثوري الإيراني والجهاز اللوجيستي لوزارة الدفاع والقوات الإيرانية، و «فيلق القدس» ومصرفي «ملي» و «ملات» وخمسة قادة عسكريين، ضمن اللائحة الرقم 13382 للهيئات والأشخاص «الداعمين لنشر السلاح الكيماوي والممولين للإرهاب». ومنع القرار أي تعامل تجاري لأي فرد أو جهة أميركية مع تلك الهيئات، تمهيداً لفرض حصار مالي ضدها في الأسواق العالمية.
وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أن واشنطن قررت فرض عقوبات على تلك الأجهزة بسبب «السلوك غير المسؤول لإيران». وأوضحت أن الاجراءات الجديدة تستهدف «فيلق القدس» الذي تتهمه واشنطن بدعم الإرهاب، والحرس الثوري المتهم بالمساهمة في نشر أسلحة دمار شامل.
وأكدت رايس أن هذه الخطوة «تمنع اي مواطن أو منظمة خاصة في أميركا، من التعامل مالياً» مع المؤسستين، وأشارت إلى أن «هذه القرارات تساعد على حماية النظام المالي العالمي من النشاطات المشبوهة للحكومة الإيرانية، وتتيح ردعاً قوياً لأي مصرف دولي أو شركة تفكر في التعامل مع الحكومة الإيرانية».
وبرر بيان الإدارة تسمية الحرس الثوري الذي يضم اكثر من 125 ألف عنصر، «هيئة إرهابية عالمية» بوجود أدلة لدى وزارة الدفاع (البنتاغون) والاستخبارات الأميركية عن مدى «تورط» الحرس، وتحديداً فيلق القدس، «في زعزعة الاستقرار في العراق وتسليح ميليشيات بمتفجرات تستهدف الجيش الأميركي هناك، إضافة الى إيصال أسلحة الى أفغانستان ودعم مجموعات متطرفة في المنطقة بينها حزب الله».
وشملت العقوبات خمسة جنرلات هم: حسين سليمي ومرتضى رضائي وعلي أكبر أحمدين ومحمد حجازي وقاسم سليماني (قائد فيلق القدس). وحظيت الخطوة بتأييد من مجلس الشيوخ الأميركي الذي تبناها بغالبية الثلثين قبل أسبوعين، كما استندت الى اجماع أقطاب الادارة في البيت الأبيض والخارجية، ورأى فيها الخبراء سلاحاً قوياً لمحاصرة النظام الايراني اقتصادياً، خصوصاً في حال نجاح الولايات المتحدة في اقناع حلفائها الأوروبيين بمقاطعة تلك الجهات اقتصادياً وعزلها خارج السوق المالية الدولية.
في المقابل، أبدت شخصيات في الكونغرس تحفظات عن تلك الخطوة، مبدية مخاوف من اعتبارها «اعلان حرب على ايران»، ذلك انها المرة الاولى التي توصف مؤسسات رسمية في دولة أخرى بانها «ارهابية»، ما يعطي الرئيس الاميركي ضوءاً اخضر لتوجيه ضربة ضدها في اطار قوانين الحرب على الارهاب.
يذكر ان الضغوط الاقتصادية على طهران نجحت حتى الآن، في اعلان كل من مصرف «كومرز بنك» (ثاني أكبر مصرف في ألمانيا) ومصرفي «يو بي أس» و «كريدي سويس» (سويسرا) والعملاق المصرفي البريطاني «إتش أس بي سي» الى وقف تعاملاتها مع الجانب الايراني. وتساعد في الضغط على الأوروبيين في هذا الاتجاه، طبيعة التعاملات النفطية التي تقتضي مرور التحويلات في هذا الاطار عبر الولايات المتحدة.
في غضون ذلك، تصاعد الجدل داخل اميركا ازاء طلب الإدارة تخصيص 88 مليون دولار بذريعة «الحاجة العملانية الملحة» لتعديل قاذفات من طراز «بي-2»، لتتمكن من القاء قنابل تجريبية ضخمة لخرق التحصينات، وسط تساؤلات عما إذا كان ذلك يندرج في إطار استعدادات لتوجيه ضربة لإيران.
وقال النائب جيم موران، الديموقراطي عن ولاية فرجينيا، عضو لجنة نفقات الدفاع في مجلس النواب: «افتراضي هو ان هذا الطلب يستهدف ايران، لأننا لن نستخدم ذلك في العراق، ولا أعرف أين سنستخدمه في افغانستان، لأن ليس فيها أي منشآت أسلحة تحت الارض لدينا علم بها». وقال النائب الديموقراطي جيم مكديرموت: «طبول الحرب تدق مرة أخرى، وهذه المرة ضد ايران، وعلينا أن نتدخل ما دام هناك وقت».
وفي طهران، اعتبر مقرر لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني كاظم جلالي ان القرار الاميركي بفرض عقوبات على «الحرس الثوري» و «فيلق القدس»، «خطأ استراتيجي، سيزيد حال عدم الثقة بين البلدين». وأضاف ان القرار «يحمل اثاراً سلبية على ما تم التوصل إليه في الحوار حول العراق»، باعتبار ان الجهة الاساس التي تفاوض الاميركيين في هذا الملف مرتبطة بـ «فيلق القدس» والخارجية الايرانية.
وسبق أن دانت الخارجية الايرانية مساعي واشنطن لإدراج «الحرس» على لائحة المنظمات الارهابية، واكدت ان قواته «رسمية تابعة للدولة الايرانية، ووصمها بالارهاب يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية لبلد مستقل»، فيما رد البرلمان الايراني على قرار الكونغرس بإقرار قانون يعتبر الجيش الاميركي ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) منظمتين ارهابيتين «لما ترتكبانه من جرائم بحق الشعوب، خصوصاً في العراق وافغانستان».
واشنطن , طهران – جويس كرم , حسن فحص الحياة