“ان الانسان الحر كلما صعد جبلا عظيما ً وجد وراءه جبالا اخرى يصعدها… فالمرء اما ان يكون حرّا ً او لا يكون حرّا ً.” نيلسون مانديلا.
رحل الفارس الاسود نيلسون مانديلا بطل القومية الافريقية، بعد ان صعد جبالا ً مملوءة بالعنصرية والتفرقة العرقية وحكم الأقلية البيضاء على حساب الأغلبية السوداء، فبعد الجهد النضالي والصبر السياسي الذي قدمه مانديلا من اجل شعبه، قطفها ثمرة انتصار حرية وكرامة وعدالة لشعبه، كانت مغتصبة من اقلية افريقية عنصرية بيضاء حاكمة.
رحل مانديلا فارس النضال للحركات التحررية من العبودية والعنصرية العرقية، رحل بعد ان تميز بشخصية اسطورية نضالية حفرت في ذاكرة التاريخ لتتحول بعد وفاته رمزا في وجدان الاجيال.
نيلسون مانديلا الزعيم الافريقي، الذي امضى معظم حياته معتقلا داخل السجون العنصرية لمدة 27 عاما وهو ينادي قائلا: “طوال حياتي, كرست نفسي لهذا الكفاح من اجل الشعب الافريقي، لقد حاربت سيطرة البيض وحاربت سيطرة السود،” في العام 90 خرج مانديلا من سجنه حرّا ً طليقا ً كبطل قومي أفريقي مناضل ضد الفصل العنصري، بعدها استمر مانديلا في النضال والكفاح السلمي مجنبا شعبه حربا أهلية عنصرية عرقية، عبر مفاوضات سياسية سلمية استمرت 4 سنوات مع فريدريك دو كليرك اخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا، وعلى اثر تلك المفاوضات، تم تسليم السلطة سلميا ً الى الاغلبية السوداء ليتم مباشرة انتخاب نيلسون مانديلا رئيسا ً على جنوب أفريقيا الديمقراطية ضمن انتخابات حرة ونزيهة، وذلك كان في العام 94 بعد ان علق مانديلا قائلا ً:”في بلدي نذهب اولا ً الى السجن، ومن ثم نصبح رؤساء”، بعدها مباشرة شكل حكومة وحدة وطنية من العرقين الاسود والابيض لنزع فتيل التواترات العرقية، دون ان يظهر اي مرارة او إحساس في الانتقام لكل السنوات التي امضاها خلف قضبان السجن اتجاه العرق الابيض، بل على العكس نجح مانديلا في اكتساب مودة البيض له قائلا ً:”أمقت العنصرية لأني اعتبرها امرا ً بربريا ً، سواء جاءت من شخص أسود أو أبيض،” بهذه الجمل المعبرة، استطاع نيلسون مانديلا الانتصار على نظام الفصل العنصري العرقي، مانعا بذلك الأغلبية السوداء ان تنفرد بالسلطة على حساب الاقلية البيضاء، ولا الاقلية البيضاء ان تنفرد هي ايضا بالسلطة على حساب الاغلبية السوداء.
مانديلا الملقب بـ”ماديبا” وعلى مدى سنين من وراء قضبان سجنه، عض على جرحه وآلامه يتحمل الاهانات على كرامته، من قبل نظام العنصرية العرقية، فقط من اجل ان يعيش الشعب الافريقي في سلام وعدل ومساواة وانصافه في اعطاءه حقوقه المدنية.
رحل مانديلا الذي قال: “إذا تصالحت مع عدوك، فعليك ان تعمل معه، عندها يصبح صديقك”، رحل الثاثر الاسود العنيد، وفارس افريقيا الجنوبية الديمقراطية، رحل “أبو الأمة” صاحب الحكمة والحنكة السياسية، رحل صاحب الانسانية وحرية الفكر، رحل بعد ان ناضل من داخل سجنه وخارجه، رحل بعد ان تخطت افكاره وآراءه حدود بلاده.
وداعا للمناضل ومكافح العنصرية العرقية، وداعا يا صاحب العدل والانصاف، وداعا ً يا اشرف المناضلين، وداعا ً نيلسون مانديلا.
علي بركات أسعد
كاتب لبناني
alibasad uAP hotmail.com