• إن كافة أشكال الدعم الخارجي وخاصة تلك التي تقدم بمنأى عن الشفافية، ومن وراء حجاب، وفي الظلام ستجعل الحرب مستدامة وتحول اليمن إلى بروفة مستعجلة لجحيم القيامة
• الراجح أن فشل الوساطات العربية سيفتح الباب لتدويل ملف “القضية الجنوبية وحرب صعدة وتفعيل قرارات مجلس الأمن وما هو أدهى!
• الهواجس المصرية تسترعي الانتباه، وتستدعي أكثر من قراءة وتحرك سريع ومسؤول
*
(الصورة: “إرهابي حوثي” يحمل كيساً من الملح على رأسه في معسكر المزرق حيث التجأ النازحون من “صعدة”)
*
رياح إيرانية
هنالك ما يستوجب الالتفات إلى الإشارة التي تفيد أن موقعة 26 سبتمبر 1962 مكَّنت الزيدية القبلية القحطانية- القبائل- من الصعود إلى سنام الحكم والتحكم بصولجان السلطة بدلاً من الزيدية العدنانية الهاشمية –السادة- الى حد ما. وتبعاً لمنطق هذه الإشارة، كانت مصالحة 1970 محصورة بين هذين الطرفين إلى حد بعيد، واستبعد اليمن “السافل” بثواره وثائريه وأكثريته الشافعية من مائدة التصالح، وربما كان ذلك من أسباب انفراط المصالحة بعد مضي أعوام، وانفراطها، مؤخراً، بصورة انفجارية كاشفة لحقيقة أن مصالحة 1970 أطفأت فتيل النار إلى حين، لكنها لم تنزع كوامن ومفاعيل الحرب التي خمدت لبرهة وجيزة، ثم نشطت خلاياها وانفجرت عام 2004 من صعدة التي كانت، بالأمس، معقلاً لـ”الملكيين” وبقي حالها كما كان عليه يوم غادرها الإمام الأخير، ولم تصل إليها الجمهورية إلا بالقدر الذي يثير اضطراب الأدلة، كما لم تلامسها رياح العصر، وظلت محرومة من ابسط الخدمات الأولية، وبدت كما لو كانت في انتظار “إمام منتظر” يجترح معجزة إخراجها من مربع التمييز والتهميش والإقصاء، ولو بفوهات البنادق والمدافع.
وكانت المفارقة زاعقة بالسخرية حين ظهر للعيان أن صعدة اهتزت برياح ثورة الإمام الخميني أكثر من اهتزازها برياح ثورة سبتمبر الجمهورية اليمانية.
وانطلقت هذه الحرب الحقيرة التي نشهد اليوم أكثر فصولها كارثية من صعدة، وبعد أن كانت وقائع الحرب الأولى تدور في نطاق مديرية واحدة وقد اتسع نطاقها إلى أبعد الحدود، وانداحت متوالياتها، وأضحت الحرب السادسة تدور ميدانياً في ثلاث محافظات وزلزلت اليمن كلها، واكتظت المستشفيات الحكومية والعسكرية بالجرحى وفاضت ثلاجاتها بالموتى، واستحكم الذعر بمعظم المحافظات اليمنية التي صارت تستقبل، بصفة شبه يومية، جثامين القتلى من أبنائها وتتسقط أخبار من انقطع عنهم وبهم التواصل وتستعلم عن أسماء الجرحى في المستشفيات والجرحى المرحَّلين إلى السعودية والدول الأخرى.
وفي حين حملت هذه الحرب أزيد من 200 ألف نسمة على التشرد والنزوح، فقد أسفرت عن آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المصابين، وآلاف المعتقلين، والعدد المجهول مهول، وفاقت خسائرها كافة الخسائر الناجمة عن حروب الثورة والجمهورية والملكية والشطرية والوحدوية واليمينية واليسارية واليمنية السعودية مجتمعة، وألقت بظلالها الكابوسية وروائحها الفاتكة على كافة أرجاء البلاد، وأطلقت شظاياها وحرائقها إلى الحدود والى ما وراء الحدود الإقليمية وشدت الأطراف الخارجية من أنوفها لتتدخل وتستنقع في اليمن بإملاء خطر برتقالي تبدت أعراضه الأولى بما يشبه حالة الحمل الإعلامي الداخلي الكاذب بنزوعه الجامح لابتزاز الخارج واستدراجه عبر إقحام فزاعة الإرهاب وإيران في الموضوع، وأفلح الابتزاز المبتذل، ويا للغرابة، في استدراج الخارج إلى الملعب الذي يريده، ليبرهن، وللمرة الألف، بأن الخارج قليل خبرة وعديم حيلة وغبي وقابل لأن يتمرغ بكعب (عكفي) بارع في صناعة الحرب أكثر من أي شيء آخر وقبل كل شيء.
وتبين بأن الخارج بما فيه الأشقاء في الجوار وعرب المشرق، عديم الخبرة والخيال والمعرفة واستشراقي ساذج في قراءته للحالة اليمنية.
والحال انه بعد تردد وحيرة وتلمظ لطعم الغموض، استغرق خمسة حروب ونيف في صعدة، تدخّل الخارج.
وفي البدء، تفاوت مستوى تفاعل واستجابة الأطراف الإقليمية والدولية ولم ترتفع جلجلة أجراس الإنذار بخطر داهم إلا بعد أن ارتفعت ألسنة نيران الحرب السادسة وصارت عابرة للحدود ومهددة للأمن الإقليمي والعالمي بكل ما يعنيه تفاقم الحريق في الفناء الخلفي للخزانات التي تزود العالم بما يدنو من 70% من الطاقة وهو حريق كفيل بدفع العالم إلى قلب ليل حالك لا يشبهه أي أحد غير لون النفط فقط.
ولما كان معلوماً ان وقف هذه الحرب ليس بالأمر السهل حتى بالنسبة لمن أشعلها، فقد كان لابد من استحضار السوابق واستعراض شريط الحرب الأهلية التي دارت رحاها في المثلث الزيدي الذي تدور فيه الحروب الحالية وهو مثلث –لا نقصد مقابلته بالمثلث السني في العراق حيث يتركز المقاتلون وتنعدم الثروة- مؤفغن التضاريس إلى حد مدهش، مع فوارق تافهة وبسيطة يتجسم احدها في اختلاف نوعية الصخور بين صعدة في اليمن وتورا بورا في أفغانستان –حسب الخبير السياسي والعسكري اليمني الصديق حاتم أبو حاتم- وهو فارق محسوم لمصلحة حرب أطول في صعدة ذات الصخور الرخوة التي تبهت مفعول القذائف إلى أدنى مستوى وتقلل عدد القتلى إلى الحد الأدنى.
وعلى صعيد متصل، كان معلوماً، أيضاً، ان توقف الحرب بين “الجمهوريين” و”الملكيين” قد ارتبط بالتدخل الخارجي والاتفاق المبرم بين مصر والسعودية، وهو اتفاق جاء في الأساس، لتطبيع العلاقات بينهما، وليلزمهما بالكف عن استعراض العضلات واختبار القوة في “الساحة” اليمنية التي أظهرت شهية مفتوحة وشرهة وقدرة فائقة على التهام أي قوة، وكانت المصالحة التي صار أمرها مفعولاً في عام 1970 سعودية مصرية ويمنية (إلى حد ما) وقد ترتب عليها عودة “الملكيين” للمشاركة في الحكم باستثناء عائلة الإمام يحيى حميد الدين ما يشير إلى بعد ثأري انتقامي متواشج مع اسم ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أقصت الأسرة الإمامية من عرش الحكم.
يومذاك كانت صعدة هي معقل “الملكيين” ولم تسقط عبر الحسم العسكري، وما كان لعجلة الحرب ان تهدأ وتتوقف عن طحن العظام وأكل لحوم البشر إلا بعد انقطاع المدد الخارجي عن متحاربين ارتسمت ملامحهم في مغاور الكهوف وتحت ظلال السيوف، وامتهنوا الحرب نمطاً للعيش عبر عصور وأحقاب مديدة، وكانت بالنسبة لهم قيمة عليا، و”هوية” أصيلة، ووسيلة لكسب القوت وتعريف الذات.
من هنا تجدر الإشارة إلى أن كافة أشكال الدعم والعون الخارجي المادي والنقدي، والأخير بصفة خاصة ستكون خطيرة ومدمرة للغاية، إذا لم تذهب إلى مستحقيها وستجعل الحرب مستدامة لتتحول اليمن، بفعلها، إلى بروفة مستعجلة لجحيم القيامة، خاصة إذا ما جرى تصريف تلكم المساعدات بمعزل عن الشفافية والمساءلة والإشراف الميداني الدولي لأن وقوعها في يد “القبائل” يعني المزيد من التقاتل، والمعروف ان الطرفين يتغذيان من بعضها ويتحاربان بنفس الأسلحة والذخيرة ويتراشقان بقذائف واتهامات من صنف واحد، وهما بالأحرى “هو” من القبائل القحة المجبولة على الحرب والنهب والثأر وان تسربلت بأزياء ويافطات دينية أو عصرية، أو توسلت بشعارات “الثورة” و”الجمهورية” و”الإمامة” وشعارات “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل” وما إلى ذلك من ضحك على العيون والذقون.
فالمؤكد أن الكون كله يعتبر مدى غنيمة في نظر القبيلي، إذا ما ألفاه أو كان في متناول يده.
وتطالعنا الشواهد والوقائع ان شعارات الدفاع عن الثورة والجمهورية وما يقابلها من شعارات تهتف بموت أمريكا وإسرائيل تضمر وتجهر بتقتيل المتحاربين لبعضهم وبلادهم وذلك ما يفعلونه بأقصى درجات العنف الوحشي التي تسقط معها كافة أشكال التزويق والمواربة السمجة.
إن كافة أشكال الدعم الخارجي، خاصة تلك التي تقدم من وراء حجاب وفي الظلام، وسيان ان كانت من السعودية أو إيران، ستغذي ماكنة الحرب في اليمن وستصب في مجرى إنعاش العصبية القبلية والعصابات وأمراء الحرب بشتى تلاوينهم ومسمياتهم وفي كافة أرجاء البلاد، وستجعل من كل “هؤلاء” المتقاتلين بالأصالة وبالوكالة، فرسان الميدان في عموم اليمن، وسوف يواصلون الحرب لأنها لعبتهم المفضلة، والوظيفة الوحيدة التي يجيدونها ويبرعون في فنونها.
وعلى (فاعلي الخير) في الجوار الإقليمي والعالم ان يعلموا بأن اتفاق الدوحة –مثلاً- بين السلطة والحوثيين وبرعاية ودعم من دولة قطر، لم يفشل إلا لأنه كان مشروطاً بالإشراف الميداني للجانب القطري الراعي والداعم والممول لصرف التعويضات وإعادة أعمار صعدة ورصد يومها 500 مليون دولار لهذا الغرض.
كما يتوجب على دول الجوار والعالم أن تعلم بأن اليمن وأفغانستان توأمان سياميان، وأن تدرك بأن السبيل الأسلم لتخليص اليمن من مستنقع الأفغنة، وللحيلولة دون أن تكون يمنستان بامتياز، هو مساعدة هذا البلد على بناء دولة القانون والمؤسسات لأن المراوحة والترنح في دهليز ما قبل وما دون الدولة كان دائماً، وسيظل أبداً، هو الأرضية الخصبة لكل هذه الحروب المدمرة ولكل هذه الفوضى العربيدة، المتفلتة، المهلكة.
استحضار مصر
من هذه الزاوية فحسب يمكن لكاتب هذه السطور ان يقرأ دعوة صحيفة “الأهرام” المصرية: “أنقذوا اليمن”، ويمكن قراءة ذلك الرأي المصري القوي والصريح الداعي لـ”تحرك سريع من أية جهة موثوق في نزاهتها وحيادها للوساطة بين الحكومة والمتمردين الحوثيين في اليمن، وبين الحكومة وقيادات الجنوب التي بدأت دعاواهم للانفصال تتزايد، حتى يتم احتواء الموقف قبل وصوله الى حالة اللارجعة، فكلما طال أمد القتال ضد المتمردين تعقدت القضية أكثر وترسخت المرارات وزادت التدخلات الخارجية في الشأن اليمني، مما يعقد المشكلة ويصعب حلها، وكلما تم ترك الخلاف يتسع ويتفاقم بين الحكومة اليمنية وقيادات الجنوب اتسعت نعرة الانفصال وتدخلت أطراف خارجية لدعم الداعين له”.
وأضاف رأي “الأهرام”: حسم التمرد عسكرياً مع الحوثيين أمر مشكوك فيه لأنه لم يسبق ان حلت الحروب نزاعاً بشكل دائم ونهائي، والدليل على ذلك ان بعض القادة اليمنيين صرحوا أكثر من مرة بأن الموقف سيتم حسمه مع المتمردين خلال أيام، ومرت الأسابيع دون ان يحدث الحسم، ومازالت الدماء تراق بين أبناء اليمن الواحد وعدد المتمردين يتزايد وحجم الدمار يتسع وموارد الدولة تستنزف”.
وتشدد “الأهرام” على انه: “للخروج من هذه الدائرة الجهنمية لإراقة الدماء وللحفاظ على وحدة الوطن لابد من شيئين أساسيين، قيام وسيط عربي ذي ثقل ونفوذ سواء كان شخصاً أو هيئة بالوساطة بين الطرفين لوقف إطلاق النار والتوفيق بين مطالبهما، والخروج بمقترحات تحقق الحد الأدنى مما يطالب به كل طرف… أما الأمر الثاني –بحسب الأهرام- فهو ألا ييأس الأمين العام لجامعة الدول العربية بسبب عدم نجاح مهمته الأولى وأن يحاول مرة ثانية وثالثة مستفيداً من نتائج محاولته الأولى فإذا لم يتعاون الطرفان مع الوساطة العربية –كما اعتدنا في الماضي- فلابد من تدخل وسيط دولي أو من الدول الكبرى ذات النفوذ لحل المشكلة وإعادة الاستقرار إلى اليمن الذي يشرف على أهم ممر بحري للتجارة العالمية، خاصة للبترول لأن ذلك في مصلحة الجميع –الأهرام 23 أكتوبر-.
الواضح أن الذاكرة المصرية تنطوي على جرح خبرة غير سارة ومريرة في اليمن بمسؤولية عالية عبر هكذا تصور وموقف رسمي واضح وجدير بالتقدير، وهو موقف يستحث “الأطراف المعنية” في اليمن على التعاطي معه بقدر كاف من المسؤولية، ويدعوها إلى استجلائه من مختلف زواياه وأبعاده، فتلك مصر، وينبغي أن تُقرأ أكثر من مرة وبالكثير من الرهافة وبعد النظر والعناية، وينبغي أن يكف طرف السلطة عن ركوب خيول الطيش والنزق حين يتعلق الأمر بالتعامل مع هكذا مبادرات مدفوعة بإجماع إقليمي عربي ومشفوعة بغطاء خارجي واضح، ناهيك عن كونها تبدو منزهة عن الغرض ومتحررة من قيود التحيزات والأحكام المسبقة.
وتطالعنا الرسالة المصرية بحزمة محذورات وهواجس تسترعي الكثير من الانتباه حين تحذر من عقابيل التعويل على “الحسم العسكري” وتحرضنا على الالتفات إلى الخلف بزاوية حادة تتيح استعادة شريط الاحتراب الأهلي الضاري الذي دار بين “الجمهوريين” و”الملكيين” لفترة تزيد على سبع سنوات، واستعادة وقائع حرب 1994 التي عولت، أيضاً، على الحسم العسكري وألغت شراكة الجنوب، وأفضت، فيما أفضت، إلى انتكاسة مخيفة للطرف الذي توهم تحقيق النصر و”عمَّد الوحدة بالدم” وتمثل ذلك باندلاع حراك جنوبي مطلبي حقوقي، اتسع وتطور وتصاعد حتى اتخذ طابعاً سياسياً و”جذرياً” وتغلف بشعارات الحد الأقصى التي غدت تهتف بالدعوة إلى تقرير المصير و”فك الارتباط” و”الاستقلال” ولا تقبل بأقل من ذلك.
والواضح أن “الأهرام” تتوجس فشل المساعي العربية على ضوء خبرة تاريخية مريرة وضمن أفق النظر المفتوح لاستيعاب دروس الانكسارات والانتكاسات العربية في العراق والسودان، وضمن أفق التوقعات الذي يهجس بانهيار عظيم في اليمن حيث يبدو الوضع أكثر هشاشة وقابلية لتفجر شامل ومستعجل، بخفة لا تحتمل.
من هنا يغدو من الضروري توسيع قراءة “رأي الأهرام” الخاص بخرافة الحسم العسكري، التي طالما كانت كارثية في اليمن بشهادة مما يحدث اليوم في صعدة ومما يعتمل ويمور في المحافظات الجنوبية من تطورات خطيرة أسقطت، والى غير رجعة، خرافة الحسم العسكري وهزمتها في الصميم، وطرحت “القضية الجنوبية” على طاولة البحث والساعة بإلحاح منقطع النظير، مؤكدة على بطلان كافة الأراجيف التي تحاول تسويق مسمى “الوحدة” من باب إلغاء الآخر، وهدم أسس الشراكة التي قامت عليها جمهورية 22 مايو 1990.
ثم إن التلويح بتدخل دولي كان صريحاً وواضحاً في حديث “الأهرام” التي لاحظت انه إذا لم يتعاون الطرفان مع الوساطة العربية –كما اعتدنا في الماضي- فلابد من وسيط دولي أو من الدول الكبرى”، ومن الراجح ان ذلك هو ما ينتظرنا في العتبة التالية، خاصة مع إخفاق كافة مساعي التوسط الإقليمية والعربية التي بذلت بقصد إخراج اليمن من النفق المظلم لحرب صعدة –مثلاً- وكانت اتفاقية الدوحة تحت الرعاية القطرية هدية ثمينة لن تتكرر ولن تتوفر اليمن على ما يضاهيها حتى في الأحلام والأفلام!!
وفي هذا السياق كانت تواصلت المساعي العربية التي حاولت مساعدة اليمن على الخروج من جحيم الحرب في صعدة، ومواجهة أسئلة القضية الجنوبية، وكان الأحرى أن ينفتح باب الحوار الشفاف والعاجل بين الفاعلين في الداخل والخارج بما يهدف إلى استخلاص وبلورة الصيغة المناسبة للمجال السياسي المرتجى، والدولة الجامعة لليمانين بدلاً من صيغة السلطة المتعدية على الدولة، والمارقة على الشعب والمجتمع والدستور والقوانين، أو سلطة الانقلاب والحرب وهي سلطة انقسامية بطابعها وطبيعتها لأسباب تتعلق بنشأتها وتكوينها وقيامها على عصبية قبلية وعسكرية انتهت بها إلى أقلية عشائرية، عائلية ممتدة تختطف جل مقدرات ومصائر البلاد والعباد وتتغذى من ثنائية الفساد والعنف وإدارة البلاد بالحروب الصغيرة والكبيرة بعد استنفادها لإمكانيات الإدارة بالأزمات وبآليات “نظام الفوضى”.
وإذا كان حجم صورة (دار فور) يكبر يوماً عن يوم في صعدة وسط تحذيرات غربية وأمريكية تتواتر أسبوعياً وتلفت الأنظار إلى خطورة وحراجة الوضع الإنساني في صعدة –كما ورد في تصريح الناطق الرسمي للإدارة الأمريكية آخر الأسبوع المنصرم-، وإذا كان ذلك يحدث بالتلازم والتفاعل والتقاطع مع ما يحدث في الجنوب حيث يكبر حجم “القضية الجنوبية” ويتحرك ملفها في الأروقة الخارجية وتحت الطاولات وفوقها، فإن الذهاب إلى ما يشبه (نيفاشا) أو (جوبا) عبر بوابة دولية، وبدفع من الإرادة الدولية لم يعد بالأمر المستبعد.
ومن غير المستبعد، أيضاً، ان تنحو الأمور في منحى تفعيل قرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة في يوليو 1994 التي تقضي برفض فرض الوحدة بالقوة، كما ترفض تمرير صيغتها بمنأى عن تراضي الطرفين، ما يعني استدعاء خيار الاستفتاء على الوحدة بين الشمال والجنوب، ليس في السودان، وإنما في يمن اليوم التالي الذي يبدو ان السلطة تستعجله وتندفع إليه بممارسات “انفصالية” لا نظير لها.
وفي كل الأحوال يتوجب الإقرار بأن الشكل القائم لـ”النظام السياسي” ولـ”الوحدة” لم يعد مقنعاً بالمرة وليس ثمة ما يمنع من المسارعة إلى مواراته الثرى وتشييعه بلعنات التاريخ، من غير أن يعني ذلك أن تنحصر المسألة بشخص أو فئة أو جماعة أو عائلة وبقدر ما يتوخى إبطال كافة أشكال الامتناع على سماع صوت الرشد والحوار بدلاً من الامتلاء بالصوت الواحد الذي لا يسمع إلا نفسه، واختزال مجمل المجال والبلاد بالواحد الذي قيض له أن ينتهي ذات يوم أغبر إلى حفرة ثم إلى حبل مشنقة، وقيض له في يوم لاحق أن يكون ملاحقاً ومطلوباً للمثول في قفص الاتهام ليحاكم من قبل العدالة الدولية كمتهم بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.
وتظل كافة الخيارات والاحتمالات السوداء مفتوحة، إذا ما تعثرت كافة المساعي الداخلية والعربية المبذولة لإيجاد مخرج، وحتى إذا ما قيض لأية مبادرة عربية أو دولية أن تصل بعد أن يكون المريض قد مات وتعفنت جثته وتحللت إلى أوصال وأشلاء وإرب –حسب الأقحاح العرب-.
هواجس مصر اليمنية: التدخل الدولي والاستفتاء من عناوين اليوم التالي أيام العز وأحداث 13 يناير .1986 الملح على -الجرح- رأس الطفل اليتيم في الصورة الأولى تعبير بالغ لازمة شعب كامل, برافو, برافو! منصور هائل, عدد سكانه هده الشعب الجائع اليوم يقارب عدد سكان العراق قبل إن قام الأحمق في ارتكاب جريمة بحق الأمة العربية باسم الأمة العربية , اليوم الشعب اليمني بحاجة إلى ثورة حقيقية وليس ثورة كاذبة1962 في الشمال- في الجنوب 1964. ولكن غيابة على صفحات الشفاف السعودية في الآونة الأخيرة أمر غير معهود بة , الي إنني وجدته مند أسابيع على صفحات ” عدن برس ” وهو أمر… قراءة المزيد ..
هواجس مصر: التدخل الدولي والاستفتاء من عناوين اليوم التالي
الوحده لاتفرض بالقوه فمابالك بأحتلال للجنوب منذ 1994 اما ترحلوا سلميا والا من سلاح الثوار نرجوا تنفيذ قراري مجلس الأمن لعام 1994 وهما 924 و 931