يتبين من شهادات مسؤولين كبار في اسرائيل للجنة فينوجراد التي تحقق بنتائج حرب لبنان الثانية، ومن شهادات أخرى أدلى بها مسؤولين من الأمم المتحدة، ان اسرائيل فوتت فرصة جدية للوصول الى اتفاق وقف اطلاق النار مع حزب الله في الأسبوع الأول من القتال،لا يختلف بمضمونه عن قرار الأمم المتحدة 1701.
الإقتراح الذي قدم لاسرائيل كان يقضي بوقف القتال ما بين 16 – 18 تموز 2006 ، ونقل الجنديين الاسرائيليين المخطوفين، اودي غولدفوسر والداد ريجف، لمسؤولية حكومة لبنان ورئيسها فؤاد السنيورة، الأمر الذي لو نفذ كان سيبين على الأقل ما هي حال الجنديين ، وهو ما لم يعرف حتى اليوم بعد سنة ونصف من الحرب.
وحسب أقوال الوسطاء فإن موقف قادة اسرائيل كانت له الحصة الأكبر في تفويت الفرصة، الأمر الذي قاد الى احتدام حدة الحرب مع حزب الله. هذا ، وألكثير من التفاصيل المثيرة يكشفه كتاب تصدره منشورات صحيفة “يديعوت احرونوت” في الاسبوع القادم ويحمل اسم “نسيج العنكبوت: حكاية حرب لبنان الثانية” . ويقول دبلوماسيون من الأمم المتحدة شاركوا في الاتصالات بين حزب الله واسرائيل ان حزب الله لم يرفض في وقته نقل الجنديين لمسؤولية الحكومة اللبنانية. ويؤكد كبار العسكريين من الجيش الإسرائيلي ان الموضوع طرح بالفعل على طاولة المفاوضات في وقته، وان حزب الله كان من الممكن أن يستجيب لهذا الأقتراح. ولكن عندما حاول دبلوماسيو الأمم المتحدة الوصول الى اتفاق رسمي، أوضح المسؤولين السرائيليين ان موضوع الجنديين لم يعد على رأس سلم الأولويا لاسرائيل. ومع ذلك يقول المقربون لرئيس الحكومة ايهود اولمرت انه لم يكن من المتوقع ان يستجيب حزب الله لاقتراح الأمم المتحدة.
ويذكر ان سكرتير الأمم المتحدة في وقته، كوفي عنان، قرر ارسال وسطاء الأمم المتحدة للشرق الأوسط في 13 تموز أي بعد يوم واحد من اندلاع القتال. وترأس الوفد مستشار سكرتير عام الأمم المتحدة ، الدبلوماسي الهندي فيجاي نامبيار. وكان ضمن أعضاء وفد الأمم المتحدة الدبلوماسي النرويجي تيري رود لارسن ومبعوث الأمم المتحدة الخاص والدائم للشرق الأوسط الفيرو دي سوطو من البيرو. الكتاب يكشف تفاصيل المفاوضات التي ادارها وفد الأمم المتحدة مع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري. ومنه يتبين ان الوفد نجح في الوصول الى اتفاق مع فؤاد السنيورة لم يرفضه حزب الله، وكان من الممكن قبوله في اسرائيل، حسب ما قاله أحد أعضاء وفد الأمم المتحدة. وكان التفكير انه بعد وضع الجنديين تحت مسؤولية فؤاد السنيورة والحكومة اللبنانية، توقف اسرائيل الحرب على اساس ان مطلبها الاساسي استجيب له. وبالمقابل كان حزب الله سيطلب تحرير الأسرى اللبنانيين الثلاثة فقط الذين تحتفظ بهم اسرائيل وبدون أي اسير فلسطيني، الى جانب اعلان غير ملزم حول مزارع شبعا بأن تعمل اسرائيل على ايجاد حل.
اولمرت رفض لقاء الوفد، فالتقى الوفد مع وزيرة الخارجية ليفني وعرض الاتفاق عليها. وعندما سمعت ليفني اسم مزارع شبعا “كادت تقفز من كرسيها” كما يقول أحد اعضاء وفد الأمم المتحدة. وقالت انه اذا سجلت كتب التاريخ ان حزب الله هاجم اسرائيل وخطف جنودها، وبالمقابل أخذ مزارع شبعا، فهذا يعني ان قوة الردع الاسرائيلية انتهت. ورفضت ليفني ان تبحث الموضوع بحجة ان كل البحث سيتركز الآن على مزارع شبعا. حسب شهادة عضو في وفد الأمم المتحدة ، حزب الله كان معنيا بوقف النار، وبتفاصيل تعيد انتشار الجيش اللبناني في الجنوب. ولكن التوجه الذي واجهناه في القدس كان يعني “انسوا هذا الأمر، نحن سننتصر”. وفي النهاية، ما رفضته اسرائيل كان هو المضمون الفعلي لقرار 1701، ولكن بدون نقل الجنديين لمسؤولية السنيورة وبشروط أفضل لاسرائيل ، مما انتهت اليه الحرب.