عاد العلم الليبي الذي اعتمد بعد الإستقلال عن إيطاليا في عام 1951 للظهور فوق المباني وفي المظاهرات (الصورة التقطت في الأيام الأخيرة في مدينة بنغازي)
بقلم : محمد شريف – جنيف- swissinfo.ch
أكد الناشط السياسي عبد الحكيم الترهوني في حوار مع swissinfo.ch على استيلاء الشعب على معظم مناطق العاصمة طرابلس باستثناء بؤر مقاومة في باب العزيزية وثكنة الحرس الجمهوري في حي الأكواخ. وفيما اعتبر أن خطاب سيف الإسلام القذافي لم يكن مقنعا، ذهب إلى أن سقوط نظام القذافي هو قضية “ساعات أو أيام”.
بعد وصول موجة الإحتجاجات الشعبية العارمة إلى العاصمة الليبية طرابلس، وبعد تدخل سيف الإسلام القذافي عبر التلفزيون الرسمي ليل الأحد 20/ الإثنين 21 فبراير لتهديد القائمين بالثورة في البلاد وتخييرهم إما بالعودة للحوار (مع النظام) أو الدخول في حرب أهلية، حاولت swissinfo.ch الإستفسار من أحد شهود العيان في طرابلس عن الوضع السائد في المدينة.
وفي الحديث التالي الذي أجري عبر الهاتف مع الناشط السياسي المهندس عبد الحكيم الترهوني، نلقي نظرة عن الأوضاع الأمنية والمعيشية في طرابلس صباح الاثنين 21 فبراير ونتعرف على رؤيته للمستقبل على ضوء هذه التطورات الهائلة والمتسارعة في ليبيا.
swissinfo.ch: هناك أخبار متضاربة عن الأوضاع في طرابلس هذا الصباح. ما هي طبيعة الأجواء السائدة؟
عبد الحكيم: هناك ابتهاج يعم مناطق ليبيا لتخلصها من نظام فوضوي وقمعي ونظام الأسرة الواحدة، الذي جثم على صدور الليبيين منذ 42 عام. لقد انتفض الشعب انتفاضة رجل واحد، وسالت أنهار من الدماء وسقط الشهداء، ولكن الشعب الليبي شعب واحد ومتوحد لا كما يروج له “زيف الإسلام ابن الدجال” الذي قال عنه بأن هناك فتن وقبلية وحروب.
لكن ما هو الوضع السائد اليوم (الإثنين 21 فبراير) في طرابلس بخصوص مقاومة بعض بؤر النظام؟
عبد الحكيم: النظام انتهى ولم يعد أمامه إلا مسالة ساعات أو أيام. ونهايته حتمية. صحيح فيه بعض الفلول من المرتزقة ومن الجبناء الذين جندهم بالدولار وبالأسلحة والذين لا زالوا في باب العزيزية (مقر إقامة العقيد القذافي)، ولكن الشعب الليبي صامد وقد سيطر على باقي المناطق وبدأ يشكل لجانا لإدارة المؤسسات وحمايتها. وقد شرع الشباب في تشكيل اللجان الشعبية بعد انسحاب قوات الأمن والتحاق مجموعة كبيرة منهم بالشعب. وسيبني هذا الشعب، بحول الله، دولته الحديثة بأسرع ما يمكن وسيحقق المعجزة وسيُضرب به المثل للدولة الحديثة ودولة المجتمع المدني بمؤسساته. ونطمئن العالم بأن الشعب الليبي شعب راق وبعيد عن النعرات الطائفية والقبلية، وسيلبي احتياجات المجتمع الدولي وستكون له وقفات مع الإنسانية كافة.
هناك حديث عن مقاومة في باب العزيزية وفي ثكنة الحرس الجمهوري في حي الأكواخ. ما طبيعة الوحدات المتواجدة هناك؟
عبد الحكيم: طبعا هذه ثكنة محصنة بأحدث الأسلحة وبها مركز القيادة لأن هذا النظام يعتمد أساسا على المرتزقة لأن الليبيين إخوة ومستحيل أن هناك ليبيا يقتل ليبيا آخر في سبيل هذا الخارج عن عصا الطاعة. لذلك نناشد بقايا الجيش الليبي والحرس لكي يصطفوا الى جانب الشعب الليبي لأن الشعب الليبي معروف عنه أنه مسامح. فقد انضمت كل القبائل للثورة ولم تتبقى إلا منطقة طرابلس. وبسقوطها سيسقط النظام بالكامل بعد أن ترددت شائعات عن مغادرة القذافي. وهذه شائعات غير مؤكدة تتردد في الشارع مفادها أنه غادر العاصمة طرابلس في الوقت الذي تستمر فيه شلة من مرتزقته ومن بعض أفراد عائلته في المقاومة للدفاع عن نفسهم.
تحدث سيف الإسلام في خطابه أمس باسم النظام لكي يقدم السناريوهات المحتملة من وجهة نظره إما الحوار مع النظام أو مزيد من إراقة الدماء. كيف قوبل خطابه من قبل الشعب؟
عبد الحكيم: الشعب الليبي متعود على خطابات أبيه الدجال. وهو خرج بنسخة أبيه تماما. فقد صدق علم الوراثة لأنه كان نسخة طبق الأصل أو وجها آخر لنفس عملة أبيه. فقد خرج يستخف بعقول الشباب الليبي كما كان أبوه يستخف بعقول الشعب الليبي. ولكن الحمد لله خرج ليظهر حقيقته بحيث حتى من لم يكن ليكفر به، كفر به بالفعل هذه المرة.
وماذا تفهمون من إشارته في هذا الخطاب لاعتماد النظام على الجيش لاستعادة الأمور؟
عبد الحكيم: إنه يعتمد أساسا على كتائب من الحرس والقوات الأمنية. وبقايا هذه القوات انضمت الى الشعب. أما الجيش فقد همشه القذافي منذ سنوات وأصبحت لا قيمة له عنده لأنه كان يخشاه لأن الجيش الليبي جيش وطني ولا يمكن أن يرتد على أبناء جلدته. وكان القذافي قد أمر الجيش بالبقاء في ثكناته لعدم ثقته فيه. ولكن هذه الوحدات (التي تقاوم الشعب) هي من المرتزقة شكلت من أفارقة ومن جنسيات أخرى لا نعرفها.
هناك حديث عن شخصيات تابعة للنظام انقلبت عنه وبدأت تعلن انضمامها للثورة، كيف تتصورون موقف الشعب الليبي منها؟
عبد الحكيم: إنها عديدة بالفعل ولربما أن تلك التي لم تتلوث اياديها بالدماء قد يغفر لها الشعب الليبي. أما من ثبت تورطه بالفعل فيجب ان ُيحاكم.
ما هي آخر الأخبار عن مطار طرابلس؟ وما تفسيركم لمواصلة التلفزيون الليبي بث برامجه بالصيغة القديمة؟
عبد الحكيم: المطار مؤسسة وطنية لذلك لا يرغب الشعب في المساس بها وتركها تؤدي مهمتها. أما التلفزيون الوطني فتعرف أن البث يمكن أن يتم من أية شاحنة متنقلة أو من مقر باب العزيزية. وقد شاهدنا كيف أن التلفزيون المصري استمر في بثه بصيغته القديمة حتى آخر لحظة، فهي إذن قضية ساعات أو أيام لكي يحدث التغيير.
تحدثت عن الاستعدادات لتنظيم ليبيا المستقبل. هل هناك اتصالات بين المجموعات المختلفة والقبائل لتوحيد هذا التصور؟
عبد الحكيم: الشعب الليبي شعب طيب ووطني وجاهز لكل التصورات ولديه القدرات والخبرات والنخب والفاعليات القادرة على بناء الدولة في أسرع ما يمكن. فقد استطاعت ليبيا أن تشكل دولة نموذجية بدستور حتى في الوقت الذي كانت فقيرة، فما بالك اليوم بهذه القدرات وهذه الكفاءات وبهذا الشباب الوطني المعطاء.
فكما تعلمون حماية المؤسسات الوطنية هي من الأولويات خصوصا وان هذا الدجال نشر مرتزقة في ليبيا يحاولون تخريبها وإفساد فرحة الليبيين وإثبات للعالم بأن هناك مشاكل في ليبيا. ولكن نطمئن بأن الشعب الليبي بدأ في تشكيل لجان مدنية محلية في المساجد وفي التجمعات السكنية وفي الشوارع. ونطمئن بأن هؤلاء المرتزقة يفرون ويتم القبض على البعض منهم.
هناك حديث عن هجمات ضد تجمع لعمال كوريين، فهل هناك توصيات فيما يتعلق بعدم التعرض لهذه الجاليات الأجنبية؟
عبد الحكيم: الجاليات الأجنبية في ليبيا تعرف أن الشعب الليبي يحترمها ويقدر أصول الضيافة ولا يمكن أن يمسها بسوء، لكن نخاف عليهم من هؤلاء المرتزقة فقط.
مع استمرار بؤر المقاومة في باب العزيزية او في ثكنة حي الأكواخ هل تتخوفون من اندفاع المتظاهرين نحوها. وهل هناك احتياطات لتفادي سقوط المزيد من الضحايا برصاص هذه الوحدات؟
عبد الحكيم: هناك حديث عن إمكانية القيام بمسيرة بعد عصر اليوم في اتجاه باب العزيزية ولكن الأفكار لم تتبلور بهذا الخصوص حتى منتصف النهار. لكن يبدو أن ذلك قد يحدث.