القاهرة (رويترز) – تجمع أكثر من ألف من رجال الاعمال الاثرياء في ثيابهم الفاخرة بأحد فنادق الخمس نجوم في القاهرة هذا الاسبوع للاستماع الى وزراء مصريين يتحدثون عن الاستثمار.
لكن ما سمعوه كان قلق الحكومة بشأن ما اذا كان النمو الاقتصادي سيخفف محنة الفقراء قريبا.
وقال وزير المالية يوسف بطرس غالي في كلمة الحكومة الافتتاحية الى رجال الاعمال “انه تحد أساسي يبقيني ساهرا بالليل لانني لا أعرف كيف أتغلب عليه.”
وأضاف الوزير قائلا “هناك طبقة من المجتمع المصري لا يتم الوصول اليها… ولم تشهد زيادة في الدخل. هؤلاء هم من يجب أن نمد أيدينا اليهم.”
وقضية المهمشين من الفقراء كانت موضوعا متكررا اثناء المؤتمر الذي استمر يومين حيث انقسمت الاراء بين أغلبية تقول إن الامر قد يستغرق سنوات قبل أن يبدأ اولئك الذين في الدرك الاسفل من المجتمع جني ثمار النمو وبين أقلية تعتقد أن ارتفاع النمو بدأ بالفعل يتسرب الي الطبقات الفقيرة. وتتمتع مصر بأسرع معدل نمو اقتصادي متواصل في عقود عند أكثر من سبعة بالمئة سنويا. لكن ارتفاع الاسعار والبطالة يجعل الحياة قاتمة لكثيرين من المصريين.
وقال بطرس غالي انه يخشى أن يخرج برنامج الحكومة لتحرير الاقتصاد عن مساره ما لم تعثر على طريقة لتوزيع الثروة على نطاق أوسع.
وأضاف قائلا “ستكون هذه الاولوية رقم واحد في الاثني عشر شهرا القادمة.”
ويتحدث الرئيس حسني مبارك وحكومته مرارا عما يسمونه البعد الاجتماعي للسياسة الاقتصادية. وحث مبارك الحكومة عدة مرات في أغسطس اب على شرح مزايا برنامجها للرأي العام.
وبعض رجال الاعمال قلقون أيضا. وقال حسين شكري رئيس مجلس ادارة اتش.سي للاوراق المالية والاستثمار لرويترز “نتبني اقتصادا تقوده السوق تماما للمرة الاولى والفائدة لا تعم الجميع وهذا يثير استياء.”
وعانت مناطق انقطاعا للمياه لاسابيع في فصل الصيف وقام الناس بسد الطرق في احتجاجات. ونظم عمال المنسوجات والاسمنت وغيرهم عشرات الاضرابات على مدى العام المنصرم وفازوا في أغلبها بتنازلات من الادارة.
وعقدت الحكومة معظم امالها على نموذج لتسرب الثروة الى الطبقات الفقيرة من المجتمع عبر قيام رجال الاعمال بتوزيع مزايا النمو على الافراد الاقل حظا في الثروة عن طريق خلق المزيد من فرص العمل وتحفيز الاقتصاد.
وقال طاهر حلمي الشريك الرئيسي في مكتب حلمي حمزة وشركاه ” بصراحة لن يكون التسرب لاسفل سهلا… لن يحدث قريبا جدا. هذا جزء من الام النمو. الفجوة ستتسع لكن من المأمول أيضا أن يكون هذا على المدى القصير.”
لكن علاء سبع رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار بلتون لم يتفق معه في الرأي. وقال “هناك بعض الارقام التي قد تشير الى أن تأثير تسرب الثروة لاسفل يحدث بالفعل. نمو مبيعات بعض السلع الاستهلاكية في مصر يشهد أرقاما غير مسبوقة.”
وأشار الى زيادة بنسبة 80 بالمئة في مبيعات المراوح في العام المنصرم مقارنة مع نمو لمبيعات أجهزة تبريد الهواء بنسبة 40 في المئة.
وقال بطرس غالي ان خططه لتوزيع الثروة تشمل مضاعفة عدد الاسر التي تتلقى إعانات نقدية شهرية الى حوالي 1.2 مليون وتحسين آلية توجيه الدعم الى الفقراء وتدابير مثل اعادة التدريب التي قد تمنح الفقراء فرصة الحصول على وظائف أفضل.
كما وعد بتحسين معاشات التقاعد والرعاية الصحية وتطوير الخدمات التي تقدمها الحكومة.
ويقول خبراء اقتصاديون ان معضلة الحكومة ستتمثل في الحفاظ على ايقاع تحرير الاقتصاد الامر الذي يعني خفض دعم الاسعار للسيطرة على عجز الميزانية في وقت قد تحتاج فيه الى زيادة الانفاق لحماية السلام الاجتماعي.
وقال زياد بهاء الدين رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاستثمار “يجب ألا نضحي بالمكاسب التي حققناها على صعيد استقرار الاقتصاد الكلي.”
(الدولار يساوي 5.65 جنيه مصري)