تنشط الحركة السياسية اللبنانية على مستويين إثنين، الاول يقوده ثنائي الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، بما لهما من رصيد عربي ودولي، والثاني على مستوى وزارة الخراجية اللبنانية والوزير جبران باسيل.
المتتبع لحركة المحورين، لا بد وان يلاحظ ان الرئيس الحريري يكثف لقاءاته السياسية الخارجية مع فرنسا حيث حل اكثر من مرة ضيفا على رئيسها فرنسوا هولاند، ثم كانت له مؤخرا خلوة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استمرت ساعة من الوقت، توّج خلالها زيارة عمل الى روسيا! في حينالتقى النائب جنبلاط، مؤخراً، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وزار الكويت عشية الحديث عن احتمال قيامها باستضافة حوار إيراني – عربي.
وفي المقابل، أثارت مواقف وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل المزيد من الجدل السياسي المسيء للبنان، منذ اجتماع وزراء الخارجية العرب، الى القمة الاسلامية وصولا الى مقاطعته غير المبررة والمفهومة لزيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى لبنان.
والمتتبع لحركة الرئيس سعد الحريري، ومجريات القتال الدائر في سوريا لا بد وان يتوقف عند مفارقتين:
الاولى، خرق الهدنة الامنية الهشة في ريف حلب، وترك مقاتلي الجيش السوري وحزب الله من دون الغطاء الجوي الروسي الذي سمح لهم بالتقدم الى مناطق جديدة بعد الإعلان عن التدخل الروسي المباشر في الحرب السورية، ثم بداية خسارتهم لهذه المواقع او لسواها إذا لم يتوفر لهما الغطاء الجوي الروسي عينه.
الثانية، وهي ان الرئيس سعد الحريري، الذي قال عنه فريق ما يسمى “الممانعة” على انه رئيس حكومة أسبق، يعاني من تردي في علاقته مع المملكة العربية السعودية، وهو على شفير الافلاس”، و”أكثر مما يمكن للحريري القيام به هو لقاء وزير الخارجية الروسي لافروف”، قد التقى الوزير لافروف، والرئيس بوتين، واختلى بالرئيس الروسي لساعة من الوقت!
“يقطفها” الحريري؟
مصادر متابعة، قالت إن زيارة الحريري، جاءت بعد نضوج البحث الجدي في مصير الرئيس السوري بشار الاسد، وانطلاق الحل السياسي، والذي يتزامن ايضا مع بدء البحث الجدي في مسألة إعادة إعمار سوريا، والتي تُقدّر كلفتها الى بمليارات الدولارات، مرجحة ان يكون البحث بين الحريري وبوتن تطرق الى هذه النقطة بالذات. خصوصا ان شركة “سعودي اوجيه” لها باع طويل وحازت على جوائز عالمية في مسألة “إعادة الاعمار بعد الحروب”. وهي بحكم الجغرافيا السياسية الشريك الرئيسي في عملية إعادة اعمار سوريا. ولن يضير الشركات الروسية أي شراكة مع “سعودي اوجيه” لتبادل الخبرات والمنافع، خصوصا ان إعادة إعمار سوريا لن تستطيع شركة واحدة مهما كبر حجمها ان تضطلع بها منفردة، بل هي مسؤولية وشراكة دول وشركات من نوع “سعودي اوجيه”.
لكن، لماذا قاتل نصرالله؟
وتضيف المصادر ان روسيا، بعد ان كرست نفسها وصيا اول على نظام بشار الاسد، بالتفاهم مع الاميركيين، واستتباع سائر الاطراف الاخرى المنخرطة في النزاع السوري، وبعد ان ضمنت مصالحها في سوريا المقبلة، ايضا بالاتفاق والتفاهم التام مع الغرب، تتطلع اليوم الى ترجمة الوصاية وتعزيز الضمانات مع بيئات حاضنة لمستقبل سوريا، وفي مقدمها العالم العربي. حيث يشكل السوريون السنّة البيئة الحاضنة لاي شراكة روسية-عربية في مستقبل سوريا، في حين ان إيران تفتقد الى بيئة حاضنة في المجتمع السوري، بعد ان تحولت الطائفة العلوية الى محمية روسية، بدلا من ايرانية. وهذا ما يضع ايران والميليشيات الاخرى التابعة لها تحت الوصاية الروسية الكاملة سوريا. وهو ما تجلى في معارك ريف حلب امس، حيث التزمت روسيا الصمت، ولم تشارك بالغطاء الجوري، فخسر النظام وايران وحزب الله اراض ومقاتلين.
وتاليا، تقول المصادر إنه إذا كان هناك من تغطية لانسحاب ايران وحزب الله من سوريا بأقل الاكلاف الممكنة فهذا يمكن حصوله بغطاء روسي! وان التمسك بورقة بشار الاسد لم يعد يجدي نفعا، بعد ان بات بحكم المؤكد ان لا دور سياسيا للاسد في مستقبل سوريا، وخسارته تعني حكما خسارة الخلفاء في ايران ومن خلفهم حزب الله.
وحزب الله اليوم مخير بين الخسارة الكاملة من دون حفظ ماء الوجه، او الخسارة بضمانة روسيا تحفظ للحزب ما امكن ماء الوجه.
وتشير المصادر ان الحريري الذي لم يدفع اثمانا بشرية ولا مادية في سوريا، وهو يسعى الى تكريس دوره شريكا في مستقبل سوريا، في حين ان حزب الله الذي دفع اثمان باهظة بشريا وماديا، سيرجع من سوريا بخفي حنين.