إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
منذ بدء الخليقة وهناك تعريف واحد للانتصار في المعارك الشخصية وحتى الحروب بين الدول، فمن ينجلي غبار المعركة وهو إما مقتول أو أسير أو جريح بجرح خطير يعتبر مهزوماً، أما المنتصر فهو الطرف الواقف الذي حقق الأهداف من حربه وحصد جوائز الانتصار.
***
مع قدوم الثوريات العربية بداية الخمسينيات بمصاحبة غوبلز العرب المدعو هيكل، بدأ خلق تعريف معاكس وزائف للانتصار، فكل هزيمة نكراء تحولها شخصيات مخادعة مثل أحمد سعيد ومحمد سعيد الصحاف وأمثالهما إلى انتصارات باهرة، حيث يوضع هدف لم يقل به العدو للحرب، ويدعى أن ذلك الهدف الوهمي لم يتحقق ومن ثم يصبح العدو – المنتصر بالحقيقة- هو المهزوم المكلوم.
***
طبقاً للتعريف المنطقي والعقلاني والواقعي المتفق عليه بين شعوب الأرض للانتصار- عدانا – يتحول أبطال تاريخنا الحديث إلى مهزومين رغم صدق نواياهم، فجميعهم من أحمد عرابي وعبدالقادر الجزائري ويوسف العظمة وعبدالكريم الخطابي وعمر المختار والقسام والحسيني والكيلاني والعقداء الأربعة وعبدالناصر وصدام والقذافي وعرفات والبشير.. إلخ. هم جميعاً أبطال مهزومون انجلى الغبار وهم إما مقتولون أو مأسورون.
وبقيت قلة في جنوب اليمن وشمالي أفريقيا قامت بثورات انتهت بالاستقلال بسيل من الدماء، وتظهر الحقائق الجلية أنهم لو انتظروا لكانوا سيحصلون على استقلالهم دون رصاصة أو قطرة دم واحدة كحال دول الخليج. لو لم يخدعوا ويغرر بهم من بعض الثوريات العربية التي كانت تعمل لمصلحة المستعمر الأكبر… الاتحاد السوفيتي ليعلنوا الثورات وتسفك دماء الملايين ويهدم البناء ليصلوا للاستقلال الذي كان بإمكانهم الحصول عليه دون كل ما سبق، كما حصل لدول الخليج الحكيمة…
***
آخر محطة:
(1) مرة أخرى، من حققوا الانتصار العربي بأجل صوره بالحرب أو السلام هم قياديون مثل موحد الجزيرة وباني نهضتها الملك عبدالعزيز آل سعود وموحد دول الإمارات وباني نهضتها الشيخ زايد آل نهيان وبقية حكام الدول الخليجية، ومثلهم الرئيس أنور السادات، الذي أنهى الحروب وأرجع أراضيه بالسلام التي فقدها سلفه مرتين.. بالحروب والنكسات.
(2) أرجو أن يعلم العرب أن منهجية الحرب الحديثة ليست كارهم أو مهنتهم التي يتقنونها والأفضل لهم وللأجيال القادمة أن يختاروا السلام كخيارهم الاستراتيجي الوحيد في علاقاتهم مع الجيران ومع العالم أجمع!
كلام عقلاني موضوعي أين منه العقلية العربية المريضة؟