يبدو وكأن بعض اللبنانيين مصابون بما يعرف بـ”متلازمة ستوكهولم”! إذ يبدو انهم أدمنوا عشق جلاديهم لكثرة ما مارس هؤلاء عليهم من فروض القتل والإرهاب والتخويف وصولا الى “التدجين”!
عودة سريعة إلى الوراء.
غداة مطالبة المجتمع الدولي بتطبيق القرار الاممي 1559، الذي كان هدية دولية للبنان ليتخلص عبره من الاحتلال السوري ومن هيمنة الميليشيات، انبرى اثنان من قادة لبنان، للعمل على استثناء “حزب الله”، من تطبيق القرار وتسليم سلاحه للدولة اللبنانية! فيمّم وليد جنبلاط شطر الاتحاد الاوروبي لإقناع قادة اوروبا بأن “الحزب لبناني” ويجب ان لا يشمله القرار! في ما توجّه سعد الحريري الى الولايات المتحدة، للغاية نفسها!
وعلى الاثر، تم الاكتفاء بتطبيق بند سحب الجيش السوري من لبنان، واحتفظ حسن نصرالله بسلاح حزبه، وعمل على تطويره وتنويعه، وافتعل حرب العام 2006، سنة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واجتاح من بعدها بيروت عام 2008، في غزوة السابع من ايار، وحاصر كل من الحريري وجنبلاط، وعاثت مليشياته قتلا وتدميرا في مؤسسات “المستقبل” التابعة للحريري، وأطلقت النار على المنزلين المحاصرين، وما زالت الى اليوم تصادر الدولة ومؤسساتها وتهيمن على قراراتها السيادية وغير السيادية!
مناسبة الكلام ما تفضل به رئيس ما يسمى “حركة التغيير” ايلي محفوظ، قبل ايام من دعوة للحوار بين امين عام حزب الله حسن نصرالله وسمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، الذي جدد له أنصاره البيعة، قبل ايام رئيسا ابدياً لحزبهم، في انتخابات غلبت عليها اجواء ديمقراطية، وتمت بطريقة الكترونية عصرية حديثة.
انها بالفعل متلازمة “ستوكهولم”!
حسن نصرالله قاب قوسين او أدنى من السقوط مع حزبه وراعيه الاقليمي. فلماذا يتطوع المحامي محفوظ، ليطلق له طوق نجاة وهمياً.
وهل سمير جعجع، اليوم، قادر على فك حبل المشنقة عن رقبة نصرالله؟
محفوظ بدأ حياته السياسية مناصرا للجنرال الدونكيشوتي ميشال عون، واكتشف مبكرا ان احلام الجنرال “بيع اوهام” ليصل الى كرسي بعبدا. فناصب التيار العوني العداء، وحاول تأسيس تيار رديف من العونيين المعترضين على سياسات عون المتقلبة، فأطلق ما يعرف “حركة التغيير” والمقصود تغيير توجهات التيار العوني واعادتها الى اصالتها في الحرية والسيادة والاستقلال.
بالنسبة لـ”محفوظ”، مثّلت “القوات اللبنانية” النقيض الذي يمكن اللجوء اليه في وجه التيار العوني، بعد ان اخفق في جمع حشد العونيين المتضررين من سياسات عون، ليقتصر حجم حركته التغييرية عليه منفردا!
الا انه ناشط في صفوف “السياديين”، ويسعى دائما لتصدر المواقف السياسية عالية النبرة، والتي يخشى رؤساء الاحزاب والكتل النيابية من المجاهرة بها. فـ”محفوظ” ليس لديه ما يخسره، في حين ان للاحزاب حساباتها في الربح والخسارة.
محفوظ يعتبر الاقرب الى القوات اللبنانية وهو يتردد دائما على “معراب”. وهو لا يتنطح لممارسة دور بهذا الحجم ما لم تكن “معراب” بصورة المبادرة، ليصح القول انها مبادرة صادرة عن “معراب” بلسان رئيس حركة التغيير.
ولكن هل الوقت الآن للغزل بين “القوات” و “حزب الله”؟
تاريخ العلاقة بين الحزبين يشير الى إمكان التلاقي، بعد الفراق، اليس في السياسة لا عدو دائم ولا صديق دائم؟
ذات يوم طلبت زوجة جعجع النائبة ستريدا، من رئيس كتلة نواب الحزب، محمد رعد، ان ينقل السلام للسيد عبر “سَلِّم على السيد حسن” مشهودة!
وبعدها، شكر سمير جعجع وزير الصحة المحسوب على حزب الله، حمد حسن، على قيامه بواجبه وتفقده مستشفى بشري الحكومي، فبدا وكأن المستشفى يملكه جعجع، وليس مستشفى حكومي تموله وتصرف عليه وتديره وزارة الصحة اللبنانية، ومن جهة ثانية بدت وزارة الصحة ملكية حزب إيران، على غرار القرض الحسن ومستشفى الرسول الاعظم وسواها من مؤسسات الحزب.
وبدا أن حمد حسن يتفاضل جدا على بشري واهلها بزيارة تفقدية لمستشفاها الحكومي ما استوجب شكره.
غريب امر هؤلاء القادة المفترض انهم صمّوا آذان اللبنانيين بـ”سياديتهم”، وموقفهم المناهض لسلاح “حزب الله”، وعند مفترق الطريق الذي بدا فيه ان الحزب الالهي قاب قوسين او ادنى من السقوط، او التراجع الى الوراء، ينبري احدهم لرمي طوق نجاة وهمي له.
الحزب المأزوم استنجد بـ”ميليشيا” سنية هي “قوات الفجر” التابعة لتنظيم الجماعة الاسلامية، ومن ثم تلطّى خلف ما يسمى “كتائب القسام”ـ فرع لبنان ليطلق بضع قذائف وصواريخ “رفع عتب” على اسرائيل، لانه لا يجرؤ على الدخول في حرب يعرف سلفا أنها ستأتي على مشروعه كاملا.
هذا الحزب في حاجة الى غطاء محلي لا يستطيع الحريري تأمينه له، بعد ان علق عمله السياسي، ولا يريد جنبلاط التنطح للقيام بهذا الدور من جديد، فهل انبرى جعجع له؟ ولماذا؟
لو بموت معو ما بيقعد
ومستر محفوض شو طالعلوا من التقارب ويمكن التلاقي؟
بس سؤال: هل محفوض “ماروني”؟
“بِعَرضك” خيي إيلي، “بلاها”! صاحبك آخر مرة لعب “صولد”، باتفاق “الرابية” (و”أوعا خيّك”) سلّم البلد لفخامة “ميشال وفيق صفا”! متل ما بيقول المتل “روق يا فاروق”!
نصرالله خسر المعركة مع كيان “خيوط العنكبوت”، و”افرنقع” هو، وحزبه، ومعلّمه خامنئي. اتركوه بحاله. وإذا مصرّين تتفاوضوا معه، خليها من كيس “القوات” مش من كيس اللبنانيين. “عوّرتو” البلد من 7 سنين. بترجّاك “بلاها”!