ثلاثة قتلى فلسطينيين هي حصيلة الاشتباكات التي شهدتها منطقة الطريق الجديدة قبل يومين. إثنان منهما من اتباع شاكر البرجاوي وواحد من اتباع تيار المستقبل. كما ان معظم الجرحى الذين سقطوا هم من التابعية الفلسطينية من المقيمين في تلك المنطقة وفي مخيمي صبرا وشاتيلا.
البرجاوي كان اتهم، من ضمن من اتهمهم بالتسبب بهذه الاشتباكات، ما سماها “جماعة عرفات”، في اشارة الى تنظيم حركة فتح، فيما نفت الاخيرة، في بيان اصدرته، تورطها في هذه الاشتباكات، وجددت قيادتها وقوفها على الحياد في هذه الصراعات كما في الصراع الدائر بسورية.
ربما هذا ما دفع جهات مسؤولة في الحكومة اللبنانية الى الطلب من عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المشرف على الساحة اللبنانية، عزام الاحمد، المجيء الى لبنان. هذا في وقت اكدت مصادر في من داخل حركة فتح ان عزام قدم الى لبنان بناء على تكليف من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لشرح ابعاد الاتفاق بين حركتي فتح وحماس من جهة، والتأكيد على ان الموقف الفلسطيني الرسمي هو موقف يسعى الى التفاعل الايجابي مع متطلبات الاستقرار في لبنان.
لكن هل تعكس هذه الحادثة بداية اقحام او تورط فلسطيني في الانقسام اللبناني؟ لاسيما في ظل التداعيات المستمرة لاحداث الشمال الاخيرة؟
المعلومات المتداولة لدى مصادر فلسطينية مسؤولة ان “البرجاوي يجند عددا من الفلسطينيين وهو امر معروف منذ مدة بعيدة وما جرى هو اختراق قام به مناصرو تيار المستقبل داخل هؤلاء ادى الى ما ادى اليه، وإلى خروج البرجاوي من الطريق الجديدة وسقوط قتلى وجرحى”. وتنفي هذه المصادر جملة وتفصيلا وجود اي رغبة او نية وبالتالي اي قرار بالتدخل في اي شأن لبناني او سوري.
على ان بعض المصادر القريبة من البرجاوي تؤكد ان بعض العناصرالتي هاجمت مقره هم ممن يدرجون على اللوائح المالية لحركة فتح وبالتالي ممن يتلقون مساعدات مالية شهرية من الحركة.
في المقابل تشير مصادر فلسطينية متابعة الى ان الاوضاع داخل المخيمات تتأثر بما يجري حولها، ولفتت بالتالي الى ان التغذية متبادلة بين اطراف لبنانية وغير لبنانية وفي عدد من التنظيمات الفلسطينة ضمن محاولات دؤوية لاستقطاب الفلسطينيين إلى هذا الطرف او ذاك. وتحدثت المصادر عن ضخ عناصر مسلحة نحو ثلاث مخيمات هي برج البراجنة وعين الحلوة والبداوي. واشارت الى نشاط متزايد للقيادة العامة، بقيادة احمد جبريل، في الآونة الاخيرة داخل هذه المخيمات، خصوصا ان هذا التنظيم تميز بحضوره الامني والعسكري وضعف قاعدته الاجتماعية في المخيمات في لبنان.
دخول القيادة العامة المتنامي الى المخيمات المذكورة تدرجه مصادر فلسطينية في سياق التعويض السوري عن انكفاء حركة حماس وخروجها شبه الكامل من العلاقة مع دمشق بعد انطلاق الثورة السورية. فنأي حركة حماس بنفسها عن المحور السوري – الايراني دفع القيادة السورية الى تعويض فراغها بنفوذ القيادة العامة في التحالف الفلسطيني التابع لها. فبعما كانت حماس تتصدر قيادة هذا التحالف يحتل احمد جبريل اليوم هذا الموقع.
الفلسطينيون ليسوا جزيرة واستثمار الوجود الفلسطيني في لبنان متزايد في هذه الايام، والصراع على النفوذ في المخيمات قائم. والتحدي الوجودي الذي يواجهه النظام السوري اليوم يدفعه الى عدم التهاون في تبديد اي نفوذ له في الشارع الفلسطيني. هو الذي لطالما استخدم المخيمات الفلسطينية كقاعدة لاطلاق رسائل وكثيرا ما كان مصطلح “الارهاب” عنوان صفقاتها.
أما في مشهد طريق الجديدة الاخير فهناك ما يدفع بعض مناصري تيار المستقبل الى الترويج لفكرة ان ظاهرة شاكر البرجاوي لم تكن الا محاولة تحصين مربع امني يجري استخدامه لاثارة البلبلة في منطقة الطريق الجديدة وفي معقل تيار المستقبل.
وان كان عزام الاحمد يؤكد انه سمع من المسؤولين اللبنانيين حرصا صادقا على ان تبقى المخيمات في منأى عن التجاذبات المحلية والاقليمية، إلا أنّ ما جرى يؤكّد أن البرجاوي، وجبريل من ورائه وغيرهما من ورائهما، لا يعيرون فلسطين أهمية أكثر من كونها جسرا إلى السلطة في “الداخل”، والفلسطينيون في حساباتهم أعداد تقتل حين يجب وتعتقل وتسلّم على أنّها إرهابية حين يجب، وتُحالَف وترفع على الأكفّ حين يجب… اليوم نحن في “يجب” القتال.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد
أين الدولة؟: الجبهة الشعبية تعزز مراكزها العسكرية في قوسايا والناعمة وعين الحلوة