تبدو القضية التي باتت تعرف بـ”جوازات سفر الايرانيين”، مرشّحة لتفاعل اضافي في الايام القليلة المقبلة.
فبعد ان اثارت اواخر الاسبوع الماضي بلبلة في الصالونات السياسية وانقسمت الأطراف في قراءتها بين مَن رأى في “إعفاء الرعايا الإيرانيين من أختام الدخول إلى لبنان والخروج منه على جوازاتهم”، محاولة لتسهيل انتقال بعض من تطالهم العقوبات الاميركية والدولية منهم، من والى لبنان، ومَن اعتبر التدبير عاديا ومعتمدا مع رعايا دول عديدة وليس مع الايرانيين فقط- وهو ما أوضحته المديرية العامة للامن العام- أتى الكشف امس عن توجّه وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال نهاد المشنوق نحو إصدار مذكرة يُلغي بموجبها قرار المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم القاضي بعدم “ختم” جوازات سفر الإيرانيين القادمين إلى لبنان عبر المنافذ الحدودية اللبنانية، مؤكدا ان هذه الصلاحية منوطة بمجلس الوزراء ليرخي بظلال ثقيلة على هذه الضفة.
قرانُ المشنوق القول بالفعل، سيفتح الباب، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، أمام مواجهة محتملة بينه وبين ابراهيم، لا يمكن التكهن في حدودها وأبعادها. الا ان الاخطر في السياق، قد يكون في اتخاذ النزاع طابعا سياسيا، وحتى مذهبيا. اذ لا يمكن تجاهل حقيقة ان المشنوق يمثل تيار المستقبل وان اللواء ابراهيم، شخصية محسوبة على الثنائي الشيعي وعلى حركة “أمل” تحديدا. كما لا يمكن تجاوز واقع ان الوزير سارع الى التحرك كون تدبير الامن العام “يخدم” – اذا جاز القول – “الايرانيين”.
لكن قبل الذهاب بعيدا في السيناريوهات السلبية، تلفت المصادر الى ان لا بد من انتظار عودة المشنوق من الخارج، من جهة، ومشاورات يفترض ان يجريها في الملف مع المراجع الرسمية العليا، من جهة ثانية، معطوفة على اثر عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج. اذ ربما تمكن هذا التواصل من انضاج اتفاق يعطّل صاعق “المواجهة” قبل حصولها، خصوصا ان الحكومة اليوم في وضع تصريف أعمال وثمة تبدلات مرتقبة في الوزراء والوزارات المعنية بالقضية، في الحكومة الجاري العمل على تشكيلها.
على اي حال، وفي انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة، تقول المصادر ان لا بد من الاسراع في التأليف، فتُعرض الملفات الخلافية كلها ومنها “جوازات الايرانيين” على طاولة مجلس الوزراء الجديد، لتسويتها.
في المقابل، تتوقف عند الموقف الذي يعتبر الاجراءات هذه عادية وروتينية، قائلة “صحيح ان التدبير معتمد في دول كثيرة، الا ان الوضع في لبنان استثنائي”.
فاذا ما وضعنا جانبا مسألة ان وكالة “ايرنا” الايرانية هي التي اضاءت عليه منذ ايام، وكأنها تريد القول ان “بيروت في جيب طهران أو حديقة خلفية لها”، خصوصا في هذا التوقيت، لا يمكن نسيان “السياحة المقاوِمة” جنوبا ولا الكلام الذي أطلقه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ اسابيع، ولوّح فيه بانتقال آلاف المجاهدين من كل دول المنطقة الى الجنوب لمواجهة اسرائيل، ولا يمكن ايضا تجاوز مسألة “العيون” الاميركية والدولية و”العربية- الخليجية”، المفتوحة الى الحدود القصوى، على بيروت لمراقبة أدائها ومدى التزامها بالقرارات الدولية من جهة، وبالعقوبات المفروضة من قبلها على حزب الله والقيادات الايرانية، حيث ان اي “خربطة” لبنانية على هذا الصعيد، قد تتهدد المساعدات المتنوعة التي يتلقاها لبنان من الاسرة الدولية، اقتصاديا وعسكريا (…) وتضعها على المحك من جهة ثانية.
من هذه الزاوية، يجب النظر الى ملف “الجوازات الايرانية” وتفهّم الضجة التي أثيرت حوله، تختم المصادر.