“ربما كان هذا التطوّر هو المنعطف الحاسم الذي كان الثوّار السوريون ينتظرونه. فخلال أقل من ٢٤ ساعة، أسقط الثوّار مقاتلتين سوريتين في شمال البلاد قرب الحدود السورية، وهي منطقة لم تعد خاضعة لسلطة دمشق. صباح الأربعاء، أسقط صاروخ قاذفة-مقاتلة فوق “تورمانين” على بعد ٣٠ كلم شمال غرب حلب، وتم أسر طيارها”.
ويتابع مراسل “الفيغارو” جورج مالبرونو:
“وقبل ساعات، كان الثوّار قد دمروا طائرة هليكوبتر مستخدمين صاروخ أرض-جو لأول مرة. وكانت الهليكوبتر تقوم بعملية قصف لمحيط قاعدة “الشيخ سليمان”، على بعد ٢٥ كلم شمال غرب “حلب”، وهي موقع استراتيجي يقاتل الثوار منذ ايام لانتزاع السيطرة عليه بغية شلّ سلاح الطيران في هذه المنطقة من سوريا.”
سقوط ٥ قواعد لسلاح الجو خلال ١٠ أيام
“وفي غضون ١٠ أيام، استولى الثوار على ٥ قواعد لسلاح الجو في المنطقة الواقعة بين “إدلب”، في الغرب قرب الحدود مع تركيا، و”دير الزور”، الواقعة في الشرق قرب الحدود مع العراق. ولا شك في أن أهم القواعد التي استولوا عليها كانت “القاعدة ٤٦”، التي كان الطيران يُقلع منها لقصف غرب “حلب”. وفي قاعدة “الشيخ سليمان”، استولى الثوار على ١٠ دبابات، وهاونات ثقيلة، وقاذفات صواريخ، ومدافع ثقيلة.
“وبالإجمال، فقد استولى الثوار على عشرات من صواريخ أرض-جو “غامون إس-٢٠٠/إس أي-٥” التي تعتبر بين الصواريخ الأكثر تقدماً في ترسانة نظام الأسد.”
تضيف الفيغارو:
“مع أن الثوار لم ينجزوا الإستيلاء على أية مدينة بأكملها بعد، ولم يؤمنوا حماية لأية “منطقة محرّرة”، فمن الواضح أنهم أحرزوا تقدما كبيراً. ويقول مصدر ديبلوماسي في باريس أنه “إذا ما استمروا في إسقاط الهليكوبترات، فإن طياريها سيرفضون الإقلاع بها”. وكان الثوّار يعانون حتى الآن من النقص الحاد في الصواريخ المضادة للطائرات، مع انهم نجحوا احياناً في اسقاط هليكوبترات بمدافع رشاشة ثقيلة. وكانت هليكوبترات النظام قد ألحقت خسائر فادحة بالثوار، وبالمدنيين أيضاً، خلال أشهر الصيف. يضاف إلى ذلك أن احتفاظ الجيش بقواعده الجوية كان يسمح له بإعادة تموين وحدات الجيش النظامي من الجو.
وحسب مسؤول قطري: “قد لا يكون التطوّر حاسماً، ولكن إذا ما نجح الثوار في إسقاط هليكوبتر واحدة كل يوم تقريباً، فسيؤدي ذلك إلى تسريع تطوّر لم يحصل حتى الآن، وهو كتائب ووحدات كاملة من الجيش النظامي”.
الإستيلاء على مطار “حلب”
“ويسعى المسؤولون القطريون والسعوديون منذ أشهر لتسليم صواريخ “ستنغر” أميركية الصنع للثوار. ولكن الأميركيين، كذلك الأتراك إلى حد ما، كانوا يعارضون ذلك خوفاً من وقوع الصواريخ في أيدي جماعات جهادية أو سلفية تعمل في شمال سوريا.
“والواقع أن الثوار- ولا نعرف من أية جماعة- كانوا خلال الصيف قد اشتروا من مهرّبين ٢٠ صاروخ أرض- جو تُطلق من الكتف، بينها “ستنغر” أميركية و”كوبرا” روسية الصنع. وقال لنا مصدر قريب من الثوار في باريس في الأسبوع الماضي “لقد خبّأناهم”.
“والسؤال الأساسي هو: هل نجمت عمليات إسقاط النظام عن استخدام صواريخ مخزّنة من قبل أم عن وصول صواريخ جديدة؟ الأرجح أن الفرضية الأولى هي الأصح، لأن المعارضة السورية لم تتوصل بعد إلى توحيد الجماعات المقاتلة، كما طلبت الدول الغربية، كشرط لتسليحها.
“ويعتقد عدة خبراء غربيين أن النظام يمكن أن يتخلى عن شمال سوريا قبل منتصف السنة المقبلة. وبانتظار ذلك، ينبغي على الثوار أن يستولوا على مطار “حلب” وأن ينتهوا من العقبة الكردية. فالأكراد التابعون لحزب “الإتحاد الديمقراطي” (القريب من حزب “بي كا كا”، بقيادة “أوجلان”) يتحصنون في مناطقهم ويرفضون الخضوع لسيطرة “الجيش الحر” العربي بمعظمه”.