( يمكن لقارئ “الشفاف” أن يطلع على مقال جايمس دورسي بالإنكليزية على صفحة “الشفاف” الإنكليزية هنا)
تطرقت الجريدة الإلكترونية الأميركية «هافنغتون بوست» لقضية اتهام ريتشارد لاي من غوام للشيخ أحمد الفهد وطرح الصحافي جيمس دورسي رأيه وتحليله عن هذه القضية التي شغلت الأوساط الرياضية العالمية والعربية والمحلية، وفي ما يلي ترجمة ما نشر:
استقالة الشيخ أحمد الفهد، الذي كان يُعتبر واحداً من أقوى ثلاث شخصيات في الرياضة العالمية من «فيفا»، تمثل بداية النهاية، ليس فقط لطموحاته الرياضية والسياسية، بل أيضاً لنظام يُصارع «الفيفا» من أجل تجديده، من دون محاولة إصلاحه بشكل جذري، وهو النظام ذاته الذي سمح للفهد بالصعود، في المقام الأول.
ويمثل ابن العائلة الحاكمة في الكويت، الوزير السابق، ورئيس أوبك السابق، نفياً حياً للفصل بين الرياضة والسياسة، وهو الوهم الذي ظلت المؤسسات الرياضية الدولية والحكومات تتمسك به دائماً، وهذا الوهم أتاح لمسؤولي الرياضة والسياسة بإفساد الرياضة على صعيد الأداء والمال معاً.
ولم يشر بيان مكتب المدعي العام في نيويورك (المقاطعة الشرقية)، للشيخ أحمد الفهد بالاسم، لكن البيان أكدّ أن ريتشارد لاي عضو لجنة المساءلة والالتزام في الفيفا، رئيس اتحاد دولة غوام لكرة القدم، تلقى رشى تزيد على 850 ألف دولار، خلال الفترة من 2009 – 2014 من مسؤولين كرويين في أحد اتحادات كرة القدم الآسيوية لمساعدته في تسميته مسؤولين آخرين في اتحاد كرة القدم الآسيوي يمكن تقديم الرشى لهم، والهدف من ذلك هو بسط هذا الاتحاد سيطرته على اتحاد الكرة الآسيوي، وتعزيز نفوذه في «فيفا».
ويسود الاعتقاد بأن الفهد هو أحد أربعة متورطين ضمن القائمة التي أدلى بها لاي، وتشمل مسؤولاً كويتياً في المجلس الأولمبي الآسيوي، الذي يترأسه الشيخ الفهد على مدى الستة وعشرين عاماً الماضية.
وتمثل استقالة الفهد الحادثة الأولى التي كان فيها للإجراءات القانونية الأميركية ضد الفساد في اتحاد كرة القدم العالمي، انعكاس على آسيا.
الفهد نفى ما ورد على لسان لاي، الذي اعترف بالتحايل أثناء التحقيق معه في الولايات المتحدة، كما نفى مزاعم سابقة بأن المجلس الأولمبي الآسيوي عرض تقديم رشى للتأثير في انتخابات سابقة للاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
وجاءت الاستقالة وعدم التقدم لإعادة الترشح في انتخابات مجلس الفيفا في البحرين هذا الشهر، ليضعا حداً لمحاولاته استغلال شهرته في مجال الرياضة العالمية، لتعزيز طموحاته.
وللإنصاف، لا بد من القول إن كلا جناحي الصراع داخل الأسرة الحاكمة استغلا الرياضة لأغراض سياسية، إلا أن موقع أحمد الفهد أتاح له الفرصة لإقناع اللجنة الأولمبية الدولية، التي هو عضو فيها، وكذلك كل الاتحادات الرياضية تقريباً، بإيقاف عضوية الكويت في هذه الاتحادات كجزء من صراع الفهد على السلطة.
ولطالما استغل الفهد موقعه لتعيين موالين له في مواقع مهمة.
لقد حظي الشيخ سلمان آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم والشخصية المثيرة للجدل من العائلة الحاكمة في البحرين، بدعم أحمد الفهد في ظل الاتهامات المتكررة بشراء الأصوات في الانتخابات التي جاءت به لرئاسة الاتحاد.
وتعود المزاعم عن وجود رشى في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلى الحملة الانتخابية الحامية لعام 2009، التي خسرها الشيخ سلمان. وذكرت مدونة «إنسايد وورلد فوتبول» INSIDE WORLD FOOTBALL أن المجلس الأولمبي الآسيوي عرض «حوافز مالية» على عدد من أعضاء الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إذا صوتوا لمصلحة سلمان. وأوردت تقارير إخبارية أن مسؤولين في المجلس رافقوا سلمان في الكثير من زياراته الآسيوية أثناء حملته الانتخابية عام 2013، التي انتهت بفوزه برئاسة الاتحاد.
وأوردت مدونة «إنسايد وورلد فوتبول» بناء على مصادرها ووكالة رويترز أن المجلس الأولمبي الآسيوي حشد الضغوط الداخلية في الصين لإقناع القائم بأعمال رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم آنذاك، زهانغ جيلونغ، بعدم الترشح لرئاسة الاتحاد.
وكانت هذه المدونة ذاتها قد كشفت عام 2013 عن رسالة موجهة من السكرتير العام للاتحاد الآسيوي لكرة القدم آنذاك، داتو اليكس سوسي إلى أعضاء الاتحاد الـ 46 يطلب منهم أن يتذكروا «التزامهم الأخلاقي» لدى الادلاء بأصواتهم. وقد أجبرت هذه المدَّونة سوسي على الاستقالة لاحقاً، لاتهامه بمحاولة السعي لإخفاء أدلة على فساد داخل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
وحذرت الرسالة من «عرض أو قبول الهدايا والمنافع والرشى وتضارب المصالح»، ومضى سوسي إلى الإشارة إلى أن «من واجب والتزام الاتحاد أن يمنع إدخال ممارسات وأساليب غير صحيحة، التي من شأنها أن تشكل تهديداً للاستقامة أو تشجع على سوء استغلال كرة القدم».
وفي مقابل دعم أحمد الفهد، تلاعب سلمان بالعملية الانتخابية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2015 لضمان حصول الكويت على مقعد في المجلس الحاكم لفيفا، وهو الأمر الذي يمكنه في النهاية من الترشح لرئاسة فيفا. ولكن خطط الفهد تلقت ضربة شديدة بإدانة العشرات من مسؤولي فيفا بتهم الفساد في الولايات المتحدة، والتي انتهت بخروج الرئيس سيب بلاتر عام 2015.
لقد كان ينبغي لذلك التلاعب أن يشكل جرس إنذار بشأن المشكلات في هذه المؤسسة والتعاملات السياسية التي كانت تنقصها الشفافية في كرة القدم العالمية، والتي استهدفت ليس فقط مواصلة الهيمنة السياسية، بل أيضاً لضمان بقاء الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين السياسيين في مناصبهم.
وتثير استقالة الفهد الكثير من التساؤلات حول كيفية نجاته من المساءلة على مدى 25 عاماً كان خلالها عضواً ثم رئيساً للمجلس الأولمبي الآسيوي، واللجنة الأولمبية الكويتية، كما أنها تضع ظلالاً من الشك حول رئاسة سلمان آل خليفة للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الذي من المؤكد أن التحقيقات الأميركية سوف تشمله.
ويمثل أشخاص مثل الفهد وسلمان تداخل السياسة والرياضة.
ولكن الطموح والاتهامات بالفساد والجشع هي كعب أخيل مثل هؤلاء الأشخاص، وهو ما أسقط القطري محمد بن همام قبل ذلك حين حرم من خوض انتخابات الفيفا لاتهامه بتضارب المصالح.
والآن، وبعد استقالة الفهد، يتعين على «فيفا» أن يبحث الآليات التي مكنت أشخاصاً من أمثال الفهد وسلمان وبن همام من الصعود إلى أعلى المناصب في هيئاته.
وهذا يترتب عليه بحث جدوى الاستمرار في تصديق وَهْم الفصل بين الرياضة والسياسة.
وقد لا تكون استقالة الفهد القشة التي قصمت ظهر البعير، لكن المؤكد، أن الحبل يضيق حول رقبته!
(هافنغتون بوست)
جيمس دورسي