انتخب الغانم رئيساً لمجلس الأمة للفصل التشريعي الـ15 بأغلبية 48 صوتاً من أصل 65، فيما حاز منافساه النائب عبدالله الرومي على 9 أصوات وشعيب المويزري على 8 أصوات.
في مفاجأة لم تكن في الحسبان حقق رئيس مجلس الأمة الكويتي رقما قياسيا في مسيرته النيابية امس، حاصدا 48 صوتا لانتخابات الرئاسة، في مجلس يقول المعارضون عنه انه “مجلس احرار” و”ومجلس صقور” بينما كان حصل على 36 صوتا فقط في المجلس الذي كان يوصف بمجلس “المناديب” او “مجلس الحكومة”. بل حقق رقما لو انقصت منه اصوات الحكومة الـ15 واعطيتها لمنافسيه مجتمعين (شعيب المويزري وعبد الله الرومي) لبقي فائزا، كون المنافسين “المعارضين” حصلا، معاً، على 17 صوتا، فيصبح المجموع 32 اي اقل من 33 التي تبقى لمرزوق من دون اصوات الحكومة.
واذا كانت الجلسة الافتتاحية لمجلس الامة الكويتي شهدت بعض التجاذبات في مطلعها كادت تهدد بتخريبها، الا ان اصرارا ظهر لدى الغالبية البرلمانية في امرار الاستحقاق الرئاسي بهدوء، اضافة الى دعوة امير الكويت الشيخ صباح الاحمد التحفيزية للنواب بتحمل مسؤولياتهم ومواجهة استحقاقين كبيرين: الاول التحديات الاقليمية والثاني الوضع الاقتصادي.
فقد اكد الامير في “النطق السامي” أن الوحدة الوطنية “هي السور المنيع الذي يحمي مجتمعنا”، ومشددا على أن «هذا ليس وقت الترف السياسي او التكسب على حساب مصلحة الكويت العليا». قال الامير أن خيار تخفيض الانفاق “أصبح أمرا حتميا، من خلال تدابير مدروسة، ووقف الهدر واستنزاف مورادنا الوطنية”، مبديا حرصه على التخفيف عن كاهل محدودي الدخل ومراعاة العدالة الاجتماعية.
وأكد الأمير ثقته في المواطنين «الذين لا يقلون عن آبائهم وأجدادهم حبا للكويت ووفاء لها واستعدادا للتضحية من أجلها، فما كان بودي أن يأتي يوم أطلب منكم فيه التخلي عن شيء من الوفرة».
ودعا الشيخ صباح النواب إلى أن «يضعوا نصب أعينهم مصلحة الكويت وجعلها المعيار الأول لكل ما يصدر عنهم بمعزل عن الاعتبارات الشخصية والعائلية والفئوية والطائفية والقبلية والطبقية». والى “رفض دعوات الفتنة البغيضة وشق الصف، والتعاون التام مع الجهات المختصة لحفظ امن الوطن واستقراره”. وتطرق الى التحدي «الذي يهدد مسيرتنا، وهو الانخفاض الهائل في ايرادات الدولة جراء انهيار اسعار النفط في العالم، ما اوقع عجزا كبيرا في الموازنة العامة للدولة، لا مفر من المبادرة الى اتخاذ اجراءات فعالة لمعالجته والتخفيف من اثاره»، مؤكدا «انني على ثقة بان مجلسكم الموقر واخواني وابنائي المواطنين جميعا تدركون بأن خيار تخفيض الانفاق العام اصبح امرا حتميا، من خلال تدابير مدروسة لاصلاح الخلل في الموازنة العامة، ووقف الهدر واستنزاف مواردنا الوطنية وتوجيهها نحو غايتها الصحيحة، مع الحرص على التخفيف عن كاهل محدودي الدخل ومراعاة العدالة الاجتماعية، وبالمراجعة الدورية لهذه الإجراءات وتقويمها تبعا لوضع إيرادات الدولة».
اما الغانم فالقى كلمة مؤثرة أكد فيها انه على مسافة واحدة من الجميع، داعيا «من أجل الكويت والكويتيين يجب أن نتسامى على خلافاتنا السابقة، وعلى جروحنا وإن كانت مؤلمة». وقال ان يده ممدودة وقلبه مفتوح للتعاون. وذكر ان الشعب الكويتي ينتظر من اعضاء المجلس الكثير «ولم ينتخبنا لمجرد المنافسة على المناصب ولا يمكننا تحقيق الحد الادنى من طموحات الشعب الكويتي ما لم يكن لدينا عمل جماعي مشترك» مضيفا ان «الهدم يحتاج الى عمل منفرد بينما البناء يحتاج الى عمل جماعي».
وأكد رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك حرص الحكومة على تعزيز العلاقة الايجابية مع مجلس الأمة لتحقيق المأمول من الغايات، والعمل معا على تبديد هموم أهل الكويت ورفع معاناة ضغوط الحياة عنهم، معتبرا أن «بناء الدولة مشروع وطني شامل يتحمل الجميع مسؤوليته». وأضاف أن «الحكومة تتطلع بكل الأمل والتفاؤل والثقة الواجبة إلى مجلس الأمة لترسيخ التعاون البناء والتفاعل الإيجابي من أجل النهوض بوطننا الغالي والارتقاء به إلى المكانة التي يستحقها ونحن قادرون على تحقيق ذلك».
ولفت المبارك الى أن الحكومة ستتقدم في القريب العاجل ببرنامج عملها فور الانتهاء من إعداده، وهو يستهدف إيجاد معالجة جذرية لأهم المشكلات التي تشغلنا جميعا، وإيجاد الحلول الناجعة لها.
وانتخب النواب عيسى الكندري نائبا للرئيس ب32 صوتا مقابل منافسه الدكتور جمعان الحربش (من حركة الاخوان المسلمين المعروفة في الكويت باسم الحركة الدستورية) الذي حاز على 31 صوتا في الجولة الثانية من التصويت، بعد أن انتهت الجولة الاولى بنتيجة 32 صوتا للحربش و31 للكندري، دون أن يحصل أيهما على الأغلبية المطلقة.
باختصار، كانت الجلسة الافتتاحية لمجلس الامة الكويتي امس، مرآة للقادم من الامور، سواء من رسم الامير الشيخ صباح الاحمد خريطة التحديات، او من فشل الحملة الكبيرة التي استخدمت فيها كل الاسلحة المحرمة اخلاقيا لاسقاط مرزوق الغانم وادت الى نتائج عكسية، اضافة الى سقوط من راهن على صفقة بين الحكومة و”الاخوان المسلمين” بحيث سقط “صقر الاخوان” جمعان الحربش في امتحان الوصول الى نيابة الرئاسة.