التيار الليبرالي العربي لم ينتبه إلى خطورة ما جرى في العراق في ظل الإحتلال الأميركي. فقد تعرّض المسيحيون العراقيون لواحدة من أكبر عمليات القتل والتهجير في تاريخ الشرق الأوسط المليء بالمجازر والتهجير. والأرجح أن أغلبية مسيحيي العراق باتت الآن في المهاجر، أو في كردستان العراق. وتشير الإنتفاضات الجارية في المنطقة العربية حالياً إلى احتمال أن تتعرّض الأقليات الدينية لاضطهادات مشابهة، سواءً في ليبيا أو في مصر (حيث تقع عمليات ضد الأقباط كلما شعر النظام الحاكم بالخطر) أو غيرها.
قضية حماية “الأقليات” (وتعبير “الأقليات” يمكن أن يشمل “السنّة” أو “الشيعة”، أو “اليهود”!) ينبغي أن تكون في طليعة اهتمامات الرأي العام الليبرالي العربي، حتى لو كانت الليبرالية تنظر للناس كـ”بشر” وكـ”مواطنين” متساوين في الحقوق والواجبات.
وسيكون صعباً أن تصل المجتمعات المنتفضة على الإستبداد إلى وضع “حرية” و”تعددية” و”ديمقراطية” وهي تقمع “أقلياتها” أو تسعى لفرض مذاهبها الغالبة عليها. في الشرق الأوسط، الديمقراطية تعني، بالضرورة، حرية المعتقد الديني، وحرية ممارسته، أيضاً.
“الدفاع عن الأقليات”، كل الأقليات، يقطع الطريق، أيضاً، على دعاة “تحالف الأقليات”!
ولو عدنا إلى مثل قديم، من ستينات القرن الماضي، فقد نبّه مناضلون ومفكرون جزائريون، في حينه، إلى عواقب طرد ٢ مليون أوروبي من الجزائر بعد الإستقلال. ولكن الأوروبيون طُردوا (بعكس ما حدث في جنوب إفريقيا) وطُردت معهم شرعة حقوق الإنسان، وفكرة حكم القانون، والتعدّدية، من الجزائر التي انتقلت إلى حكم الحزب الواحد والفرد الواحد بعد حصولها على الإستقلال.
المقال التالي من “دويتشه فيله“، وبعده مقابلة سابقة من موقع “قنطرة” الألماني حول أوضاع المسيحيين في العراق.
الشفاف
*
هل يهدد الخطر فسيفساء الأديان في العراق؟
يعاني غير المسلمين في العراق، من المسيحيين والأيزيدية والمندائيين من اعتداءات إرهابية وعمليات اختطاف لإرغامهم على دفع فديات مالية عالية. دفع هذا بالعديد منهم إلى الهجرة، حتى أضحى تواجدهم التاريخي في أرض الرافدين مهددا.
تشهد الأقليات في العراق بشكل يكاد يكون يوميا اعتداءات أو عمليات اختطاف أو تفجيرات إلى درجة أن الفسيفساء العرقية والطائفية والدينية التي ميّزت بلاد الرافدين أصبحت تتلاشى شيئا فشيئا.
هذا التلاشي بدأ حتى قبل سقوط نظام صدام حسين قبل عشر سنوات، وتجلى من خلال الصراع الدائر بين العرب والأكراد من جهة وبين السنة والشيعة من جهة أخرى. وقد شملت تبعات هذا الصراع العرقي والطائفي طوائف أخرى على غرار المسيحيين والأيزيدية والمندائيين.
أضحت الكنائس منذ أعوام هدفا لتفجيرات وعمليات إرهابية. وعندما تولى الزعيم الديني للطائفة الكاثوليكية في العراق البطريق لويس رافائيل الأول منصبه في مارس/آذار الماضي كانت الدرجة الأمنية القصوى هي السائدة في أنحاء واسعة من العراق. وقد شهدت أعداد الطائفة الكاثوليكية كغيرها من الطوائف المسيحية تراجعا ملحوظا في العراق، حيث هاجر عدد متزايد من المسيحيين إلى خارج البلد، إلى درجة أنه لم يتبق من إجمالي مليون مسيحي كانوا يعيشون في بلاد الرافدين سوى بضع مئات الألوف، وفقا لتقديرات كنسية.
الأقليات الدينية الأخرى في العراق تواجه مصيرا مماثلا، إذ يُعد وضع الطائفة المندائية، التي موطنها الأصلي جنوب العراق منذ أكثر من ألفي عام، صعبا للغاية. ورغم أن المندائيين يؤكدون أن القرآن يعتبرهم من أهل الكتاب وبالتالي فهم أهل بالحماية، إلا أن العديد من المسلمين يرونهم من منظور مختلف.
الطائفة المندائية، التي يعد جنوب العراق موطنها الأصلي، مهددة بالاندثار تماما من العراق بسبب الهجرة جراء أعمال العنف التي تستهدفها..
صبيح الزهيري، الذي كان يشعل منصب بروفسور في اللغة المندائية ببغداد، يقول إن الطائفة المندائية، التي ينتمي إليها، لا تزال معرضة للاعتداءات. ويضيف الزهيري في حديث مع DWأن الكثيرين من أتباع هذه الطائفة لا يكشفون عن انتمائهم الديني خوفا من التمييز، لافتا مثلا إلى أنه في حال طلب شخص مندائي قهوة في أحد المقاهي وكشف عن هويته فلا يحصل عليها. ويوضح قائلا: “الناس سوف يمتنعون عن شرب أي شيء من كوب شرب منه شخص مندائي قبلهم.”
وقد هاجر عدد كبير من المندائين إلى الخارج إلى درجة أن وجودهم في وطنهم الأصلي العراق أصبح مهددا، فقبل عشر سنوات كان نحو 30 ألف شخص من الطائفة المندائية يعيشون بين بغداد والبصرة، أما اليوم فإن عددهم ربما لا يتجاوز 5 آلاف شخص. وقد هاجر أغلبيتهم إلى ألمانيا والبلدان الاسكندينافية والولايات المتحدة. “العديد يعتقد أن الطائفة المندائية ستندثر مستقبلا بالكامل في العراق”، على ما يقول الزهيري.
الطائفة الأيزيدية : حرية نسبية ، ولكن في كردستان العراق
طائفة الأيزيدية الكردية في العراق عانت بدورها من الملاحقة والاعتداءات، فعلى الرغم من أن عدد أتباعها لا يتجاوز مئات الآلاف ويعيش أغلبهم في شمال البلاد، إلا أن المسلمين المتطرفين يعتبرونهم كفارا من عبدة الشيطان.
وفي آب/أغسطس عام 2007 وصلت أعمال العنف ضد الطائفة الأيزيدية ذروتها، حيث قتل أكثر من 400 شخص من أتباعها في تفجيرات إرهابية. ويحظى الأيزيديون في الشمال الكردي من العراق بحقوق أفضل من أولئك الذين يعيشون في المناطق العربية.
يقول إلياس يانك من المنتدى الأيزيدي في مدينة أولدنبورغ الألمانية إن “الحكومة الكردية أنفقت ملايين الدولارات لترميم أحد أهم معابد الطائفة الأيزيدية في لاليش بالقرب من مدينة الموصل”.
ورغم أن الأعياد الأيزيدية هي أيام عطلة رسمية كما يبين الياس يانك الا أنه “لا يزال هناك تمييز ضدهم خاصة في سوق العمل أو في مجال التعليم”.
من جهته، يقول كمال سيدو، المتخصص في شؤون الأقليات العراقية من المؤسسة الألمانية لحماية الشعوب المهددة: “مظاهر التمييز اليومي يمكن أن تأخذ أشكالا مختلفة، مثلا في أحد القرى التي يعيش فيها مسلمون ويزيديون، يقوم المؤذن بتلاوة سور من القرآن تعتبر مهينة لليزيديين.”
في الواقع، يضمن الدستور العراقي للأقليات الدينية على غرار المسيحيين واليزيديين والمندائيين حرية المعتقد، ولكن هذا القانون لا يحميهم من التمييز في الشارع وعدة مجالات حياتية. كما أنهم عرضة للاعتداءات والتفجيرات الإرهابية. كما يعمد البعض إلى اختطاف المسيحيين أو المندائيين للحصول على فديات مالية عالية. وبعض الجماعات المتطرفة تعتدي على المحالات التجارية التي يملكها أتباع الطوائف الأقلية، خاصة إذا كانت تباع فيها مشروبات كحولية.
ويرى سيدو مستقبل الأقليات في العراق بنظرة تشاؤمية، فيقول: “بالنسبة للمندائيين لن يعود الزمن القديم مرة أخرى” لافتا الأنظار إلى أنه رغم سعي الحكومة العراقية إلى تحسين إجراءات حماية الأقليات، لكن مساعيها لم تحظ بنجاح يذكر : ” في الشمال الكردي حصرا ، بإمكان الأقليات غير المسلمة أن تعيش وتمارس شعائرها الدينية بكل حرية”، وفق ما يقول سيدو.
*
جنرال سابق يطالب بحماية مسيحيي العراق من الإبادة
ازداد الضغط على مسيحيي العراق وتعرضهم للاضطهاد والتهجير خلال السنوات الأخيرة. ملهم الملائكة أجرى هذا الحوار الخاص مع الجنرال غازي خضر الياس عزيزة حول تاريخ ومعاناة المسيحين في بلد الرافدين المستمرة منذ 14 قرناً.
غادر الجنرال غازي خضر الياس عزيزة منصبه كمستشار لوزير الداخلية العراقية في سنة 2006 ، وغادر بلده ليصل الى ألمانيا لاجئاً ويتقدم الى الأمم المتحدة بوثيقة تشير الى تعرض مسيحيي العراق لعمليات إبادة جماعية تاريخية، بحمايتهم وتعويضهم عما لحق بهم ،ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم.
`
موقع قنطرة إلتقى الجنرال عزيزة وأجرى معه الحوار التالي:
كيف انطلقت حملتكم لتعريف العالم بما جرى ويجري للمسيحيين في العراق؟
غازي خضر الياس عزيزة: بدأنا بحملة لتوحيد كلمة الطوائف المسيحية في العراق، ونحن بصدد تشكيل هيئة تتبنى مسوّدة الوثيقة، التي تقدمنا بها والتي تثبت تعرض المسيحيين في العراق على مدى مئات السنين الماضية لإبادة جماعية. الحملة تتوخى إثبات حقوق الشعب المسيحي في الأرض، بمعنى الحصول على إعتراف من الأمم المتحدة بأنّ مسيحيي العراق هم أصحاب الأرض قبل 1400 عام، ثم اعتراف الهيئة الدولية بالجرائم التي أصابتهم. وسنطالب الأمم المتحدة بتشكيل محكمة جنائية دولية تتولى التحقيق في مزاعمنا للوصول الى إثبات إدعاءاتنا.
ما هو الأساس القانوني الذي إستندتم عليه في عرض قضيتكم؟
غازي خضر الياس عزيزة: المادة الثانية من الإتفاقية الدولية حول الوقاية من جرائم الإبادة الجماعية لسنة 1948 تنصّ على تعريف ومنع هذه الجرائم ومتابعة ومعاقبة مرتكبيها. وقد استندنا على هذه المادة ومواد أخرى من الإتفاقية المذكورة. وقد حددت هذه الإتفاقية مستويات الإبادة، ونصت موادها على أن إبادة مجموعة من طائفة معينة أو قومية معينة بالقتل أو التشريد داخل أو خارج البلد تقع تحت وصف جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ومثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم بل يبقى مرتكبوها عرضة للتعقيب والمتابعة والإعتقال والمحاكمة مهما تقادم الزمن على تاريخ إرتكابهم لتلك الجرائم.
“عشائر العراق المسيحية إعتنقت الإسلام بحد السيف وهربا من الجزية”
في الوثيقة التي عرضتموها، تقولون إنّ المسيحيين هم سكان العراق الأصلاء. كيف تعرّف وضع بقايا السومريين والآشوريين إذا؟
غازي خضر الياس عزيزة: المسيحيون هم إمتداد تلك الشعوب، التي إندثرت قبل خمسة الى سبعة الاف عام، نحن نتحدث في هذه الوثيقة عن الفترة التي تمتد الى 1400 عام، قبل وصول الإسلام الى بلد الرافدين، حيث كان أغلب سكان العراق من العشائر العربية التي دانت بالمسيحية، إضافة الى نسبة صغيرة منها تدين باليهودية، ونسبة أخرى تدين بالديانة المندائية. وألآشوريون والكلدان الذين يقولون اليوم إنهم بقايا تلك السلالات لا يمثلون المكون المسيحي في العراق، فتلك أقوام سكنت العراق قبل 5 آلاف عام، ومنهم مسلمون، ولو بحثت اليوم في أصول العشائر العربية المسلمة لوجدت أصولها آشورية و سريانية و كلدانية، هذه حضارات بادت وضاعت امتدداتها.
والكلدان بالذات إنتموا للأسلام وقت التبشير بهذا الدين، وقد جاء إنتمائهم تحت تهديد السيوف أو الجزية، وهذه وقائع تاريخية معروفة لا أدعي أني أول من إكتشفها. أغلب عشائر جنوب العراق المسلمة اليوم، لكنها كانت في الأصل مسيحية، لكن وبعد الفتح الاسلامي والتهديد بالقتل والعجز عن دفع الجزية اضطرت تلك العشائر الى دخول الإسلام .
عراقيون “تحت حماية الأمم المتحدة”
هل فكرتم أن حملتكم هذه قد تقود الى قيام وطن قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط كما حدث مع اليهود في هذه المنطقة؟
غازي خضر الياس عزيزة: نحن لا نطالب بوطن قومي مستقل، وهدفنا هو حماية المسيحيين من قبل الأمم المتحدة. نحن لا نريد أن ننشئ جيشا أو ميليشيات تحتل أرضا أو تقيم حكومة أو فدرالية تتولى حمايتنا. المسيحيون يبقون في كل أنحاء العراق كما كانوا، ويعملون مع باقي أبناء الشعب لبناء وطنهم، لكن هذا يجب أن يجري تحت حماية الأمم المتحدة.
أنا أعتقد أن تدهور أوضاع العراق خلال العقود الأخيرة سببه هجرة المسيحيين الذي شغلوا وظائف هامة ونشّطوا قطاعات فاعلة لخدمة البلد. فالجميع يعرف أن المسيحيين يمتازون بالصدق والاخلاص والوفاء لبلدهم وهم مسالمون لا ينتمون الى أحزاب أو تنظيمات.
رغم رفضكم لفكرة الوطن القومي للمسيحيين يشهد العراق منذ سنوات حديثا عن إقامة إقليم في منطقة سهل نينوى يكون مأوى لكل مسيحيي العراق وتتولى قوات البيش مركة الكردية حمايته. ما تعليقك على هذا المشروع ؟
غازي خضر الياس عزيزة: هذه مؤامرة، فالمسيحيون عمليا يمكن أن يسكنوا في إقليم خاص بهم في شمال العراق، ولكني كمسيحي أرفض هذا المشروع، فنحن من أصل عربي وليست لنا لغة غير العربية، ومسيحيو العراق يتحثون بلهجات إكتسبوها من المناطق التي سكنوها مئات السنين، والحل الصحيح هو أن يعود كل مسيحي مهجّر الى مكانه ليخدم بلده مع أبناء منطقته، نحن لا نريد وطنا مستقلا، بل نريد حماية وحقوقا كمواطنين من الدرجة الأولى.
مسيحيو العراق “أصحاب الأرض قبل 1400 سنة” يهربون من الاضطهاد ويبحثون عن ملاذ آمن
” 70 ألف مسيحي سكنوا النجف قبل ألف عام ، أين ذهبوا؟”
أشرتم في مسوّدة وثيقتكم الى المذبحة التي طالت المسيحيين في قضاء سمّيل في العراق سنة 1933 واستندتم عليها كواقعة لعرض قضيتكم على الأمم المتحدة، هل لكم بتعريف هذه الواقعة؟
غازي خضر الياس عزيزة: كان العراق آنذاك تحت الإنتداب البريطاني، وقد طالبت بعض العشائر المسيحية في منطقة سميل (القريبة من محافظة دهوك شمال العراق) بحقوقها، فثارت عليهم العشائر الكردية بدعم من جيش الحكومة المركزية في ظل رئيس الحكومة رشيد عالي الكيلاني، ورئيس أركان الجيش بكر صدقي، وقد أبيد مسيحيو المنطقة إبادة تامة، كما شجع قائم مقام المنطقة آنذاك عشائر شمّر وربيعة على إقتحام المنطقة، وإحراق القرى المسيحية فيها وقتل النساء والاطفال، والإستيلاء على ممتلكاتهم، ما أدى الى فرار المسيحيين الى تركيا وسوريا. وتوجد بقايا منهم في سوريا حتى هذه الساعة.
المسؤول عن هذه الجريمة هو رشيد عالي الكيلاني، لأنه كان رئيسا للحكومة، بل أنّ المسؤولية تقع على عاهل الملك فيصل الأول أيضا بشكل مباشر لأنه أرسل ولي عهده غازي ووزع أوسمة شجاعة على الضباط والجنود الذين أرتكبوا تلك المذبحة.
هذه الجريمة وفق القانون الدولي تكفي لإدانة سلطة الدولة العراقية لما إرتكبته بحق المسيحيين العراقيين، وأنا أتحدث هنا عن الدولة كشخصية معنوية ولا أعني الحكومة الحالية أو التي سبقتها أو غيرها. إجراء مثل هذا سيعيد لنا حقوقنا باعتبارنا سكان البلد الأصليين، كما حدث مع الهنود الحمر في أمريكا، ومع سكان أستراليا الأصليين، وكما حدث مع اليهود من ضحايا الهولوكوست النازي في ألمانيا وأوروبا، فقد حصل جميع هؤلاء على حقوقهم وعلى إعتراف دولي بأنهم أصحاب الأرض، كما عوقب مرتكبو الجرائم بحقهم.
آثار المسيحيين منتشرة في كل أنحاء العراق، وجرى مؤخرا الكشف عن وجود 33 كنيسة ودير في مدينة النجف، وهذا العدد يدل على أن النجف المقدسة عند المسلمين اليوم، قد سكنها ما لايقل عن 70 ألفا من المسيحيين قبل ألف عام، والسؤال هو أين ذريتهم؟ ولماذا هدمت ودفنت كنائسهم؟ لم يبق أحد منهم يجيبنا عن هذا السؤال، ونصل منه الى إستنتاج مفاده ان المسيحيين تعرضوا لابادة جماعية على مدى مئات السنين، وستثبت ذلك المحكمة الجنائية الدولية المختصة بعد أن تحيل الأمم المتحدة إليها الملف، ليصدر بعد ذلك قرار يثبت أننا أصحاب الأرض ويستدل على ذلك بآثارنا.
“يهود العراق أجبروا على الهجرة وهذا يعني إبادة جماعية”
تحدثتم في مسودة وثيقتكم عن الشعب اليهودي العراقي، من المسؤول حسب وصفك عن تهجيرهم؟
غازي خضر الياس عزيزة: هم مكون أصيل من مكونات العراق، وقد بدأوا بعد سنة 2003 بالعودة الى مناطقهم في الكفل وفي كركوك، وهم يشترون أراض في شمال العراق ، وقد بدأوا يطالبون بحقوقهم ويقولون إنهم قد تعرضوا الى إبادة جماعية ، والإبادة الجماعية لا يشترط أن تعني القتل حرفيا، بل يمكن أن تحدث عن طريق التهجير والترحيل.
اليهود قد أجبروا على الهجرة بقرار حكومي صدر عام 1950 بتسفيرهم عن العراق وإسقاط الجنسية العراقية عنهم ، وهذا القرار بموجب القانون الدولي يعتبر إبادة جماعية. والحقيقة أن يهود الدول العربية قد هجّروا بقرارات حكومية عربية، والإجماع العربي هو المسؤول عن تلك الجريمة.
أجرى الحوار: ملهم الملائكة
تحرير: لؤي المدهون
حقوق النشر: موقع قنطرة 2012
www.qantara.de/ar
*
اللواء غازي خضر الياس عزيزة: عمل بصفة مستشار عسكري لوزير الداخلية العراقية منذ سنة 1986 ولغاية سنة 2006 ، وعمل بأمرة عدة وزراء في حكومة البعث و3 وزراء داخلية في حكومات العراق الجديد بعد 2003 ما يرجّح إعتماد الوزراء المتعاقبون عليه لسبب خبرته العسكرية. تعرض للتهديد بالقتل في سنة 2006 إبان الإقتتال الطائفي في العراق، ثم خُطف إبنه الوحيد ودفع عنه فدية مالية ضخمة . إثر ذلك فر وأسرته من العراق لينتهي بهم المطاف في ألمانيا.
DW.DE