لا لبسْ في تصور «حزب الله» لرئيس الجمهورية الجديد المفترض انتخابه بعد ايام: انه رئيس لا يطبق القرارات الدولية 1559 و1701 والقاضية بجملة من الترتيبات الخاصة باستقرار لبنان, وعلى رأسها نزع سلاح هذا الحزب. بعبارة صريحة قالتها الآلة الاعلامية لـ»حزب الله», وكذلك نوابه والمتعاطفون معه من «مقاومين» و»ممانعين»: «حزب الله» يريد رئيسا «توافقياً» يحفظ له السلاح.
الموفدون الدوليون العاملون على تمرير هذا الاستحقاق بـ»سلام» لا يكفون عن حثّ «قادة» الحزب وخصومه على «الحوار الوطني». وكلمة «الحوار الوطني» هذه تحديداً, لها قصة سوف تشبه مع الوقت قصة إبريق الزيت.
فـ»الحوار الوطني» الجامع لهؤلاء القادة ممثلي طوائفهم كان جاريا عشية حرب تموز 2006. وكان لبّ الحوار هو سلاح «المقاومة», سلاح «حزب الله». وقد تخلّلت هذا الحوار الوطني في الضفة الاخرى من المشهد سلسلة مؤتمرات ومهرجانات وتعبئات شعبية, كلها تدين «الخونة» (وما شابه) الذين يريدون نزع «سلاح المقاومة» وتهدد بقطع لسان ورأس من يمضي في هذا التوجّه. لم تنجز جلسات الحوار الوطني ولا رستْ على شيء جدي… حتى اندلعت حرب تموز العبثية. وكان ما كان من «نصر», لا تستطيع ان تقتنع به الا اذا فهمته كما يفهمه «حزب الله» نفسه: أي انتصار على الارادة الاسرائيلية بنزع سلاحه. بمعنى آخر: «الانتصار» كان لا يعني غير الاحتفاظ بالسلاح… ثم لاحقاً, التزوّد بالمزيد من السلاح (انظر الى خطابات نصر الله المعتدّة بإعادة التسلّح).
فاذا كانت اسرائيل عجزت عن نزع هذا السلاح, فما بالك بأفرقاء «محليين» لبنانيين على قدّ انفسهم في موضوع السلاح؟ وهم لا يأمرون الا الجيس الوطني الرسمي الذي ازاحه اصلا «حزب الله» والوصاية السورية الراعية له؛ فكان وقتها عديم الدور؟
النتيجة ان ركب في عقل «حزب الله» انه آن الاوان, بعد هذا «النصر», للانقضاض على الدولة وفرض الغلبة عليها؛ وذلك بالانسحاب من الحكومة والمطالبة الصاخبة بـ»حكومة اتحاد وطني» والتظلّم من «عدم المشاركة» تحت صفة «المعارضة» الجذابة. فبعدما كان الحزب مشاركا في الحكومة, انسحب منها, ثم صرخَ وطالبَ بنيل ثلثي مقاعدها: اي الحق بالفيتو على كل القرارات التي لا تعجبه؛ ومن بينها بالطبع تلك التي تدعوه الى نزع سلاحه. خلف «الحكومة الوطنية», او بالاحرى بموازاتها, كان السلاح يقف بالمرصاد… كان يُقال للحزب: حسناً خذوا ثلثي الحكومة, ولكن ليس قبل ان نتفق على سياسة دفاعية تندمج بموجبها قوات «حزب الله» بالمؤسسة الوطنية الشرعية الواحدة, اي الجيش. كلا يجيب الحزب. هو يريد الابقاء على حالة دويلته المسلحة. ولكي يحافظ على هذه الدويلة, علية طبعا القبض على مؤسسا ت الدولة الرسمية التي تهدّده بالاندماج…
البرلمان ضَمِنه الحزب, بعدما الحق به شريكه القوي الضعيف, نبيه بري رئيس مجلس النواب وزعيم حركة «أمل» الشيعية. (وهي ميليشيات سابقة ابتلعها «حزب الله» بطاقاته العقيدية والعصبية والمالية والعسكرية الضخمة).
وبعدما شلّ الحزب الحكومة وأضعفها وهمّشها وعرّضها للمزيد من الإنكشاف الاقليمي والدولي, وبعدما فرض عليها إما حقه بالفيتو عليها, وإما الشلل والاضطراب… ها هو الآن يهيء نفس المصير لرئاسة الجمهورية. إما ان يأتي رئيس يرفض تطبيق القررات الدولية 1559 و1701 ويحمي بذلك سلاح «المقاومة», وإما ان يأتي رئيس يريد تطبيق هذه القرارت ويكون ساعتئذ «أميركيا, صهيونيا, متآمرا, عميلا…» الخ؛ فالحزب الذي «هزم» اسرائيل بسلاحه, لا تصعب عليه لقْمة «لبنان-الساحة», أو هكذا يعتقد.
بمعنى آخر: يبقى السلاح والانفاق والصوارخ والتدريبات… ويُحتكم في الآن عينه الى مؤسسات الدولة الكبرى كالبرلمان والحكومة والآن رئاسة الجمهورية. فيكون بعد ذلك سلاحا «شرعيا» و»دستوريا».
فإما سلاح او سلاح. اي المزيد من التعزيز لباب «الساحة» الذي افتتحتها حرب تموز على مصراعَيها.
«حزب الله» يريد ان يستولي على الشرعية حفاظا على سلاحه. انها اشبه بطاقة تفجيرية تلك التي يعرّضنا لها هذا الحزب. الطاقة الاقوى التي تتحمل القسط الاوفر من المسؤولية في اي تفجير يبتزنا به الحزب وحلفاؤه.
الآن, ما هو الغرض من الابقاء على السلاح؟ الغرض الفعلي والمباشر اقصد؛ لا الغرض الاعلامي؛ الذي يتغنّى بالسلاح المحرِّر والمواجِه والمقاوِم والممانِع. اذ بات واضحا ايضا ان السلاح الواقعي ليس معنيا بالسلاح الاعلامي التعبوي… لشدة النفاق المصاحب له. ما الغرض اذن؟
إبقاء الوضع مفتوحا على تفجّره؟ بعد نسيان الهدف الاعلامي ايضا للحرب التي خاضها الحزب مع اسرائيل أي تحرير شبعا والأسرى؟ استبعاد اية تسوية او هدنة مع اسرائيل؟ بل الفرح بتعنّتها؟ اعطاء المبرر الاقوى للاحتفاظ بالسلاح؟ ولخدمة ماذا؟ ومن؟ التطابق الشديد بين تصريحات نواب «حزب الله» وتصريحات احمدي نجاد المطبّلة للحرب يلقي على كاهل لبنان وزْر تحمّل اشتعال جبهته في حال تعرض ايران لعدوان اميركي؛ نفس الوظيفة السابقة مع سورية, اضيف الآن اليها ايران. إذ يصعب ايضا تصورحرب اسرائيلية سورية من دون «تصليب» لبنان, «خاصرة» سورية «الرخْوة»…
هل يستطيع «حزب الله» ان يخوض حوارا سياسيا حقيقيا؟ اتفاقا؟ او تسوية حول سلاحه؟ الارجح لا. والا فقد مبررات وجوده. وعاد الى صفوف «أمل».
الآخرون بوسعهم التوقف عن التدرب والتسلح. فهم يفعلون ذلك كرد على المثال «المنتصر». تماما كما يقول دعاة الدولة الاسلامية انهم يفعلون, كرد فعل على يهودية الدولة الاسرائيلية.
المعضلة الآن في الاستحقاق الرئاسي, معركة انتخاب رئيس جديد للجمهورية, تكمن اساسا في هذه النقطة: رئيس «توافقي» يحفظ سلاح «المقاومة». انها نقطة ساخنة جدا, لا ينزع فتيلها غير رئيس يحمي ويسهر على مؤسستين في آن: مؤسسة الجيش الوطني الرسمية, ومؤسسة «حزب الله» المذهبية الميليشياوية. انها معضلة أغرب من أي الخيال…
الحياة
dalal_el_bizri@hotmail.com
مطلوب رئاسة للجمهورية تحمي سلاحين: سلاح الجيش الوطني وسلاح «حزب الله» المذهبيالسيدة دلال البزري المحترمه . تحيه وبعد تعودنا على صوابيه تحليلك وشفافيته ولكن في هذا المقال كنت بخيله ببعض المعلومات التي أنا متأكد من معرفتك بها . وسأكتفي هنا بالتساؤلات لربما تكون مادة لك لمقال آخر تكون المعلومات به سيدة الغايه الصحافيه التي تملكينها . هل حزب الله متمسك بسلاحه فقط من أجل إسترجاع مزارع شبعا وتحرير الأسرى؟؟ أو الدفاع عن المصالح الإيرانيه _السوريه فقط؟؟؟ أو هناك أهداف أخرى من وراء هذا السلاح ؟؟ ما هي الأستراتيجيه الحقيقيه لإيران في الشرق الأوسط ؟؟؟ هل هي كما نسمعها ويردد قادتها… قراءة المزيد ..
مطلوب رئاسة للجمهورية تحمي سلاحين: سلاح الجيش الوطني وسلاح «حزب الله» المذهبيلا سلاح إلا سلاح الجيش والدولة الأخضر الإبراهيمي: يجب على السوريين احترام الرغبة اللبنانية أنا أرى أن مطلب مجلس الأمن في هذا المجال مؤيد لما يتضمنه اتفاق الطائف ولما هو مطلوب في لبنان. انه أمر غير معقول، أين هي الدولة العربية التي يوجد فيها سلاح في الشوارع ومقاومة في الشوارع ؟ الأمين العام لحزب الله، الشيخ حسن نصر الله، قال ان الدولة اللبنانية لن تستكمل مقومات الدولة الحديثة الا عندما تنفرد في امتلاك السلاح. ولا يمكن لحزب الله أن ينكر ذلك، ولا بد أن طموحه كحزب لبناني هو أن… قراءة المزيد ..