المهزلة1:
حينما أتحدث مع صديقي مصطفى عبر”الماسينجر” غير آبهين بالذي يمكن أن يقع، ونسرح في أحاديثنا الطويلة عن السلطة السياسية في العالم العربي، بين إستبداد الحكام وتطلعات الشعوب.
بالنسبة لصديقي مصطفى، فهو يسلم بنظرية المهزلة، وهي نظرية بسيطة فكل ما يحدث مهزلة. رسم صورة النبي محمد ومطالبة العالم بالإعتدار مهزلة. احتلال العراق السني والشيعي والكردي من قبيل الأمريكين مهزلة. اندحار المحاكم الإسلامية بالصومال مهزلة.
بناء السياج العازل أو الجدار الفاصل مهزلة. التاريخ العربي مهزلة الحكام العرب قمة المهزلة.
الحكومات العربية مهزلة. الكل مهزلة …. و”لي ما يشتري يتفرج”.
المهزلة2:
أوقفني شرطي المرور رفقة زوجتيز نظر إليها.. تأمل ملامحها باصرار، عيناه تعبر عن كبت النظام الذي يشتغل لحسابه.
فجأة سألنا: هاتوا أوراقكم الثبوثية؟ قلت له إنها زوجتي على سنة الله ورسوله. سخر منا وقال كيف أن أصدقكما: قالت زوجتي بهذه القبلة التي ستدونها بمحضر الشرطة وقبلتني في فمي. حقيقة إنها المهزلة لكن لا أعرف هل هي القبلة أم عقد النكاح الذي لا نحمله معنا أم شرطي المرور الذي أوقفنا. عالم اللاعقل هو السيد الآمر.
المهزلة 3:
العديد من المثقفين العرب يصفون عملية السلام بالمهزلة لأن اسرائيل هي التي تتحكم في اللعبة. والدتي لها منظور آخر للعملية السياسية. فهي تصر – والدتي التي لم تدخل المدرسة قط واشتغلت طويلا في تنظيف أقسام المدرسة – على القول بأنه ما دام على رأس السلطة السياسية رجال بالعالم العربي فإن اسرائيل ستظل مسيطرة، لذا فهي تدعو إلى تغيير الرجال بالنساء على رأس السلطة.
الحقيقة أنه لو كانت لدينا ديمقراطية حقة لكنت منحت صوتي لوالدتي عساها تُصبح أول رئيسة للجمهورية الحرة. أبي يعارض بشدة ويقول: ستكون قمة المهزلة أن تتولى امرأة هذا المنصب غير المحترم.
المهزلة 4:
أمريكا ، “أمريكا عدوة الشعوب”….”أمريكا صديقة الشعوب”…من نصدق: أمريكا التي تمنحنا القمح و الشعير وتأخذ نفطنا وفوسفاطنا… أخي الصغير تعجبه الماركات الأمريكية و يقول بأنه لا علاقة لها بالعولمة و الإستعمار الجديد. أنا أتفق مع أخي في هذا الرأي، فعلى الأقل هو له رأي مستقل بعيدا عن وصاية الوالد، الذي يجبره على الصلاة و ارتداء الجلباب.
المهزلة 5
ليلى صحفية تكتب كثيرا عن شطط الرجال، وعن النزعة الذكورية في الإسلام والمجتمعات العربية. صديقتي تنسى أن تكتب كيف وصلت إلى رئاسة مجلة معروفة، وهي في الخامسة و العشرين، ولم تُعمر أكثر من حولين في عالم الصحافة.
المهزلة6
سبعة حكام عرب من أصل 21 حاكما أرادوا أن يتفقوا حول دورة عربية لاحترام دورة الرئاسة، على أن تكون لكل
واحد منهم دورة واحدة مدتها ثلاتة أشهر. أغلبهم رفض الفكرة وطالبوا بتعديلها بدورة مطلقة. خرجوا متخاصمين من
الإجتماع. أحدهم صرح للصحافة بأن ما وقع في القمة والقمم السابقة ينحو طريق المهزلة. لا أحد من أفراد عائلتي علق على الحادث.
المهزلة7
معلمتي تصر على حفظ النشيد الوطني العربي. قلت لها بأنني لم أستمع اليه قط. وسألتها: وهل هناك نشيد عربي؟ أجابتني إنها مهزلة. وأنا عائد إلى منزلنا رددت صحبة رفاقي التلاميذ: من المحيط إلى الخليج سنة ، شيعة ، أمازيغ ، أقباط ، دروز; وحدة عربية، ديمقراطية… ٍ
المهزلة8
قرأت في الصحف أن حاكما عربيا هو الأغنى في العالم: في امارته ثمة خيام وفقر وأمية و جهل وتطاول على السلطة. علقت الصحيفة بأن ما يقع في إمارته ليس مهزلة وأن الرعية استخفت بنفسها فأفقرها الله وأغنى الحاكم.
المهزلة9
مخرج عربي طموح أراد أن ينجز فيلما عن المهازل العربية. منعته الرقابة بدءا بالفكرة وأقاموا دعوى ضده فحواها أنه عميل لإسرائيل وأمريكا والشرق الأقصى، وأنه وجبت معاقبته; صرح المخرج بأنه فيلم يحكي عن ابنته و اسمها مهازل.
المهزلة 10
أثناء مرافعة أحد المحامين في قضية عن حقوق الإنسان قال بأن ما يعج في العالم العربي مهزلة، وجب وقفها. أوقف القاضي المحاكمة وأحال المحامي إلى التحقيق وسحب منه رخصة المحاماة.
المهزلة11
انتهت مباراة بفوز فريق زائر بحصة 24 هدفا مقابل هدفين; علق أحد الظرفاء بأنه قمة الإستهتار والمهزلة. وتساءل كيف يمكن أن تكون الشفافية في كرة القدم، إذا انعدمت في الدولة نفسها.
*اسبانيا