ثار جدل في الأوساط السياسية الكويتية بعد إعادة انتخاب النائب مرزوق الغانم رئيسا لمجلس الأمة الكويتي (البرلمان) يوم الأحد الماضي. وانتخب الغانم رئيساً للفصل التشريعي الـ15 بأغلبية 48 صوتاً من أصل 65 من بينها أصوات رئيس الحكومة والوزراء حسب الكثير من المراقبين، فيما حاز منافسيه النائب عبدالله الرومي على 9 أصوات وشعيب المويزري على 8 أصوات. واعترض المويزري على تصويت الحكومة في انتخاب رئيس المجلس، وقال “الجميع يعلم أن للحكومة حق دستوري في انتخاب رئيس المجلس ولكن ينبغي عليها أن تقف محايدة ولا تتدخل في التصويت”.
وكان الغانم فاز عام 2013 بمنصب رئيس مجلس الأمة بواقع 36 صوتاً وهو ما أثار الجدل الراهن، حيث زاد عدد المصوّتين لرئاسته في مجلس الأمة الحالي بالمقارنة بعدد الأصوات التي حصل عليها في انتخابات رئاسة المجلس عام 2013، وبلغت الزيادة 12 صوتا.
ولم يكن مستغربا تصويت غالبية النواب لصالح رئاسة الغانم. وكان 26 نائبا قد اجتمعوا الأسبوع الماضي في ديوان النائب محمد المطير للتنسيق فيما بينهم بشأن مسألة التصويت للرئاسة، و”تعهدوا” بعدم التصويت للغانم لكنهم انقسموا في آرائهم بين التصويت للرومي وللمويزري. وفي الجلسة الافتتاحية للمجلس الأحد الماضي وضحت رؤى هؤلاء الـ26 من مسألة الرئاسة حيث غيّر البعض منهم مواقفه وصوّت لصالح الغانم. وهنا يُطرح هذا التساؤل: هل خان هذا البعض تعهداته بالتصويت إما للمويزري أو للرومي، أم مارس نوعا من التكتيك السياسي المرتبط بضمان استمرار مصالحه السياسية/النيابية؟
ويبدو أن الحسبة في التصويت لرئاسة مجلس الأمة لها دخل بالمصالح، ومن ثَمّ لا دخل لها بما يسمى بالمبادئ والمثل، خاصة وأن الغالبية العظمى من النواب يمثلون أنفسهم ويعكسون مصالحهم الشخصية/الطائفية/القبلية ولا ينتمون إلى أحزاب لها برامج واضحة ومواقف شفافة قد يصار من خلالها إلى تحديد شخص رئيس المجلس.
لذا كان من الطبيعي حصول الغانم على عدد من الأصوات في الرئاسة يفوق ما حصل عليه في المجلس السابق، على الرغم من أن المجلس السابق كان في طبيعته مجلسا مهادنا لم يتحدى وجوده ولم يكن يمثل إزعاجا سياسيا للحكومة. في حين أن المجلس الحالي، وبسبب دخول أعضاء من المعارضة الإسلامية المقاطعة للانتخابات السابقة فيه، فهو يمثّل إلى حد ما تهديدا لوجود المجلس وإزعاجا سياسيا للحكومة. لذا فضّل غالبية النواب – ومنهم بعض من كانوا في ديوان المطير – التصويت لصالح الرئيس الذي لا تمثل مواقفه وإدارته للجلسات وعلاقته بالحكومة تهديدا للمجلس (وهو الغانم) وقفزوا على تعهداتهم بالتصويت لرئاسة المويزري أو الرومي.
ومن هذا المنطلق ارتفع عدد الأصوات المؤيدة لرئاسة الغانم، وإزاء هذا الموقف من رئاسة المجلس وجّه غالبية النواب رسالة للحكومة بأنهم لن يمثلوا إزعاجا لها مع بدء حياة برلمانية جديدة وفي إطار سنوات من التأزم في العلاقة بين الطرفين منذ عام 2006، ولن يمثلوا تهديدا للرئاسة، وبالتالي لن يكونوا العصا التي تقف في طريق التعاون بين الطرفين. لكن هل ستتحقق مضامين هذا الرسالة في ظل كم القضايا الملتهبة المطروحة على جدول أعمال المجلس، ويأتي على رأسها القضية الاقتصادية؟.. الأشهر والأسابيع بل والأيام القادمة قد توضّح ذلك..
fakher_alsultan@hotmail.com