لم تطلب “ناديا مراد” حماية ملات إيران لشعبها (مع أن “سنجار” أقرب إلى إيران من “حارة حريك”)! ولم تتوجّه بالشكر إلى الرئيس فلاديمير بوتين بصفته “حامي الأقليات”! “ناديا مراد” ليست عضواً في “تحالف الأقليات”!
بمواجهة مشروع “الدولة الإسلامية” فإنها تدعو الإيزيديين للعودة إلى بلادهم والصمود فيها. وهي تطالب السلطات العراقية والكردية بالقيام بـ”واجبها” في التعويض على الإيزيديين!
ناديا مراد “مواطنة”. ليست “ذمّية”، وليست ممثلة لـ”جالية أجنبية” في العراق. فديانتها تعود إلى ٦٠٠٠ سنة، أي إلى ما قبل المسيحية والإسلام! إنها “أهل البيت”!
الشفاف
*
وقالت مراد “اليوم، هناك أكثر من 90 ألف (أيزيدي) عادوا إلى سنجار، من الضروري أن يعود المزيد لإلحاق الهزيمة بخطة تنظيم الدولة الإسلامية التي كانت تقوم على طردهم من سنجار” في شمال العراق.
وخلال الحفل الذي أقيم بدعوة من المجلس المركزي لأيزيديي ألمانيا أعربت الشابة عن أسفها لأنّ “السلطات العراقية والكردية لم تفعل شيئاً بالنسبة لنا، ولا توجد حالياً أيّ سلطة محليّة في منطقة سنجار“.
وإذ اعتبرت مراد، التي أصبحت ناطقة باسم هذه الأقليّة المضطهدة، أنّ ما جرى في سنجار من “إزالة للألغام ونبش للقبور الجماعية” هو “خطوة إيجابية إلى الأمام”، طالبت بإعادة الخدمات العامة إلى هذه المنطقة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات.
وهذه الشابة التي سباها التنظيم الجهادي مثلما فعل بالآلاف من مثيلاتها من الشابات والفتيات الأيزيديات، حين كان عمرها 19 عاماً، وقتل العديد من أفراد عائلتها واستعبدها جنسياً إلى أن نجحت في الفرار من قبضته، شدّدت في كلمتها على أنّ من واجب السلطات العراقية والكردية أن “تعوّض على الناجين الأيزيديين من تنظيم الدولة الإسلامية، لكن حتى الآن، لم يحصلوا على شيء”.
ودفعت حكومة بغداد لبعض الأيزيديين تعويضاً مالياً هو عبارة عن دفعة واحدة قدرها حوالى 1700 دولار، أي ما يزيد قليلاً عن ثلاثة أضعاف متوسط الراتب الشهري في العراق.
ومن أصل 550 ألف أيزيدي كانوا يعيشون في العراق قبل العام 2014، هم ثلث الأيزيديين في العالم أجمع، فرّ 100 ألف منهم إلى المنفى ولا سيما إلى ألمانيا.
ويعيش في ألمانيا حالياً حوالى 150 ألف أيزيدي.
وفي آب/أغسطس 2014، قتل تنظيم الدولة الإسلامية مئات من الأيزيديين في سنجار بمحافظة نينوى العراقية، وأرغم عشرات الآلاف منهم على الهرب، فيما احتجز آلاف الفتيات والنساء سبايا.
وخطف الجهاديون أكثر من 6400 من الأيزيديين، تمكّن 3200 منهم من الفرار، وتم إنقاذ بعضهم، وما زال مصير الآخرين مجهولاً.
ونشأت العقيدة الأيزيدية قبل أكثر من ستة آلاف عام، وتعتبر ديناً غير تبشيري ومغلقاً أي أنّه لا يمكن لأحد من خارجها أن يعتنقها.
وتثير مراد معاناة الأيزيدين أمام المنابر الدولية وخصوصاً بعدما حازت جائزة نوبل للسلام في 2018، وتعاونها المحامية أمل كلوني سعياً إلى انتزاع اعتراف دولي ب”الابادة” التي تعرّضت لها هذه الأقلية.
وجريمة الإبادة هي الاخطر على الإطلاق في القانون الدولي، وتحقّق الأمم المتحدة راهناً للتأكّد من ارتكاب الجهاديين في العراق جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة، وخصوصاً بحق الأيزيديين.