ماذا يحصل في دول الخليج التي تُصنف انها من أغنى دول العالم، وان معدل دخل الفرد الخليجي مرتفع لارتفاع معدل الدخل القومي، بسبب الإيرادات المالية الضخمة من صادرات النفط، وما هي الظروف الاقتصادية التي تمر بها هذه الدول لكي يُجبر المواطنون الخليجيون من الجنسين – رجال ونساء – معظمهم من فئة الشباب, ويحملون الشهادات الجامعية والثانوية للعمل في مهن كانت مصنفة للعمالة الأجنبية مثل القهوجي والطباخ والمنظف.. وذلك برواتب ضعيفة جدا لا تغني ولاتسمن من جوع، ولماذا تجبر المرأة الخليجية المعززة والمكرمة التي كان يأتي رزقها إليها وهي في بيتها لكي تعمل مربية منزل ومنظفة براتب أقل من الشباب؟!.
هل هذه الدولة الخليجية فقيرة جدا غير قادرة على تأمين حياة كريمة لشعبها، وهل شعبها لهذه الدرجة مهمل لا قيمة له لكي يعمل الشاب أو تعمل الفتاة خادمة بمقابل مادي ضعيف جدا؟؟
العمل مقدس لدى كافة الشعوب والشرائع، والعمل ليس عيبا مهما كان، ما دام بالحلال وبالطرق المشروعة وبالاختيار..، للحصول على الحياة المستورة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ولو مؤجر، ويسد حاجة الإنسان عن السؤال، والمجتمع المستقر الامن المنتج هو المجتمع الذي يدرك أفراده أهمية العمل ويتحملون المسؤولية ويتميزون بحب العمل والإقبال على جميع كافة الأعمال. فلكل عمل مهما كان حجمه صغيرا أو كبيرا أهمية داخل المجتمع، ومثلما يحتاج البلد إلى رئيس مسئول قادر على إدارة شؤون البلاد والعباد بحكمة وعدالة..، فأنه بحاجة كذلك إلى وزراء ومسؤولين وموظفين وعمال في جميع المجالات – من الجنسين-، ومن المهن والمجالات العمالية التي لها أهمية ودور في المجتمع والصحة العامة، مهنة النظافة المصنفة من المهن الوضيعة اجتماعيا.
لستُ ضد العمل مهما كان نوعه، بل اني أتقدم بالتحية لك من يعمل للحصول على قوت يومه بشرف وعزة، وأشكر كل عامل نظافة يسعى لنظافة المدينة والمحافظة على الصحة العامة، وأدعو لحملة دعم وتكريم لعمال النظافة في البلد.
وعلى ذكر النظافة نتوقف لنتأمل ما نشرته صحيفة الرياض، عن تحويل عدد من الفتيات الموظفات الإداريات (يحملن شهادات جامعية) لدى شركة مقاول لإدارة مستشفى رئيس في المنطقة الشرقية بالسعودية للعمل منظفات..، بعد تخفيض الرواتب إلى نحو ألف ريال، وتهديد من لا تقبل بذلك بالفصل، والعجيب ان الفتيات فضلن العمل كمنظفات وبراتب أقل لعدم توافر البديل والمحامي!!.
ونشرت الصحف الالكترونية نقلا عن جريدة المدينة السعودية، تحت عنوان: توظيف أول 30 سعودية عاملات منازل بمرتب 1500 ريال!. وجاء في الخبر:” باشرت 30 عاملة سعودية عملهن بمرتبات تصل إلى 1500 ريال .. يعملن في مهن منزلية بعد ان كانت مقتصرة على العمالة الأجنبية ومن جنسيات أسيوية بصفة خاصة..على أن يكون العمل 8 ساعات في اليوم أثناء خروج رب المنزل وانشغاله بالدوام، مع توفير مواصلات لتوصيل العاملة المنزلية من والى منزلها. ويتراوح أعمار العاملات ما بين 20 إلى 40 عاما، وأشارت قسم التوظيف بالمؤسسة إلى وجود أكثر من 100 متقدمة لديهن الرغبة في العمل”.
وكما قلت لستُ ضد العمل مهما كان نوعه، ولو كان عمل نظافة. ولكن بالله عليكم يا قراء يا عقلاء يا كرام، هل من المعقول والطبيعي أن يحدث هذا الوضع لشباب وشابات بلد ينعم بالخير الوافر، كأحد أكبر منتج للطاقة في العالم، بلد عدد سكانه قليل بالنسبة للدخل القومي الهائل، بلد يتخذ من الكتاب والسنة طريقة ومنهاجا، بلد يتبرع بالمليارات من الدولارات للكثير من دول العالم، بلد يستقدم الملايين من العمالة من أنحاء العالم..، هل عجزت الدولة عن إيجاد وظائف محترمة برواتب مجزية تؤمن الحياة الكريمة لأبنائها وبناتها، تبعدهم عن الاستغلال والسقوط في الهاوية؟
أخيرا؛ ان الذي اجبر المرأة وكذلك الرجل على القبول بهذه المهن – الغير مقبولة اجتماعيا بسبب حصة الفرد من الدخل القومي والقدرة على جلب عمالة من الخارج كمصدر رزق لها – ليس الإيمان بان العمل ليس عيبا وان المرأة شريكة للرجل في تحمل مسؤولية المجتمع، بل بسبب الفقر والعوز والفاقة والحاجة الذي لا يحتمل. ولنتذكر في هذا الموقف قول أمير المؤمنين سيد الحكمة والبلاغة الإمام علي ابن أبي طالب (ع):”عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه”.
من حق المواطن – رجل أو امرأة – أن ينعم في وطنه بحياة كريمة ومستقرة. (فالخير كثير) كما قال خادم الحرمين الشريفين.
alislman2@gmail.com
* كاتب سعودي
علي ال غراش
مواطنات خليجيات خادمات في المنازل ماذا بعد؟!
شكرا للكاتب على طرقه لهذا الموضوع الهام؛ ولكن احببت ان ألفت نظره أن من قال: “عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه” هو ابو ذر الغفاري وليس علي بن ابي طالب.
وهذا طبعا لا يقلل من اهمية هذا المقال. وشكرا.