الأدميرال عامي أيالون هو الرئيس السابق لجهاز الشين بيت، جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي في الفترة 1996ـ2000. قبل ذلك كان قائد البحرية الإسرائيلية بين 1992 و1996. انضم إلى حزب العمل وانتخب نائباً في الكنيست في 2006. تنافس على رئاسة حزب العمل ولكن إيهود باراك هزمه في 12 يونيو 2007. أطلق مبادرة سلام “صوت الشعب” مع الجامعي الفلسطيني سري نسيبة.
ترجمة “الشفاف”
لوفيغارو: هل سيظل يوم 7 أكتوبر 2023 مسجلا كـ”يوم 11 سبتمبر” إسرائيلي؟
عامي ايالون – في إسرائيل، يرى معظم الناس أن هذه الأحداث الدرامية هي بمثابة “حرب يوم غفران” جديدة. قبل يومين فقط أحيينا ذكرى هجوم عام 1973. وما حدث الآن كان مشابهًا جدًا. جاء الهجوم بمثابة مفاجأة كاملة. وربما تكون الأسباب هي نفسها. لكنني أعتقد أنه على المدى الطويل، عندما نحاول فهم تاريخنا، ستبدو صفحة 2023 أكثر جدية. وهذا الهجوم سيغير وجه إسرائيل.
هذه هي المرة الأولى منذ إنشاء الدولة اليهودية التي يتم فيها ذبح مئات المدنيين وقتلهم في منازلهم على أراضينا. سوف يستغرق الأمر سنوات حتى نفهم التأثير طويل المدى الناجم عن الرعب والخوف المرتبط بهذه الأحداث. نحن نستخدم مصطلحات “يوم الغفران”، لكن الجو اليوم مختلف تمامًا. لقد أنشأنا دولة للدفاع عن أنفسنا. استثمرنا مبالغ ضخمة من المال لضمان أن يكون جيشنا هو الأقوى والأكثر كفاءة. انهار كل شيء في 7 أكتوبر 2023. ولم يعد معظم الناس يتوقعون أي شيء من قادتنا السياسيين. لكن نعم، كنا لا نزال نتوقع شيئاً من قادتنا العسكريين وقد فشل طلك أيضا.
هل المشكلة هي أن الحكومة الإسرائيلية لم تستمع لتحذيرات الجيش؟
عامي ايالون – أولاً كان هنالك فشل هائل من قبل أجهزتنا الأمنية. كل المعلومات الاستخبارية في غزة كانت مبنية على المراقبة الإلكترونية. لكن قادة الجناح العسكري لحماس، مثل زعيمهم محمد ضيف، نجوا من الانتفاضة الأولى والثانية ومن العديد من العمليات العسكرية الإسرائيلية. وهم يعرفون كيفية التواصل دون هاتف أو إنترنت. ربما كان عدد قليل جدًا من المسؤولين في “حماس” على علم بالعملية التي قاموا بها. لقد كانت أجهزتنا الإستخبارية عمياء.
من جهة أخرى، من الواضح أن جزءًا كبيرًا من المسؤولية يقع على عاتق الحكومة. قال لها قادة جميع الأجهزة الأمنية إن السياسة المتبعة خاطئة وأنه من الواضح أن أعداءنا سيستفيدون منها. أعداؤنا يروننا نضعف، ويرون صمودنا ووحدتنا تضعف. لقد شعروا بلحظة انقسام كبير حول الأزمة التي سببها إصلاح النظام القضائي في البلاد.
وبطبيعة الحال، لم يستمع السياسيون. وخاصة فيما يتعلق بالتحذيرات بشأن الضفة الغربية. لقد بذلت الحكومة الإسرائيلية قصارى جهدها لضمان عدم استمرار فتح والسلطة الفلسطينية كشركاء (لنا)، وذلك لأنها منحت سلطةً لحماس. اليوم لدينا “حماس” في غزة ولم يبقَ لنا أحد في الضفة الغربية. إن أغلب الفلسطينيين، حتى في الضفة الغربية، ينظرون إلى السلطة الفلسطينية، وخاصة زعيمها أبو مازن، باعتبارها متعاونة مع إسرائيل. لقد تسامحنا مع ما لا يطاق عندما سمحنا لحماس بتسليح نفسها على عتبة بابنا منذ عام 2006. لقد سمحنا لقطر بتحويل الأموال إليها، مما سمح لها بتسليح نفسها. لقد تمكننا من إدارة مشكلة “حماس” من خلال فترات من الهجمات العسكرية، التي تعقبها هدنة. وفي كل مرة كانت “حماس” تخرج أقوى قليلا. اعتقدت حكومتنا أن المشكلة الرئيسية في غزة هي مشكلة اقتصادية، ومنحت فسحة للتنفس من خلال إصدار تصاريح عمل لآلاف الفلسطينيين، الذين دخلوا أراضينا قبل أسبوعين من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. حماس حركة منظمة للغاية، حماس أيديولوجية وحماس حركة اجتماعية. علينا أن نقاتل الجناح العسكري للحركة، كتائب عز الدين القسام. وعلينا أن نضمن أنه لن تكون هناك بعد الآن هذه القدرة العسكرية الهائلة على أعتابنا. وهذا يتطلب عملية عسكرية ضخمة.
هل العملية البرية في غزة حتمية؟
نعم، لا خيار آخر أمامنا لتدمير كتائب عز الدين القسام.
ولكن علينا أن نغير سياستنا بالكامل من أجل إيجاد شريك فلسطيني. ويجب أن نقول منذ البداية إن حربنا ليست ضد الشعب الفلسطيني. حربنا هي ضد الجناح العسكري لحماس. وحتى قبل أن نهاجم يجب أن نقول إننا نريد خلق واقع نتحدث فيه مع الفلسطينيين الذين يقبلون مبادرات السلام والذين يريدون أن يناقشوا معنا واقع الدولتين. لكنني أعتقد أنه أي حكومة إسرائيلية لن توافق على القيام بذلك اليوم. ومع ذلك، إذا لم نفعل ذلك، فسنشهد زيادة في العنف.
وحتى اليوم، ترفض إسرائيل الاعتراف بأن الفلسطينيين شعب. ولن تكون التنمية الاقتصادية كافية بالنسبة لهم. إنهم يريدون الحرية، ويريدون رؤية نهاية للاحتلال.
هل تعتقد أنه كان من الممكن تجنب أحداث نهاية الأسبوع لو تم حل القضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية؟
هذا بديهي. انظروا إلى مفهومنا للأمن في إسرائيل. حتى “حرب يوم الغفران” قبل 50 عاما، كنا نفضل الأرض على السلام لأن السلام لم يكن مهما بالنسبة لنا. وكان هدفنا الأمن. كان علينا أن ننتظر صدمة “حرب يوم الغفران” لنصل إلى نتيجة مفادها أنه لكي يكون هناك أمن، يجب أن يكون هناك سلام. لم نحقق السلام مع مصر إلا بسبب صدمة “يوم الغفران”، وبدأنا التفاوض مع الفلسطينيين في مدريد ثم أوسلو فقط بسبب الانتفاضة الأولى. وأخيراً، لم نغادر لبنان إلا بسبب الإرهاب الشيعي والتفجيرات الانتحارية. لقد انسحبنا من غزة فقط بسبب الانتفاضة الثانية. لقد لعب المجتمع الدولي دوراً رئيسياً في جميع الحالات التي ذكرتها. اليوم نعيش مأساة ولا أحد يهتم. لا يمكننا إلقاء اللوم على أحد. لا أحد يستطيع أن ينقذنا بالرغم من أنفسنا.
ماذا عن العالم العربي؟ هل هذه نهاية اتفاقيات إبراهيم؟
لا شيء ميت تماما. ولكن قبل كل شيء، فإن مشاكلنا لم تمت. إنه لأمر مدهش أن نرى الفرق بين ما رأيناه نحن عندما وقعنا على “اتفاقيات إبراهيم” وما رآه العالم العربي فهيا. لقد وقعوا على المعاهدات لوقف عمليات الضم الفورية التي خطط لها نتنياهو. لقد كان ذلك شرطاً. قالت حكومتنا نعم ثم أوضحت لجمهورنا أننا لم ندفع ثمن السلام. وأضافت أننا لن نمضي في عمليات الضم على الفور، بل خطوة بخطوة. أي أننا لم نحترم كلمتنا.
هل الهجوم البري فخ لإسرائيل؟
سيكون الأمر صعبا للغاية. أعلم أنه لتحقيق ذلك، سيتعين علينا قتل آلاف الفلسطينيين. ليس لدي أي فكرة عن عدد الجنود الإسرائيليين وعدد المدنيين الإسرائيليين الذين سيموتون. وأعلم أيضًا أنه كلما زاد عدد الفلسطينيين الذين نقتلهم في غزة، زادت فرص تدخل حزب الله في شمال البلاد. وأن مستوى الإرهاب في الضفة الغربية سوف يرتفع. ماذا سيحدث في الشوارع العربية في الأردن، في مصر… هناك الكثير من المجهول.
ولكن لا بد من القضاء على قدرات حماس العسكرية، لأننا نجد أنفسنا اليوم في وضع بالغ الصعوبة، حيث فقدت القدرة الرادعة لقواتنا مصداقيتها إلى حد كبير. لقد رأينا في اليومين الماضيين شيئًا لم نكن نتخيله. لقد كانت مذبحة. قتل الأطفال والنساء في منازلهم وليس فقط بالرصاص. ولتدمير الجناح العسكري لحماس، ليس هناك بديل عن الهجوم البري، لأننا لا نستطيع أن نقتل مليوني إنسان تحت القصف.